في تحول دراماتيكي قد يعيد تشكيل المشهد الإقليمي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء 13 مايو 2025، من العاصمة السعودية الرياض، رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك بعد مشاورات مباشرة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. القرار المفاجئ، الذي كشف عنه ترامب خلال خطاب رسمي، يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في العلاقات الدولية مع دمشق، ويضع واشنطن في موقع مختلف تمامًا تجاه الملف السوري بعد أكثر من عقد من العقوبات الاقتصادية والسياسية.

الرئيس ترامب شدد في كلمته على أن الخطوة جاءت لـ"منح الشعب السوري فرصة جديدة"، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا محوريًا في تهيئة الظروف السياسية لهذا التحول، من خلال "نقاش بناء وشفاف" مع القيادة الأمريكية. ويأتي القرار قبيل لقاء مرتقب سيجمع ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، على هامش قمة أمريكية-خليجية.

أثر فوري على الليرة السورية

الأسواق السورية استجابت سريعًا للقرار، حيث سجلت الليرة السورية تحسنًا كبيرًا أمام الدولار في السوق الموازية، إذ ارتفعت بنسبة 10%، وتم تداولها عند نحو 8300 ليرة للشراء و8700 ليرة للبيع، وفقًا لمنصات محلية ترصد أسعار العملات. هذه القفزة تعكس حجم التوقعات بتحولات اقتصادية محتملة بعد رفع الحصار المالي الغربي المفروض منذ 2011.

الاقتصاد السوري أمام تحول جذري

بحسب محللين اقتصاديين، فإن رفع العقوبات سيفتح الباب أمام استيراد وتصدير السلع الأساسية، وتسهيل دخول المواد الغذائية والدوائية، ما سيؤدي إلى انعاش السوق المحلية وتعزيز قدرات الإنتاج الذاتي، خصوصًا في قطاعات الزراعة والصناعات الخفيفة. كما يتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تخفيف حدة الأزمات المعيشية التي تعصف بالسوريين منذ أكثر من عقد.

مصادر دبلوماسية رجحت أن الخطوة الأمريكية قد تؤدي إلى سلسلة خطوات مماثلة من قبل الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، في ما يُعرف بـ"تأثير الدومينو"، خاصة في حال أبدت الحكومة السورية تجاوبًا مع المتطلبات الدولية المتعلقة بإعادة الإعمار والانفتاح السياسي. وجود مناخ سياسي مستقر واستثماري واعد قد يُحفز الشركات العالمية للعودة إلى السوق السورية.

رفع العقوبات، خصوصًا تلك المتعلقة بـ"قانون قيصر"، قد يمهد الطريق لاستئناف مشاريع إعادة الإعمار في البنية التحتية، بما يشمل قطاعات حيوية مثل الكهرباء، النقل، التعليم، والصحة. كما تتحدث مصادر مقربة من دوائر القرار في دمشق عن نية الحكومة السورية إطلاق حزمة مشاريع بالشراكة مع شركات عربية وغربية، في حال تأكد رفع القيود المالية والمصرفية بالكامل.

في حين رحبت روسيا والصين بالقرار الأمريكي، اعتبرت جهات أوروبية، وخاصة ألمانيا وفرنسا، أن التسرع في رفع العقوبات دون ضمانات سياسية حقيقية من النظام السوري قد يضعف أدوات الضغط المتبقية لتحقيق تسوية سياسية عادلة. أما الأمم المتحدة، فرحبت بحذر، معتبرة الخطوة "فرصة إنسانية يجب استغلالها لتمكين العودة الآمنة للاجئين وتحسين الوضع الإنساني".

يرى مراقبون أن رفع العقوبات يشكل تحولاً استراتيجيًا في سياسة واشنطن تجاه دمشق، لا سيما أنه جاء بتنسيق وثيق مع السعودية، ما قد يعكس توجهًا جديدًا لإعادة إدماج سوريا في النظام الإقليمي. إلا أن البعض يشكك في دوافع القرار، ويرى فيه مجرد مناورة أمريكية تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني والروسي في سوريا، عبر أدوات الاقتصاد لا الحرب.

الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه "الفرصة الجديدة" التي تحدث عنها ترامب ستترجم فعليًا إلى انفراجة للشعب السوري.. أم أنها ستبقى ضمن الحسابات الجيوسياسية الكبرى.

الدكتور محمد مهراندلالات رفع العقوبات عن سوريا

ومن جانبه، قال أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا خلال زيارته للسعودية يمثل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لكنها تحتاج إلى ضمانات دولية لتحقيق أهدافها الإنسانية.

وأضاف مهران في تصريحات لـ"صدى البلد": انه منظور القانون الدولي الإنساني، فإن العقوبات الاقتصادية الشاملة التي فرضت على سوريا كانت تؤثر بشكل مباشر على المدنيين وتعيق وصول المساعدات الإنسانية والطبية، وهو ما يمثل انتهاكاً لمبدأ التناسب والتمييز الذي تقوم عليه العقوبات الذكية في القانون الدولي.

وأضاف  أن رفع العقوبات قد يمثل نافذة أمل للشعب السوري الذي عانى من الحرب والدمار لأكثر من عقد، لكن هذه الخطوة يجب أن تقترن بضمانات دولية تتعلق باحترام حقوق الإنسان وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار وفق رؤية شاملة.

وأوضح مهران أن القرار الأمريكي الأحادي برفع العقوبات يؤكد أن هذه العقوبات كانت في الأساس أداة سياسية أكثر منها إجراءً قانونياً، وهو ما يثير التساؤل حول فعالية نظام العقوبات الدولية وآليات تطبيقه وإلغائه.

وحول تأثير هذا القرار على المنطقة، قال الدكتور مهران: رفع العقوبات قد يسهم في تغيير ديناميكيات المنطقة، خاصة مع صعود النظام الجديد في سوريا وسقوط النظام السابق، لكن التحدي الأكبر يتمثل في بناء سلام مستدام وحكم رشيد يضمن عدم تكرار أزمات الماضي.

وأكد علي ان المجتمع الدولي مطالب بدعم سوريا في مرحلة ما بعد العقوبات من خلال إطار قانوني شامل يضمن تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، بما يمهد الطريق لاستقرار حقيقي ودائم في المنطقة.

طباعة شارك سوريا العقوبات السورية ترامب الشرع رفع العقوبات الأمريكية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سوريا العقوبات السورية ترامب الشرع رفع العقوبات الأمريكية رفع العقوبات العقوبات ا

إقرأ أيضاً:

وزير المالية السوري: إدخال تنظیم خمس مهن مالية جديدة

دمشق-سانا

أعلن وزير المالية السوري السيد محمد يسر برنية إدخال تنظیم خمس مهن مالية جديدة، وذلك في إطار الحرص على الارتقاء بالمهن المالية بما يستجيب لاحتياجات تنظيمها، وتعزيز النزاهة والكفاءة والمصداقية في القطاع المالي، والمعاملات المالية.

وأوضح الوزير برنية في تصريح لمراسل سانا أنه في إطار المسؤوليات المنوطة به كرئيس لمجلس المحاسبة والتدقيق، تم اقتراح إدخال تنظیم خمس مهن مالية جديدة، وهي “مقيم مالي، واستشاري ضرائب، والمدقق الداخلي، ومدير المخاطر في المؤسسات المالية، ومحلل مالي”، حيث دعم أعضاء المجلس هذه المقترحات.

ولفت وزير المالية إلى أنه يتعين أن يحصل شاغلو المهن المذكورة آنفاً على ترخيص مسبق في سوريا وفقاً لمعايير محددة، وامتحانات مهنية مناسبة في إطار المعايير الدولية التي تحكم هذه المهن، بما يضمن توفر المعرفة والخبرة اللازمة.

وأضاف الوزير برنية أنه تم تشكيل فريق عمل يضم خبراء من وزارة المالية، ومصرف سوريا المركزي، وهيئة الأسواق والأوراق المالية، وهيئة الإشراف على التأمين، وجمعية المحاسبين القانونيين، ومختصين آخرين لوضع الإجراءات التنفيذية لتنظيم وتطوير هذه المهن والترخيص لها أصولاً، بما يتوافق مع الأنظمة القائمة.

وأشار وزير المالية إلى أنه سيتم النظر كذلك في تطوير إجراءات الترخيص القائمة للمحاسبين القانونيين، بما في ذلك إعادة النظر في امتحانات الترخيص وتطويرها، والاهتمام بالتدريب المهني المتواصل.

ورأى الوزير برنية أن هذه الخطوات بالغة الأهمية لتطوير المهن المالية، والارتقاء بها، ورفع كفاءة الرقابة المالية، وتحسين إدارة المخاطر في القطاع المالي في سوريا.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • عاجل. "ما قمنا به في إيران كان رائعًا".. ترامب: إذا نجحت سوريا في التحلي بالسلام فسأرفع العقوبات عنها
  • المركزي يُعيد تأمين المستوردين بالليرة السورية
  • وزير المالية السوري: إدخال تنظیم خمس مهن مالية جديدة
  • بدء تنفيذ العقوبات الأمريكية على حكومة السودان
  • حضور مميز لشركات البذار السورية في “أغريتكس” الدولي
  • أمريكا تدفع باتجاه اتفاقات تطبيع جديدة بين إسرائيل ودول بينها سوريا ولبنان
  • المبعوث الأميركي إلى سوريا: دمشق تجري محادثات بهدوء مع إسرائيل
  • العقوبات الأمريكية على السودان تدخل حيز التنفيذ.. تستهدف من؟
  • ترحيب أوروبي برفع العقوبات عن سوريا
  • بسبب الأسلحة الكيمياوية.. العقوبات الأمريكية على السودان تدخل حيز التنفيذ غداً