الاقتصاد نيوز - بغداد

فجأة ودون مقدمات، ظهرت مصفاة نفط عراقية في الخارج، لا يعلم عنها الكثيرون شيئًا، إذ ظلّت مهجورة طوال نحو 45 عامًا، وتحكي أطلالها قصة تعاون طاقي بين بلدين عربيين.

تعود قصة المصفاة إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما بنى العراق مصفاة نفط في الصومال بطاقة 10 آلاف برميل يوميًا، وظلّت تعمل لعدّة سنوات، حتى توقَّفت خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، وفق منصة الطاقة

وعلى هامش فعاليات القمة العربية الـ34 التي استضافتها بغداد مؤخرًا، طلب الرئيس الصومال حسن شيخ محمود دعم العراق في ترميم مصفاة نفط عمرها عقود في مقديشو، التي شُيِّدت في السبعينيات، لكنها تدهورت منذ زمن طويل.

ويتزامن الطلب لإعادة ترميم مصفاة نفط عراقية في الخارج مع الجهود التي يبذلها الصومال لإعادة تأكيد نفسه لاعبًا صاعدًا بقطاع الطاقة في أفريقيا.

مصفاة مقديشو

بدأ بناء مصفاة مقديشو في منتصف السبعينيات من قبل الشركة العامة للمشروعات النفطية العراقية، وبلغت طاقتها السنوية 500 ألف طن (10 آلاف برميل يوميًا).

بموجب شروط الاتفاقية الأصلية، موَّل العراق عملية البناء بالعملة الأجنبية، وكان على الصومال تسديد 50% من التكلفة على مدى 3 سنوات بعد بدء التشغيل بسعر فائدة رمزي، مما يعكس روح التضامن العربي آنذاك.

يرى عدد من الخبراء أن وجود مصفاة نفط عراقية في الخارج شكَّل مفاجأة للعديدين، إذ لم يكن أحد يعلم بها، فالمشروع طواه النسيان لعشرات السنين، ويبرز حاليًا أصل قيم محتملًا في ظل سعي الصومال نحو الاستقلال في مجال الطاقة والتعافي الاقتصادي.

وتقع المصفاة، التي بَنتها الشركة العراقية العامة للمشروعات النفطية عام 1974، في منطقة الجزيرة، شمال شرق براوة.

موّل العراق المشروع بالعملات الأجنبية، بينما كان على الصومال سداد 50% من التكاليف على مدى 3 سنوات بفائدة رمزية.

وظلت المصفاة قيد التشغيل حتى توقُّف تسليم النفط عام 1980 بسبب الحرب العراقية الإيرانية، وبعد ذلك تراجعت عملياتها إلى أن وصلت إلى 6% عام 1989.

وواجهت المصفاة العديد من التحديات بعد توقُّف إمدادات النفط من العراق، من بينها:

عدم توفُّر النفط الخام، لأن عملها الأساس كان تكرير الخام المستورد من الخارج.

صعوبة الحصول على المعدّات المطلوبة لصيانة المصفاة.

ضعف قدرات الكوادر الفنية العاملة في المصفاة وافتقارهم إلى التأهيل والتدريب.

وتعرضت المصفاة للنهب والتدمير في أثناء الحرب الأهلية التي اندلعت بالصومال عام 1991، ولم يبق منها سوى أطلال تحكي قصة التعاون العراقي الصومالي.

النفط والغاز في الصومال

يشهد الصومال تحولًا جذريًا في طموحاته المتعلقة بالنفط والغاز، ففي السنوات الأخيرة وقعت البلاد اتفاقيات تنقيب رئيسة تهدف إلى استغلال احتياطيات هيدروكربونية هائلة لم تُستكشف من قبل.

وتُجري شركة النفط التركية "تباو" (TPAO) مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد قبالة سواحل الصومال، باستعمال السفينة "الريس عروج"، ومن المتوقع اكتمال المسح بنهاية عام 2025، مما يمهّد الطريق لعمليات حفر محتملة بحلول 2026.

وأبرم الصومال اتفاقيات مع شركة "ليبرتي بتروليوم كوربويشت" الأميركية للتنقيب البحري في عدّة مناطق، بما في ذلك 131 و190 و206، وهو ما يؤكد الاهتمام الدولي المتزايد بإمكانات موارد النفط والغاز في البلاد.

وقد يكون إحياء مصفاة النفط العراقية حاسمًا في تحقيق طموحات الصومال النفطية، خاصة مع اقتراب إنتاج النفط على نطاق واسع، إذ إن من شأن زيادة طاقة التكرير المحلية تقليل الاعتماد على واردات الوقود، وخفض تكاليف الطاقة، وتوفير آلاف من فرص العمل.

ومن الممكن أيضًا أن تعزز موقف الصومال التفاوضي مع شركات النفط العالمية من خلال إظهار رؤية طويلة الأجل للبنية الأساسية مدعومة لشراكات إقليمية.

كما يمثّل إحياء مصفاة مقديشو تحديًا رمزيًا للعلاقات بين بغداد ومقديشو، وإعادة ربط دولتين كانتا تشتركان في رؤية تنموية ودعم متبادل خلال سبعينيات القرن العشرين.

وبينما تسعى الصومال إلى أن تصبح لاعبًا رئيسًا بمشهد الطاقة في منطقة القرن الأفريقي، فإن إعادة إحياء المصفاة المنسية التي بناها العراقيون من شأنها أن تشكّل خطوة عملية إلى الإمام، وتذكيرًا قويًا بما يمكن أن يحققه التعاون الإستراتيجي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار فی الخارج

إقرأ أيضاً:

بعد تشغيل وحدة الاسفلت.. مصافي عدن: بجهود وتمويل ذاتي نعمل على استعادة النشاط

كشفت شركة مصافي عدن عن الاعمال التي تجريها حاليا في لبعض الوحدات والمنشآت والأنابيب والخزانات لزيادة السعة الخزنية في إطار خطة على طريق التشغيل الكامل للمصفاة، مؤكدة ان هذه الأعمال تتم بجهود وتمويل ذاتي من المصفاة وتنفذ من قبل خبراءها وكوادرها وعمالها. 

الشركة في توضيح صادر عنها قالت انه تم تشغيل وحدتي التقطير الفراغي والأسفلت التي سيتم منها انتاج مادة الأسفلت مما يسهم في تغطية احتياجات الجمهورية كما سيتم خلال الفترة المقبلة استكمال اعمال إعادة تشغيل وحدة تكرير مصغرة ستقوم بتكرير حوالي ستة آلاف برميل يوميا من النفط الخام لإنتاج مادتي الديزل والمازوت.

واضافت ان هذه الأعمال تأتي ضمن خطة مزمنة تقوم بها إدارة المصفاة وستسهم في تحسين الوضع الاقتصادي وتوفير بعض المشتقات النفطية للسوق المحلية والكهرباء.

كما أن هذه الأعمال تجري بالتزامن مع الترتيبات الجارية لتنفيذ قرار مجلس الوزراء باستعادة نشاط المصفاة وفقاً لنظام المنطقة الحرة ، وصولا الى التشغيل الكامل للمصفاة وفقا لما كان معمول به قبل توقفها في العام 2015.

ودعت الشركة وسائل الإعلام والإعلاميين ومن يريد الاطلاع على أي معلومات متابعة صفحة المصفاة وموقع المصفاة الرسمي في وسائل التواصل الاجتماعي أو التواصل مع إدارة العلاقات العامة والاعلام في المصفاة.

مقالات مشابهة

  • القصة الكاملة لوفاة ديجو جوتا.. تفاصيل صادمة عن الحادث المأساوي
  • بعد تشغيل وحدة الاسفلت.. مصافي عدن: بجهود وتمويل ذاتي نعمل على استعادة النشاط
  • السلطات تخلي مدرسة مهجورة احتلها أفارقة وسط الدار البيضاء
  • أب ينهي حياة أبنائه الثلاث بإحدى قرى المنيا.. القصة الكاملة
  • عمرو دياب يعود إلى أورنچ.. القصة التي بدأت منذ 1999
  • إندونيسيا تشيد بدور المملكة الريادي في تعزيز استقرار أسواق النفط
  • من الأعمال المنافية للحبس عاما.. القصة الكاملة لفيديو فتاتي جيم مدينة نصر
  • وزارة الطاقة تقيم ورشة عمل حول معالجة المياه المرافقة عند استخراج النفط
  • وزير الطاقة السوري: زيادة كميات الغاز التي سترسل عبر الأردن إلى سوريا
  • “هيئة الطاقة” تتلقى 388 طلبا للحصول على تراخيص خلال أيار الماضي