الحريات في سوريا اليوم و الالتزامات الدينية و الأخلاقية
تاريخ النشر: 12th, June 2025 GMT
#الحريات في #سوريا اليوم و #الالتزامات_الدينية و #الأخلاقية
المهندس محمود ” محمد خير” عبيد
هل ما تعيشه اليوم سوريا حرية حقيقية ام حرية مصطنعة حرية مغلفة بغلاف أيديولوجية دينية و سياسات تعمل على كبح حريات الشعب السوري و نسيجه المتعدد و المتمثل بفكر و خلفيات طائفية و دينية مختلفة, السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل من حق الدولة أن تُخضع الناس لإملاءاتها الطائفية والدينية والأخلاقية, فيما يتعلق بسلوكيات الشعب المتحضر بكافة اطيافه و فرض املاءات القيادة السياسية و فكرها الديني على الشعب و مقياس ما يمكنهم ان يرتدوه و ما لا يمكنهم ان يرتدوه و ان تتحكم بمظهرهم الخارجي و حرياتهم الشخصية, فهناك غالبية الشعب السوري ممن هجروا عاشوا في مجتمعات غربية و يودون العودة و لكن في ضوء الضوابط التي تكبح من حرياتهم سوف يقوموا بإعادة حساباتهم قبل العودة, كل انسان حر بفكره و معتقده فالله فقط صاحب الوصاية على البشر و ليس لأحد من البشر وصاية على احد, فالشعوب اليوم تطالب بالشراكة لا التبعية, في عالم اليوم، لم يعد مقبولًا أن يُمارس الحكم على أساس الوصاية، حيث ينظر الحاكم إلى نفسه كـ”راعٍ” والشعب كـ”رعية” لا يحق لهم الاعتراض أو المشاركة في القرار.
اذا ما كانت القيادة السورية الجديدة تريد ان تكون مقبولة من العالم عليها ان تضمن حرية شعبها و معتقداته و تؤمن بالنسيج السوري، و يجب ان تكون القيادة السورية على يقين ان المجتمع الدولي لن يسمح باي شكل من الأشكال بإقامة دولة دينية على أي ارض طبعا” سوى الدولة اليهودية مستثناة من هذا القرار فبعد سقوط الدولة العثمانية سقطت معها الدولة الدينية و صعدت دول القوميات التي قامت على تقسيم بلاد الشام, ارجوا من القيادة السورية الجديدة ان تعي لهذه النقطة.
مقالات ذات صلة ميمات الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي 2025/06/12ان العلاقة بين الدولة والفرد لطالما اوجدت جدلًا عميقًا في الفكر السياسي والفلسفي، خاصة حين تتداخل هذه العلاقة مع قضايا العقيدة والضمير والأخلاق. يُطرح اليوم سؤال جوهري: هل على الدولة أن تُجبر الناس على الانصياع لسياساتها الدينية والطائفية والأخلاقية، حتى عندما لا يضر هؤلاء الأفراد أحدًا؟ وهل تملك الدولة ـ أو من يقف على رأسها ـ سلطةً أخلاقية أو دينية تخولها لعب دور “خليفة الله على الأرض”؟
الدولة وجدت من حيث المبدأ من اجل تنظيم الشأن العام، وتحقيق العدالة، وحماية الحقوق، والحفاظ على الأمن و ليس من اجل فرض وصايتها على الناس. هذه المهام لا تفترض وصايةً على الضمائر أو العقول، بل تفترض احترام التعددية الفكرية والأخلاقية والطائفية، طالما أن أفراد المجتمع لا يمارسون أفعالًا تضر بالآخرين أو تنتهك القانون العام من يضره منظر معين فليغض بصره او يتجنب ارتياد الأماكن التي تخدش الحياء بالنسبة له او المكان الذي يسيء لفكره او اخلاقه و لكن لا نستطيع ان نصادر حريات الأخرين.
حين تتحول الدولة إلى سلطة أخلاقية أو دينية، فإنها تخرج من إطار الحياد، وتبدأ في فرض نموذج معياري واحد على مجتمع متعدد بالضرورة. وهنا تكمن الخطورة: إذ تبدأ محاسبة الناس لا على أفعالهم بل على نواياهم ومعتقداتهم، وتتحول السلطة السياسية إلى سلطة لاهوتية تقرر من هو “الخير” و”الشرير”، و”الصالح” و”الفاسق”، وفقًا لمعايير دينية أو طائفية ضيقة.
في كثير من النماذج التاريخية والمعاصرة استخدمت الطائفية و الدين كأدوات لفرض السلطة و من اجل ضبط المجتمعات وتوجيهها، لا لحماية الدين نفسه بل لحماية السلطة. وعندما يُجبر الأفراد على تبني معتقدات أو سلوكيات لا يؤمنون بها، فإن الدولة لا توحّد المجتمع، بل تزرع فيه النفاق والتوتر والانقسام.
ليس من حق أي سلطة دنيوية أن تدّعي تمثيل الله أو امتلاك حق الوصاية على أخلاق البشر، ما داموا لا ينتهكون القانون أو يضرّون بغيرهم. فالدين، في جوهره، علاقة فردية بين الإنسان وخالقه، والأخلاق لا تفرض بالقوة، بل تُبنى بالوعي.
ان من اهم مسؤوليات الدولة التي تحترم مواطنيها ان لا تراقب معتقداتهم، بل تضمن لهم حرية الضمير والتعبير، وتحميهم من القمع سواء جاء من أفراد أو مؤسسات. أما حين يتحول جهاز الدولة إلى أداة قسرية تفرض نموذجًا أخلاقيًا أو دينيًا معينًا، فهي تخرج عن وظيفتها وتدخل في دائرة الاستبداد.
على الدولة ان لا تكون دولة وصايّة على عقائد الناس أو سلوكهم الأخلاقي ما لم يكن فيه ضرر مباشر على الآخرين. فالمجتمع المتماسك لا يُبنى بالإجبار، بل بالاحترام، والحرية، والتنوع. الدولة ليست “خليفة الله على الأرض”، بل هي كيان بشري يجب أن يُبنى على التعددية والعدالة، لا على الفرض والوصاية.
إذا ما أراد النظام السوري الجديد جذب المهاجرين واللاجئين للعودة، فإن مجرد الحديث عن “إعادة الإعمار” أو “تحسين الوضع الاقتصادي” لا يكفي، ما لم يكن هناك ضمان واضح وجاد للحريات الأساسية التي ينشدها الإنسان، ان السبب الجوهري الذي دفع السوريين للهجرة أساسًا غياب الحريات, فالحرية ليست فقط الحرية الفكرية و السياسية انما حرية التعبير, الحرية الشخصية.
من هنا لا يكفي تحسين البنية التحتية أو ترميم البيوت إذا ظل مناخ القمع السياسي والأمني حاضرًا كما هو. فالهجرة لم تكن فقط هروبًا من العنف المادي، بل كانت أيضًا هروبًا من واقع تكميم الأفواه، وانعدام المساءلة، والخوف الدائم من الاعتقال لأسباب تتعلق بالرأي أو الانتماء أو حتى الشك.
إن أي حديث جاد عن عودة السوريين لا يمكن أن ينفصل عن ضمان الحريات الأساسية، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير بحيث يجب ان يتمكن المواطن من التعبير عن أفكاره وآرائه دون خوف من الملاحقة أو الرقابة إضافة الى حرية المعتقد والدين بحيث لا يمكن لسوريا ان تحقق أي استقرار فعلي دون احترام هذا التنوع, اضف الى ذلك يجب ان يشعر العائد الى ارض وطنه بالأمان القانوني، وهذا لن يتحقق إلا بقضاء مستقل يضمن حقوق الجميع دون استثناء أو تحيّز, و اهم حرية يجب احترامها هي ضمان الحرية الشخصية لكافة النسيج المجتمعي للشعب السوري, إن الشعوب تواقة للحرية أكثر من أي شيء آخر. فالإنسان لا يهاجر فقط لأنه يريد حياة مادية أفضل، بل لأنه يبحث عن كرامة وحق في أن يكون نفسه، أن يفكر بحرية، ويعيش دون خوف. وبالتالي، فإن أي مبادرة لإعادة اللاجئين يجب أن تبدأ من إعادة بناء عقد اجتماعي جديد، تكون الحرية فيه أساسًا لا ترفًا.
إذا لم يُضمن للسوريين هذا الحد الأدنى من الحقوق، فإن فكرة “العودة” ستبقى حبرًا على ورق، مهما كثر الحديث عنها في المؤتمرات أو خُصصت لها ميزانيات.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
هل حرب الاقليم الحالية ذات منطلقات دينية..أم وضعية سياسية ؟..قراءة تفكرية..
هل #حرب_الاقليم الحالية ذات #منطلقات_دينية..أم #وضعية_سياسية ؟..قراءة تفكرية..
ا.د حسين طه محادين*
(1)
في إقليم شرق اوسطي ملتهب يُمثل تاريخيا ووجدانيا مستودعا تغذويا للمشاعر الدينية المتصارعة من منظور الاديان السماوية الثلاثة على فلسطين وسنامها مدينة القدس كمفتاح للسلم والحروب العالمية عبر قرون ، وبهذا يمكن القول ان الشرط الفكري لاستمرار الصراع والحروب كان ومازال حاضرا كما الحال في الحرب الراهنة التي يُشكل قتل قيمة وحياة الانسان جوهر الحكم ايجابا ام سلبا على مبررات هذه الحرب التي بلغت ذروتها هذا اليوم، رغم ان جذورها سبقت هذا التاريخ بالتاكيد .
(3)
بالترابط مع ماسبق ، يظهر التساؤل الاساس لهذه الرؤية التحليلية والتفكُرية؛ وهي هل السياسي او العسكري /صانع القرارات الاستراتجية فكريا وميدانيا في دول العالم ومنها من في الشرق الاوسط بالضرورة ان يكون متدينا فعلا..؟ وأن استثمرو وما زالوا في اطروحات دين ما -مع الاحترام للاديان بدلالة ما يلي :-
أ- ايران وتصدير الثورة “الاسلامية” من منظور فارسي وشيعي يستهدف تذويب الفكر المرجعي السني العفيف للاسلام من داخله؛ اي استهداف شرعية ظهور الرسول الكريم محمد عليه الصلاه والسلام ومكانته العليا دينا ودنيا في المحصلة ،وهنا يكمن التشخيص الاخطر لتوظيف الدين “المقدس” بفكرهم وممارساتهم ووحدة مرجعيتهم عبر ولاية الفقيه في الشان السياسي “المُدنس” .
ب- رئيس وزراء الكيان المحتل؛ اليميني نتنياهو وحكومته الائتلافية ، وهو المتبني ولو صوريا الى منطلقات توراتية وحق اليهود في فلسطين كما يسوق.
ج- حركة حماس وكل من – حزب الله في طبعاته اللبنانية ؛ السورية اليمنية، الحشد العراقي- في غزة ذات العلاقة الايدلوجية مع ايران ايضا.
(3)
المعطيات الفكرية خصوصا بعد حرب 7 اكتوبر والميدانية تشي بالإجابة على التساؤل السابق..ليس بالضرورة ان يكون اي سياسي متدينا ، لان تحقيق الاهداف السياسية لاي طرف من الاطراف يحتاج الى وقود بشري كتلي/ايدلوجي يؤمن دينيا؛ بأن ما يقاتل يقاتلون من اجله عبر التاريخ هو ذا مضمون ديني/عقدي او فكري حتى وان افنى حياته في سبيل ذلك.
(4)
ٱخيرا..
اليس إستمرار التجاذب الفكري القائم والمقصود كمخطط غير بريء بين ما هو ديني مقدس وما هو دنيوي في كل الحروب الشرق اوسطية بعيد الحرب العالمية الثانية وصولا الى سيادة القطب الامريكي الغربي الواحد للآن الداعم للمحتل الاسرائيلي وهذا اساس استمرار وتوالد الحروب المتنوعة في هذا الاقليم المُستهدف استعماريا للآن، كيف لا؟ وهو المترع بتفرده ايضا بالاديان والمعتقدات الدينية وفي الراسمال الاجتماعي النوعي”الانسان” والنفط والمعادن النادرة وشريانات المواصلات المختلفة من خلال موقعه الجيوسياسي مثل، البحر المتوسط، الاحمر، قناة السويس، لذا كان وسيبقى مستهدفا هو ودوله معا من قِبل السياسين العالمين والاقليمين عموما كصناع قرارات في اوقات السلم والحرب بذات الوقت بغض النظر عن الخطابات التبريرية لاستمرار الحروب البينية بين دول وقوميات الاقليم؛ سواء غطيت باستمرار دعم الغربي والاممي للاحتلال الاسرائيلي كأساس لهذه الحروب، وهو الرافظ لاي قرارات دولية التي اتخذتها منظمات الشرعية الدولية بعيدا عن الاغطية “النووية” التي تسوّقها معظم الدول والفضائيات والخطابات بتعدد لغاتها .
اذن، وباجتهادي كانت وستبقى فلسطين المعنى والمبنى كقضية حضارية انسانية جذور واغصان كل حروب وخسائر البشرية كقيمة عليا في الاقليم بعيدا عن اي مبرر أخر… هي دعوة للتفكر الناقد واستفتاء لحواسنا الواعية في هذه الحرب الدامية..وهي المفتوحة على كل الاحتمالات، وماذا لو بالغت في الاستنتاج….ماذا لو انُفقت جُل اموال العسكرة والانفاق على الحروب في هذا الاقليم على تنمية الانسان وتحسين مستوى الحياة للمواطنين الذين يتحدث الساسة باسمائهم سلما او اثناء الحروب ..أم ان جشع الارباح الهائل لأصحاب شركات تصنيع وبيع الاسلحة المعولمة والمتعددة الجنسيات معا في الدول الكبرى لن تسمح بما سبق من امنيات..؟.
حمى الله اردننا الحبيب واهلنا الطيبون فيه، بفضل الله اولا وشجاعة قواتنا واجهزتنا الامنية الغراء.