كتبت الصحفية والشاعرة نور العاصي أول عمود لها من مسقط رأسها في قطاع غزة، وقالت إنها تحلم بالرحيل بعد أن أنهكتها الأحزان والمجاعة والنفي القسري، ولكنها قبل ذلك تدعو العالم إلى مد يد المساعدة لأهل غزة.

وفي مقال لها بموقع ميديا بارت، كتبت الصحفية التي عرفت نفسها بأنها عاملة في المجال الإنساني ونازحة داخل بلدها، أن غزة الآن ليست محاصرة بالقنابل والرصاص فقط، بل بالجوع أيضا، وبالتالي فإن أملها الضئيل في البقاء على قيد الحياة بدأ يتلاشى تدريجيا منذ أن منعت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 أشياء عن الرئيس الروماني الجديد نيكوسور دانlist 2 of 2إغناتيوس: نهج ترامب لتحقيق السلام بأوكرانيا مبني على 3 أوهامend of list

هنا -كما تقول الكاتبة- ينام الناس بين القمامة دون مياه نظيفة ودون نظام صرف صحي مناسب ودون نظافة أساسية، ولذلك تتفشى الأمراض، ويموت الأطفال الذين أنهكهم الجوع بسبب الإسهال والتهاب الكبد الوبائي (أ) والتهابات الجلد.

ومنذ انهيار وقف إطلاق النار الأخير، تقول نور العاصي "أصبحت أعمل بجهد أكبر، وكرست نفسي لإعداد التقارير حتى أثناء امتحاني الأخير، وفي كثير من الأحيان، أقف ساعات في الشارع تحت أشعة الشمس الحارقة والرياح الباردة لجمع شهادات من العائلات التي انهار عالمها".

وتبرز الصحفية التي تعاني مشاكل في الجهاز الهضمي بسبب تناول الأطعمة المعلبة المنتهية الصلاحية أحيانا، أن الطبيب الذي استشارته شخّص آلام ساقيها الشديدة بأنها "تعود إلى ارتفاع معدل الترسيب الذي تفاقم بسبب الوقوف وسوء التغذية وانعدام العلاج"، وذلك في ظل انعدام الأدوية والفيتامينات، أي "استحالة الشفاء هنا".

إعلان

وذكّرت نور العاصي بحالة المصابين من ذوي الحروق الشديدة والجروح المفتوحة ومبتوري الأطراف، وقالت إنهم لا يحصلون على نصف الاحتياجات الغذائية اليومية الدنيا للبقاء على قيد الحياة، إذ يقول يحيى الذي لم تتلق إصابة ساقه العلاج "قيل لنا أن نتحلى بالصبر، ولكن كيف تطلب من رجل جائع أن يتحلى بالصبر؟".

لامبالاة

وقالت أم أحمد وهي تبكي "انظري إلى بشرة طفلي، التقطي له صورة حتى يرى العالم ما فعلت بنا لامبالاته"، وعلقت الصحفية بالقول "هذه ليست مجاعة طبيعية، بل هي أداة تستخدمها إسرائيل لكسر غزة، لكسر روحنا وإرادتنا في العيش على هذه الأرض. وهي تحقق ذلك".

فـ"في كل يوم تجعل إسرائيل فكرة الرحيل النهائي أكثر جاذبية، وهي تريد منا أن نتخلى عن غزة، تريد إجبارنا على نسيان جذورنا وأحلامنا وتضحياتنا، حتى أصبح الكثير منا عندما يفكر في فلسطين يتذكر معاناتنا التي لا تنتهي من الجوع والجنائز والإذلال، ولن أكذب، أنا واحدة منهم. سأكون كاذبة لو قلت إنني لم أحلم بالمغادرة".

وأشارت الكاتبة إلى أن الحرب تقترب من عامها الثاني بما فيها من دمار لا يمكن تصوره، ومع ذلك لم يتم إحراز أي تحرك حقيقي نحو إيجاد حل، موضحة أن ما يعيشه أهل غزة ليس مجرد كارثة إنسانية، بل هو مجاعة من صنع الإنسان في القرن الحادي والعشرين، ومجازر في وضح النهار، والعالم لا يحرك ساكنا.

وختمت نور العاصي بالقول "أكتب هذا لا كصحفية، بل أيضا كناجية، جريمتها الوحيدة أنها ولدت في غزة. أكتب لأن أصوات شعبي تغرق في هدير الظلم، ولأننا حتى في مواجهة الجوع والنزوح والموت، لا نزال متمسكين بإنسانيتنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات نور العاصی

إقرأ أيضاً:

سيدي جلالة الملك: هذا حل تحديات العطش والفقر والبطالة والطاقة والأمن الغذائي في المملكة، ولكي نستمر أيضا

صراحة نيوز ـ كتب أ.د. محمد الفرجات

في وطنٍ يضيق فيه الأمل على شباب طموح يُسابق الحياة بإمكانات متآكلة، نجد أنفسنا نطرح هذا السؤال الوجودي: إلى أين يتجه مستقبل الأجيال الأردنية؟

شبابنا اليوم يرزحون تحت أثقال لا تُطاق:

بطالة تتجاوز 22%، وأحيانًا أكثر في بعض المحافظات.

دخول شهرية لا تكفي لأدنى متطلبات الحياة، فكثير من الشباب وخريجي الجامعات إن وجدوا عملا، فلا يتجاوز دخلهم الشهري 300 دينار، بينما كل بيت فيه عدد من العاطلين عن العمل، وعزوف الشباب عن الزواج خطر يهدد الأمن القومي.

كلف السكن والإيجارات تُزاحم الراتب، والنقل يستنزف الجيب، وفواتير الكهرباء والماء تحوّلت من خدمات إلى عبء دائم.

وأمام هذا الواقع، يؤجل الشباب الزواج، وإن حصل، فيفشل كثيرون في الحفاظ عليه بسبب الفقر وتراكم الالتزامات، فينكسر الاستقرار الأسري وغالبا يحدث الطلاق، وقد بدأت ملامح أزمة ديموغرافية واجتماعية تلوح في الأفق، بجانب نمو معدلات العنف والجريمة.

نحن لا نواجه فقط أزمة دخل أو فرص عمل، بل أزمة وطنية تمسّ استقرار الأسرة والسلم المجتمعي والنمو السكاني الطبيعي، وبالتالي تهدد الأمن القومي بأكمله.

أزمة المياه والعطش وتهديد القطاعات التنموية:

فمن ناحية أخرى، تتفاقم أزمة المياه، فالسدود شبه فارغة، ومياهها لم تعد تكفي، والأمطار باتت تصبح شحيحة وتنحرف عن مساقط السدود، والتغير المناخي يضرب بشدة في موقعنا الجغرافي.

المياه الجوفية بالأغوار تهبط وتزداد ملوحة، والزراعة مهددة، ومصادر دخل المزارعين تقل، والأمن الغذائي الوطني مهدد كذلك.
كما وأن المزارعين والفلاحين ومربي المواشي باتوا يهجرون موائلهم من قرى وأرياف وبوادي، ويتركون الزراعة والفلاحة وتربية المواشي، ويتوجهون للمدن الكبرى بحثا عن الوظائف، وهذا بسبب التغير المناخي وهو أمر خطير جدا كذلك.

وهنا تبرز البادية الأردنية كخيار وطني استراتيجي، لا مجرد بديل:

المياه الجوفية العميقة في الصحراء الجنوبية والوسطى والشمالية الشرقية لا تزال موردًا واعدًا يمكن الاعتماد عليه في مياه الشرب والاستخدام المنزلي وتغذية القطاعات التنموية.

وبهذا، أصبح من الضروري توجيه المد السكاني نحو البادية، حيث تتوفر الأرض والماء والطاقة والشمس، ويمكن تأسيس حياة جديدة منتجة ومستقرة.

قرى إنتاجية ذكية: حلول وطنية ذكية تحفظ الكرامة وتبني المستقبل

فلنتخيل معًا 50 قرية إنتاجية ذكية موزعة على بوادي المملكة الثلاث، تنبض بالحياة وتؤسس لاقتصاد محلي مستدام، ومجتمعات شابة تعمل وتنتج وتعيش بكرامة، ومن ناحية أخرى تدعم المملكة بالمنتج المحلي للاعتماد على الذات، وتخفف الطلب على المياه في مدن وقرى المملكة سواءا للشرب أو لغايات الصناعة والزراعة وبقية القطاعات التنموية، والأمر ذاته بالنسبة للطاقة، حيث ستعتمد هذه القرى كليا على الطاقة الشمسية.

نماذج مقترحة لسبع قرى متخصصة:

1. قرية الزراعة الذكية في بادية الأزرق
تعتمد على الزراعة الرأسية والتقنيات المائية (Hydroponics)، باستخدام الطاقة الشمسية وتحلية المياه الجوفية.

2. قرية الصناعات الغذائية في جنوب معان
تصنيع التمور، الفواكه المجففة، والمربيات، والتغليف والتصدير.

3. قرية الأعلاف وتربية المواشي في بادية الجفر
زراعة الأعلاف، تربية الأغنام والإبل، مصانع لإنتاج الأعلاف المركّبة.

4. قرية تصنيع منتجات الحليب في الموقر
إنتاج الحليب، الجبنة، اللبن، بمشاريع متوسطة محلية.

5. قرية الصناعات الصغيرة في البادية الشمالية (الصفاوي – الرويشد)
ملابس، أثاث معدني، بلاستيك، أدوات بناء خفيفة.

6. قرية الحوسبة والذكاء الاصطناعي في البادية الوسطى
مراكز تدريب رقمي، شركات ناشئة، أعمال عن بُعد.

7. قرية السياحة البيئية والتراثية في وادي رم أو الحميمة
بيوت طينية، مسارات سياحية، ضيافة بدوية بإدارة مجتمعية.

كيف يتحقق هذا المشروع؟

يُنفذ برعاية الدولة وصناديقها الاستثمارية (الضمان الاجتماعي، مخصصات اللامركزية، الصناديق السيادية… إلخ).

تُسكن هذه القرى عائلات شابة، تُمنح مساكن بسيطة وخدمات أساسية، ويُشغّلون في القطاعات الانتاجية المخصصة، بجانب إدارة وتشغيل الخدمات من تعليم وصحة ومجمعات تجارية ونقل وغيرها.

تُدار هذه المجتمعات بنظام إنتاجي تكافلي وليس ريعي.

تعتمد على الطاقة المتجددة والمياه الجوفية، وتُربط بوسائل نقل جماعية منخفضة الكلفة.

حسابات الكلفة والعائد

إذا شغّلت الدولة 100,000 شاب وشابة في هذه القرى، فإنها لا تُوفر لهم فقط العمل، بل تُخفف الضغط عن المدن، وتُعيد التوازن الديموغرافي، وتمنع دواعي العنف والجريمة، وتدفع باتجاه الأمن الغذائي، وتُعيد الأمل للأسر.

إن كلفة استمرار الوضع الحالي من بطالة، فقر، عنف مجتمعي، وانهيار اجتماعي، وعطش وشح مائي يهدد القطاعات التنموية، أعلى بكثير من كلفة هذه المشاريع الجذرية.

الدولة قادرة على تنفيذ هذا المشروع بالكامل على أراضيها، بواقع 50 قرية إنتاجية خلال 5 سنوات فقط.

ويكفي أن لا نُحمّل هذه القرى أكثر من طاقتها، بل نطلب منها فقط أن تشغّل نفسها، وتستمر، وتعتمد على ذاتها ماليا، وتنمو لتستوعب المزيد من الأجيال وتتطور من مواردها، وتمنح الأمان للمواطن الأردني. وهذا وحده إنجاز وطني عظيم.

ويمكن تمويل هذه المبادرة من خلال:

تبرعات ومساهمات الشركات الكبرى والبنوك.

استقطاب دعم مباشر من الدول الشقيقة والصديقة.

إعادة توجيه جزء بسيط من النفقات الجارية لصالح التنمية المستدامة.

صاحب الجلالة،
حين ننظر إلى البادية، لا نراها أرضًا مهجورة، بل نراها مهدًا للحلول، وموطنًا جديدًا للمستقبل الأردني.
منها يمكن أن يبدأ التوازن، ومنها يمكن أن يزدهر الأمن، ويعود الأمل، ويُبنى وطن لا يترك أبناءه خلفه.

هذه القرى الانتاجية والذكية بيئيا ومائيا وطاقيا، نحتاجها ونحن بأمس الحاجة إليها، وقد دعونا لنموذج مشابه منذ عام ٢٠١٣، وقدمنا أكثر من نموذج داعم، وما زال النداء مستمر، لكي تستمر الدولة الأردنية العتيدة.

مقالات مشابهة

  • مجلس الحكومة ينظر في إحداث دوائر و قيادة جديدة
  • هدمتم الجدران… فهل هدمتم الكرامة أيضاً؟
  • اليوم العالمي للنحل..أعظم الملقحات التي تطعم العالم
  • سيدي جلالة الملك: هذا حل تحديات العطش والفقر والبطالة والطاقة والأمن الغذائي في المملكة، ولكي نستمر أيضا
  • «وزير خارجية الأردن»: الجوع واقع لا إنساني في قطاع غزة
  • كلية الإعلام في جامعة البترا تنظّم ندوة حول الحريات الصحفية ومسؤولية الإعلام
  • بابا الفاتيكان يدعو لغزة خلال حفل تنصيبه
  • الجوع يفتك بنحو 300 مليون شخص حول العالم (انفوغراف)
  • أحمد موسى: العالم في كفة ومصر في كفة خاصة بملف إدخال المساعدات لغزة