مستقبل بلا أسلحة نووية.. بين الخيال والواقع
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
في عالم تمتلك فيه تسع دول فقط ترسانات نووية – أربع منها (الولايات المتحدة، روسيا، الكيان الصهيوني، الهند، وباكستان) منخرطة في صراعات إقليمية أو حروب بالوكالة – يبدو حلم نزع السلاح النووي كأنه معركة ضد الزمن. فمع تصاعد التوترات الجيوسياسية، من التهديدات المتبادلة بين موسكو وواشنطن إلى التوترات بين الهند وباكستان، وتطوير أسلحة نووية “أصغر حجما وأكثر دقة” (مثل الصواريخ النووية التكتيكية)، أصبح خطر الانزلاق نحو حرب نووية – عن قصد أو خطأ – أعلى من أي وقت مضى.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل يمكن حقا تحقيق عالم خال من الأسلحة النووية؟ وإذا كان الأمر ممكنا، فما هو المسار العملي للوصول إلى هناك؟
ان الحملات المناهضة للأسلحة النووية لطالما ركزت على مخاطرها الإنسانية والبيئية، مثل التدمير الشامل الذي حدث في هيروشيما وناغازاكي. لكن هذه الجهود واجهت إخفاقات متكررة.. ورغم نجاح بعض الحملات في زيادة الوعي (مثل معاهدة حظر الأسلحة النووية 2017)، إلا أنها فشلت في إقناع الدول النووية بالتخلي عن ترساناتها، لأنها لم تقدم بدائل أمنية مقنعة.
والمشكلة الأكبر هي الرؤية السائدة بأن امتلاك الأسلحة النووية هي الضمانة الوحيدة للبقاء (مثل الكيان الصهيوني الذي يعتبر السلاح النووي “ضمانة وجودية” له في مواجهة كل حركات المقاومة في المنطقة) ولابد من الاعتراف ان عالما يسوده المنافسة الاستراتيجية، لا يكفي الدعوات الأخلاقية لإقناع الدول بالتخلي عن أدوات نفوذها.
ويمكن اعتبار ان أحد أكبر التحديات في النقاش حول نزع السلاح النووي هو الاعتقاد السائد بأن الأسلحة النووية “تحفظ السلام” عبر سياسة الردع. لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، كما حدث في أزمة الصواريخ الكوبية (1962)، حيث كادت الأخطاء البشرية والتقديرات الخاطئة أن تسبب دمارا عالميا
وإذا كان نزع السلاح النووي ممكنا، فإنه يتطلب استراتيجيات واقعية تعالج مخاوف الدول الأمنية وتوفر بدائل للردع. ومن بين الحلول المقترحة:
1. تحويل مفهوم الأمن من “الردع” إلى “المنع” وتطوير أنظمة دفاع صاروخي متطورة يمكنها اعتراض الصواريخ النووية (مثل نظام “حارس السماء” الأمريكي) والعمل على تعزيز الدبلوماسية الوقائية لمنع الصراعات قبل تصاعدها إلى مواجهة نووية.
2. اتفاقات متدرجة مع حوافز ملموسة وخفض عدد الرؤوس النووية بشكل تدريجي، مع ضمانات أمنية للدول التي تشعر بالتهديد (مثل ضمانات أمريكية لأوكرانيا في التسعينيات لو تخلت عن ترسانتها) وتقديم مساعدات اقتصادية وتكنولوجية للدول التي تتخلى عن برامجها النووية (كما حدث مع جنوب إفريقيا بعد انتهاء الفصل العنصري).
3. تعزيز الشفافية والرقابة التكنولوجية عبر استخدام الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لمراقبة التزام الدول بمعاهدات الحد من الأسلحة ولابد من العمل على إنشاء هيئات دولية مستقلة للتفتيش، بعيدا عن سياسات “الكيل بمكيالين”.
4. تغيير الثقافة الاستراتيجية العالمية من خلال تشجيع الحوار بين القوى النووية لتقليل سوء الفهم (مثل خطوط الاتصال المباشرة بين واشنطن وموسكو) وكذلك. دمج نزع السلاح النووي في أجندة الأمن العالمي، مثل مكافحة الإرهاب أو التغير المناخي.
ورغم التحديات، فإن عالمًا خاليا من الأسلحة النووية ليس مستحيلا – لكنه يتطلب إرادة سياسية واستراتيجيات عملية تتجاوز الشعارات. الفشل ليس خيارا، لأن العواقب قد تكون كارثية. واقتبس قول احد السياسيين الغربيين حين قال ” ان العالم ليس فقط مكانا أكثر أمانا بدون أسلحة نووية، بل هو المكان الوحيد الذي يمكن للبشرية أن تزدهر فيه على المدى الطويل”
ولكن يبقى السؤال الجوهري في النهاية هو: هل نستطيع ان نتحرك قبل فوات الأوان؟
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المصريين: موقف الرئيس السيسي من نزع السلاح النووي يعكس التزامًا مصريًا ثابتًا بالأمن الإقليمي
أشاد الدكتور محمد هارون، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب ”المصريين“، باللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رافاييل جروسي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعكس حرص القيادة السياسية المصرية على دعم الأطر الدولية الرامية إلى تعزيز منظومة عدم الانتشار النووي، وتحقيق الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي.
وقال ”هارون“ في بيان اليوم الثلاثاء، إن تأكيد الرئيس السيسي خلال اللقاء على تقدير مصر للدور الحيوي الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يُبرز النظرة المصرية المستقرة تجاه أهمية المؤسسات الدولية في ضبط استخدام التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وتحقيق التوازن بين التنمية والاستقرار الأمني، فضلًا أن هذا الموقف يأتي امتدادًا لدور مصر التاريخي كأحد الأصوات الداعية بقوة إلى إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وفي مقدمتها الأسلحة النووية.
وأوضح أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب ”المصريين“ أن دعوة الرئيس السيسي إلى ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط تعكس موقفًا ثابتًا وواضحًا من مصر منذ عقود، وهو موقف يستند إلى قناعة عميقة بأن الاستقرار الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال العدالة في تطبيق مبادئ نزع السلاح على جميع دول المنطقة دون استثناء، وخاصة في ظل المخاوف المتزايدة من الاحتفاظ بأسلحة نووية لدى بعض الأطراف الإقليمية.
وأضاف الدكتور ”هارون“ أن مصر بقيادة الرئيس السيسي تتبنى نهجًا متوازنًا يجمع بين دعم الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفقًا للمعايير الدولية، ومطالبة المجتمع الدولي بضرورة التصدي لمحاولات عسكرة التكنولوجيا النووية أو استخدامها كأداة للهيمنة والتهديد، مشيرًا إلى أن هذه الرؤية تؤكد ريادة مصر الدبلوماسية ومكانتها كركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة.
وشدد القيادي بحزب ”المصريين“ على أهمية استمرار التعاون بين مصر والوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة فيما يتعلق ببرامج الاستخدام السلمي للطاقة النووية في مجالات التنمية، مثل الزراعة والصحة وتحلية المياه، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يمثل نموذجًا يحتذى به في كيفية الاستفادة من التكنولوجيا النووية دون الانزلاق إلى التسلح أو التصعيد.
واختتم الدكتور محمد هارون بالتأكيد على أن حزب ”المصريين“ يدعم بقوة الموقف المصري الرسمي الرامي إلى نزع السلاح النووي، وترسيخ العدالة النووية في العالم، من خلال التعامل الشفاف والمتكافئ مع كافة الدول، بعيدًا عن ازدواجية المعايير، وبما يضمن مستقبلًا آمنًا وخاليًا من التهديدات النووية في الشرق الأوسط والعالم.