الإفتاء المؤسسي في زمن الروبوت.. علماء يرسمون خارطة طريق الفتوى الرشيدة
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
واصلت الجلسة العلمية الرابعة من المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعمالها وسط حضور دولي واسع من كبار علماء الشريعة والمتخصصين في الشأن الديني والتقني من مختلف دول العالم، وذلك تحت عنوان: "الذكاء الاصطناعي وتطوير العمل المؤسسي الإفتائي".
وخلال كلمته، كشف الدكتور أحمد سعد علي البرعي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، عن أن "الأنظمة الخبيرة" تمثِّل أُفقًا واعدًا لتطوير المجالِ الإفتائي الرسميِّ ومواكبة مؤسساته للتحولات العالمية المتسارعة، إذا ما صُمِّمَت واستُخْدِمَت في إطارٍ من الضبط الشرعي والرقابة العلمية.
ودعا البرعي، عبر ورقة بحثية بعنوان: "تحولات الإفتاء الرسمي في عصر الذكاء الاصطناعي: آفاق توظيف الأنظمة الخبيرة في المجال الإفتائي بين الإمكانات التقنية والضوابط الشرعية"، إلى ضرورة استفادة الإفتاءِ الرسمي من مزايا هذه الأنظمةِ والتي يأتي في مقدمتها "السرعة والدقة" في معالجة الاستفسارات الشرعية مع تقليل نسبة الخطأ البشري، و"توحيد الفتوى" للقضاء على فوضى الفتاوى الإلكترونية.
باحثون في مؤتمر الإفتاء العالمي يرسمون خريطة صناعة المفتي الرشيد
من زراعة الأعضاء إلى خوارزميات الفتوى.. مؤتمر الإفتاء العالمي يناقش تحديات الذكاء الاصطناعي
أمين البحوث الإسلامية: مؤتمر الإفتاء العالمي يجمع أصالة المنهج الشرعي وحداثة التكنولوجيا
ما حكم شراء شقة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. الإفتاء تجيب
وأوصى البحث بأهمية الاستثمار في هندسة المعرفة الفقهية والتمثيل الدلالي للفقه الإسلامي، وتحويل النصوص الفقهية الضخمة إلى هياكل معرفية منظمة قابلة للمعالجة بواسطة النظم الخبيرة، وكذلك اعتماد النموذج الهجين في النظم الخبيرة تعمل كمساعد ذكي للمفتي البشري.
الدكتور أحمد البدوي سالم: الذكاء الاصطناعي يفرض عددًا من المخاطر والتحدياتمن جانبه، شدد الدكتور أحمد البدوي سالم، أستاذ العقيدة والفلسفة المساعد في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقليوبية - جامعة الأزهر، على أن الذكاء الاصطناعي يفرض عددًا من المخاطر والتحديات، ويثير جملةً من المشكلات الأخلاقية التي تتجاوز التخصص الدقيق للفلسفة وتبحر في الدراسات البينية والدراسات المتعددة التخصصات، موضحًا أن دراسة هذه المشكلات والتحديات تتطلب جهدًا مشتركًا بين علماء الحاسوب، والفلاسفة، والقانونيين، وعلماء الاجتماع، والقيادات الدينية.
وسلَّط الدكتور سالم، في بحثه: "مقترح لاتفاقية دُور وهيئات الإفتاء في العالم لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي ومواجهة الاستخدامات الضارة لتقنية المعلومات"، الضوء على المشكلات الأخلاقية والتحديات المحتملة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، والمُتمثلة في: التحيز، وفقدان الاستقلالية، والخداع، والتزييف العميق، والتمييز، والاستبعاد، وعدم الكفاءة، وعدم المساواة، والأسلحة القتالية ذاتية التشغيل، والاستخدام الضار، وانتهاكات الخصوصية أو فقدانها الأمان والحماية، وفقدان الشفافية، والعواقب غير المقصودة.
وفي النهاية، أوصى البحث بضرورة التنسيق بين دُور وهيئات الإفتاء في العالم وبين السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية) التي تتبعها، ووضع السياسات والتشريعات القانونية لحماية البلاد من مخاطر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتحقيق التكاملية بين مؤسسات الدولة للحدِّ من الاستخدام الضار لتقنية المعلومات، وكذلك عقد بروتوكولات تعاون بين دور وهيئات الإفتاء وبين قطاع الأعمال المعني بالتطبيقات الذكية والكليات والمعاهد التعليمية والعلمية المُهتمة بعلوم الحاسب الحديثة والذكاء الاصطناعي.
بدورها، تقول الدكتورة نشوى أنور رضوان، مدرس الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر في كفر الشيخ: إن دور المؤسسات الإفتائية في تعزيز الوعي الرقمي المنهجي لدى المفتين ليس مجرد إضافة، بل هو ضرورة حتمية لضمان استمرارية رسالة الإفتاء ومرجعيتها، وفاعليتها في قيادة الأمة نحو الفهم الصحيح لدينها في ظل المستجدات المتسارعة، مؤكدةً أن الفتوى الرشيدة في عصر الذكاء الاصطناعي هي ثمرة تكامل بين الأصالة الشرعية والفهم العميق لواقع التقنية والعمل الجماعي المنظم.
وأوصت الدكتورة نشوى رضوان، في بحثها المعنون بـ "أثر المؤسسات الإفتائية في تعزيز الوعي الرقمي المنهجي لدى المفتين: دار الإفتاء المصرية ومجمع الفقه الإسلامي الدولي أنموذجًا"، بأهمية دمج الوعي الرقمي ضمن المرجعية والمنهجية الفقهية للمؤسسات، وبناء جسور التواصل الفعَّال بين الفقهاء وخبراء التقنية، وتطوير برامج تدريب متخصصة للمفتين تشمل الفهم العميق للنوازل الرقمية والتعامل مع الخلاف الفقهي، وكذلك تشجيع التعاون وتبادل الخبرات بين المؤسسات الإفتائية المختلفة على الصعيدين الإقليمي والدولي في مجال الإفتاء الرقمي، والاستفادة من تجارب بعضها البعض في بناء الوعي الرقمي.
من جانبه، يرى الدكتور هشام ربيع إبراهيم، أمين الفتوى ومدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء المصرية، أن التطور الرقمي له بعض الآثار غير الإيجابية في مجال الفتوى والتعامل مع النص الشرعي، حيث تظهر تحديات كبيرة في قدرة الأدوات الجديدة على استيعاب السياق والتفاصيل الدقيقة التي تتطلبها الأسئلة الفقهية، وهي مهارات يمتلكها العلماء خاصة، ضاربًا المثل ببعض مسائل الأحوال الشخصية يحتَّم فيها التواصل مباشرة مع السائل لفهم طبيعة السؤال مع جميع الأطراف المعنية فهمًا معمَّقًا للظروف والملابسات؛ وأنه في مثل هذه الحالات قد يَصدر عن أدوات التطور الرقمي استنتاجات غير دقيقة حول وقوع الطلاق.
وأوصى الدكتور هشام ربيع، بضرورة تحسين وتطوير تصنيف الأسئلة والأرشفة الذكية في دار الإفتاء المصرية، مع العمل بتقنيات "Chatbot" في الرد على الأسئلة المتكررة، ويُزامِن ذلك تطوير "نظام مُفْتٍ مباشر" بالوسائط المتعددة (صوت/ فيديو) يعمل عبر مواعيد منتظمة، ويكون فيها إضافة ملفات تعريفية لكل أمين فتوى تتيح للمستخدم الاطلاع على مؤهلاته ومجال تخصصه، واستخدام تحليل البيانات لفهم اهتمامات الجمهور الديني.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی الإفتاء المصریة وهیئات الإفتاء الوعی الرقمی
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: نعمل على توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الفتوى الصحيحة
قال الدكتور حازم داود، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعًا نعيشه جميعًا، حتى الأطفال والشباب باتوا يتعاملون معه، مشيرًا إلى أنه يحمل فرصًا كبيرة للتيسير وتقديم حلول جديدة، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على تحديات ومخاطر قد تؤثر على حياة الإنسان، كما أشار فضيلة المفتي في كلمته، مستشهدًا بما يحدث في غزة.
الدكتور حازم داود: المؤتمر العالمي للإفتاء شهد 97 بحثًا محكمًا تناولت قضايا متعددةوأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن المؤتمر العالمي للإفتاء، المنعقد تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، يهدف إلى بحث سبل الاستفادة من هذه التقنية في خدمة الفتوى الصحيحة والابتعاد عن الفتاوى المضللة التي قد تُخرج الإنسان عن شرع الله، إضافة إلى وضع آليات لتفادي المخاطر المرتبطة بها.
هل يجوز الصلاة قاعدا للمريض؟.. أمين الإفتاء: تُؤدى على قدر استطاعته
مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الجورجي على هامش مؤتمر الإفتاء العالمي
مؤتمر الإفتاء العاشر.. علماء يدعون لإنشاء نموذج عالمي لـ المفتي الرشيد
لمواجهة الفتاوى الشاذة.. مؤتمر الإفتاء العالمي: ضوابط صارمة لتوظيف الذكاء الاصطناعي
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء أن المؤتمر شهد تقديم أكثر من 97 بحثًا محكمًا تناولت قضايا متعددة تهم الفرد العادي فيما يتعلق بمحاور المؤتمر، وتهدف إلى رفع الوعي بكيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه بالشكل الأمثل.
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن من أبرز مخرجات المؤتمر "وثيقة القاهرة لأخلاقيات التعامل مع الذكاء الاصطناعي"، مؤكدًا أن نتائج المؤتمر ستنعكس على الواقع الإفتائي عالميًا، وهو ما سينعكس بدوره على المتلقي للفتوى.