طهران- في توقيت بالغ الحساسية بشأن برنامج طهران النووي، حسم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي موقف بلاده حيال الملف وتخصيب اليورانيوم، مؤكدا رفضه المواقف الأميركية تجاه نووي بلاده كونها تتعارض مع المصالح الوطنية الإيرانية.

وفي خطاب وصف بأنه محمّل بالرموز والرسائل للداخل والخارج، اختار خامنئي الذكرى الـ36 لرحيل سلفه آية الله الخميني لتوجيه رسالة صريحة مفادها أن "لا تنازل عن التخصيب المحلي وأن امتلاك الوقود النووي أصبح واقعا".

وربط -خلال خطابه- الملف النووي بهوية ثورة عام 1979 واستقلالها في اتخاذ القرار، مما يجعل من التراجع عن التخصيب "انتهاكا للمبادئ التي أسسها سلفه الخميني".

التقدم بخطوات

جاء خطاب خامنئي بينما تتأرجح المواقف الأميركية بين الرفض القاطع لتخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية وتقديم مخطط يسمح لإيران بمواصلة التخصيب لكن بمستويات منخفضة.

ويأتي أيضا بعد يومين فقط من تسريبات الصحافة الغربية عن "مرونة أميركية محدودة" تجاه تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة داخل إيران، إذ نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية -الثلاثاء- أنه بموجب هذا المقترح ستساعد الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية للطاقة في إيران.

إعلان

كما جاء في المقترح الأميركي أن واشنطن ستتفاوض بشأن إنشاء منشآت للتخصيب يديرها اتحاد يضم دولًا إقليمية، وبمجرد أن تبدأ إيران بالحصول على فوائد من هذه الترتيبات، سيتعين عليها التوقف عن أي تخصيب داخل أراضيها.

ولدى تطرقه إلى المطالب الأميركية في المفاوضات النووية المتواصلة بوساطة عُمانية، ذكّر المرشد الإيراني مسؤولي بلاده بضرورة مقاومة إرادة القوى العظمى وعدم الخضوع لها انطلاقا من التجارب السابقة، مستشهدا بتجربة العقود الماضية حين نقضت واشنطن تعهداتها لتوريد وقود مفاعل طهران للأبحاث الطبية.

ولمن يبرر داخل إيران ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في المرحلة الراهنة بغية دفع الخطر عن البلاد من جهة والاستفادة من التقنيات النووية الأميركية من جهة أخرى، رد خامنئي بقوله إن "بلاده تمكّنت من امتلاك دورة وقود نووي كاملة"، ليقلل بذلك من أهمية الضغوط الغربية في المفاوضات النووية، ويؤكد أن طهران لم تعد بحاجة لاستيراد الوقود النووي.

وفي حين اعتبر التخصيب بمنزلة "المفتاح للبرنامج النووي" الذي تُدار عليه المعركة بين طهران والجانب الأميركي لما يمثّل من أهمية للسيادة التقنية، وصف خامنئي المطلب الأميركي بتصفير التخصيب على أراضي بلاده بأنه "عبثي"، مجددا موقفه من الخط الأحمر الذي سبق ورفض المساومة عليه.

حاجة إيران للنووي تعدت توليد الطاقة للاستخدامات التكنولوجية والتقنية وغيرها كما تقول طهران (الجزيرة) "رمز سيادي"

وفي قراءته لخطاب المرشد الأعلى، يرى السفير الإيراني الأسبق لدى ليبيا جعفر قناد باشي في مواقف خامنئي رسالة مفادها أن البرنامج النووي لم يعد أداة تفاوض مع القوى الغربية، بل تحول إلى رمز سيادي لا رجعة عن مكتسباته التي دفعت إيران فيها ثمنها باهظا.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول قناد باشي إن خطاب المرشد الأعلى رسم خريطة طريق لمفاوضات حكومة الرئيس مسعود بزشكيان مع الإدارة الأميركية، طالب فيها الطرف المقابل بتقديم تنازلات إذا كان راغبا في التوصل إلى اتفاق حول النووي الإيراني بدلا من إصراره على مواقف عبثية لن تجدي نفعا مع إيران، حسب وصفه.

إعلان

وتابع أن وصف خامنئي الصناعة النووية بأنها صناعة محورية تسهم في عديد من المجالات العلمية وتدل على الطموح الإيراني في استثمار التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية وعلمية، وعدم النظر إليها بوصفها مولدا للطاقة فحسب.

وتعكس إشارة المرشد أن "المقاومة تعني عدم الاستسلام أمام إرادة القوى الكبرى"، وأن الرؤية الإيرانية ثابتة في مواجهة الضغوط الخارجية، كما يضيف قناد باشي، لافتا إلى أن خامنئي يريد أن تتصرف إيران وفقا لمعتقداتها وأسس استقلالها الوطني.

وخلص إلى أن المرشد خاطب شعبه بالقول إن "الحرف الأول من المطالب الأميركية هو عدم وجود صناعة نووية في إيران"، مما يعكس قلق طهران من الضغوط الغربية التي تهدف إلى تقويض قدرتها النووية.

فرصة لتعزيز الاتفاق

في المقابل، يعتقد محمد علي أبطحي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، أن المسار الدبلوماسي أضحى أقل تعقيدا في ظل مواقف خامنئي صباح هذا اليوم، إذ فتح نافذة جديدة لوضع حد للجدل المتواصل منذ عقود بشأن الملف النووي.

وفي تصريحه للجزيرة نت، يقول أبطحي إن كلمة المرشد اشتملت على خط أحمر واحد بشأن تخصيب اليورانيوم داخل إيران، وإنه إذا تفاعل الجانب الأميركي بإيجابية مع هذ الشرط قد نقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني.

وعلى النقيض من قراءة المتحدث السابق، يعتقد أبطحي أن مواقف المرشد إزاء تخصيب اليورانيوم كانت واقعية وموضوعية، إذ شرح أسباب إصرار طهران على التمتع بحقوقها الوطنية في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، وأنه لا نية لديها لعسكرة برنامجها النووي.

خلال زيارة لعباس عراقجي وزير خارجية إيران إلى مسقط التي ترعى المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران (رويترز)

ومع اقتراب جولة جديدة من المفاوضات النووية مقررة نهاية الأسبوع الجاري في الشرق الأوسط، يعتقد المتحدث نفسه أن مواقف خامنئي اليوم لن تؤثر سلبا على سير المفاوضات النووية المتواصلة فحسب، بل أخرجت الجدل النووي من الثنائية التي كانت قائمة بين الحصول على السلاح النووي أو الحرب، وركزت على استخداماته السلمية والعلمية.

إعلان

ورأى أبطحي أن المرشد الأعلى يرفض استمرار عسكرة البرنامج النووي، وأن كلمته اليوم أكدت أنه قد تكون هناك فرصة للتوصل إلى توافق إذا ما تم التعامل مع القضايا بشكل يضمن حقوق إيران في تخصيب اليورانيوم.

ويرى مراقبون في إيران أن النبرة الصلبة في كلمة خامنئي تقلل من احتمالات تقديم تنازلات إيرانية في الجولة القادمة، خاصة في ظل إشارته إلى أن "الرد على أميركا معلوم" وأن إصراره على التخصيب يعكس قناعة طهران بأن واشنطن لم تعد قادرة على حشد تحالف دولي فعّال ضدّ برنامجها النووي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج المفاوضات النوویة تخصیب الیورانیوم المرشد الأعلى

إقرأ أيضاً:

ترامب: تدمير قدرات إيران النووية إنجاز كبير.. دمرنا أخطر الأسلحة بالعالم

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن العمليات العسكرية ضد إيران حققت أهدافها، مضيفًا: “تمكنا من القضاء على الفوضى في الشرق الأوسط،  تمكنا من القضاء على السلاح النووي وتقويض القدرات الإيرانية”، وذلك حسبما جاء في نبأ عاجل لقناة “القاهرة الإخبارية”.

 

وتابع الرئيس ترامب خلال خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي، المُذاع عبر شاشة “القاهرة الإخبارية”، : “دمرنا أخطر الأسلحة على مستوى العالم”.

 

وأوضح الرئيس ترامب، أن تدمير قدرات إيران النووية إنجاز كبير في الشرق الأوسط، مؤكدًا أنه سيكون الأمر رائعا إذا تم التمكن من التوصل إلى اتفاق سلام مع إيران.

مقالات مشابهة

  • رسائل واضحة لترامب.. هل دخلت الوساطة الأميركية بشأنحزب الله مرحلة الحسم؟
  • إيران: الادعاءات الكاذبة حول البرنامج النووي لا تبرر الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على أراضينا
  • لماذا اختارت إيران مقاطعة قمة شرم الشيخ؟
  • إيران تؤكد موقفها الحازم: اليورانيوم والصواريخ خطوط حمراء
  • ترامب: إيران لو امتلكت السلاح النووي لما شعرت الدول العربية بالارتياح
  • ترامب: تدمير قدرات إيران النووية إنجاز كبير في الشرق الأوسط
  • مستشار خامنئي: “اليوم ثبت أن إيران كان ينبغي أن تمتلك قنبلة ذرية”
  • ترامب: تدمير قدرات إيران النووية إنجاز كبير.. دمرنا أخطر الأسلحة بالعالم
  • النائب أيمن محسب: خطاب السيسي في "أسبوع القاهرة للمياه" يحمل رسائل حاسمة للمجتمع الدولي
  • وزير الخارجية الإيراني: لا ثقة بإسرائيل وأمريكا في التزامات غزة.. ولا محادثات تتجاوز الملف النووي