نشر موقع "واي نت" التابع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية مقالا للبروفيسور الإسرائيلي جاي هوكمان، اعتبر فيه أن اتفاق استعادة الأسرى، رغم ما يحمله من مشاعر الفرح، لا يُعدّ إنجازا إستراتيجيا بقدر ما هو عودة إلى الوضع الذي كانت عليه إسرائيل في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي قبل اندلاع الحرب على قطاع غزة، دون ردع أو أمن أو نصر.

ويؤكد الكاتب أن الهدف الوحيد الذي حققته إسرائيل اليوم هو إعادة الأسرى، وهو أمر لا خلاف على أهميته الأخلاقية والإنسانية، لكنه يأتي بعد حرب دامت عامين، خلّفت آلاف القتلى والجرحى ومجتمعًا مصابا بصدمة جماعية، ويتساءل "بعد كل هذا الثمن الباهظ، على ماذا نحتفل؟ وعلى ماذا نشكر؟".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لا أحد يريد لوكورنو.. لوبوان: خيار ماكرون يثير الدهشة بالداخل والخارجlist 2 of 2صحفي فلسطيني يكشف معاناة الأصوات الفلسطينية بفرنسا بعد 7 أكتوبرend of list

 

عودة بلا إنجاز

ويصف الكاتب المشهد الإسرائيلي بعد الاتفاق بأنه "رحلة في الزمن إلى الماضي"، إذ إن الدولة عادت إلى النقطة ذاتها قبل الحرب "الرهائن يعودون، نعم، لكن حماس ما زالت موجودة، والصراع لم يُحل، والوضع الأمني والسياسي هش كما كان قبل المجزرة".

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي، رغم سيطرته الميدانية على أكثر من نصف قطاع غزة، لا يملك فعليًا قدرة ردع أو سيطرة مستقرة، إذ إن الجنود هناك "ليسوا في نزهة على شواطئ غزة، بل يقاتلون فقط كي لا يُقتلوا".

ويرى الكاتب أن هذا "الإنجاز" المفترض ليس سوى إعادة تدوير للأخطاء السابقة، حيث كان يمكن لإسرائيل أن تكون في هذا الوضع ذاته قبل عامين، عندما عرضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) صفقة لإطلاق سراح جميع الأسرى مقابل وقف إطلاق النار، لكن الحكومة رفضت حينها باسم شعارات مثل "الردع" و"النصر الكامل"، وهي شعارات فارغة، في نظره.

غياب الردع وتكرار الفشل

ويشير الكاتب إلى أن إسرائيل اليوم تواجه الحقيقة المرة: لا ردع ولا أمن ولا نصر، ويضيف "إذا كان كل انتقاد يُعد خيانة، وكل سؤال يُتهم بالسذاجة أو اليسارية، فنحن لا نحمي أنفسنا من أعدائنا، بل نحمي أنفسنا من الحقيقة".

إسرائيل اليوم تواجه الحقيقة المرة: لا ردع، ولا أمن، ولا نصر.

ويتابع قائلاً إن المشكلة ليست في اليمين أو اليسار، بل في القيادة التي جرّت إسرائيل إلى حرب عبثية تحت ذرائع وطنية زائفة، مضيفا أن نتنياهو وحكومته يتحملون مسؤولية الوضع المأساوي الذي تعيشه الدولة والمجتمع.

إعلان

ويذكّر الكاتب بأن من يصفون الاتفاق بأنه "انتصار" يتجاهلون حقيقة أن الثمن كان باهظا، وأن إسرائيل لم تحقق أيا من الأهداف التي أعلنتها في بداية الحرب، لا إسقاط حماس ولا استعادة الردع، بل إنها اليوم "مجتمع ممزق يعيش على تبرير الهزيمة بعبارة لم يكن أمامنا خيار".

دروس لم تُستوعب

ويضيف أن التاريخ عادةً يتكرر مرة كـ"مأساة"، لكن في المرة التالية يتحول إلى "كارثة"، محذرًا من أن إسرائيل عام 2026 قد تواجه نسختها الثالثة من المأساة نفسها.

ويعتقد الكاتب أن اتفاق ترامب ربما منح إسرائيل لحظة من التنفّس المؤقت، لكنه لم يُغيّر الواقع الأمني أو السياسي، ولم يُحقق أي إنجاز حقيقي باستثناء إنقاذ نتنياهو من أزمة سياسية داخلية، موضحًا أن إسرائيل "عادت إلى نقطة البداية، فقط أكثر إنهاكا وانقسامًا".

تزييف الإنجاز

ويختتم الكاتب مقاله بسخرية لاذعة قائلا "إذا اعتبرنا هذا الاتفاق إنجازا، فقد نستحق جائزة نوبل للسلام -أو ربما جائزة نوبل للفيزياء- على قدرتنا الخارقة في كسر الزمن والمجتمع في آنٍ واحد"، مضيفًا أن ما تعيشه إسرائيل اليوم ليس "سياسة" فحسب، بل "فيزياء نفسية"، مزيجا من الإنكار الجماعي والتمسك بالرواية نفسها رغم فشلها المتكرر، ليخلص إلى أنه "من دون تغيير الرواية، لسنا بحاجة إلى آلة زمن، فالتاريخ نفسه سيتكفّل بإعادتنا إلى النقطة ذاتها، مرة بعد مرة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ترجمات إسرائیل الیوم أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

اتفاق غزة التاريخي| انسحاب إسرائيلي وهدنة شاملة برعاية مصرية.. شرم الشيخ تعيد صوت السلام

بعد حربٍ دامت أكثر من عامين، تسببت في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتشريد مئات الآلاف من السكان، يلوح في الأفق بصيص أمل نحو السلام، عقب الإعلان عن اتفاقٍ لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، وبمباركة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويعدّ الاتفاق، الذي يجري التصديق عليه رسميًا من الحكومة الإسرائيلية مساء الخميس، نقطة تحوّل فارقة في مسار الصراع، إذ يفتح الباب أمام مرحلة جديدة عنوانها "الهدوء مقابل الانسحاب والتبادل الإنساني".

بدء الانسحاب الإسرائيلي خلال 24 ساعة

بحسب ما نقلته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أفاد مسؤولون في الجيش الإسرائيلي بأن القوات ستبدأ الانسحاب من قطاع غزة خلال 24 ساعة من تصديق الحكومة على اتفاق وقف إطلاق النار.
وسيتم إعادة انتشار الجيش عند خطوط محددة مسبقًا، تضمن بقاء السيطرة الإسرائيلية على نحو 53% من أراضي القطاع، معظمها في المناطق غير الحضرية. ويُنتظر أن تكتمل هذه العملية خلال يوم واحد فقط من الإعلان الرسمي، ما يُعدّ مؤشرًا على جدية الطرفين في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.

تبادل الأسرى والرهائن خلال 72 ساعة

تنص المرحلة التالية من الاتفاق على أن تبدأ حركة حماس، خلال 72 ساعة من الانسحاب الإسرائيلي، بإطلاق سراح 48 رهينة تحتجزهم، على أن يتم تسليم 20 منهم في الدفعة الأولى إلى ممثلي الصليب الأحمر، الذين سيتولون نقلهم إلى القوات الإسرائيلية المنتظرة داخل غزة.
ورغم ذلك، لم تفصح إسرائيل حتى الآن عن قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، فيما أكدت هيئة السجون الإسرائيلية أنها لم تتلقَ الأسماء بعد.

استبعاد البرغوثي والسنوار من الصفقة

أكدت متحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية أن القيادي البارز في حركة فتح، مروان البرغوثي، لن يكون ضمن قائمة المفرج عنهم.
كما أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن جثتي يحيى السنوار، زعيم حماس السابق، وشقيقه محمد، اللذين قُتلا في مايو الماضي، لن تكونا مشمولتين في صفقة التبادل.
ويبدو أن تل أبيب تسعى من خلال ذلك إلى إرسال رسالة مفادها أنها لن تُفرج عن شخصيات ذات رمزية سياسية قد تُعيد لحماس زخمها الشعبي في الضفة الغربية.

حماس تشترط الانسحاب أولاً

من جانبها، أكدت حركة حماس أن بدء تنفيذ صفقة التبادل مرهون بانسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الرئيسية في غزة، وعلى رأسها غزة ورفح وخان يونس.
وقالت الحركة في بيانها إن "تبادل الأسرى والرهائن لن يبدأ إلا بعد وقف النار الكامل والانسحاب من المدن المكتظة"، مشيرة إلى أن إسرائيل وافقت على إطلاق سراح نحو 250 أسيرًا محكومًا بالمؤبد بموجب هذا الاتفاق.

كما نص الاتفاق على فتح خمسة معابر رئيسية لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع، مع تقديم ضمانات من الولايات المتحدة والوسطاء بعدم عودة إسرائيل إلى العمليات العسكرية بعد تنفيذ الاتفاق.

شرم الشيخ.. عاصمة السلام من جديد

وفي الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الإسرائيلية للتصويت على بنود الاتفاق، تواصلت المشاورات النهائية في مدينة شرم الشيخ المصرية، بحضور ممثلي قطر ومصر والولايات المتحدة، لمناقشة الترتيبات الميدانية والإنسانية قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
ويأتي اختيار شرم الشيخ، مدينة السلام، ليعيد إلى الأذهان سلسلة من الاتفاقات التاريخية التي وُقّعت على أرض مصر، ما يعزز دور القاهرة كوسيط إقليمي موثوق وقوة دبلوماسية قادرة على تحقيق اختراقات حقيقية في النزاعات المستعصية.

 الدور المصري.. دبلوماسية اليد الممدودة



أكد الخبير الاستراتيجي اللواء نبيل السيد أن اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، وجاريد كوشنر مستشار الرئيس دونالد ترامب، يمثل نقطة تحول في مسار الأزمة، مشيرًا إلى أن مصر استطاعت أن تعيد تثبيت موقعها كـ"مفتاح رئيسي للسلام في الشرق الأوسط".

مصر وسياسة اليد الممدودة

أوضح اللواء نبيل السيد أن الجهود المصرية لم تتوقف عند حدود الوساطة التقليدية، بل تجاوزتها إلى صياغة اتفاق شامل يضمن وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، وبدء خطوات ميدانية لانسحاب القوات الإسرائيلية من بعض مناطق القطاع.
وأشار إلى أن التحرك المصري جاء من منطلق مسؤولية تاريخية وإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، مع الحفاظ على توازن العلاقات مع الولايات المتحدة وجميع الأطراف المعنية.

شرم الشيخ.. منصة القرار الإقليمي

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن اختيار شرم الشيخ لتوقيع الاتفاق يعكس رمزية خاصة، فهي مدينة السلام التي احتضنت على مدار عقود مفاوضات مفصلية، مؤكداً أن استضافة القاهرة لهذه المفاوضات "تؤكد ثقة العالم في حياد مصر وقدرتها على تحقيق ما عجزت عنه أطراف كثيرة".

الصفقة الإنسانية الأهم

ولفت اللواء نبيل السيد إلى أن صفقة تبادل الأسرى تشكل خطوة إنسانية كبرى، تعكس رغبة حقيقية في إنهاء الحرب وفتح أفق سياسي جديد. وقال إن الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل المحتجزين الإسرائيليين يبرهن على أن "الدبلوماسية المصرية قادرة على الجمع بين البعد الإنساني والسياسي في آن واحد".

ترامب يبحث عن نصر دبلوماسي.. والسيسي يوازن المعادلة

وأوضح اللواء نبيل السيد أن الرئيس ترامب يسعى لتحقيق اختراق دبلوماسي يعيد له حضورًا دوليًا، في حين تحافظ مصر على استقلال قرارها وتستخدم نفوذها لتحقيق سلام مستدام، قائلاً: "ترامب يبحث عن لحظة مجد، بينما السيسي يكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الدبلوماسية المصرية."

من القاهرة يبدأ السلام

اختتم اللواء نبيل السيد تحليله بالتأكيد أن وقف الحرب في غزة إنجاز مصري بامتياز، وأن القاهرة أثبتت مجددًا أنها "الضامن الحقيقي للاستقرار في المنطقة"، مشيرًا إلى أن دعوة الرئيس السيسي لنظيره الأمريكي لحضور توقيع الاتفاق في القاهرة ستكون لحظة رمزية تعيد لمصر مكانتها كقلب السياسة العربية ومركز القرار الإقليمي.
 

يُجمع المحللون على أن وقف الحرب في غزة يمثل إنجازًا مصريًا بامتياز، وأن القاهرة أثبتت مجددًا أنها اللاعب الأكثر قدرة على ضبط إيقاع المنطقة.
ويختم اللواء نبيل السيد تحليله قائلاً: "من القاهرة يبدأ السلام، ومصر ستظل القلب النابض للسياسة العربية ومفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط".

وبينما تتجه الأنظار إلى شرم الشيخ لمتابعة توقيع الاتفاق رسميًا، يترقب العالم لحظة جديدة قد تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط، عنوانها الأمل بعد الألم، والسلام بعد سنواتٍ من الدم والدمار.

طباعة شارك ترامب السيسي الشعب الفلسطيني دونالد ترامب عبد الفتاح السيسي الحرب غزة

مقالات مشابهة

  • كاتب إسرائيلي: دور أميركا في صنع السلام محوري واعتمادنا عليها كبير
  • الرياض: نأمل أن يفضي اتفاق غزة لانسحاب إسرائيلي كامل وإنهاء المعاناة
  • اتفاق غزة التاريخي| انسحاب إسرائيلي وهدنة شاملة برعاية مصرية.. شرم الشيخ تعيد صوت السلام
  • إعلام إسرائيلي: ترامب يصل الإثنين ويُلقي خطابا في الكنيست
  • كوشنر وويتكوف ينضمان لاجتماع إسرائيلي لمناقشة خطة وقف الحرب بغزة
  • شهيد لم يحصل على حقه.. كيف أعاد الفريق عبد المنعم رياض تشكيل الجيش قبل حرب أكتوبر؟
  • مصطفى بكري: مصر أصبحت نقطة للتوازن التي يحتاجها العالم
  • بعد اتفاق السلام.. مصطفى بكري: مصر أصبحت نقطة التوازن التي يحتاجها العالم
  • كاتب إسرائيلي: السنوار درس في السجن هجوم “الفيتكونغ”