في خضم التوترات المتصاعدة حول قطاع غزة المحاصر، ومع تزايد التحركات التضامنية الإقليمية والدولية، برز الموقف المصري مؤخراً ليرسم خطاً فاصلاً بين دعم الحقوق الفلسطينية والتأكيد على ضرورة احترام السيادة الوطنية. 

فقد تفاعلت القاهرة مع الطلبات المتزايدة لزيارة وفود أجنبية لمعبر رفح ومدينة العريش الحدودية، مشددة على أن دخول هذه المناطق لا يمكن أن يتم إلا وفقاً لضوابط تنظيمية وأمنية صارمة.

في هذا التقرير، نستعرض أبعاد الموقف المصري، وأسباب التمسك بآليات الموافقة.
 

قافلة "الصمود" تثير تفاعلاً دولياً

من تونس، انطلقت قافلة "الصمود" حاملةً رسالة دعم لأهالي قطاع غزة، وتصدّرت العناوين في الأيام الأخيرة باعتبارها رمزًا للموقف الشعبي العربي المناصر للقضية الفلسطينية. هذه القافلة الإنسانية أثارت ردود فعل واسعة، دفعت وزارة الخارجية المصرية إلى إصدار بيان مساء الأربعاء أوضحت فيه موقفها من الزيارة المزمعة.

البيان جاء مرحّباً بمواقف الدول والمنظمات التي تدعم الحقوق الفلسطينية، لكنه في الوقت ذاته، شدد على ضرورة الالتزام بالضوابط التنظيمية التي أقرّتها الدولة المصرية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي.

الخارجية المصرية: التضامن مرحّب به ولكن ضمن القواعد

في بيانها، أكدت وزارة الخارجية أن أي زيارة إلى المناطق الحدودية يجب أن تخضع لموافقة مسبقة، يتم الحصول عليها من خلال قنوات رسمية، إما عبر السفارات المصرية في الخارج، أو من خلال ممثلي المنظمات والسفارات الأجنبية في القاهرة.

وشددت القاهرة على أنها سبق ونظّمت عدداً كبيراً من الزيارات لوفود أجنبية، سواء حكومية أو من منظمات غير حكومية، وهو ما يدل على انفتاحها على التضامن العالمي، ولكن ضمن إطار قانوني وأمني يحفظ الأمن القومي.

اللواء سمير فرج: التصاريح الأمنية ضرورة سيادية

من جهته، علّق اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجي، على هذا الأمر، قائلاً: إن المنطقة الحدودية التي تسعى القافلة إلى الوصول إليها هي "منطقة حساسة"، تتطلب الحصول على موافقات أمنية من الجهات السيادية المصرية، كالمخابرات الحربية والقوات المسلحة.

وأضاف فرج أن هذا الإجراء ليس خاصاً بمصر فحسب؛ بل هو أمر متعارف عليه في جميع دول العالم التي تفرض قيوداً صارمة على مناطقها الحدودية، حمايةً لأمنها القومي وسيادتها الوطنية.

واعتبر أن بيان وزارة الخارجية منطقي ومتوازن، لأنه يجمع بين احترام مشاعر التضامن الشعبي مع غزة، والحفاظ على إجراءات الدولة الأمنية.

آلية للحصول على الموافقات المسبقة لزيارة المناطق الحساسة

وتعليقا على ذلك، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، إنه منذ بداية العدوان على غزة، وضعت مصر آلية واضحة ومحددة للحصول على الموافقات المسبقة لزيارة هذه المناطق الحساسة، وأن السبيل الوحيد للنظر في هذه الطلبات هو عبر تقديم طلب رسمي للسفارات المصرية في الخارج، أو من خلال الطلبات المقدمة من السفارات الأجنبية بالقاهرة، أو ممثلي المنظمات إلى وزارة الخارجية المصرية.

وأوضح أستاذ القانون الدولي - في تصريحات خاصة - أن هذه الآلية ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لسياسة مصرية راسخة تهدف إلى تأمين إقليمها وشعبها ومصالحها، وتستند إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 444 لسنة 2014 بشأن المناطق الحدودية المتاخمة لحدود مصر الدولية، مشيرا إلى إن هذه الضوابط ليست إجراءات بيروقراطية، بل هي ضرورة قصوى تمليها دقة الأوضاع الأمنية في هذه المنطقة الحدودية.

وألمح إلى أنه في ذات السياق فالقرار الجمهوري المشار إليه صدر في عام 2014 و لم يستهدف شخص بعينه او جماعة او مسيرة بعينها. في المقابل تستمر مصر في العمل على كافة المستويات لإنهاء العدوان على القطاع، والكارثة الإنسانية التي لحقت بأكثر من مليوني فلسطيني. وموقفها ثابت في دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، ورفض الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وتؤكد على أهمية الضغط على إسرائيل لإنهاء الحصار على القطاع والسماح بالنفاذ الإنساني من كافة الطرق والمعابر.

توازن مصري بين التضامن والسيادة

يعكس الموقف المصري الرسمي، توازناً واضحاً بين الدعم الثابت للقضية الفلسطينية، والحرص على حماية الحدود والسيادة الوطنية.

وبينما تتجه أنظار العالم إلى معاناة غزة، تحاول مصر الحفاظ على دورها كوسيط إقليمي فاعل، يجمع بين التعاطف الإنساني والحسابات الأمنية الدقيقة.

طباعة شارك غزة الموقف المصري الفلسطينية العريش رفح

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة الموقف المصري الفلسطينية العريش رفح وزارة الخارجیة الموقف المصری

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يؤكد أهمية البدء بتشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة

التقى د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج مع السيدة " كلير لوجندر" مستشارة الرئيس الفرنسي لشئون الشرق الأوسط، يوم السبت ١٣ ديسمبر، على هامش منتدى صير بنى ياس.

ثمن الوزير عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معربا عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلا عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزا الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

 وأكد على ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن ٢٨٠٣ وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسئوليتها ومهامها. ونوه بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. 

 

كما أكد على أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشددا على أهمية خلق الآفق السياسى للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

كما تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسئولة الفرنسية الجهود المصرية فى إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية.

كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان، مؤكدا على موقف مصر الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلًا عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسئولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، مشددًا على ضرورة منع التصعيد واحتواءه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية.

 

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: نشدد على موقف مصر الداعم للسلطة الفلسطينية في غزة والضفة
  • وزير الخارجية: دعم مصر الكامل لتعزيز دور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة
  • وزير الخارجية يؤكد أهمية البدء بتشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة
  • خلال فعالية أجندة بكين +30 .. تكريم القيادات النسائية المصرية الملهمة
  • في ذكرى 11 ديسمبر.. بن مبارك يشيد بوحدة الشعب ويؤكد دور الذاكرة الوطنية في تعزيز السيادة”
  • بوتين: إنشاء منطقة أمنية في المناطق الحدودية لأوكرانيا يسير وفقا للخطة الموضوعة
  • ضبط 27 متهمًا بالمنيا خلال يومين لمخالفتهم ضوابط وتعليمات الهيئة الوطنية للانتخابات
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام
  • مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام
  • الخارجية الفلسطينية: حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتجاهل