تقرير: نواكشوط توقفت عن استقبال قادة البوليساريو منذ لقاء الملك وولد الغزواني
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
زنقة 20 | الرباط
قالت صحيفة “أنباء إنفو” الموريتانية، أن حكومة موريتانيا باتت غير مرحبة بزيارات كبار المسؤولين فى جبهة البوليساريو إلى أراضيها.
و ذكرت الصحيفة أن نواكشوط لم تستقبل أي مسؤول كبير من الجبهة بعد زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للملكة المغربية واللقاء الخاص الذى جمعه بالملك محمد السادس، وما تلى ذلك اللقاء من تكثيف الندوات التى تجمع كبار المسؤولين فى الدولتين وتوقيع عدد هائل من اتفاقيات التعاون المشترك.
و اعتبر تقرير الصحيفة الموريتانية ، ان “ابتعاد حكومة موريتانيا الواضح عن جبهة البوليساريو ، يأتى بالتزامن مع ورود تقارير متطابقة أكدت أن البوليساريو تمر اليوم بواحدة من أكثر مراحلها هشاشة منذ تأسيسها منتصف السبعينيات، في ظل عزلة دبلوماسية متزايدة، وتآكل داخلي، وانفصال واضح بين قيادتها ومخيّمات تندوف إضافة إلى تحولات كبرى، أبرزها اعتراف الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا بمغربية الصحراء وتصنيف الجبهة من قبل دوائر بحثية أوروبية وأمريكية ضمن المنظمات ذات الطابع الإرهابي، بسبب ارتباط بعض عناصرها بشبكات تهريب وسلاح في منطقة الساحل.”
تحولات متسارعة يورد التقرير “قد تفرض على موريتانيا اتخاذ موقف واضح وجريئ يُراعي مصالحها الاستراتيجية، ويسهم في الحل النهائي للنزاع، بدل الاكتفاء بدور “المتفرج” على مشهد تاريخي يتشكل على حدودها ، خصوصا أن الأمن الإقليمي، وحماية الداخل وتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة، كلّها رهانات لن تتحقق دون موقف شجاع استباقي وواقعي”.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
في غزة.. كبار السن يموتون بصمت
في غرفة صغيرة نجت من دمار كامل لمقر الجوازات بمنطقة انصار غرب مدينة غزة، محاطة بشوادر جلدية وإضاءة خافته، استقر الحال بالمسنّة ام إياد شعبان (75) عاماً بعد رحلة نزوح متكرر واجهت فيها مرارة الأيام والعيش في مقرات النزوح والخيام فضلاً عن السير مسافات طويلة عبر كرسيها المتحرك من شمال غزة الي غرب مدينة غزة برفقة زوجها المسن والمريض.
في ظروف إنسانية صعبة، يعيش كبار السن في قطاع غزة معاناة مضاعفة على أنقاض البيوت المدمرة أو في خيام مهترئة، دون رعاية صحية أو أدوية طبية ، ناهيك عن المجاعه التى تفتك بإجسادهم التى تحولت الي اجساد هزيله وضعيفه.
تقول ام اياد وهى تبكى ابناءها الشهداء: "تعبت كثير من الحرب والنزوح، رجلي ما بقدر إمشي عليهم منيح من الوجع والألم اللي فيهم، صرت اتحرك بالكرسي أولادي وأحفادي استشهدوا وابني ما زال في السجن. قلبي بتوجع عليهم وصحتي راحت من الهم، والحاج (زوجها) زى ما انت شايفه مرمى جنبي، تعبان وهزيل وعنده مشاكل صحية صعبه في المسالك البوليه، فش رعايه ولا مستشفيات ولا مؤسسات لرعايتنا، حياتنا بائسه بنتمنى الموت كل لحظه لننجو من هذا العذاب اللي مش راضي يخلص".
وتوضح أنها بصعوبة بالغة تجد الأدوية التى يجب ان تتناولها يوميًا هى وزوجها: "ما يُصرف في العيادات الصحية من أدوية لا يكفي حاجتنا، وإن وجدت في الصيدلية تكون بأسعار مرتفعة لا نقوى على شرائها، ما يزيد من آلامنا وأوجاعنا، فنضطر إلى البحث عنها عند الجيران، أنا مقعدة ولا أستطيع الحركة، وإذا ما اضطررنا إلى النزوح يفكر إبني كثيراً في طريقة نقلي انا ووالده لعدم توفر مواصلات، إلى أن استطاع توفير عربة متحركة لنقلى بها في طرق وعرة بعدما دمّر جيش الاحتلال الإسرائيلي الشوارع، اما والده فيضطر لنقله عبر عربة يجرها حمار".
لا أقدر على المشي
يأس وقهر وعذاب يعيشه المسنيبن داخل مراكز الإيواء التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة والرعاية الصحية، فقر ومجاعه وأمراض متفشيه، لا حمامات ولا مرافق صحيه، مياه ملوثه يتم الحصول عليها بشق الأنفس، بينما تنتشر عشرات من برك الصرف الصحي بين الخيام.
ذات المعاناة تطال المُسنه سميحه محمود (74) عامًا التي تشتكي من قلّة أصناف الأطعمة المتوفرة في الأسواق تعاني من الآلام التي أصابتها وأوهنت جسدها.
وتضيف وتجاعيد الزمن الصعب رسمت على ملامح وجهها: "أصبحت لا أقدر على المشي بسبب قلة الأطعمة التي تحتوي على البروتينات والفيتامينات. دخلنا في مرحلة مجاعة حقيقية منذ ثلاث شهور نشتهى كل شيء، أعاني من خشونة في المفاصل مع أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم ومشاكل في الجهاز التنفسي بسبب الهواء الملوث بمخلفات القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، أحتاج إلى أطعمة متعددة ومختلفة، إغلاق المعبر أثر بشكل كبير على حالتي الصحية، نطالب نحن المرضى بضرورة الإسراع بفتح المعابر وإدخال المساعدات حفاظاً على صحتنا من التدهور المتزايد".
في مخيم اليرموك وسط مدينة غزة يجلس الحاج ابو محمد شقورة (87) عامًا امام خيمة نُصبت في منتصف الشارع الملىء بالمارة والباعه المتجولين، كان يستفسر عن اسعار السلع ويتمتم بينه وبين نفسه وكأنه يعترض على ارتفاع الأسعار، أخبرني قائلًا وهو يصف معاناته بسبب تفشي المجاعه في غزة: "خسرت أكثر من عشرة كيلوغرامات من وزني منذ استئناف الحرب، إذ قمت وبقية أفراد العائلة بتقليص عدد الوجبات التي نتناولها خلال اليوم، وحالياً لا يوجد عندي ما يكفي وجبة واحدة.
الأوضاع تزداد صعوبة وقسوة، والأيام القادمة ربما تحمل المزيد من الجوع، الأطفال يتضرعون جوعًا ليل نهار، لكن نفاذ الأطعمة والدقيق جعلنا نشتهي كل الأطعمة، حفيدي توفى بسبب سوء التغذية قبل أسبوعين، العالم كله لا يستطيع إدخال ما يسد رمق الجوعى في غزة".
لا نعرف مصيرنا
يستذكر الحاج أبو محمد الذي ينحدر من قرية المجدل المهجرة، تفاصيل محاولة تهجيره وعائلته عام 1948. يقول: " هُجرنا قسرًا بعد محاصرة الاحتلال الإسرائيلي لمدينة المجدل والقرى المجاورة عام 1948 م، قتل الاحتلال الإسرائيلي العديد من الأطفال والنساء والشيوخ، قصفونا بالبراميل المتفجرة والطائرات، حرقوا البيوت، خرجنا باتجاه مدينة غزة وعشنا في مخيم جباليا للاجئين، والان هجرنا ذات الاحتلال الإسرائيلي مرة اخري بعد ان هدم بيوتنا، لا نعرف مصيرنا في ظل القتل المتزايد كل يوم، الكل مستهدف والموت يتربص بنا من كل جانب".
ويبين أنه يجلس الآن في خيمة مترهله تُؤويه بعدما دمّر جيش الاحتلال الإسرائيلي بيته، ويقول: "الوضع صعب جداً، فأنا مريض مزمن ولديّ دعامات في القلب وبحاجة إلى علاج مستمر وغذاء خاص وهو ما لا يتوفر بشكل سهل، أكبر كارثة حلّت بنا هي الغلاء الفاحش للأسعار، في ظل انعدام الدخل وعدم توفر مصدر رزق سوى المساعدات التي لم تعد تصلنا الآن نتيجة إغلاق المعابر".
4% من الضحايا مُسنّون ورغم أن القاعدة 138 من القانون الدولي الإنساني العرفي نصّت على أن يتمتع كبار السن والمعاقون والعجزة المتأثرون بنزاع مسلح باحترام خاص وحماية خاصة، إلا أن ذلك لم يحدث البتة.
فقد وثّق تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن نحو 4% من ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة من المسنين. كما وثّق التقرير اعتقال القوات الإسرائيلية العشرات من المسنين الفلسطينيين، بمن فيهم رجال ونساء، تزيد أعمارهم عن 70 عاماً، واجهوا خلالها التنكيل والتعذيب، والحرمان من العلاج، ما تسبب في مقتل العديد منهم في مراكز الاعتقال وسجون الاحتلال الإسرائيلية.
وبحسب المرصد الأورومتوسطي، يبلغ عدد المسنين في قطاع غزة حوالى 107 آلاف شخص، أي ما نسبته 5% من عدد سكان القطاع. ويعاني حوالى 69% منهم من أمراض مزمنة وسط ظروف إنسانية كارثية صعبة.
ويحذّر المرصد من أن خطر الموت يهدد جدياً عشرات الآلاف من المسنين، أن "غالبيتهم لم تتلقّ أيّ رعاية صحية بسبب تدمير جيش الاحتلال للقطاع الصحي، بالإضافة إلى منع الاحتلال المتواصل إدخال المستلزمات الطبية، بما في ذلك الأجهزة الطبية والأدوية الضرورية، والغذاء الكافي والمناسب".
إن استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع يهدد حياة الكثيرين من فئة كبار السن، وقد يؤدي إلى وفاة عددٍ منهم من جراء إصابتهم بأمراض سوء التغذية، إضافة إلى معاناتهم من نقص مواد النظافة الشخصية والصحية.
حيث تنص المادة الثامنة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه "تعمد تجويع المدنيين في أسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف جريمة حرب.
بحسب البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يُشكل كبار السن (60 عامًا فأكثر) 5% من سكان قطاع غزة، أي نحو 106 آلاف شخص. لكن هذه النسبة الصغيرة تخفي واقعًا مريرًا. علماً أن 3,535 من كبار السن قُتلوا منذ بداية الحرب حتى 30 أبريل 2025، وفقًا للسجلات الرسمية.
عدا ذلك، تشير التقديرات الرسمية إلى أن أكثر من 97% يعانون مشاكل صحيّة، فضلاً عن أنّ 86% منهم يعانون من إعاقة واحدة على الأقل، مثل صعوبة الحركة أو فقدان البصر، بحسب دراسة لمنظمة HelpAge International "هيلب إيج الدولية" .
وتُظهر البيانات أن 4,000 من كبار السن يعيشون بمفردهم دون دعم أسري، مما يجعلهم عرضة للخطر في حالات النزوح المفاجئ.
وفي مراكز الإيواء المكتظة، تتفاقم الأزمات، حيث توضح دراسة نشرت في مجلة الصحة العالمية 2025، إلى أنّ 40% من النازحين فوق سن الـ40 يعانون من الاكتئاب الحادّ. بينما تشير التقديرات إلى أنّ كبار السن يُعانون أوضاعًا نفسية صعبة للغاية، حيث يعانون من الخوف والقلق المستمر جرّاء الغارات الجوية المتواصلة.
وتسبب ذلك في تدهور صحتهم النفسية والعاطفية. كما ازدادت معدلات الاكتئاب بسبب فقدان الأمن والاستقرار. ويعانون إحساسًا متزايدًا بالعزلة نتيجة لمحدودية حركتهم وانعدام توفر الأدوات المساعدة التي تسهم في تحسين قدرتهم على التنقل باستقلالية أكبر.
إلى جانب ذلك، يواجه غالبية كبار السن من النازحين، تحدي الإقامة في خيام 90% منها لا تحتوي على مراحيض مناسبة لذوي الإعاقة، كما تؤكد تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).
ورغم الجهود المحدودة لمنظمات الاغاثة ، التي توفر سلال غذائية وأدوات مساعدة، إلا أن الاحتياجات الخاصة بكبار السن في قطاع غزة تفوق الإمكانات. فيما تقول منظمة "هيلب إيج": "كبار السن يُتركون ليموتوا بصمت، لأن العالم لا يرى معاناتهم".