من السلاح إلى السياسة | تعرف إلى الحركات التي حلّت نفسها قبل العمال الكردستاني
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
لطالما شكلت الحركات المسلحة أحد مشاهد التاريخ السياسي الحديث، حيث خاضت صراعات، وحروبا وتمردات باسم الاستقلال، أو العدالة، أو الهوية، لكن بعضها رغم أنه ولد من رحم القمع، تحول إلى ممارسة السياسة ووضع البندقية لصالح صناديق الاقتراع.
وليس حزب العمال الكردستاني أول من قرر وضع السلاح بعد سنوات طويلة من الكفاح المسلح.
وقُتل أكثر من 40 ألف شخص منذ أن بدأ الحزب تمرده المسلح عام 1984 بهدف إقامة دولة مستقلة للأكراد.
وظهرت الحركات المسلحة في شتى أنحاء العالم، من غابات كولومبيا إلى جبال مندناو في الفلبين، ومن شوارع القاهرة إلى حارات بيروت.
منظمة إيتا - إسبانيا
تأسست "منظمة وطن الباسك والحرية" المعروفة باسم "إيتا" في 1959، على شكل مجموعة انفصالية باسكية تطالب بدولة مستقلة.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: نفذت عمليات اغتيال، وتفجيرات، وخطف من الستينيات إلى 2011، واستهدفت القوات الأمنية والسياسيين.
الانتقال إلى السياسة: أعلنت وقفًا دائمًا للأعمال المسلحة في 2011، ونزعت السلاح بالكامل في 2017 تحت إشراف دولي، وحلت نفسها رسميًا في 2018، وانضم أنصار إيتا إلى الأحزاب التي تعمل ضمن النظام السياسي الإسباني وتدعو إلى استقلال إقليم الباسك بوسائل سلمية.
رمح الأمة – جنوب أفريقيا
تأسس أمخونتو وي سيزنوي أو ما يطلق عليه "رمح الأمة" جناحا عسكريا للمؤتمر الوطني الأفريقي عام 1961 على يد نيلسون مانديلا لمقاومة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
Embed from Getty Images
العمل المسلح: بعد مجزرة شاربفيل على يد الشرطة في 1960 وحظر المؤتمر الوطني الأفريقي، تحولت أمخونتو وي سيزنوي إلى المقاومة المسلحة، واستهدفت المرافق الحكومية مثل المحطات الكهربائية، والسكك الحديدية ومنازل المسؤولين.
الانتقال إلى السياسة: علّق الجناح العسكري عملياته في 1990 خلال مفاوضات السلام ثم أعلن حلّه رسميًا في 1993 واندمجت القيادة في السياسية وفاز مانديلا في أول انتخابات متعددة عام 1994 وأصبح رئيسا للبلاد، واندمج بعض مقاتلي الجناح العسكري في القوات المسلحة.
القوات المسلحة الثورية - كولومبيا
تأسست القوات المسلحة الثورية الكولومبية في 1964، وكانت مجموعة ماركسية-لينينية تطالب بالإصلاح والعدالة الاجتماعية.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: خاضت تمردًا استمر 50 عامًا، بما في ذلك الخطف، والهجمات على الأهداف العسكرية والمدنية، وصلت ذروتها في التسعينيات.
الانتقال إلى السياسة: بعد اتفاق السلام 2016، نزعت السلاح، وفككت نفسها وتحولت إلى حزب "القوة البديلة الثورية المشتركة" وشاركت في الانتخابات رغم أن بعض الفصائل المنشقة عنها رفضت الاتفاق.
الجيش الجمهوري الإيرلندي - إيرلندا
تأسس الجيش الجمهوري الآيرلندي في 1969، سعى لإنهاء الحكم البريطاني في إيرلندا الشمالية وتوحيد إيرلندا.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: خاض حملة مسلحة استمرت 30 عامًا ضد القوات البريطانية والمجموعات الموالية لها باستخدام أساليب العصابات والتفجيرات.
الانتقال إلى السياسة: بعد اتفاق الجمعة العظيمة 1998، نزع الجيش الجمهوري الآيرلندي أسلحته، وأصبح جناحه السيسي "شين فين"، حزبا رئيسيًا في إيرلندا الشمالية والجمهورية، يشارك في الحكومة والانتخابات.
جيش لبنان الجنوبي - لبنان
تأسس جيش لبنان الجنوبي على شكل ميليشيا مسيحية تابعة للاحتلال الإسرائيلي في عام 1977 خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وكان يسيطر على جنوب لبنان.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: قاتل إلى جانب القوات الإسرائيلية خلال الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان (1982–2000)، واشتهر بانتهاكات حقوق الإنسان مثل سجن الخيام.
انتهاء العمل المسلح: لم يتحول جيش لبنان الجنوبي إلى كيان سياسي. لكنه انهار في أيار/ مايو 2000 بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من لبنان، وفر أعضاؤه إلى إسرائيل ومن بقي منهم في لبنان أحيل إلى المحاكم.
الجماعة الإسلامية - مصر
تأسست في السبعينيات، وكانت معروفة بهجماتها العنيفة، واستهدافها مراكز الشرطة، والسياح، وينسب لها الكثير من الأعمال المسلحة التي طالت مسؤولين.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: شاركت الجماعة في عملية اغتيال السادات 1981، ولها عدد من الهجمات على المقرات الأمنية ومراكز الشرطة.
الانتقال إلى السياسة: في أواخر التسعينيات، بدأ قادة سجناء مثل كرم زهدي مبادرة "اللاعنف" عام 1997، وأعلنت لاحقا التخلي عن العنف وحل الجناح العسكري، وبعد الثورة المصرية 2011، أسست الجماعة حزب البناء والتنمية لكن تم حله ومصادرة أمواله في 2020 بعد اتهامه بمخالفة مبادئ العمل الحزبي.
جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني - السلفادور
تأسست جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني في أواخر السبعينيات كتحالف يساري يضم عناصر طلابية وعمالية في السلفادور. سُميت على اسم الثوري أوغستين فارابوندو مارتي، وهدفت إلى مواجهة الحكومة اليمينية التي دعمتها الولايات المتحدة.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: خاضت الجبهة حربًا ضد الحكومة اليمينية بدءا من عام 1979 مستخدمة تكتيكات العصابات والمواجهات المباشرة، واستهدفت القوات الحكومية، والمرافق الاقتصادية، والبنية التحتية وتعرضت لرد قمعي شديد من الجيش وفرق الموت المدعومة حكوميًا.
الانتقال إلى السياسة: في 1992، وقّعت الجبهة والحكومة السلفادورية معاهدة تشابولتيبيك للسلام، التي أنهت الحرب الأهلية. ونصت الاتفاقية على تفكيك التكوين العسكري للجبهة، ونزع سلاحها، والاعتراف بها كحزب سياسي قانوني وتحولت بالكامل إلى حزب سياسي يساري يحمل الاسم نفسه فاز بالانتخابات الرئاسية لاحقا.
الحركة الشعبية لتحرير السودان- السودان
تأسست الحركة الشعبية لتحرير السودان في 1983 بقيادة جون غارانغ، وكافحت من أجل سودان "ديمقراطي علماني"، مع التركيز على جنوب السودان.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: خاضت الحرب الأهلية الثانية (1983–2005) ضد الحكومة، وسيطرت على أجزاء من جنوب السودان، بما في ذلك ولاية النيل الأعلى وبحر الغزال.
الانتقال إلى السياسة: بعد اتفاق السلام الشامل 2005، أصبحت الحركة جزءًا من حكومة السودان، وتولى غارانغ منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة جنوب السودان ومع استقلال جنوب السودان في 2011، أصبحت الحركة هي الحزب الحاكم هناك.
جبهة مورو الإسلامية - الفلبين
تأسست جبهة مورو الإسلامية في 1984 بعد الانفصال عن جبهة التحرير الوطنية، وطالبت بالاستقلال أو الحكم الذاتي للمسلمين في مندناو.
Embed from Getty Images
المرحلة المسلحة: خاضت تمردًا مسلحا ضد الحكومة الفلبينية وصلت ذروتها في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
الانتقال إلى السياسة: في 2012، وقّعت الحركة اتفاق سلام تاريخي مع الحكومة الفلبينية، مما أدى إلى نزع السلاح وتفكيكها وأصبحت كيانا سياسيا باسم حزب العدالة المتحدة في بانغسامورو، وإنشاء منطقة بانغسامورو ذاتية الحكم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الكردستاني أفريقيا مصر السودان مصر تركيا السودان أفريقيا كردستان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرحلة المسلحة جنوب السودان
إقرأ أيضاً:
المؤسسات الجيدة لن تصلح السياسة المختلة
اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا برئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مسعى منه لإقناعه بخفض أسعار الفائدة. وهذا يذكِّر بالضغوط التي مارسها الرؤساء الأمريكيون على البنك في أعوام السبعينات.
قد يشعر بعض المستثمرين بالقلق من أن المؤسسات الاقتصادية الأمريكية تتعرض للتجريف (يجري إضعافُها). وهو ما يمكن أن يقود إلى تقلٌّب الاقتصاد الكُلِّي، لكن ربما يمكن التلطيف من تلك المخاوف بتمسك البنك الفيدرالي بموقفه تجاه أسعار الفائدة. على أية حال لا يزال هنالك ما يدعو إلى القلق ليس حول تراجع قوة المؤسسات الأمريكية ولكن نوع البيئة السياسية التي تعمل فيها.
لكي نفهم دور المؤسسات في التصوُّرات الاقتصادية الشائعة يجب علينا العودة إلى سنوات التسعينات عندما كان من اليسير تمييز السياسات الاقتصادية للبلدان الصاعدة عن تلك التي تخص البلدان الصناعية.
كانت سياسات البلدان الصاعدة «مسايرة» للدورة الاقتصادية. فهي تنفق دون قيد في أوقات اليُسر مضيفةً بذلك المزيد إلى الدَّين والتضخم. لكنها ترتدُّ إلى الواقع في أوقات العُسر عندما تسوء الأحوال وتفقد قدرتها على الاستدانة. في المقابل تبنَّت البلدان المتقدمة سياسات تثبيت الاقتصاد (من بينها خفض الإنفاق في أوقات اليسر أو الانتعاش الاقتصادي وزيادته في أوقات العسر أو الانكماش. وهذه سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية- المترجم). فالولايات المتحدة سجلت فوائض مالية كبيرة أثناء سنوات النمو المرتفع في أواخر التسعينات.
حاجج الاقتصاديون بأن المؤسسات تفسر هذا الاختلاف. فالبنوك المركزية المستقلة في البلدان الصناعية استهدفت التضخم واتبعت برلماناتها القواعد المالية التي حدت من الإفراط في الإنفاق بل طالبت حتى بضبط الموازنة على مدار الدورة الاقتصادية. فالمؤسسات تمثل قيدا صارما يَحِدُّ من اتخاذ قرارات آنية لاعتبارات سياسية وليس من أجل المصلحة العامة.
لكن سرعان ما ظهرت التصدعات في هذا التفسير. فخلال سنوات التسعينات حثت المنظمات متعددة الأطراف كصندوق النقد الدولي البلدان الصاعدة على تبني مثل هذه المؤسسات. لكن حتى عندما استجاب الإصلاحيون للنصح استمرت سياسات هذه البلدان في مسايرة الدورة الاقتصادية وقادها ذلك إلى سلسلة من الأزمات.
لكن بداية من أوائل العشرية الأولى صارت سياسات الاقتصاد الكلي في بعض البلدان الصاعدة أكثر استقرارا مع شروع المؤسسات في اكتساب المزيد من التأثير في تشكيل السياسات. ابتدرت حكومة فيرناندو هنريك كاردوسو استهداف التضخم في البرازيل لكن البنك المركزي اتسم بالصدقية حقا عندما حافظ خَلَفُه اليساري لويز ايناسيو لولا دا سيلفا على استقلال البنك.
لم تتغير المؤسسات لكن الإجماع السياسي خلفها تغير. فالنمو المدفوع جزئيا بالازدهار السِّلعي قدم فوائض في الموازنة لمساعدة من هم أكثر احتياجا. ومكّنت برامج مثل برنامج بولصا فاميليا (بالبرتغالية يعني دعم العائلات) من تقديم تحويلات مباشرة للفقراء فيما يسرت برامج أخرى الحصول على خدمات كالتعليم والرعاية الصحية والإسكان.
تراجعت هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وضعف الحافز لدفع حزب العمال بقيادة لولا دا سيلفا إلى الانغماس في التطرف السياسي مما سمح ببروز إجماع وطني واسع حول سياسات تهدف إلى استقرار الاقتصاد الكلي.
بدأت المؤسسات تؤدي دورها، وفي حين شكلت فترات مطولة من النمو الضعيف ضغطا على الإجماع إلا إنه لا يزال صامدا في العديد من البلدان الصاعدة. وفي الواقع يعود الخطأ في حث المؤسسات بالبلدان الصاعدة (على الإصلاح) في سنوات التسعينات إلى عدم وجود إجماع سياسي وقتها.
بالمقابل يمكن القول إن البلدان المتقدمة اتخذت سياسات أكثر مُسَايرَة للدورة الاقتصادية، فالولايات المتحدة أنفقت أموالا ضخمة فيما كانت تتعافى من الجائحة، وذلك ما أضاف إلى التضخم الذي لا زال بنك الاحتياطي الفيدرالي يحاول السيطرة عليه.
ويهدد مشروع قانون موازنة ترامب «الكبير والجميل» بزيادة العجز المالي غير القابل للاستدامة في الولايات المتحدة. كما تصارع كل من فرنسا واليابان لتقليل معدل الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي والذي يزيد عن 100%. وهذا مستوى لم يكن ليخطر على البال في سنوات التسعينات.
من المستبعد أن يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤسسة ضعيفة. فقد سارع إلى إعادة تأكيد استقلاله عقب لقاء ترامب - باول.
وفي الواقع بصرف النظر عمّن سيحل محل باول في رئاسة البنك في العام القادم من المستبعد أن يُخضِع البنك سياساتِه النقدية لرغبات الحكومة الأمريكية. الى ذلك ليس من غير المعقول أن تجعل إدارة ترامب البنك كبشَ فداء (بتحميله المسئولية) إذا تدهور الاقتصاد.
على أية حال لقد تغير الإجماع السياسي في الولايات المتحدة. ومن المحتمل أن البنك ليس لديه اليوم المجال السياسي الكافي لمعالجة التضخم بنفس الهمّة التي أبداها في عهد بول فولكر (1979-1987). وعلى نحو مماثل لم تتغير القواعد المالية (ضوابط السياسة المالية) في الولايات المتحدة عموما. لكن تغيرت الرغبة السياسية في احترام روح هذه القواعد. ذلك لأن الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية زادت في البلدان المتقدمة وكذلك اللامساواة. والسبب الواضح لذلك اختفاء الوظائف المجزية لذوي المهارات المتوسطة من أفراد الطبقة الوسطى بسبب التغير التقني والى حد أقل التجارة.
بالعكس من ذلك، استفاد الحاصلون على مؤهلات تعليمية عالية. فقد جلبت العولمة فرصا أكبر لمن يعملون في صناعات ذوي الياقات البيضاء. ويرسل الساسة المتطرفون لمن فاتهم الركب رسالةَ مقنعة مفادها أن السياسات التي تخدم بها النخبة مصالحها الخاصة هي المسئولة عن سوء حالهم.
نتيجة لذلك ضَعُف التوافق السياسي الذي يقف وراء سياسات الاقتصاد الكلي مع تخلي الجمهوريين حتى صقور المالية (المتشددين منهم الذين ينادون بخفض الموازنة) عن معارضتهم للإنفاق.
ضبط الموازنات يتطلب تسويات. لكن عندما تصبح السياسة استقطابية إلى هذا الحد قليلون من هم على استعداد للقيام بذلك. ويصبح الإنفاق المنفلت هو السائد. وفي بعض البلدان الصناعية قد يكون التوقف الفجائي (عن الإقراض) وشيكا. ذلك حين تصبح الأسواق غير راغبة في تمويل حكوماتها.
المؤسسات لا تضمن للبلدان انتقالا إلى أوضاع «اقتصاد كلي» مثالية. وهي لا يمكنها إيجاد إجماع سياسي. فذلك يتطلب من المواطنين الإيمان بعدالة النتائج الاقتصادية (الإنصاف في توزيع ثمرات النمو). وهذا يستوجب إصلاحات هيكلية تعزز فرص أولئك الذين تخلفوا عن الركب. ربما تحتاج البلدان المتقدمة إلى الشروع في التأسِّي بما فعلته البلدان الصاعدة.
راجورام راجان رئيس البنك المركزي الهندي سابقا وأستاذ بجامعة شيكاغو
الترجمة عن «الفاينانشال تايمز»