لجريدة عمان:
2025-12-13@15:24:04 GMT

المرونة.. مفتاح العمل المناخي في عالم مضطرب

تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT

شهد العالم، في أعقاب اتفاق باريس، موجة من الحماس المؤسسي تجاه العمل المناخي، حيث تصدّرت التزامات «صفر انبعاثات» وجدول التحول في مجال الطاقة أجندات الحكومات والشركات على حد سواء. إلا أن التحولات السياسية والتحديات التنفيذية التي واجهت هذه الالتزامات أبطأت من زخمها. وقد تعززت الشكوك بشأن إمكانية تحقيق بعض أهداف هذا التحول، مدفوعة جزئيًا بمقاومة قطاعات الوقود الأحفوري، وتزايد الريبة الشعبية في العديد من المناطق، حيث عمد الخطاب الشعبوي إلى تصوير الطموحات البيئية الواسعة على أنها غير واقعية أو بعيدة عن هموم الناس.

ويمر المشهد الجيوسياسي بتحولات زلزالية، تفرز ضغوطًا اقتصادية واستراتيجية جديدة. فالتنافس بين القوى الكبرى أخلّ بسلاسل الإمداد التي طالما كانت راسخة، مما ولّد حالة من عدم اليقين. وتجد الشركات نفسها اليوم مضطرة للتكيف، غالبًا بتكاليف باهظة. فاستثمارات طويلة الأمد في سلاسل إمداد قائمة قد تصبح فجأة غير مجدية مع تغيّر الرياح السياسية. وهذا يدفعها إلى إعادة تقييم كيفية تحقيق التوازن بين إدارة المخاطر والحفاظ على الالتزام المناخي في ظل اقتصاد عالمي آخذ في التفتت. بالنسبة لكثير من المؤسسات، أصبح التوفيق بين التوترات العالمية والامتثال البيئي ضمن أنظمة قضائية متعددة، أمرًا بالغ الصعوبة.

وفي ظل هذا المشهد المتقلب، بدأت المرونة تظهر كعدسة تحليلية مفيدة للمؤسسات والشركات لمواجهة حالة عدم اليقين. فهي لا تشكل بديلًا مباشرًا لاستراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG)، لكنها توفر إطارًا يعزز القدرة على التنبؤ والتكيف مع مختلف أنواع الاضطرابات. وهذا التحول ليس مجرد فكرة نظرية. فالكوارث المناخية التي تزداد حدة، مثل الأعاصير وموجات الحرّ والفيضانات، باتت تتسبب في تعطيلات واسعة النطاق للعمليات العالمية. إنها تكشف نقاط ضعف سلاسل الإمداد، وتستنزف الموارد، وتضرّ بسمعة الشركات. كما أنها تثير تساؤلات حول جدوى استراتيجيات التخفيف من المخاطر التي تعتمد بشكل مفرط على نماذج الأعمال القائمة على التأمين.

وفي الوقت ذاته، فإن تبني مبدأ المرونة يعني أيضًا إعادة النظر في معضلات قديمة طال أمدها تتعلق بما يسمى بـ «قضايا الترابط» – أي التحديات المتشابكة بين المناخ وأمن الموارد، مثل الطاقة والمياه والغذاء والمعادن.

وتوفر المرونة أيضًا إطارًا ثمينًا لدمج التحدي المناخي مع أجندة الطبيعة والتنوع البيولوجي. فهي تعزز الحلول المتكاملة مثل ترميم النظم البيئية، واستعمالات الأراضي المستدامة، وحماية المواطن الطبيعية لتقليل آثار تغيّر المناخ.

المرونة.. أولوية لأصحاب المصلحة

إن التركيز على المرونة من شأنه أن يُحدث تحولًا جوهريًا في جدول أعمال الابتكار المؤسسي. فبدلًا من الاكتفاء بالاستجابة للمخاطر الآنية، تدفع المرونة الشركات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها طويلة الأجل – لا سيما فيما يتعلق بقضايا المناخ والموارد. عندئذٍ، لا يقتصر الابتكار على تحسين المنتجات أو العمليات فحسب، بل يشمل أيضًا تصميم أنظمة قابلة للتكيف مع مستقبلٍ يتّسم بعدم اليقين.

وقد يفضي هذا التحول إلى تقدم ملموس في تطوير بنية أساسية مصممة للاستدامة على المدى الطويل، بما في ذلك نماذج الاقتصاد الدائري، وتقنيات التقاط الكربون، ومصادر الطاقة النظيفة – أي مواءمة الاستقرار التشغيلي مع الأهداف البيئية.

ومن شأن التركيز على المرونة أن يتيح لقادة الشركات توسيع نطاق اهتمامهم ليشمل مجموعة أوسع من أصحاب المصلحة، لا أن ينحصر في تعظيم قيمة المساهمين فقط. فمن خلال تلبية احتياجات الموظفين، والمستهلكين، والمجتمعات المحلية، بل والمجتمع المدني عمومًا، يمكن للشركات أن تبني الثقة والشرعية في زمن تتزايد فيه الرقابة العامة.

وهذا لا يُعدّ مجرد موقف دفاعي، بل هو في جوهره مسار نحو خلق قيمة طويلة الأمد وتعزيز الابتكار المؤسسي. وبالنسبة للشركات التي أنهكتها المناقشات المستقطبة حول الحوكمة البيئية والاجتماعية، قد تشكّل المرونة مفهومًا جامعًا وواقعيًا. فهي تُبعد الجدل عن السجالات، وتُعيد توجيه الجهود نحو تحقيق أهداف بيئية واجتماعية ضرورية لإدارة رأس المال المستدام. وفي الواقع، بدأت العديد من الشركات بالفعل في التحرك بهذا الاتجاه. ويُمكن ملاحظة تركيزها المتجدد على المرونة من خلال خطوات ملموسة، منها تنويع قاعدة الموردين، وتوطين قدرات الإنتاج لخلق قيمة مضافة محليًا، وتحسين الأداء البيئي والاجتماعي للسلع والخدمات. كما تعمل هذه الشركات على تقليص الفاقد والقصور، وهي استراتيجيات تساهم في حماية العمليات، وصون الموظفين، والعملاء، والمجتمعات أثناء الأزمات.

ومع ازدياد تقلبات العالم، لم يعد يُنظر إلى المرونة كمجرد شعار رائج أو «كلمة طنانة»، بل باتت ضرورة عملية واستشرافية في صلب استراتيجيات الشركات بشأن المناخ والتحول الطاقي. فحين تدمج الشركات مبدأ المرونة في عملياتها، فإنها لا تكتفي بحماية نفسها من المخاطر، بل تساهم أيضًا بفعالية في الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ، وحماية الطبيعة، وتعزيز النمو المستدام والعادل.

من أجل نمو المستدام

يأخذ المشهد العالمي منحى متزايدًا من التعددية القطبية، تغذّيه التنافسية الاقتصادية والتفكك الجيوسياسي. لقد تلاشى إلى حدٍّ كبير مفهوم «الفرص المتكافئة». وفي ظل هذا الواقع، يتعيّن على الشركات أن تركّز على استراتيجيات «مضادة للهشاشة» ومتوافقة مع أهداف المناخ والاستدامة، دون انتظار إشارات سياسية واضحة. بل ينبغي لها أن تمضي قدمًا، متماشية مع تطلعات المجتمعات ومتطلبات البيئة.

وتشير أبحاث أجرتها مؤسسة «غلوب سكان» مؤخرًا إلى أن الدعم الجماهيري لمناصرة الشركات للعمل المناخي لا يزال قويًا، كما تظهر نتائج الاستطلاعات (انظر الرسم البياني في النسخة الأصلية للمقال). وهذا يؤكد أن للشركات تفويضًا مزدوجًا – استراتيجيًا وأخلاقيًا – للتحرك. إن المرونة لم تعد خيارًا إضافيًا، بل غدت حجر الأساس. فمع تصاعد التوترات العالمية والمخاطر المناخية، أصبح لزامًا على الشركات أن تتكيف. وبناء المرونة هو ما يوفّر الحماية لعملياتها ويعزّز في الوقت نفسه نموًا شاملاً ومستدامًا.

بيرنيس لي مستشارة أولى بالمعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن عن المنتدى الاقتصادي العالمي

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

القبض على مواطن مضطرب نفسيا يهاجم مصلين بسكين داخل مسجد بالإسكندرية

تمكنت الأجهزة الأمنية بالإسكندرية من السيطرة على حادث طعن داخل مسجد الحديد والصلب في منطقة البيطاش، حيث أصيب شخصان بجروح قطعية قبل القبض على المتهم المضطرب نفسيا، وهو ما أثار حالة من التوتر في محيط المسجد وأدى إلى تدخل فوري من رجال الأمن والمصلين.

القبض على مواطن مضطرب نفسيا بعد طعن شخصين في مسجد الحديد والصلب بالإسكندرية

باشرت الأجهزة الأمنية التحقيق في حادث الطعن داخل مسجد الحديد والصلب بمنطقة البيطاش، بعد اعتداء مواطن بسكين على شخصين أثناء أداء الصلاة.

وأسفر الحادث عن إصابتهما ونقلهما لتلقي العلاج بالمستشفى، فيما تبين من التحريات الأولية أن المتهم يعاني اضطرابات نفسية، وأكدت المصادر الأمنية أن القبض على المتهم جاء بعد تمكن المصلين وعمال المسجد من السيطرة عليه قبل وصول الشرطة.

تلقى قسم شرطة الدخيلة بلاغا عاجلا يفيد وقوع اعتداء بسلاح أبيض أثناء الصلاة داخل مسجد الحديد والصلب بطريق الإسكندرية-مطروح الساحلي، وعلى الفور تحرك ضباط القسم إلى موقع البلاغ لمعاينة الحادث وضبط المتهم.

أصيب الضحايا بطعنات متفرقة أثناء الاعتداء، حيث تعرض محمد ع. 60 عاما لطعنة قطعية في الرقبة تطلبت خياطة نحو عشرين غرزة، فيما أصيب علي ا. 35 عاما بجرح قطعي في الرقبة وأضرار في اليدين شملت قطع بعض الأوتار، وتم نقلهما على الفور إلى المستشفى لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة.

أجرت التحريات الأولية فحص المتهم وتبين أنه مضطرب نفسيا، وتم التحفظ على كاميرات المراقبة داخل المسجد لتوثيق الحادث، فيما تولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات لمعرفة ملابسات الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

ألقى المصلون والعاملون في المسجد القبض على المتهم قبل وصول الشرطة، حيث حاول المعتدي الهرب بعد الاعتداء على محمد ع.، لكنه فشل في طعن علي ا. بسبب تدخل عدد من الحاضرين الذين تمكنوا من تقييده حتى وصول رجال الأمن. 

وأوضحت التحقيقات أن المتهم كان ضخم البنية، ما استدعى تدخل عدة أشخاص للسيطرة عليه، مؤكدة أن الحادث وقع عقب انتهاء الصلاة مباشرة.

تحركت قوات الأمن بسرعة عالية لضمان سلامة المصلين وتأمين المسجد، وتم نقل المصابين إلى المستشفى على الفور، فيما جرى إعداد محضر بالواقعة لتوثيق تفاصيل الاعتداء والإصابات، بينما تواصل النيابة العامة التحقيق في ملابسات الحادث مع التحفظ على كاميرات المراقبة كمصدر أساسي للأدلة.

تؤكد مصادر أمنية أن الحادث يمثل أحد حالات الاعتداء الفردية الناتجة عن اضطرابات نفسية لدى المتهم، مؤكدة حرص الأجهزة الأمنية على التعامل الفوري مع أي تهديد داخل الأماكن الدينية لحماية المصلين وضمان أمنهم، وإخضاع كل الحالات المشتبه بها للفحص والتحريات الدقيقة.

شهدت المنطقة حالة من التوتر والسيطرة السريعة من قبل رجال الأمن والمصلين، ما أدى إلى ضبط المتهم قبل تفاقم الأحداث، فيما يستمر التحقيق لتحديد الدوافع الحقيقية وراء الهجوم والتأكد من سلامة جميع الموجودين خلال الواقعة، مع متابعة المصابين ومتابعة نتائج الفحوص الطبية التي تشير إلى خطورة الإصابة الثانية.

تصادم مروع بالبحيرة.. 10 مصابين وإغلاق طريق رئيسي في النوبارية وفاة أبو مرداع تصدم المملكة.. جنازة تاريخية ومشاهد حزن واسعة بعد حادث مأساوية.. وزارة التربية المغربية تطالب بتحديث أسطول سيارات المفتشين فورا حى شمال الجيزة يحاصر منطقة انفجار الغاز ويزيل 7 منازل مهددة بالانهيار القبض على أخطر تاجر أسلحة ومخدرات في قوص النيابة العامة تكسر صمت الانفجار وتفتح أخطر ملفات مدينة العمال بإمبابة رحلة علمية تتحول لكارثة مروعة.. تفاصيل حادث أطباء قنا انفجار غاز يهز أسيوط ويحوّل محل كشري لدقائق رعب حقيقية غموض قاتل بساحل سليم: جثة طفل 12 سنة تحيّر الشرطة بوابة الوفد تكشف تفاصيل نتائج الحصر العددي لانتخابات مجلس النواب بأسيوط

مقالات مشابهة

  • بعد عامين من COP28.. "اتفاق الإمارات" مرجع العمل المناخي
  • بعد عامين من «COP28» .. «اتفاق الإمارات» التاريخي لا يزال خريطة الطريق للعمل المناخي الفعال
  • علي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع الله
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • القبض على مواطن مضطرب نفسيا يهاجم مصلين بسكين داخل مسجد بالإسكندرية
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • بروتوكول بين البيئة وصندوق رعاية المبتكرين لدعم العمل المناخي
  • البيئة توقع بروتوكول تعاون مع صندوق رعاية المبتكرين لدعم العمل المناخي
  • توقيع بروتوكول تعاون مع صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ لدعم الابتكار والعمل المناخي
  • نقابة المهندسين بالإسكندرية تعقد اجتماعًا موسّعًا مع الشركات المشاركة بملتقى سوق العمل الهندسي الرابع