الأشخاص المكلفون بالأضحية.. وحكم من يتكاسل عنها
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
من هو القادر على الأضحية؟ وهل يجوز الاقتراض لتحقيق هذه السنة؟ أسئلة تشغل ذهن الكثير من المسلمين مع اقتراب عيد الأضحى، ورغبتهم في التماس الهدي النبوي العظيم في السير على هدي أبو الأنبياء الخليل إبراهيم، وخاتم الرسل سيدنا محمد.
من هو القادر على الأضحية؟وقالت دار الإفتاء في بيانها من هو القادر على الأضحية؟ إن القادر على الأضحية هو مَن مَلَكَ ما تحصل به الأضحية وكان ما يملكه فاضلًا عمَّا يحتاج إليه للإنفاق على نفسه وأهله وأولاده أو من يلتزم بنفقتهم في يوم العيد وليلته وأيام التشريق الثلاثة ولياليها، ومن شروط الأضحية عند من قال بسنيتها القدرةُ عليها.
قال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 385، ط. دار الفكر): [مَذْهَبنا أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ وَلا تَجِبُ عَلَيْهِ] اهـ. وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (6/ 123، ط. دار الكتب العلمية): [قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يَمُونُهُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؛ لأَنَّهَا نَوْعُ صَدَقَةٍ. اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَمَّا يَحْتَاجُهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَكِسْوَةِ فَصْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ وَقْتُهَا، كَمَا أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ الْعِيدِ وَقْتُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَاشْتَرَطُوا فِيهَا أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ ذَلِكَ] اهـ.
هل يأثم تارك الأضحية؟الأضحية سنة مؤكدة ثابتة عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإحدى الشعائر الإسلامية، التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل بتقديم ذبح من الأنعام بدءًا من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق -الثالث عشر من ذي الحجة-،وشرعتالأضحيةفي السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهي السنة التي شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال.
ورد سؤال للدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، من سائل يقول: "هل هناك إثم يقع على القادر الذي لم يضح؟".
وأجاب جمعة، أنه لا إثم عليه لكنه أضاع فرصة على نفسه، مثل من يصلي الظهر ولا يصلي سنته، أو من يصوم رمضان ولكنه لا يصوم الستة من شوال، أي يقوم بالفروض فقط، كالأعرابي الذي سأل النبي عن الفروض. فتارك الأضحية لا يأثم ولكنه فاته خير كثير.
وأشار إلى حديث طلحة بن عبيد الله: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل علي غيرهن قال لا إلا أن تطوع وصيام شهر رمضان فقال هل علي غيره فقال لا إلا أن تطوع وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق، ويوضح علي جمعة أهمية السنن وفضائل الأعمال قائلًا أنها خير وهامش يستر التقصير في الفرائض والأعمال الأخرى "فنحن لا نعرف ما قبل وما لم يقبل من الأعمال".
وأكمل: "كان بعض مشايخنا يقول إن جبر الكسر يشفي الأمراض التي لا علاج لها"، فهو شفاء لما تعجز عنه الأدوية والعلاج. ومعنى جبر الخواطر على الله أن أجرها على الله فلا يعرف أحد مقدار هذا الأجر.
حكم مخالفة الموكل فى نوع الأضحيةأجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "حكم مخالفة الموكِّل في نوع الأُضْحِيَّة؟ فقد وكَّلتُ شخصًا بذبح شاة أضحية، فهل يجوز له أن يذبح بَدَلًا مِن ذلك سُبع بقرة؟".
لترد دار الإفتاء موضحة أن توكيل المسلم غيره في التضحية عنه بشاةٍ تعيينًا جائزٌ شرعًا، ولا يجوز للوكيل مخالفة الموكِّل فيما وَكَّله فيه بذبح سُبُع بقرة بَدَلًا مِن ذبح شاة، فإن فعل الوكيل غير ما عيَّنَه له الموكِّل فإن ما فعله متوقف على إذن الموكِّل فإن أَذِنَ الموكِّل نَفَذ الشراء وإلَّا فلا، أمَّا إذا وكَّله بالذَّبْح من غير تعيينٍ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراءً وذبحًا.
حكم الإنابة في ذَبْح الأضحية
اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز الإنابة في ذَبْح الأضحية. كما في "بدائع الصنائع" للكاساني (5/ 79، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحَطَّاب (4/ 373، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للنووي (8/ 405، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبُهُوتي (3/ 8، ط. دار الكتب العلمية).
واستدلوا على ذلك بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم نحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ بيده، ثم أعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَرَ. رواه مسلم في "صحيحه".
يقول الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (2/ 107، ط. أوقاف المغرب) بعد أَن ذَكَر هذه المسألة، وأنَّ حكمها الجواز: [وهو أمرٌ لا خلاف بين العُلَماء في إجازَتِه] اهـ.
مذاهب الفقهاء في حكم مخالفة الموكِّل في نوع الأضحية
الوكيل في شراء وذبح الأضحية إن أطلق الموكِّل له، فلم يُبَيِّن نوعًا معيَّنًا للتضحية؛ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراء وذبحًا؛ لأنَّ المقصود بالأضحية رعاية مصلحة الفقراء والمساكين.
أَمَّا إذا عَيَّن الموكِّل للوكيل نوعًا ما من الأضاحي؛ كأن قال له: "اشتر لي شاة" فيلتزم الوكيل بما عيَّنَه له الموكِّل، وقد نقل الإمام الكاساني الحنفي الإجماعَ على وجوب مراعاة ما قيَّدَهُ الموكِّل؛ فقال في "بدائع الصنائع" (6/ 29، ط. دار الكتب العلمية): [الوكيل بالشراء فالتوكيل بالشراء لا يخلو إمَّا أن كان مطلقًا أو كان مُقيَّدًا، فإن كان مُقيَّدًا يراعى فيه القيد إجماعًا] اهـ.
وقد اختلف الفقهاء في مخالفة الوكيل للموكِّل فيما عيَّنَه له، وهذا تخريجًا على خلافهم في مخالفته أي: الموكِّل- في جنس السلعة في الشراء.
فيرى الحنفية: أنَّ الشراء في هذه الحالة لا يلزم الموكِّل، وإنما هو للوكيل خاصة، وهو مذهب الشافعية وأصح الروايتين عند الحنابلة إن اشترى الموكِّل من ماله.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 29): [الأصل أنَّ الوكيل بالشراء إذا خالف يكون مشتريًا لنفسه] اهـ. وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (4/ 324، ط. المكتب الإسلامي) عند كلامه على حكم البيع والشراء المخالفَيْن أمرَ الموكِّل: [أَمَّا البيع، فإذا قال: بع هذا العبد، فباع آخر، فباطل. وأما الشراء، فإن وقع بعين مال الموكل، فباطل] اهـ.
وقال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (5 /93، ط. مكتبة القاهرة) عند الكلام على حكم مَن وُكِّل في شراء شيء فاشترى غيره: [وجملته أنَّ الوكيل في الشراء إذا خالف موكله، فاشترى غير ما وُكِّل في شرائه، مثل أن يوكله في شراء عبد فيشتري جارية، لم يخل من أن يكون اشتراه في ذمته أو بعين المال... فأَمَّا إن اشترى بعين المال، مثل أن يقول: بعني الجارية بهذه الدنانير، أو باع مال غيره بغير إذنه، فالصحيح في المذهب أَنَّ البيع باطل] اهـ.
ويرى المالكية والحنابلة في رواية: أنَّ الشراء في هذه الحالة يتوقف على إذن الموكِّل، فإن أجازه نفذ، وإلَّا بطل.
قال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (3/ 384، ط. دار الفكر): [(أو) خالف الوكيل (في بيع) بأن باع بأنقص مما سمى له أو من ثمن المثل إذا لم يُسَم، أو بفلوس، أو عروض وليس الشأن ذلك (فيُخيَّر مُوكِّلُه) في الرد والإمضاء] اهـ.
وقال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (4/ 154): [والوكيل إذا خالف فهو ضامن، إلَّا أن يرضى الآمر، فيلزمه... وإن اشترى بعين مال الآمر أو باع بغير إذنه، أو اشترى لغير مُوكله شيئًا بعين ماله، أو باع ماله بغير إذنه، ففيه روايتان... والثانية: البيع والشراء صحيحان، ويقف على إجازة المالك، فإن أجازه نفذ، ولزم البيع] اهـ.
بيان المختار للفتوى في هذه المسألة
الذي نختاره للفتوى في هذه المسألة: أنه يجب على الوكيل الالتزام بما وُكِّل فيه من شراء وذبح الأضحية المعينة، ولا يجوز له البدل بغيره، أو التَّعدِّي في غير ما وُكِّل فيه؛ لأنَّه لا يجوز مخالفة الوكيل للموكِّل فيما وَكَّله فيه، فإن تعدَّى الموكِّل وخالف، فإن أمضاه الوكيل في شرائه فلا بأس، وإلَّا فإن الشراء لا يَنْفُذ على الموكِّل في هذه الحالة، وذلك لأنَّ تعيين الموكِّل في نوع الأضحية هو مقصدٌ مراعى لا ينبغي إهداره تغييرًا أو تَعدِّيًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأضحية رسول الله صلى الله علیه وسلم دار الکتب العلمیة قال الإمام ح الأضحیة دار الفکر ن الموک وذبح ا فی هذه
إقرأ أيضاً:
الوكيل: 5 أضعاف نموًا في التجارة البينية و13 مليار دولار استثمارات قطرية قائمة وجديدة في مصر
أكد أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر تشهد مرحلة غير مسبوقة من الزخم والتكامل، مدفوعة بإرادة سياسية واعية وشراكة استراتيجية ممتدة بين البلدين، بما يفتح آفاقًا واسعة أمام مجتمع الأعمال في الجانبين لتحقيق نمو مستدام ومصالح مشتركة.
وأعرب الوكيل، خلال كلمته منتدى الأعمال المصري القطرى بحضور المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، والدكتور أحمد بن محمد السيد وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية القطري، ومحمد بن أحمد الكواري النائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، عن تقديره لمشاركة الوفد القطري رفيع المستوى، ناقلًا تحيات أكثر من 6 ملايين منتسب للغرف التجارية المصرية، ومؤكدًا عمق الشراكة المؤسسية بين غرفتي مصر وقطر على المستويين الثنائي والإقليمي والدولي.
مؤشرات إيجابية قويةوأشار رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية إلى أن المنتدى ينعقد في توقيت يشهد فيه الاقتصاد المصري مؤشرات إيجابية قوية، أبرزها تحسن التصنيف الائتماني، وارتفاع معدل النمو إلى 5.2%، وتجاوز احتياطي النقد الأجنبي حاجز 50 مليار دولار، إلى جانب تنامي الاستثمارات القطرية في مصر، والتي شملت حزمة استثمارية بقيمة 7.5 مليار دولار، منها 4 مليارات دولار لمشروع مدينة علم الروم السياحية، فضلًا عن استثمارات واستحواذات للقطاع الخاص تجاوزت مليار دولار، لتنضم إلى أكثر من 5.4 مليار دولار استثمارات قطرية قائمة.
وأوضح الوكيل أن هذه الاستثمارات تغطي قطاعات حيوية ومتنوعة، من بينها البنوك والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة والنفط والزراعة والأمن الغذائي والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مدعومة باتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي، معربًا عن تطلعه إلى أن تسهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الجاري التفاوض بشأنها في تعزيز معدلات التعاون والاستثمار المشترك خلال المرحلة المقبلة.
مجتمع الأعمالودعا رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية مجتمع الأعمال في البلدين إلى التحالف من أجل تعميق التكامل الصناعي وتوطين مدخلات الإنتاج، والاستفادة من دروس جائحة كورونا في تعزيز مرونة سلاسل الإمداد، إلى جانب التشارك في مشروعات الإعمار والبنية التحتية داخل مصر وإفريقيا وإعادة إعمار عدد من الدول العربية، فضلًا عن تفعيل نموذج التعاون الثلاثي للتصنيع والتصدير المشترك إلى الأسواق العالمية، مؤكده أن المرحلة الراهنة تتطلب سرعة التحرك لبناء شراكة حقيقية تخلق قيمة مضافة وفرص عمل لشعبي البلدين، مستندة إلى العلاقات الأخوية الراسخة بين القيادتين في مصر وقطر.