حرب بلا حدود وقطاع بلا مأوى.. إسرائيل ترسم خريطة جديدة لغزة
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
وسط كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة ضمن ما يسمى "عملية عربات جدعون"، التي اتخذت منحى خطيرًا منذ انتهاك وقف إطلاق النار في مارس 2025. فقد حوّلت هذه العمليات المتصاعدة القطاع المحاصر منذ سنوات إلى أرض محروقة، تقترن فيها آلة الحرب بالتجويع والتدمير والتهجير، في محاولة لفرض واقع جديد بالقوة على أكثر بقاع الأرض اكتظاظًا بالسكان.
قبل الحرب الأخيرة، كانت غزة توصف بأنها "سجن مفتوح" وفقًا لمسؤولي الأمم المتحدة. أما اليوم، فالوضع أشدّ قتامة، حيث تُجبر العمليات العسكرية الإسرائيلية السكان على التكدس في رقعة تتقلص يومًا بعد يوم. منذ 18 مارس 2025، صنفت إسرائيل نحو 80% من القطاع كمناطق عسكرية أو خاضعة لأوامر إخلاء، مدفوعة بدعم أمريكي واضح، وتشجع ضمنيًا على إعادة توطين السكان. في هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نيته تهجير سكان غزة إلى الجنوب بالكامل، فيما صرّح وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش أن إسرائيل تسعى للسيطرة التامة على القطاع.
بالتوازي، شُرعت إسرائيل في إنشاء ممرات عسكرية مثل "ممر موراغ" في رفح، وهو جزء من أربعة ممرات على الأقل تهدف إلى تقطيع أوصال القطاع وفرض هيمنة أمنية شاملة. ومنذ منتصف مارس، أُصدر ما لا يقل عن 31 أمر إخلاء، مما أدى إلى نزوح ما لا يقل عن 600 ألف شخص. السكان يفرون إلى الساحل أو يتكدسون في خيام وسط الأنقاض، فيما تفرض إسرائيل مناطق عازلة على طول الحدود البرية ومنعًا تامًا للوصول إلى البحر.
دمار ممنهج ومعاناة إنسانية متعددة الأوجهعلى الأرض، باتت غزة شبه مدمرة: أكثر من 60% من المباني سويت بالأرض، وفقًا لتقييم أكاديمي أمريكي، فيما تشير بيانات "الأونروا" إلى أن 92% من منازل القطاع تعرضت للدمار أو الضرر. الطرق الرئيسية تضررت بنسبة 68%، مما يعيق توصيل المساعدات، كما دُمرت قرابة 80% من المحاصيل الزراعية و65% من البيوت البلاستيكية، مما عمق أزمة الأمن الغذائي.
في منطقة المواصي، وهي شريط ساحلي ضيق في جنوب غزة، تم حشد آلاف النازحين في ظل ظروف غير إنسانية. وبحسب الأمم المتحدة، أصبح 116 ألف شخص يعيشون في هذه الرقعة الصغيرة، وهي المنطقة الأكثر اكتظاظًا في القطاع الآن. وتحدث عاملون إغاثيون عن نفاد الخيام وغياب المساحات الكافية لإيواء الفارين، وسط إرهاق شديد ونقص فادح في الموارد الأساسية.
المرافق الطبية تنهار هي الأخرى، حيث تعاني من نقص شبه كامل في الأدوية والمستلزمات، في وقت تتزايد فيه أعداد المصابين والنازحين. أما المياه، فقد حذرت الأمم المتحدة من انقطاعها في المواصي، إذ لم يصل الوقود اللازم لضخ المياه، فيما مئات الشاحنات المحملة بالإمدادات الحيوية لا تزال عالقة عند المعابر.
ردود دولية متأخرة.. وشعب غزة يصر على البقاءأمام هذا الواقع، أعربت عواصم غربية عن قلقها، وهدد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا بفرض "إجراءات ملموسة" إذا واصلت إسرائيل تهجير السكان ومنع المساعدات. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد المضي قدمًا في عملياته قائلاً إن كل مناطق القطاع ستكون تحت "السيطرة الأمنية" لإسرائيل في نهاية الحملة.
ورغم كل شيء، لا يزال كثير من سكان غزة متمسكين بأرضهم، رافضين الانصياع لأوامر الإخلاء. يقول عبدالناصر صيام، أحد السكان في شمال غزة: "هذه أرضنا، ولن نتركها. سنقاوم، وسنعيش على أرضنا". موقف يعكس إرادة شعب يواجه حربًا إباديّة يومية، لكنه يتمسك بأرضه رغم التهجير، القصف، والجوع.
تعيش غزة اليوم لحظة مفصلية تُختبر فيها مبادئ القانون الدولي وضمير العالم بأسره. التهجير القسري، التدمير الواسع للبنية التحتية، ومنع المساعدات الإنسانية، كلها مؤشرات على جرائم واسعة النطاق ترتكب أمام أعين المجتمع الدولي. وإذا استمر الصمت العالمي، فإن ما يجري لن يبقى مجرد مأساة فلسطينية، بل سيكون انهيارًا أخلاقيًا عالميًا سيسجله التاريخ بحروف من دم.
موقف مصري ثابتوفي هذا السياق، قال الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، إن البيان المصري الذي أدان قرار الاحتلال بإنشاء 22 مستوطنة جديدة يمثل صفعة قانونية قوية للكيان الصهيوني، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف الجرائم المستمرة. وأكد أن ما يحدث ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل استخفاف فاضح بمنظومة العدالة الدولية، مشيرًا إلى أن إسرائيل تتحدى قرارات مجلس الأمن وأحكام محكمة العدل الدولية بوقاحة غير مسبوقة.
وأضاف مهران في تصريحات لـ "صدى البلد"، منتقدًا صمت المجتمع الدولي والعربي، متسائلًا عن غياب العقوبات والضغوط رغم وضوح الجرائم، واعتبر أن الاكتفاء بالبيانات الرسمية والإنشائية تواطؤ مخزٍ يلطخ جبين الحضارة الإنسانية، مشددًا على أن بناء المستوطنات يُعد جريمة حرب موثقة وفق اتفاقية جنيف الرابعة، مؤكدًا أن نقل السكان المدنيين إلى أراضٍ محتلة جريمة واضحة ترتكبها إسرائيل علنًا دون محاسبة.
ودعا الدكتور مهران إلى تجاوز مرحلة الإدانات والانتقال إلى إجراءات عملية، مثل المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية ووقف كل أشكال التطبيع مع إسرائيل، واختتم بالقول إن استمرار الصمت الدولي يُسهم في ترسيخ الجريمة، مشددًا على أن كل تأخير في وقف العدوان شراكة في الجريمة، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية تمثل اختبارًا أخلاقيًا لإنسانية هذا العصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة إسرائيل
إقرأ أيضاً:
أخبار البحر الأحمر.. بروتوكول تعاون بين حياة كريمة ووزارة الصحة وقطاع البترول لإنشاء وحدة غسيل كلوي جديدة بمستشفى الغردقة العام
شهدت محافظة البحر الأحمر توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين مؤسسة حياة كريمة ووزارة الصحة والسكان ومديرية الشؤون الصحية بالبحر الأحمر، لإنشاء وحدة غسيل كلوي جديدة متكاملة بمستشفى الغردقة العام، مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية، وذلك بحضور السفيرة نبيلة مكرم رئيسة الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، والأستاذة ماجدة حنا نائب محافظ البحر الأحمر ،والدكتور إسماعيل العربي مدير مديرية الشؤون الصحية بالبحر الأحمر.
وجاء توقيع البروتوكول بالتعاون مع قطاع البترول ممثلًا في شركة جمسة للبترول، وبمشاركة شركات جابكو والشركة العامة للبترول وبتروجيت وسوكو، ضمن جهود تكامل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وقطاع البترول في دعم الخدمات الصحية بالمحافظة وتطوير البنية التحتية الطبية.
أكد اللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر، أن البروتوكول يمثل خطوة مهمة ضمن الجهود المستمرة لتطوير الخدمات الصحية بالمحافظة، مشيرًا إلى أن إنشاء وحدة غسيل كلوي حديثة سيسهم في تخفيف معاناة المرضى ودعم مستشفى الغردقة العام بأحدث الإمكانات الطبية، تنفيذًا لتوجه الدولة نحو الارتقاء بالقطاع الصحي في مختلف المحافظات.
وقالت الأستاذة ماجدة حنا نائب المحافظ، إن التعاون بين مؤسسة حياة كريمة وقطاع البترول يعكس نموذجًا حقيقيًا للشراكة الفاعلة في خدمة المواطنين، مؤكدة أن المحافظة تدعم بقوة المبادرات التنموية التي تلبّي احتياجات المواطنين وتوفر خدمات نوعية خاصة في قطاع الصحة.
وأوضحت السفيرة نبيلة مكرم رئيسة الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، أن المشروع الجديد يأتي استكمالًا للجهود المشتركة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وقطاع البترول لتحقيق تنمية متكاملة، مؤكدة أن إنشاء الوحدة يمثل نقلة نوعية في مستوى الخدمات الطبية المقدمة لأهالي البحر الأحمر.
من جانبه، صرّح الدكتور إسماعيل العربي مدير مديرية الشؤون الصحية بالبحر الأحمر، أن الوحدة الجديدة ستُجهز بأحدث أجهزة الغسيل الكلوي لتوفير خدمة طبية متميزة للمرضى، موضحًا أن هذا التعاون يعزز قدرات مستشفى الغردقة العام على تقديم خدمات طبية متطورة تلبي احتياجات المواطنين في بيئة علاجية متكاملة.
كتبت_ريهام عامر