يمانيون../
على وقع لعنات عبارة: “ترامب باع ‘إسرائيل’ لليمنيين”، يشن الإعلام العبري هجوماً لاذعاً برسائل التخوين الملغومة بلهجة العتاب ولغة المصالح ضد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على خلفية الإتفاق مع اليمن.
يقول المحلل السياسي لصحيفة معاريف، أورييل داسكال: “ترامب باع حليفته ‘إسرائيل’ مقابل إبرام صفقات لتجنب أزمة اقتصادية داخلية تهدد رئاسته الثانية، على حساب تصاعد خيبة أمل ‘إسرائيل’ من إدارته”.
“إسرائيل تحت عجلات الحافلة”
يضيف: “الإذلال التاريخي للقوة العسكرية العظمى في العالم بالهزيمة الثقيلة من اليمنيين يُعدّ واحدة من أعظم الإهانات في تاريخ الجيش الأمريكي، وأكثر من مجرد حدث تاريخي… لقد تم إذلال الولايات المتحدة بالاتفاق مع اليمن”.
يوضح: “إن هدف اتفاق ترامب مع اليمنيين، لوقف الهجمات على سفن واشنطن ورفع الحظر عنها في البحر الأحمر، والحفاظ على استقرار أسعار النفط وتقليص أسعاره داخل الولايات المتحدة، في ظل بوادر أزمة اقتصادية خانقة”.
وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء 6 مايو 2025، وقف العدوان على اليمن، مقابل رفع اليمن الحظر البحري والهجمات على السفن الأمريكية في البحر الأحمر، مع وقف الاستهداف بين الطرفين مستقبلًا، وذلك وفق اتفاق سياسي على ضوء معادلة صنعاء بوساطة عمانية كمخرج لواشنطن من مستنقع اليمن.
داسكال أكد أن ترامب، باتفاقه مع اليمنيين ألقى بـ”إسرائيل” تحت عجلات الحافلة، ليس فقط بسبب خلافاته مع بنيامين نتنياهو، بل لأن “إسرائيل” لم تعد أولوية في حساباته، وقد تحولت إلى ورقة تفاوض قابلة للتجاهل إن اقتضت المصلحة.
ومن وجهة نظره، فاللحظة التي فضّل فيها ترامب الاتفاق مع اليمنيين على حساب “إسرائيل”، تُعد نقطة تحوّل مفصلية تهدد الموقع الإستراتيجي للكيان وتضعه خارج اللعبة الجيوسياسية التي اعتاد أن يكون فيها طرفًا محوريًا.
لا دخل لنا بـ”إسرائيل”
ودافع السفير الأمريكي لدى الكيان، مايك هاكابي، عن اتفاق بلاده مع اليمن لوقف إطلاق النار بوساطة سلطنة عُمان، قائلاً “:”الولايات المتحدة ليست مُلزمة بالحصول على إذن من ‘إسرائيل’ لتوقيع اتفاق مع اليمنيين لحماية سفنها”.
وأضاف لقناة “12”: “إجراءاتنا ضد هجمات اليمنيين تعتمد على مدى إلحاقها الضرر بالمواطنين الأمريكيين، وما عدا ذلك لا دخل لنا بأحد”، في إشارة إلى “إسرائيل”.
ونقل موقع “NBC” عن مسؤول أمريكي ودبلوماسيين قولهم: “إن نتنياهو صُدم بإعلان ترامب وقف العدوان على اليمن، بينما كان يأمل أن يتعهد ترامب بالدعم لتنفيذ ضربة جوية على منشآت إيران النووية”.
من جهته، قال وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان لقناة “12”:”لم أذكر تدنياً كهذا في العلاقات بين ‘إسرائيل’ والولايات المتحدة… لقد أبرموا اتفاقًا مع اليمن ووضعونا في الخلف”.
وأضاف مخاطباً نتنياهو: “إذا كان ضميرك مرتاحاً، اذهب إلى أفضل طبيب نفسي وعالج نفسك”.
الرسائل المتقنة إلى الكيان
أقرَّت صحيفة “كالكاليست” بأن أنظمة الدفاع الجوية المتطورة للكيان والأمريكية لا توفر الحماية الكاملة، ووصفت الصواريخ اليمنية بـ”العادية”.
وأكدت نجاح “الصواريخ القادمة من اليمن” في إصابة أهدافها، بفضل رؤوسها الحربية القابلة للمناورة التي تخترق أنظمة الاعتراض.
وقالت القناة “12”: “بقينا وحدنا أمام التهديد البحري بعد اتفاق الأمريكيين واليمنيين، وأكثر من ذلك أمام الحظر الجوي.. لقد تمكن اليمنيون من فصل جبهتي ‘إسرائيل’ وأمريكا، وتمسّكوا بدعم غزة حتى وقف العدوان”.
وأضافت: “بعد إطلاق صاروخ من اليمن بالأمس، صرنا متأكدين أننا لسنا مشمولين بالاتفاق بين الولايات المتحدة واليمن”.
وتابعت: “وضع المطارات يزداد تعقيدًا، في ظل استمرار اليمنيين فرض الحصار الجوي على ‘إسرائيل’، ورسائل صواريخهم تأتي بصياغة متقنة في لغة الطيران وموجهة إلى شركات الطيران الأجنبية”.
ورأت، إقناع ترامب بالتدخل لدى شركات الطيران الأمريكية مع ضرورة اقناع كل شركات الطيران الكبرى لاستئناف رحلاتها إلى يافا (تل أبيب)، معتبرةً قرار تعليق الرحلات إلى مطار اللد (بن غوريون) حدثاً سياسياً – اقتصادياً يؤثر على حركة الطيران بأكملها.
مفتاح الحل هو غزة
وكانت صحيفة هآرتس قد نشرت تقريراً حول الضغوط المكثفة التي تمارسها الإدارة الأمريكية على حكومة نتنياهو، لدفعه نحو اتفاق مع حركة حماس لوقف العدوان على غزة، وذلك قبيل زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في منتصف مايو الجاري.
ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر مطّلعة أن واشنطن تعتبر ملف غزة أولوية قصوى، محذّرة يافا “تل أبيب” من العزلة الدولية إن لم تتجاوب وتحرز تقدمًا في المفاوضات.
وتؤكد السردية الإعلامية العبرية، نقلاً عن مبعوث واشنطن إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف: “إن ترامب يعتبر إنهاء حرب غزة هو مفتاح وقف الهجمات اليمنية على إسرائيل”، في إشارة إلى شرط صنعاء لوقف الحظر البحري والجوي على الكيان إسنادًا لغزة.
وأضاف ويتكوف في لقائه بعائلات الأسرى الصهاينة: “إن الضغط العسكري على غزة يعرض حياة أبنائهم للخطر، مؤكدًا أن ‘إسرائيل’ ستدفع الثمن الأكبر إذا استمر الأسرى في دفع ثمن عدم وقف الحرب”.
وتواصل شركات الطيران العالمية إلغاء رحلاتها إلى “إسرائيل” وفي ظل الحظر الجوي الذي تفرضه صواريخ اليمن المساندة لغزة، وقد أعلنت أكثر من 27 شركة من كبريات شركات الطيران في العالم إيقاف رحلاتها حتى إشعار آخر.
يُشار إلى أن قوات صنعاء أطلقت منذ نوفمبر 2023، أكثر من 1,200 صاروخ ومسيّرة إلى عمق “إسرائيل”، في إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدّس”، نصرة لغزة وإسنادًا لمقاومتها ضد العدوان الصهيوني.
السياسية: صادق سريع
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة شرکات الطیران مع الیمنیین وقف العدوان اتفاق مع مع الیمن
إقرأ أيضاً:
ورقة “الأسير الأخير” في غزة
صراحة نيوز- بقلم / زيدون الحديد
يبدو أن ملف «الأسير الأخير» لم يعد مجرد قضية إنسانية أو تفصيل تفاوضي صغير داخل اتفاق وقف الحرب في غزة، بل تحول إلى مرآة سياسية كاشفة لطبيعة الكيان الصهيوني ونواياه الحقيقية، فبينما تواصل واشنطن الضغط للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، يتمسك هذا الكيان بملف الجندي المفقود كذريعة تبطئ مسار التهدئة وتبقي على باب الحرب مشرعا، ولو على حساب حياة جنوده.
من الواضح أن حكومة بنيامين نتنياهو لا ترى في وقف الحرب مصلحة سياسية، بل تهديدا مباشرا لاستمراره في الحكم، فالتقدم في الاتفاق يعني تهدئة قد تسقط حكومته اليمينية المتطرفة، ولهذا يتحول جثمان الجندي الصهيوني ران غوئيلي إلى أداة سياسية ثمينة، يرفعها نتنياهو كواجهة وطنية، بينما حقيقتها أنها مجرد ورقة ضغط تتيح له كسب الوقت ومنع أي تقدم في المسار التفاوضي، فلو كانت حياة جنوده أولوية فعلية لما استخدم رفاتهم كحاجز أمام اتفاق يمكن أن يعيدهم.
لكن ما لفت انتباهي هو التزام حماس الصارم، وهو ما لم يتوقعه الكيان الصهيوني ولا حتى واشنطن، الأمر الذي أربك الحسابات كلها، فقد سلّمت الحركة عشرين أسيرا أحياء، وأعادت جثامين سبعة وعشرين آخرين، وما تزال تبحث عن رفات الأخير رغم حجم الدمار والقتل اليومي، فهذا الالتزام فضح مزاعم الكيان التي طالما كررت أنه لا يمكن الوثوق بحماس، بل إن جيش الكيان الصهيوني نفسه اعترف بأن الحركة بالكاد انتهكت وقف إطلاق النار، وهو اعتراف يكشف الطرف الذي يعرقل بوضوح: الكيان الصهيوني وليس غزة.
إلا أنه وفي غزة، تتواصل هدنة على الورق فقط، فعمليات القتل اليومية مستمرة، والحصار يمنع الغذاء والدواء، و2.4 مليون إنسان يعيشون في كارثة إنسانية نتيجة الأمطار والبرد بسبب دخول فصل الشتاء، وهذا يؤكد أن الكيان الصهيوني لا يريد هدنة تؤدي إلى حل، بل هدنة تبقي القطاع ضعيفا منهكا مدمرا تسمح له بمواصلة الحرب عبر وسائل أخرى، دون أن يتحمل تكاليف مواجهة شاملة.
وسط هذه الصورة، يظهر ملف الأسير الأخير كعنوان يكثف جوهر المشهد، فالكيان لا يعرقل المسار لأنه ينتظر جثة جندي، بل لأنه يخشى أن يؤدي أي تقدم إلى نهاية الحرب، وبالتالي إلى بداية المحاسبة السياسية والأمنية والأخلاقية، لذلك يصبح «الأسير الأخير» واجهة مريحة لإخفاء سبب العرقلة الحقيقي.
لهذا فإن الحقيقة واضحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالأسير الأخير ليس عقدة تفاوضية، بل أداة يستخدمها الكيان الصهيوني لتأجيل التهدئة واستمرار الحرب، فالمأزق الحقيقي بالنسبة له ليس الوصول إلى اتفاق، بل ما سيكشفه السلام من حقائق، ستكشف الفشل والجرائم والخوف الدائم من مشهد يعيد توازن المنطقة.
الكيان الصهيوني لا يخشى التهدئة لأنها تنهي الحرب فقط، بل لأنه يدرك أن نهاية الحرب تعني نهاية الرواية التي يستفيد منها، ولذلك، يظل الأسير الأخير قناعا سياسيا يخفي وراءه أن استمرار القتال يخدمه وأن السلام سيفضحه.