الواقع الاقتصادي في القدس: اختناق يتصاعد في ظلال العدوان
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
تسعى سلطات الاحتلال إلى ضرب صمود المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، وتهدف إلى إفقاره، وربطه بشكلٍ كامل بمنظومات الاحتلال الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وقد أظهرت الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال في عام 2023، نية الاحتلال تحويل الفلسطينيين في القدس المحتلة إلى "عمالة رخيصة" في مشاريع الاحتلال المختلفة، والتقنية منها على وجه الخصوص.
تفاقم الفقر في المدينة المحتلة
أدت سياسات الاحتلال إلى تصاعد نسب الفقر بشكلٍ كبير جدا، إذ يُقدّر مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن نحو 80 في المئة من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، ويُشير المركز إلى أن الوصول إلى هذه الأرقام جاءت نتيجة مخططاتٍ إسرائيلية على مدار السنوات الماضية هدفت إلى إفقار المقدسيين، وخفض دخلهم بشكلٍ ممنهج(1).
ولا تقف الصعوبات الاقتصادية في القدس عند حدّ تنامي الفقر فقط، أو قلة فرص العمل في ظل هيمنة الاحتلال وشركاته الخاصة على الجزء الأكبر من اقتصاد القدس المحتلة، بل تمتدّ إلى ازدياد تكاليف المعيشة، والتي وصلت إلى أرقامٍ مرتفعة جدا، لا تتناسب مع دخل الفلسطينيّ.
فبحسب جهاز الإحصاء المركز الإسرائيلي، فإن 44 في المئة من سكان شطري القدس المحتلة يجدون صعوبة في تغطية نفقات الأسرة الشهرية، ومن بين هؤلاء يشكل الفلسطينيون الأغلبية، إذ يشكلون نحو 78 في المئة ممن يعاني صعوبة في تغطية نفقات الأسرة(2)، بسبب غلاء المعيشة والارتفاع غير المسبوق للإيجارات، وهو ما يضطر الكثير من المقدسيين إلى الاستدانة، فتتراكم عليهم الديون، أو لا يستطيعون دفع الضرائب التي تفرضها عليهم دوائر الاحتلال.
وتُشير المعطيات إلى أن الحياة الكريمة في القدس تتطلب دخلا يوازي 3 آلاف دولار أمريكي، بينما يعمل جلّ المقدسيين برواتب قريبة من الحد الأدنى للأجور يبلغ حاليا نحو 5880 شيكلا (نحو 1630 دولارا أمريكيا)(3).
تفاقم المعاناة في ظلال العدوان
وفاقمت إجراءات الاحتلال من الواقع الاقتصادي للمقدسيين، فتزامنا مع العدوان على القطاع، فصل الاحتلال كثيرا من المقدسيين من أعمالهم تعسفيّا، بذرائع واهية من بينها التضامن مع غزة، ونشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات تعدّها سلطات الاحتلال "تحريضيّة وداعمة للإرهاب"، وباتت عوائل هؤلاء من دون معيل.
وأدى ذلك وفقا للمنظمات الحقوقية إلى ارتفاع نسبة المقدسيين الباحثين عن وظيفة من 140 في المئة قبل اندلاع الحرب على غزة، إلى نحو 300 في المئة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي بزيادة قدرها 340 في المئة. ويؤثر فقدان العمل بطبيعة الحال على نمط حياة الأسرة، وتراجع قدرتها على تأمين الحاجات الأساسية والغذائية منها على وجه الخصوص. وتُشير البيانات إلى أن نحو 80 في المئة من الشركات والمصالح الاقتصادية في القدس توقفت عن العمل جزئيا أو كليا بالتوازي مع تصعيد العدوان الإسرائيلي، وتشديد القيود التي تفرضها قوات الاحتلال في أزقة القدس المحتلة، وما يتصل بالعدوان على الضفة الغربية، ومنع الفلسطينيين من التنقل وغيرها(4).
أدوات جديدة لسرقة أموال الفلسطينيين
وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات الاقتصاديّة، إلا أن أذرع الاحتلال تصعّد من محاولات إفقار المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، مستخدمة أداة الضرائب. ففي 28 تموز/ يوليو 2024 أعلنت بلدية الاحتلال عن رفع "ضريبة الأرنونا" على الشقق الجديدة ما بين 20 و40 في المئة بداية العام القادم 2025. وبحسب قرار البلدية ستطال الزيادة الشقق السكنية التي بُنيت منذ بداية عام 2020 في القدس المحتلة، كما سيتم طرح القرار للمصادقة عليه في اجتماع المجلس البلدي الإسرائيلي القادم، بعد أن صادقت عليه اللجنة المالية في البلدية. وتعتبر "الأرنونا" من أدوات الضغط على الفلسطينيين، وتستخدم كأداة قمعية بحق المقدسيين، خاصة أنها تتراكم وتتحول إلى ديون كبيرة(5).
انهيار القطاع السياحي في القدس
ومن أبرز القطاعات التي تضررت في القدس المحتلة وهو القطاع السياحي، نتيجة اعتداءات الاحتلال، والإجراءات المشددة التي تفرضها في البلدة القديمة، وأجواء العدوان على غزة وجنوب لبنان. وبحسب أمين سر الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس حجازي الرشق، يشكل القطاع السياحي نحو 34 في المئة من مجمل القطاع التجاري المقدسي، وقد أصيب بشللٍ شبه كامل بسبب توقف السياحة، وهو ما أثر على أكثر من 1150 مقدسيا يعملون في القطاع، وينقسمون ما بين أصحاب للمحال التجارية وعاملين فيها. ويُشير الرشق إلى أن توقف السياح أثر على نحو 462 متجرا متخصصا ببيع التحف الشرقية في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، ويضيف الرشق أن 9 في المئة فقط من القطاع التجاري استطاع الاستمرار(6).
__________
(1) الجزيرة نت، 23/2/2024.
(2) المرجع نفسه.
(3) الجزيرة نت، 8/12/2024.
(4) الجزيرة نت، 1/5/2025.
(5) موقع مدينة القدس، 31/7/2024.
(6) القدس البوصلة، 21/7/2024.ف
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الاحتلال القدس الفقر الاقتصادي اقتصاد القدس احتلال فقر قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی القدس المحتلة فی المئة من إلى أن
إقرأ أيضاً:
محافظ عدن يدين قمع قوى الاحتلال للمتظاهرين السلميين
الثورة نت/..
أدان محافظ عدن طارق سلام إقدام قوى الاحتلال السعودي الإماراتي على قمع المتظاهرين السلميين في عدن، ومحاولة فض التظاهرات بقوة السلاح والاعتداء المباشر بالأسلحة والاعتقالات.
وأوضح محافظ عدن أن الممارسات الإجرامية لسلطات الاحتلال لن تزيد أبناء عدن الأحرار إلا قوة وصلابة في مواجهة المحتل وأدواته الذين نهبوا مقدرات الوطن واستولوا على ثرواته.
وأشار إلى أن التظاهرات الحاشدة التي تشهدها عدن هي تأكيد على رغبة أبنائها في التحرر وطرد مليشيات المحتل والرفض القاطع لكل محاولات المرتزقة فرض سلطتهم على المواطنين بالترهيب والتجويع.
وذكر أن ما حدث اليوم انعكاس لحجم الاستهداف الممنهج والمتعمد من قبل المحتل وأدواته لحياة المواطنين ومكتسبات الوطن التي باتت اليوم بيد الأعداء وإحدى وسائل الضغط التي يمارسها المحتل بحق أبناء عدن من أجل تمرير مشاريعه ومخططاته، ما جعل عدن بركانا سيلتهم كل من يحاول المساس بحقوق أبنائها الأحرار.
ولفت المحافظ سلام إلى أن عدن وغيرها من المحافظات المحتلة قادمة على متغيرات كبيرة ستجتث الطغاة وأدواتهم من أراضي اليمن المحتلة، وسيكون هناك زخم شعبي أكبر من ذي قبل لاسيما مع اتضاح حقيقة المؤامرات والمخططات الخبيثة التي يريد المحتل تحقيقها على حساب أبناء عدن والمحافظات المحتلة.
وأكد أن الجميع يقفون صفا واحدا في مواجهة صلف العدوان الذي استغل ثروات وموارد اليمن من أجل مصالحه وأهدافه مستعينا بثلة من الفاسدين والمتنفذين لتمرير أجنداته وانتهاكه للسيادة اليمنية.
وأشاد محافظ عدن بالوعي الشعبي الذي يتمتع به أبناء عدن بمختلف مكوناتهم وشرائحهم.. داعيا الجميع إلى رص الصفوف وتوحيد الرؤى وشحذ الهمم للمضي قدما نحو تحرير كافة الأراضي المحتلة.