أيسمح أو لا يسمح لرفاقه ونفسه أن يتغذوا خبزًا مغموسًا بدم الحبيبة؟
– عن قصة «خبز الفداء»، سميرة عزام.
من أكثر الصور إيلامًا في المجزرة المستمرة في غزة منذ أكثر من ستمئة يوم، مشهدُ إطلاقِ جيش الاحتلال المجرم النارَ على الفلسطينيين الجوعى وهم يهرعون لانتزاع حصةٍ تافهة من المؤن الغذائية، عازمين على العودة بها لسدّ رمق أطفالهم.
عندما انتشرت أخبار المساعدات، منحت الغزيين بصيص أمل، فهرعوا إلى ثلاثة مراكز توزعت على كامل القطاع. لم يتظاهروا، لم يهتفوا ضد الاحتلال، ولم يرفعوا لافتة تسبّ هذا العالم الظالم. كل ما فعلوه أنهم اصطفّوا بكرامة وصبر. ومع ذلك، استخدم الصهاينة أقسى أساليب الإذلال في تفتيشهم، وتعقّبت برامج الذكاء الاصطناعي وجوههم، ثم أُطلقت النار عليهم.
فكان توزيع المساعدات فخًا، وكان الطُّعْم أكياسَ الدقيق!
هذا ينسف تمامًا كل الأكاذيب المفضوحة التي يروّجها الصهاينة كمبرر لحرب الإبادة الجارية في غزة. فالهدف، بلا شك، ليس مقاتلي حماس الذين يُرجَّح أن معظمهم في الأنفاق، ولا المحتجزين الذين هم برفقتهم، إذ لن يُقدَّم لهم الطعام أصلًا. الهدف واضح وجلي: قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين. فمشروع تحويل غزة إلى «ريفيرا الشرق الأوسط» لا يمكن أن يتحقق بوجود الغزيين.
شاهدنا في الأخبار قصف الاحتلال للمدارس والمستشفيات التي تأوي النازحين، والقنابل التي أحرقت الأطفال والنساء في الخيام الممزقة. وكان تبرير الصهاينة دائمًا أن عناصر من حماس يختبئون بين المدنيين ويستخدمونهم كدروع بشرية. وشهدنا العام الماضي مذبحة راح ضحيتها ثلاثمئة فلسطيني من النساء والأطفال، وأُصيب أكثر من سبعمئة، في عملية مشتركة نفّذها الاحتلال مع الأمريكيين لتحرير ثلاثة من المحتجزين.
لكن هذه المرة، ما هو التبرير الذي سيُقدَّم؟
أصبح قتل مقاتلي حماس مجرد صدفة؛ اقتلْ من شئت من الأطفال والنساء، فلعلّك تصيب مقاتلًا من حماس! لا أحد يسعى حقًا لتحرير الرهائن، بل يتمنّون لو تُجهز حماس عليهم وتنتهي هذه الورطة. فما يقوم به الاحتلال الآن هو قتل المحتجزين وتجويعهم، تمامًا كما يفعلون بالفلسطينيين.
يعرف لاعب الغولف، ومطوّر العقارات، والملياردير ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، هذه الحقائق تمامًا. ومع ذلك، يطالب حماس بالإفراج عن المحتجزين، مضحيًا بورقتها الأخيرة في سبيل الحصول على طعام للشعب الفلسطيني، لتعود المجزرة من جديد. هذه ليست دبلوماسية، ولا تهدف إلى وقف شلال الدم، بل إلى أخذ استراحة قصيرة من القتل.
ما يجري واضح كوضوح الشمس؛ فإزاء الضغط الدولي، وسعيًا لتحسين صورة الولايات المتحدة، جرى إنشاء ثلاثة مراكز لتوزيع المساعدات تحت حراسة مرتزقة أمريكيين وجيش الاحتلال. وفي الوقت نفسه، حُشر الفلسطينيون في 20% فقط من مساحة غزة، معظمهم في الجنوب، ثم استُخدمت هذه المساعدات وسيلةً لقتلهم، بهدف إجبارهم على التهجير ودفعهم نحو سيناء. وكل ما يجري يصب في هذا الاتجاه.
الدستور الأردنية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال غزة الاحتلال مجازر المساعدات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات مقالات صحافة اقتصاد سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هدنة كاذبة وممرات مغلقة: الاحتلال يقتل منتظري المساعدات في غزة
واصل الاحتلال الإسرائيلي هجماته البرية والجوية على قطاع غزة، وسط تفاقم كارثي للأوضاع الإنسانية بفعل سياسة التجويع الممنهجة، والتي تسببت في سقوط ضحايا جدد بسبب الجوع.
وأفادت مصادر طبية في مستشفيات القطاع بارتفاع عدد الشهداء إلى 65 منذ فجر اليوم، نتيجة القصف المتواصل من قبل قوات الاحتلال، من بينهم 23 مواطنًا كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية.
يأتي ذلك بينما دخلت كمية محدودة من المساعدات إلى غزة، رغم مزاعم الاحتلال الإسرائيلي بفتح ممرات إنسانية، والسماح للأمم المتحدة بإدخال الغذاء ضمن ما وصفه بـ"هدنة إنسانية" في ثلاث مناطق مكتظة بالسكان، وهو ما اعتبرته مصادر إنسانية لا يرقى لمستوى الحد الأدنى من احتياجات السكان.
وعلى الصعيد السياسي، أطلق وزير الدفاع في حكومة الاحتلال، يسرائيل كاتس، تهديداً جديداً لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قائلاً: "أقول بوضوح تام وأعني كل كلمة، إذا لم تفرج حماس عن الرهائن، فستُفتح أبواب الجحيم في غزة".
في المقابل، تصاعدت الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة. إذ صرح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بأن الوضع في غزة "مروع"، معلناً أن واشنطن ستؤسس مراكز لتوزيع الغذاء "مفتوحة دون قيود"، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "قادر على فعل الكثير" لتسهيل وصول المساعدات.
أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فقد أكد أنه لا يمكن السماح لحركة حماس بلعب أي دور في إدارة الأراضي الفلسطينية مستقبلاً، داعياً إلى تنسيق دولي أوسع للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن