الذكرى الـ77 للنكبة: كسر الصمت في أضعف الإيمان
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
عناصر كثيرة تتضافر لإسباغ دلالات خاصة فارقة على البيان الذي صدر مؤخراً عن قادة سبع دول أوروبية، إسبانيا والنروج وإيسلندا وإرلندا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا، وحمل عنواناً غير عادي يقول: «لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية المصنوعة بأيدي البشر، والتي تجري أمام أعيننا في غزة».
صحيح، أوّلاً، أنّ اللائحة تخلو من دول كبرى تتصدر الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا، وقيادة الاتحاد ذاته غائبة عن نطاق الاستنكار والتضامن هذا، وأنّ دولة ثالثة مثل بريطانيا لا تنضم إلى المجموعة؛ إلا أنّ نبرة اعتراض أو احتجاج أو انتقاد صدرت، على نحو أو آخر، بهذا الوضوح أو ذاك الحياء، صدرت أيضاً على مستويات رسمية هنا وهناك في عواصم أخرى.
غير أنّ فارقاً أوّل في بيان الدول الأوروبية السبع يتمثل في مطالبة الحكومة الإسرائيلية بالتوقف الفوري عن «السياسة الراهنة»، وتفادي عمليات عسكرية لاحقة، ورفع الحصار كلياً مع ضمان دخول آمن للمساعدات الإنسانية، ورفض أيّ خطط أو محاولات تستهدف التغيير الديمغرافي. وتلك مطالب ليست معتادة، أو على الأقلّ لم يتعوّد سماعها ضحايا الإبادة الجماعية من أطفال ونساء وشيوخ القطاع، على امتداد الـ590 يوماً من همجية الاحتلال القصوى الفاضحة.
فارق ثان يتمثل في التشديد على مواصلة «دعم حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والعمل ضمن إطار الأمم المتحدة، وبالتعاون مع أطراف أخرى، مثل جامعة الدول العربية والدول العربية والإسلامية، من أجل التقدم نحو حلّ سلمي ومستدام». كما أكد البيان على أنّ «السلام وحده هو الكفيل بتحقيق الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة»، وأنّ «احترام القانون الدولي هو السبيل الوحيد لضمان سلام دائم».
فارق ثالث، لعله لاح أكثر انطواءً على جديد مفاجئ، هو إدانة «التصعيد المتزايد في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، في ظل تنامي عنف المستوطنين، وتوسيع المستوطنات غير القانونية، وتكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية». وفي هذا الربط بين جرائم الحرب في القطاع وعربدة الاحتلال وقطعان المستوطنين في مواقع أخرى من فلسطين، ما يشير إلى أنّ سبع دول أوروبية على الأقلّ قد قطعت خطوة حاسمة سياسية وحقوقية جوهرية في التعبير عن تأييد الحقوق الفلسطينية.
وإذا كان هذا البيان قد صدر على خلفية سياسة التجويع الإسرائيلية، المعلنة رسمياً منذ مطلع آذار (مارس) الماضي، فإنّ المصادفة شاءت أن يتزامن مع إحياء الذكرى الـ77 للنكبة؛ والتي لم تقتصر على مؤسسات المجتمع الفلسطيني المدنية والحكومية، بل شملت الأمم المتحدة بموجب قرار سابق، حيث تمّ التذكير بحقيقة «تهجير قسري جماعي لأكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم الأصلية عام 1948» و«تركهم في صراع لا نهاية له من أجل دولة خاصة بهم».
وهذا فارق رابع يعيد تأطير الذكرى عند محطات كبرى في النكبة، مثل هجوم عصابات الهاغانا الصهيونية على حيفا في 21 و22 نيسان (أبريل) 1948، وخطة « Dalet» التي أرست الركائز الأولى لإقامة دولة يهودية في فلسطين عبر مجموعة العمليات العسكرية التي نفّذتها الميليشيات الصهيونية ضمن حرب منهجية شاملة استهدفت طرد الفلسطينيين وتدمير المجتمع الفلسطيني وإفقار الاقتصاد ومظاهر العيش اليومية. ولا يُنسى، بالطبع، قرار التقسيم وهزال عناصره في ضوء الواقع الديمغرافي الفعلي ساعة التصويت.
وفي هذه الذكرى ثمة، إذن، ما يشبه التزامن غير المقصود على كسر الصمت؛ وإنّ في أضعف الإيمان!
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال النكبة غزة الاحتلال النكبة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
التصعيد يشتد والكارثة الإنسانية تتفاقم| الاحتلال يقصف والمقاومة ترد.. تفاصيل
أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في خبر عاجل بأن عدد الشهداء في قطاع غزة ارتفع إلى 43 شهيدا منذ فجر اليوم، الأربعاء، نتيجة الغارات المكثفة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مختلف مناطق القطاع.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، إن تظهر حكومة الاحتلال الإسرائيلي عدم رغبتها في التوصل إلى اتفاق شامل لـ وقف إطلاق النار، على الرغم من إقرار كبار قادتها العسكريين بحجم الأزمة الميدانية التي يواجهها الجيش.
وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن رئيس هيئة الأركان والقيادة العسكرية الإسرائيلية يدركون الحاجة الملحة إلى إنهاء العدوان على قطاع غزة، في ظل التدهور المتسارع في القدرات القتالية لقواتهم.
وتابع: "فالجيش الإسرائيلي لم يعد يمتلك القدرة الكافية على خوض المواجهات، وسط تناقص مستمر في أعداد جنوده وتراجع في جاهزيته الميدانية".
وأشار الرقب، إلى أن رغم استمرار العمليات العسكرية، إلا أن الاحتلال يعاني من غياب رؤية واضحة لاستكمال عدوانه أو تحقيق أهدافه المعلنة في غزة، ما يكشف عن مأزق استراتيجي يتفاقم مع مرور الوقت.
واختتم: "تملك حركة حماس رؤية استراتيجية واضحة في إدارة المعركة، وتعتمد بشكل أساسي على ملف الأسرى على أنها ورقة رابحة تضغط بها لتحقيق أهدافها".
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أربعة جنود من قوات الاحتلال أُصيبوا بجراح خطيرة إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت دبابة تابعة لهم خلال توغل في قطاع غزة.
وأكدت منصات للمستوطنين وقوع الحادث، مشيرة إلى أن العبوة أدت إلى إصابات بالغة في صفوف الجنود.
وفي سياق متصل، نشرت "كتائب سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، مشاهد مصورة تظهر استهداف مجاهديها لتجمعات من جنود الاحتلال وآلياته المتوغلة في مدينة خان يونس، باستخدام قذائف الهاون. كما أعلنت الكتائب في وقت سابق عن تفجير عبوة صدمية في آلية عسكرية إسرائيلية توغلت شمال مدينة خان يونس.
وأفادت "سرايا القدس" أيضا بأنها استهدفت بقذائف الهاون مواقع تمركز لجنود وآليات الاحتلال في شمال المدينة، ضمن سلسلة عمليات نفذتها المقاومة ضد التوغلات الإسرائيلية.
وتواصل فصائل المقاومة الفلسطينية توثيق عملياتها العسكرية في مختلف محاور القتال، حيث أظهرت المقاطع المصورة تفاصيل دقيقة عن الكمائن والهجمات التي نُفذت ضد القوات الإسرائيلية، وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، بما في ذلك تدمير مئات الآليات العسكرية وإعطابها، فضلا عن قصف مدن ومستوطنات إسرائيلية بصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تستمر فيه قوات الاحتلال، مدعومة بشكل كامل من الولايات المتحدة، في تنفيذ عدوان شامل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أدى إلى ارتكاب مجازر وصفت بـ"الإبادة الجماعية".
ووفقا لتقارير فلسطينية، فقد خلف العدوان حتى الآن أكثر من 190 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات الآلاف من النازحين.
وعقب وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي واستمر لنحو شهرين، استأنف الاحتلال عدوانه على غزة، مخالفا كافة بنود الاتفاق، ومواصلا حصاره المشدد، خاصة على المناطق الجنوبية والوسطى والشمالية من القطاع.
من جانبه، حذر محمد أبو عفش، مدير جمعية الإغاثة الطبية في قطاع غزة، من تدهور الوضع الصحي بشكل كارثي مع استمرار التصعيد العسكري.
وأكد أن قوات الاحتلال تستهدف منذ عدة أيام مناطق الجنوب والشمال والوسط بشكل مكثف، مما أدى إلى تدفق أعداد هائلة من الجرحى إلى المستشفيات.
وأشار أبو عفش في تصريحاته إلى أن المستشفيات تعاني من ضغط غير مسبوق بسبب النقص الحاد في المعدات الطبية والإمدادات الأساسية، بما في ذلك بنوك الدم، مؤكدا أن عدد الأسرة وغرف العمليات تقلص بشكل كبير نتيجة تدمير العديد منها.
وقال إن الطواقم الطبية تعمل تحت ضغط يفوق 200%، مع استقبال نحو 500 جريح يوميا، ما يهدد استمرارية تقديم الخدمات الطبية في القطاع.
وأوضح أن سلطات الاحتلال تمنع دخول المساعدات الطبية والإنسانية عبر المعابر المغلقة، مما أجبر الكوادر الطبية على اتخاذ قرارات صعبة بشأن المفاضلة بين المرضى، بسبب النقص الحاد في الموارد.
كما لفت إلى توقف عدد من الخدمات الحيوية، مثل الغسيل الكلوي، وتفاقم معاناة المرضى، فضلا عن انتشار الأمراض المعدية ومشكلات صحية أخرى في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل عام.