شمسان بوست / خاص:

شهدت مدينة عدن، صباح اليوم السبت، موقف بطولي قلما يتكرر، حين تمكن عدد من شباب المدينة من إنقاذ مواطن جرفته أمواج البحر العاتية في منطقة التواهي، وكاد أن يفقد حياته في مشهد مؤلم ومؤثر.

وبينما كانت الأمواج تتلاطم بالمواطن وتدفعه بعيدًا عن الشاطئ في ظل غياب تام لأي فرق إنقاذ، لم يتردد أحد الشباب في المغامرة بحياته، واندفع بشجاعة إلى قلب المياه الهائجة متحديًا الخطر، لينتشل المواطن من براثن الغرق.


مقطع فيديو وثّق هذه اللحظات الإنسانية المؤثرة، أظهر فيه الشاب وهو يواجه التيارات القوية بصبر وعزيمة، فيما كان المواطن المنهك يستسلم للموج، بعد أن أوشكت قواه على الانهيار وفقد الأمل بالنجاة.

وبرغم برودة الماء وخطورة الوضع، تمكّن الشاب من إنقاذ المواطن وإعادته إلى الشاطئ وسط تصفيق ودموع الحاضرين، في مشهد حمل الكثير من المعاني عن النخوة والإنسانية والتضحية.

الحادثة أعادت تسليط الضوء على غياب أدوات السلامة وفرق الإنقاذ في بعض شواطئ المدينة، وأثارت دعوات واسعة لتوفير فرق طوارئ دائمة لحماية أرواح المواطنين، خصوصًا في فترات الصباح والمواسم السياحية.

المصدر: شمسان بوست

إقرأ أيضاً:

أيلا (رحل السياسي العضوي المضاد)

كثيرون، مع سماعهم خبر رحيل الدكتور محمد طاهر أيلا، استعادوا مشهد الاستقبال الحاشد الذي حظي به عند عودته إلى أرض الوطن بعد غياب ناهز الأربع سنوات.

ذلك الاحتفاء لم يكن وليد صدفة، بل كان ثمرة تجربة استثنائية في الحكم والإدارة، تابعنا فصولها في ولايتي البحر الأحمر والجزيرة، ثم في شهوره القليلة بمجلس الوزراء.
إذا كان أنطونيو غرامشي، المفكر الإيطالي الماركسي، هو أول من صاغ بوضوح فكرة «المثقف العضوي» مقابل «المثقف التقليدي»، فإن أيلا جسد عملياً مفهوم «السياسي العضوي المضاد»؛ السياسي الذي يقف ضد أنماط الساسة السائدين، ويخوض تجربته بوعي وفاعلية خارج الأطر النمطية المعتادة.

قدّم أيلا نموذجاً مغايراً لثقافة النادي السياسي التقليدي التي أرساها مؤتمر الخريجين وجمعيات أبوروف والهاشماب. ففي حين اكتفى كثير من السياسيين بالشعارات والخطب، اختار هو أن يجعل السياسة عملاً معاشاً للناس، لا تجارة بالأوهام.

في زمن كان السياسيون فيه يتنازعون المواقع دون إنجاز يذكر، جاء أيلا بعقل إداري عملي، جعل الأرقام تتحدث والنتائج تُرى.

لم يبتكر موارد جديدة، لكنه أوقف الصرف العبثي، ورشد الإنفاق الحكومي حتى بلغ حد الكفاف، فأغلق منافذ الفساد ووسع خدمات التعليم والصحة والطرق، فنال رضا الناس وسخط المفسدين.
لم يكن ساحراً ولا بهلواناً سياسياً، بل كان رجل أرقام وحكمة، يدير الموارد بوعي ويصرفها فيما ينفع الناس. في قاموسه، السياسة ليست خطباً ولا وعوداً، بل إنجازات ملموسة يراها المواطن في حياته اليومية. ولهذا أحبه الناس، لأنهم وجدوا فيه المسؤول الذي يخدمهم بصدق ودون وسطاء.

ومن بين جميع من تقلدوا المناصب في عهد الإنقاذ، لم يبلغ أحد ما بلغه أيلا من محبة الناس وشعبيتهم، في الشرق كما في الجزيرة. أحبّه الناس لأنه كان قريباً منهم، ينصت إليهم ويعمل لأجلهم، دون أن يتوسل المجد عبر الحزب أو القبيلة.

واجه استهدافاً من بعض رفاقه في التنظيم الحاكم، لكن الجماهير كانت حائطه المنيع وسنده الصادق، ترد عنه حملات الكيد بما تعرفه من سيرته وما تراه من إنجازاته.
رأوه وهو يعبد الطرق، ويهتم بالمستشفيات والمدارس، ويبتكر مشاريع لدعم الشرائح الضعيفة وأصحاب المهن البسيطة.
جعل للنظافة قيمة، وللعمل قداسة، وللوقت ثمناً، وللكلمة معنى. لم يكن يكثر من الظهور الإعلامي أو الخطابات الجماهيرية، لأن فعله كان أبلغ من قوله. حارب الفساد بشجاعة، وفكك المؤسسات الوهمية، ورفض أن تُهدر أموال الدولة في مشاريع الشعارات الزائفة.
لم يكن التأييد الشعبي الذي حظي به مجرد إشادة بإنجازاته، بل كان أيضاً رسالة رفض لأولئك الذين جعلوا السلطة وسيلة للامتيازات لا لخدمة الناس. فقد غيّر أيلا وجه الإدارة في الجزيرة، وأنهى عهد المرتبات الوهمية والمناصب الشكلية، وأعاد المال العام إلى موضعه الطبيعي في خدمة المواطن.

علّمنا أيلا أن المواطن لا يُخدع بالشعارات، ولا ينحاز إلا لمن يخدمه بإخلاص. وكان الأمل معه أن تُطوى صفحة السياسي الذي يتأنق بالمظاهر ويكتفي بالقول، لتُفتح صفحة السياسي الفاعل الذي يصنع الفرق بالفعل والإنجاز.
رحم الله محمد طاهر أيلا، فقد علّمنا أن محبة الجماهير لا تُشترى بالهتاف، بل تُكتسب بالعمل، وأن النجاح الحقيقي يُقاس بما يُترك للناس من أثر طيب وعمل باق في الأرض.
ضياء الدين بلال ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • القبض على مواطنَين مخالفَين للأنظمة البيئية بمنطقة المدينة المنورة ومحمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • النجف.. إنقاذ حياة امرأة بحرينية بعد غيبوبة استمرت 25 يوماً
  • بمنظار الصدر.. فريق طبي بقنا ينقذ حياة شاب أصيب بطلق ناري بجوار القلب
  • الحناوي: اتفاق شرم الشيخ ينقذ غزة من نيران الحرب ويفتح باب الأمل للفلسطينيين
  • الكاميروني الشاب إيونغ يخطف أنظار برشلونة
  • فريق مناظير الجهاز الهضمي بمستشفى أبو كبير ينقذ طفلًا ابتلع عملة معدنية
  • عباس في مقابلة نادرة لقناة إسرائيلية: نأمل بالسلام
  • أيلا (رحل السياسي العضوي المضاد)
  • من دولة «المكوّن» إلى دولة المواطن
  • قفزة طبية غير مسبوقة.. كبد خنزير معدل وراثيًا ينقذ مريضًا ويطيل حياته لستة أشهر