في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة واستمرار العدوان الإسرائيلي، استضافت العاصمة الإسبانية مدريد اليوم الأحد اجتماعًا وزاريًا دوليًا موسعًا، بمشاركة وزراء خارجية من دول أوروبية وإسلامية، ضمن ما يُعرف بـ "مجموعة مدريد الموسعة (مدريد+)"، لمناقشة سبل إنهاء الحرب على قطاع غزة، والدفع قدمًا باتجاه تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين.

وشارك في الاجتماع 20 دولة إلى جانب جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى حضور رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الذي أكد في كلمته ضرورة التحرك الدولي الجاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.

ضغط دبلوماسي متزايد على إسرائيل

الاجتماع يهدف إلى تعزيز الضغط الدولي على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية في غزة، ورفع الحصار المفروض على القطاع، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى دعم المساعي الرامية للاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967.

وخلال الاجتماع، أكد وزير الخارجية المصري أهمية التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفض أي محاولات لتهجير سكان غزة، مشددًا على ضرورة إنهاء الاحتلال واستئناف مفاوضات جدية لتنفيذ حل الدولتين.

مواقف دولية موحدة

أدانت دول أوروبية وعربية استمرار الفظائع في غزة، حيث اعتبر وزير خارجية ماليزيا أن الجرائم المرتكبة هناك تعكس ازدواجية المعايير الدولية وتآكل احترام القانون الدولي. كما عبّر وزير الخارجية الألماني عن قلق بلاده العميق إزاء الكارثة الإنسانية، مؤكدًا رفض برلين لطرد الفلسطينيين من القطاع، وداعيًا لإنهاء الجوع ودعم الحل السياسي.

من جانبه، شدد وزير خارجية النرويج على ضرورة تمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم، فيما دعت فرنسا إلى إحياء أفق دبلوماسي لحل النزاع. وأعلنت مالطا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين الشهر المقبل، في خطوة اعتبرها مراقبون جزءًا من تحركات دولية متسارعة لتعزيز الاعتراف الدولي بفلسطين.

الولايات المتحدة تدفع نحو التهدئة

كشفت مصادر إعلامية عبرية ودبلوماسية متطابقة أن الإدارة الأميركية طلبت من إسرائيل تأجيل العملية البرية المرتقبة في قطاع غزة، لإتاحة الفرصة أمام مفاوضات صفقة تبادل الأسرى الجارية في الدوحة. ووفقًا لقناة i24NEWS، فقد شددت واشنطن على ضرورة استمرار المحادثات، مع السماح بمسارات تفاوض موازية رغم التصعيد العسكري.

كما أكدت مصادر دبلوماسية لصحيفة "يسرائيل هيوم" أن واشنطن طلبت من الأطراف المنخرطة في المفاوضات الاستعداد لإطلاقها بناءً على مقترح جديد يعرف بـ "مقترح ويتكوف".

ملف المساعدات تحت المجهر

في السياق الإنساني، أبدى صندوق الأمم المتحدة للسكان قلقه من استمرار استهداف مرافق الرعاية الصحية في غزة. وفي الوقت نفسه، طالبت الأونروا بالسماح بإدخال 500 إلى 600 شاحنة مساعدات يوميًا، مؤكدة أن الوضع الإنساني لا يحتمل مزيدًا من التأخير.

وفي هذا الإطار، كشف رجل الأعمال الأميركي-الإسرائيلي موتي كهانا، أن شركته تم استبعادها بشكل مفاجئ من آلية توزيع المساعدات في غزة لصالح شركة "وهمية"، يُقال إنها أميركية لكنها في الحقيقة تابعة لإسرائيل، ما يشير إلى وجود شبهات فساد وتضليل في الملف الإنساني.

من جانبها، حذّرت مديرة المكتب الإعلامي للأونروا في غزة من محاولات الالتفاف على المبادئ الإنسانية، مؤكدة عدم الحاجة لآليات جديدة لتوزيع المساعدات داخل القطاع.

تقييمات إسرائيلية داخلية متباينة

نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر في الجيش الإسرائيلي أن المؤسسة العسكرية تعمل على تركيز السكان الغزيين في ثلاث مناطق هي مدينة غزة، مخيمات وسط القطاع، ومنطقة المواصي التي تؤوي حاليًا نحو 700 ألف نازح.

ورغم التصعيد، أشار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، إلى أن العمليات الجارية مهدت الطريق للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس. ورجّح إمكانية استعادة 58 رهينة، رغم تشدد المواقف السياسية المعلنة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسحب وفد التفاوض الإسرائيلي من الدوحة مؤخرًا.

زيارة أميركية مرتقبة

وفي مؤشر على استمرار التنسيق الأميركي-الإسرائيلي، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن زيارة مرتقبة لوزيرة الأمن الداخلي الأميركية غدًا إلى تل أبيب، في إطار الجهود المتواصلة لاحتواء التصعيد ومتابعة المفاوضات.


المشهد العام يشير إلى لحظة دبلوماسية حاسمة، تتقاطع فيها المبادرات الإنسانية والسياسية، وسط ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل، في ظل تدهور إنساني غير مسبوق في غزة، وتطلعات فلسطينية متجددة نحو الحرية والاستقلال.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اجتماع دولي مدريد الضغط على إسرائيل مبادرات دولية إنهاء الأزمة غزة العدوان الإسرائيلي وقف اطلاق النار جهود دبلوماسية السلام في الشرق الاوسط دعم فلسطيني الأمم المتحدة المجتمع الدولي تصعيد غزة حلول سياسية 18 ديسمبر

إقرأ أيضاً:

أبو شامة: تعنت إسرائيل وحماس يُفجر الأوضاع ويزيد مآسي غزة

قال الكاتب الصحفي محمد مصطفى أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر، إن ما يجري في قطاع غزة منذ نحو عامين هو «إبادة جماعية للشعب الفلسطيني»، وسط صمت دولي غير مبرر وتواطؤ أمريكي–إسرائيلي معلن.

دعم حقوق الشعب الفلسطيني: تصريحات نتنياهو بشأن وقف إطلاق النار خادعة

وأضاف أبو شامة، في مداخلة مع الإعلامي همام مجاهد على قناة القاهرة الإخبارية، أن «العالم يقف متفرجًا على مأساة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يُقتل الفلسطينيون جوعًا أو قصفًا، فيما يُمارَس عليهم تجويع ممنهج ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل».

وأعرب عن تقديره للتوصيف الذي طُرح خلال الحوار حول ما يسمى بـ «مؤسسة غزة اللا إنسانية»، قائلًا إن «عملية توزيع المساعدات المحدودة التي تدخل القطاع باتت شكلًا جديدًا من الموت، حيث يقف الفلسطينيون في طوابير انتظار للحصول على ما يسد الرمق، لكنهم يُستهدفون أثناء ذلك من قبل الجيش الإسرائيلي».

وأشار إلى أن «عدد الشهداء الذين سقطوا أثناء انتظار المساعدات الإنسانية تجاوز 700 شهيد"»، مؤكدًا أن هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة، في ظل غياب أي تحرك دولي فعّال لإنهاء معاناة سكان القطاع.

ورأى أبو شامة أن التحركات السياسية والدبلوماسية الجارية، سواء من الاتحاد الأوروبي أو بعض الدول العربية، لا تزال دون المستوى المطلوب، معتبرًا أن هذه الجهود لم تُترجم حتى الآن إلى ضغوط حقيقية على إسرائيل لوقف الحرب أو السماح بتدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وأضاف أن المفاوضات الجارية في الدوحة ما زالت متعثرة، بسبب تعنّت الطرفين، محذرًا من أن غياب أي اختراق في ملف الهدنة يطيل أمد الحرب ويُفاقم المأساة.

طباعة شارك محمد مصطفى أبو شامة مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر إبادة جماعية للشعب الفلسطيني

مقالات مشابهة

  • إسرائيل وهندسة سياسة التجويع في غزة
  • أبو شامة: تعنت إسرائيل وحماس يُفجر الأوضاع ويزيد مآسي غزة
  • مسؤولة بالاتحاد الأوروبي: توصلنا لاتفاق مع إسرائيل بشأن المساعدات الإنسانية
  • منظمات دولية تتهم مؤسسة غزة الإنسانية بارتكاب مجازر تحت غطاء المساعدات
  • الأمم المتحدة: ضرورة إيصال المساعدات بشكل آمن إلى السودان
  • الاتحاد الأوروبي يُعلن التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لـ "توسيع" تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • في ظل الأزمة المالية.. توجيهات حكومية بتسهيلات لموظفي القطاع العام
  • فلسطين تدعو مجموعة السبع للضغط على إسرائيل كي تفرج عن أموال المقاصّة
  • السودان: تحذير أممي من تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل استمرار العنف ونقص تمويل
  • حماس تؤكد استمرار التفاوض على اتفاق شامل لإنهاء العدوان