انهيار الحكومة الهولندية بعد انسحاب اليمين المتطرف من الائتلاف
تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT
يونيو 3, 2025آخر تحديث: يونيو 3, 2025
المستقلة/- انهارت الحكومة الهولندية بعد قرار خيرت فيلدرز بسحب حزبه اليميني المتطرف من الائتلاف الحاكم إثر خلاف حول الهجرة.
أكد رئيس الوزراء ديك شوف استقالته يوم الثلاثاء، ومن المتوقع أن يقدم استقالة الحكومة إلى الملك ويليم ألكسندر قبل نهاية اليوم.
وفي تصريحات متلفزة عقب اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، وصف شوف قرار فيلدرز بسحب دعم حزبه من أجل الحرية بأنه “غير مسؤول وغير ضروري”.
وأضاف: “من وجهة نظري، ما كان ينبغي أن يحدث هذا”.
كان الائتلاف قد شُكّل قبل أقل من عام.
وكان فيلدرز قد طلب عشرة إجراءات إضافية تتعلق باللجوء، بما في ذلك تجميد طلبات اللجوء، ووقف بناء مراكز الاستقبال، والحد من لمّ شمل الأسر.
قال فيلدرز على X: “لا توقيع على خططنا المتعلقة باللجوء. حزب الحرية ينسحب من الائتلاف”.
وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء، صرّح فيلدرز للصحفيين بأنه ينوي أن يصبح رئيسًا لوزراء هولندا “وأن يضمن أن يصبح حزب الحرية أكبر من أي وقت مضى في الانتخابات المقبلة”.
ومع انعقاد قمة الناتو في لاهاي نهاية الشهر، من المرجح أن يبقى وزراء شوف في السلطة بصفة مؤقتة حتى يتم تحديد موعد لعودة هولندا إلى صناديق الاقتراع.
وكان شوف قد وجه نداءً في اللحظة الأخيرة إلى قادة أحزاب الائتلاف صباح الثلاثاء، لكن الاجتماع لم يستمر سوى دقيقة واحدة قبل أن ينسحب فيلدرز، منهيًا بذلك الائتلاف.
سادت حالة من الصدمة والغضب بين القادة السياسيين، حيث أشار العديد منهم إلى أن العديد من مطالب فيلدرز تتشابه مع السياسات الواردة بالفعل في اتفاق الائتلاف، وأنهم لن يقفوا في طريق حزب الحرية لتنفيذها.
وتم رفض العديد من المقترحات الإضافية التي طرحها فيلدرز خلال محادثات الائتلاف بسبب مخاوف قانونية.
أنهى قرار فيلدرز الائتلاف الحاكم المضطرب الذي تشكّل في يوليو 2024 بعد أشهر من المشاحنات السياسية التي أعقبت انتخابات العام السابق.
كان حزب الحرية اليميني المتطرف، بزعامة خيرت فيلدرز، المناهض للهجرة، أكبر الأحزاب. أما الأعضاء الآخرون – الذين لا يزالون رسميًا جزءًا من الائتلاف – فهم حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية (VVD) الليبرالي المحافظ، وحركة المزارعين المواطنين (BBB)، وحزب العقد الاجتماعي الجديد الوسطي.
اتهم شركاء فيلدرز السابقون في الائتلاف الحاكم بأنه مهندس الأزمة. ووصف زعيم حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، ديلان يسيلجوز، هذه الخطوة بأنها “غير مسؤولة للغاية”، مضيفًا: “لم يكن الأمر يتعلق باللجوء على الإطلاق”.
وقالت نائبة رئيس الوزراء، منى كييزر، من حركة المزارعين المواطنين (BBB): “أعتقد أن فيلدرز يخون هولندا”.
وقال الحزب الاشتراكي المعارض إن البلاد “تحررت من وضع سياسي رهينة”، ووصف زعيمه جيمي ديك الائتلاف الحاكم بأنه “أربعة أحزاب يمينية مشاكسة لا تحقق شيئًا”.
بإسقاطه الائتلاف الحاكم بسبب قضية اللجوء، من المرجح أن يضع فيلدرز هذه القضية في صميم حملته الانتخابية المقبلة.
ومع ذلك، وبالنظر إلى أن حزبه كان مسؤولاً عن ملفي اللجوء والهجرة لما يقرب من عام، فلا توجد ضمانات بأن هذه المغامرة ستؤتي ثمارها.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الائتلاف الحاکم من الائتلاف حزب الحریة
إقرأ أيضاً:
تحوّل دراماتيكي في مسار حوادث العنف بفرنسا: اليمين المتطرف في قفص الإتهام
تشهد فرنسا تحولًا نوعيًا في مقاربتها لقضايا الإرهاب، بعد أن تولّت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب لأول مرة التحقيق في جريمة قتل ارتكبها عنصر من اليمين المتطرف ضد مواطن تونسي، وُصفت بأنها "عنصرية وإرهابية". اعلان
في مشهد غير مسبوق علىالساحة القضائية الفرنسية، أعلنت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب تولّيها التحقيق في جريمة قتل ذات خلفية عنصرية، نفّذها مشتبه به من اليمين المتطرف في مدينة بوجيه سور أرجانس جنوب البلاد، ما يشكّل نقطة تحوّل بارزة في مقاربة الدولة لملف الإرهاب الذي طالما ارتبط في المخيلة الرسمية والجماهيرية بالتطرّف الجهادي.
الضحية، تونسي يبلغ من العمر 45 عامًا، سقط برصاص جاره الفرنسي (من مواليد 1971) الذي لم يكتفِ بتنفيذ الجريمة، بل عمد إلى توثيقها بخطاب عنصري مسجّل قبل وبعد إطلاق النار، ونشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يحرض فيها على الكراهية، ويعلن فيها ولاءه للعلم الفرنسي، داعيًا صراحة إلى استهداف الأجانب.
النيابة العامة وصفت الجريمة بـ"العمل الإرهابي المرتكب على أساس العرق والدين"، مشيرة إلى أن التحقيقات تشمل أيضًا تهمة "مؤامرة إرهابية إجرامية". وقد عُثر في سيارة الجاني على ترسانة من الأسلحة، بينها بنادق ومسدسات أوتوماتيكية، ما يدل على نية التخطيط لأفعال قد تتجاوز حدود الجريمة الفردية.
Relatedفرنسا تتهم الاستخبارات الروسية بشن هجمات سيبرانية متكررة منذ 2015فرنسا تراجع قوانينها الجنائية بعد فوضى ليلة دوري أبطال أوروبافرنسا: مشروع قانون حظر الحجاب في الملاعب: تمسك بالعلمانية أو تمييز ضد المسلمين؟الجريمة التي هزّت فرنسا والجالية التونسية جاءت في مناخ سياسي واجتماعي مشحون، يتغذّى من خطابات كراهية واستقطاب سياسي غير مسبوق. فحسب ما نشرته صحيفة لوموند، فإن التهديد الإرهابي اليميني المتطرف عاد ليطفو على السطح منذ عام 2017، وقد فُتح أكثر من 20 تحقيقًا في هذا الإطار، دون أن يصل أي منها، حتى اللحظة، إلى مستوى التحقيق في جريمة قتل.
الموقف اللافت جاء من وزير الداخلية برونو روتايو، المعروف بمواقفه اليمينية المحافظة، والذي أقرّ صراحة بأن الجريمة "عنصرية"، مستخدمًا لهجة حادة في توصيف الفعل، في خطوة نادرة من مسؤول بموقعه، ما يعكس ربما تصاعد القلق داخل الأروقة السياسية من تآكل الخط الفاصل بين الخطاب السياسي المتشدد والفعل الإجرامي العنصري. تصريح روتايو، الذي لم يتوان عن المجاهرة بتبنيه نهجا محافظا قد يقترب من أقصى اليمين، يفتح الباب أمام جدل واسع حول مسؤولية الطبقة السياسية في تغذية مناخ الكراهية.
من جهتها، سلّطت صحيفة ليبيراسيون الضوء على تطور ظاهرة الإرهاب اليميني، مشيرة إلى أن السلطات الفرنسية نجحت منذ 2017 في إحباط عدة هجمات مستلهمة من هذه الأيديولوجيا، إلا أن النيابة لم تكن قد تعاملت حتى الآن مع أي جريمة قتل ضمن هذا الإطار. ما يجعل حادثة مقتل التونسي هشام الميراوي علامة فارقة، ليس فقط على المستوى القضائي، بل في رسم معالم المرحلة المقبلة من سياسات مكافحة الإرهاب.
وفي مقابلة مع "فرانس 24"، أوضح الدكتور مجيد بودن، أستاذ القانون الدولي، أن "الدافع العنصري بحد ذاته لا يكفي لتصنيف الجريمة كإرهابية"، لكن توفّر نية ترويع المجتمع، ووجود خطابات تحريضية معلنة، و"سعي المجرم إلى جعل فعله نموذجًا يُحتذى" كلها عوامل جعلت النيابة تختار تصنيف الجريمة ضمن الإرهاب.
تزامنًا مع هذه الجريمة، لا تزال قضية مقتل الشاب المالي أبو بكر سيسيه في مسجد جنوب شرق فرنسا تُثير الجدل، إذ لم تُدرج ضمن خانة الإرهاب لعدم توفّر "البعد الجماعي أو التحريضي" وفق نتائج التحقيقات الأولية، ما يعكس تباينًا في المعايير القضائية يثير قلق الجاليات المستهدفة.
العنصرية.. أرقام مقلقةوتفيد بيانات رسمية بأن عام 2024 شهد ارتفاعًا بنسبة 11% في الجرائم العنصرية والمعادية للأجانب والدين، ما يعزز المطالب بضرورة التطبيق الصارم للتشريعات الموجودة، والضرب بيد من حديد على كل محاولة لتسييس الكراهية أو شرعنتها بخطابات تغذيها بعض الأصوات الإعلامية والسياسية.
التحقيقات لا تزال في بدايتها، لكن المؤشرات تؤكد أن فرنسا تقف عند مفترق حادّ. فبين القتل والنية في زرع الرعب، خيطٌ رفيع ترسمه السلطة القضائية اليوم من جديد. خيطٌ تحوم حوله تساؤلات عديدة: هل يُعيد هذا التحوّل تعريف مفهوم "الإرهاب" في فرنسا؟.
ويرى المراقبون لحالة الاستقطاب السياسي السائدة في فرنسا، أن محاربة هذه الظواهر هي مسؤولية مشتركة. فالدولة بحسب رأيهم، مسؤولة عن تطبيق العدالة، لكن النخب السياسية والثقافية مدعوّة إلى مواجهة الخطاب العنصري بجرأة، بعيدا عن الشعارات والمواقف المعلنة في الحملات الانتخابية التي قد تتحوّل، في أسوأ الظروف، إلى دم على أرصفة المدن الفرنسية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة