هآرتس: نتنياهو يتصرف كزعيم لدولة مجنونة لن تجرؤ على ضرب نووي إيراني
تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT
"الجنون هو فعل الشيء نفسه مرارا وتكرارا وتوقع نتائج مختلفة"، مقولة تُنسب -حقا أو خطأ- إلى عالم الفيزياء اليهودي الأميركي ألبرت أنشتاين، وتُعبر بالضبط عما درجت إسرائيل على فعله منذ نحو عقد ونصف في عهد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، حسبما ورد في مقال رأي بصحيفة هآرتس.
ويفيد المحلل العسكري يوسي ميلمان في مقاله بالصحيفة اليسارية بأن إسرائيل دأبت على التهديد بضرب المنشآت النووية الإيرانية، وهو نمط من السلوك يتكرر مثل سيناريو محفوظ في درج ويُنفض عنه الغبار ويتم تحديثه.
ويقول إن إسرائيل تريد بذلك توجيه رسالة أساسية واحدة مفادها أنها لن تسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية، وأنها تتبع الأقوال بالأفعال. فعلى مدى عدة أسابيع، تشارك عشرات الطائرات المقاتلة الإسرائيلية في تدريبات قريبة وبعيدة بما في ذلك محاكاة إسقاط قنابل وصواريخ.
حملة دبلوماسية
وأشار إلى أن إسرائيل تُكثِّف عمليات جمع المعلومات الاستخبارية عبر شعبة الاستخبارات العسكرية وجهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، في حين يقوم سفراؤها في الخارج ومسؤولون آخرون بحملة دبلوماسية تدعو الدول لدعم إسرائيل وتحذرهم من مغبة الرفض.
ووفق المقال، فإن هذه التحركات تهدف في ظاهرها إلى الحصول على موافقة الدول المعنية على منح إسرائيل الخيار في شن عمل عسكري، والأهم من ذلك أن الهجوم المقصود لا يتحقق أبدا.
إعلانلكن ميلمان يعتقد أن الهدف من تلك الإجراءات هو العكس تماما، ذلك لأنه إذا كانت النية هي توجيه ضربة عسكرية، فإن تنفيذها يحاط عادة بالسرية، مثلما حدث عندما شنت إسرائيل غارتين جويتين ناجحتين على المفاعلين النوويين؛ العراقي في يونيو/حزيران 1981، والسوري في سبتمبر/أيلول 2007.
نتنياهو مغرور وعاجز
وحدثت الغارتان بعد موافقة رئيسي الوزراء مناحيم بيغن وإيهود أولمرت على التوالي، اللذين يصفهما المقال بأنهما من أجرأ القادة وأكثرهم فعالية في تاريخ إسرائيل. وعلى النقيض منهما، يقف نتنياهو، الذي يتحدث دائما بغرور ولا يتصرف إلا قليلا جدا، هذا إن تصرف أصلا، على حد تعبير الكاتب.
وقال ميلمان إن تعليمات نتنياهو لسلاح الجو والجيش الإسرائيليين تحمل في طياتها رسالة إلى مجتمع الاستخبارات العالمي -وخاصة في الولايات المتحدة– أنْ "راقبونا عن كثب لمعرفة نوايا إسرائيل".
وأضاف أن نتنياهو أمر جيشه وسلاح الجو في 3 مناسبات على الأقل بالاستعداد لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وفي كل مرة كانت تعليماته تُجهض؛ إما على يد وزير الدفاع إيهود باراك في عامي 2008 و2009، أو بتعليمات من رئيس الموساد مئير داغان ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي.
للمرة الثالثةوالآن، وللمرة الثالثة، يقرع نتنياهو طبول الحرب ويبدو أنه يجهز لتوجيه ضربة عسكرية، على الرغم من أن سلاح الجو يفتقر إلى قنابل قادرة على اختراق التحصينات والمواقع النووية الإيرانية المحصنة بشدة تحت الأرض.
وبحسب ميلمان، لم تكن إيران أكثر قربا مما هي الآن من القدرة على تجميع سلاح نووي، ناقلا عن تقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن إيران قد تزيد نسبة تخصيب اليورانيوم من 60% إلى 90% في غضون أسبوع، وتنتج مواد انشطارية تكفي لتصنيع 19 قنبلة نووية.
إعلانغير أنه يعتقد أن الأمر سيستغرق من إيران عدة أشهر أخرى لتجميع الآليات الهندسية اللازمة لتطوير القنبلة وسلسلة المتفجرات، وبالتأكيد حوالي سنة لتركيبها كرأس حربي على صاروخ.
وفي ظنه أن الفرص المتاحة أمام نتنياهو لتخويف الإدارة الأميركية من التهديد النووي الإيراني تقترب من الصفر؛ "فهو لن يجرؤ على التصرف بوقاحة" تجاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مثلما كان يفعل مع الرئيسين الديمقراطيين السابقين جو بايدن وباراك أوباما في قضية إيران ومواضيع أخرى.
وخلص ميلمان إلى أن إسرائيل لن تهاجم المواقع النووية الإيرانية إلا بمساعدة أميركية دفاعا وهجوما على حد سواء، فبدونها لن تكون الضربة فعالة، وستدفع الإسرائيليين نحو الملاجئ لفترات طويلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج ترجمات النوویة الإیرانیة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: إسرائيل وإيران وصلتا للامتحان الحقيقي الذي سيحسم في واشنطن
سلطت صحيفة "هآرتس" العبرية، الضوء على جهود إيران في تطوير قدراتها النووية، وتسريع هذه الجهود منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بحسب البيانات التي نشرها تقرير المراقبين، ما يشكك في إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالنصر على المحور الذي تقوده طهران.
وقالت الصحيفة في مقال كتبه ألوف بن، إنّ "التقديرات الإيرانية تشير إلى أن إسرائيل غير قادرة على تدمير المشروع النووي"، مشددة في الوقت ذاته على أن الطرفين وصلا الآن إلى الامتحان الحقيقي، الذي سيتم حسمه في البيت الأبيض.
ولفتت إلى أن "تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية حول إيران، كشف عن مكانة طهران القريبة جدا من ترسانة السلاح النووي، في حين أن إسرائيل غارقة في وحل غزة"، معتبرة أن "هذه البيانات تعرض وبدقة هندسية إنجاز إيران وتضع في محل شك إعلانات الناصر لنتنياهو على المحور الإيراني".
وذكرت أنه "في بداية الحرب عام 2023 كانت إيران تمتلك 128.3 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 بالمئة"، منوهة إلى أنه "قبل أسبوعين كان لديها 408.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، أي أكثر من ثلاثة أضعاف".
وتابعت: "الآن مطلوب من إيران درجة واحدة أخرى من التخصيب كي تتمكن هذه المادة المتفجرة من أن تصبح قنبلة نووية"، مضيفة أن "البنية التحتية، والمعرفة والقدرة، توجد منذ زمن في يدها، والوقت المطلوب للتخصيب النهائي يصل إلى صفر تقريبا".
وبحسب خبير الطاقة الأمريكي ديفيد البرايت، فإن أسلوب فقط مطلوب لإنتاج اليورانيوم المخصب لقنبلة واحدة في منشأة بوردو، والمخزون الذي يوجد لدى إيران يكفي لإنتاج 10 رؤوس حربية نووية، ويوجد لديها مادة لتغذية أجهزة الطرد المركزية لشهرين أو ثلاثة أشهر.
ولفتت "هآرتس" إلى أنه وفق التقارير فإنه في السنة الأولى للحرب حافظت إيران على وتيرة تخصيب اليورانيوم، معتقدة أن "الانقلاب حدث في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2024، حينما بدأت طهران بتغذية أجهزة الطرد المركزي باليورانيوم المخصب بمستوى 20 بالمئة، من أجل مراكمة كمية كبية من اليورانيوم المخصب بالمستوى الأعلى الذي يصل إلى 60 بالمئة، بوتيرة أعلى سبعة أضعاف مما كان في السابق".
وأوضحت أن "ذلك نقل العتبة النووية إلى نقطة الانطلاق قبل الأخيرة"، منوهة إلى أن "الوكالة الدولية للطاقة النووية لم تجد أي دلائل على مشروع نشيط لتركيب رؤوس حربية نووية".
وأشارت إلى أن المخابرات الأمريكية أيضا تقدر بأنه لا يوجد مثل هذا التطوير، وعلى فرض أنهم على حق، فإن إيران بحاجة إلى وقف إضافي من أجل تركيب القنابل على الصواريخ، التي يمكن أن تصل إلى إسرائيل، مشددة على أن "مراكمة المادة المتفجرة هي المرحلة الأكثر حسما في الطريق إلى السلاح النووي".
ورأت الصحيفة العبرية أن الإيرانيين عملوا في وقت مريح، ففي ديسمبر الماضي كانت الولايات المتحدة في فترة انتقالية بين الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، والإدارة السابقة كانت منهكة من الهزيمة بالانتخابات والخشية من عودة ترامب، وترأسها رئيس مريض وجد صعوبة في أداء عمله.
وتابعت: "إسرائيل كانت مصابة بثمل النصر بسبب انهيار حزب الله ونظام الأسد، وتستعد لاحتلال قطاع غزة وطرد سكانه بعد ترك بايدن ورفع ترامب القيود عن الجيش الإسرائيلي".
ولفتت إلى أنه "في 20 كانون الأول نشرت في "وول ستريت جورنال" مقابلة مع نتنياهو، التي تبجح فيها بالنصر في الحرب وبالضربة القاسية التي وجهتها اسرائيل لإيران. هو لم يقل وربما لم يعرف، بأنه في حينه كان مهندسو الذرة يعملون في بوردو على القفزة الأكبر نحو القنبلة".
وقالت "هآرتس": "الآن وصل خامنئي ونتنياهو إلى الامتحان الحقيقي الذي سيحدد نتيجة الحرب، وميزان القوة في الشرق الأوس، فإيران كما يبدو تقدر بأن إسرائيل غير قادرة على تدمير مشروعها النووي، سواء بسبب نقص السلاح المناسب أو بسبب معارضة ترامب الذي يخشى من التورط العسكري وارتفاع أسعار النفط".
وختمت: "نتنياهو يحاول التلميح إلى أن المنع العلني لترامب لمهاجمة إسرائيل في إيران هو في الحقيقة موافقة بصمت على عملية مفاجئة، تعطي للأمريكيين هامش إنكار (..)، كل طرف يتصرف وكأن الأوراق لديه، وينتظر القرار الحاسم في البيت الأبيض، إما اتفاق نووي يدحرج المشكلة إلى المستقبل أو المعركة".