لجريدة عمان:
2025-08-03@02:07:22 GMT

ليلٌ ينسى ودائعه في فم البجعة القبيحة !

تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT

يبدو للوهلة الأولى عالمٌ مُتقشف، مُشيدٌ من رجل وامرأة وما يدور بينهما من حبّ وخيبات، عالمٌ مُفرغٌ لحبيبين انسلا من ليلٍ نسي ودائعه، ليتكاشفا. لكن هذا العالم ما لبث أن توسع وهما يُعريان الحبّ من توهجه العارم، ليغدو شيئا يمكن مراقبته من مناظير عدّة.

فـي مجموعة جوخة الحارثي القصصية الأخيرة «ليلٌ ينسى ودائعه»، تتولى المرأة زمام السرد خمس مرّات، ويتولى الرجل السرد ثلاث مرّات، ولمرتين يسردُ السارد العليم القصص من مسافته الآمنة.

يتحدثُ الرجل والمرأة عن آراء شوبنهاور ونيتشه حول ملل الحياة الزوجية وكآبتها، تماما كما قد يتحدثا عن تفسير الأحلام لفرط الإيمان بواقعيّتها أو عن كتاب «الغصن الذهبي» لجيمس فريزر.

المرأة التي نشأت على البساطة فـي قصّة «زيارة»، أثارتها الحياة المُعقدة لحبيبها، وبينما كانت تأمل التكيف مع قلقه ومبالغاته، شعرنا -بصفتنا قراء- بأنّها تُلقي بظلال ذاتها «المُعقدة المُبالِغة» على الآخر، فهي الخائفة من القطط القاتلة ومن التعرق ومن شبيهة معلمة الابتدائية !

كلما ازدادت منابع الرجل الراغب فـي التنحي غموضا، ازدادت رغبتها فـي احتوائه، فهو ساحرٌ بيدين ثابتتين كمعجزة، وإذا لمس وجهها سيُعيدُ تشكيله. لكننا لا نراه غالبا إلا من خلال هواجسها، تماما كالرجل الذي يحتفظ بصورة مهترئة لحبيبته التي تمتعت بعينين مدهوشتين تمنح الحظ فـي قصّة «أوردة رخامية»، فالرجل المحكي عنه هنا، يتضخم أيضا فـي غيابه اللامحدود.

الاندفاعات المباغتة للقصص تدور غالبا حول الحساسية المفرطة من شيء غامض. تمضي القصّص إلى حيث لا نتوقع، فبينما نظن أنّنا فـي الطريق المؤدي إلى لقاء الحبيبين، نجد أنّ المرأة تلتقي بشحوبها، وبالمرايا التي تؤكد التضاد بينهما، كالبنت التي تلعب لعبة التوازن مع أختها، حيث توزعان ثقلهما على الجانبين، فتمتد اللعبة على تنويعات شتى فـي الحياة الأكثر شساعة، حيث يغدو أكثر ما يُشغلها فـي قصّة «الجنة» الأثمان التي ستدفع لقاء خياراتها الجامحة، لا سيما عندما تكون بصحبة رجل يضعُ كل شيء فـي حيز الاحتياط.. الطعام والثياب وحتى الحبّ.

لا تنمو النصّوص من نسيجها، بل تبدو كجذور شجر اللبلاب التي تنمو من أجزاء غير مُعتادة، جذور تنمو فـي عقد الساق مثلا لتُثبت نفسها. نرى ذلك بوضوح فـي قصّة «النخالة الوردية»، فبينما تجلبُ الأحاديث الشهية عن الأساطير الثعلبة -كما يقر بذلك ضمير الزوج- فإنّ البقع تتكاثر على ظهر المرأة دون انتباه منها. «البقعة النذير» تنمو فـي الظهر غالبا ثمّ تتلاشى، كما تتلاشى الأشياء بين اثنين.. فتختفـي البيجامة المُقلمة والقهوة التي تعد وتوضع على إفريز النافذة!

تنعم الشخصيات بفـيض من الشك، فبينما يمارسُ طرفٌ شكّه البغيض يُحاول الآخر تبرئة نفسه، كما حدث للرجل الذي وجد نفسه مضطرا لمجابهة تفسير منامات المرأة، بل شعر بضرورة أن يُثبت حسن نواياه، لكن النفق تطوّى بحلكة، فذهبُ كل واحد منهما فـي درب. يصلُ الشك العارم أيضا إلى الشعرة التي وقعت فـي كيس الهدايا من المرأة صاحبة الخيال التي تُهدي حبيبها ما لا يهم فـي قصّة «الهدايا فـي كيس الأزهار»، المرأة التي تخبطُ كوب القهوة على الصحن، فتندلق القهوة على مقربة من الكتاب، المرأة التي لم تفعل شيئا استثنائيا ليُعجب بها الرجل، لكن فـي غمرة انشغالها سقطت شعرة من رأسها فـي كيس الهدايا !

الزوجة الجديدة فـي قصّة «قنديل للمرأة الأخرى»، تمشي فوق رأس الديك المذبوح وقشر البيض المكسور، ظنا منها أنّها تتخطى شؤم الزواج برجل أرمل. لكن المرأة الميتة تتضخم بداخل الزوجة الجديدة، حتى تغدو أكثر حياة مما نظن، ولأنّ المقابر متقشفة تضع لها الزوجة الجديدة قنديلا مُطفأ فـي خزانتها القديمة.

كانت حياة الرجل هامشا صغيرا أمام موجات المرأة المتلاحقة التي تنداح فـي عشرات الدوائر. نساءٌ بقدر ما هن مذعورات، يعرفن ما يرغبن، وبقدر ما يبدون قليلات حظ؛ يتجرأن. يُكملن ما يبدأن بتصميم، لأنّهن ببساطة لا يستطعن ترك الدوائر مفتوحة على احتمالات فضفاضة.

«أطبقُ على يديه فـيقول: يداي لكِ، ولكن هذا مجرد مجاز، ما لم تدخل اليدان فم البجعة القبيحة فلن تكونا لي أبدا».

هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير «نزوى»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فـی قص ة ة التی

إقرأ أيضاً:

بايدن يهاجم إدارة ترامب: نعيش أياما مظلمة والدستور يتفكك

حذّر الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن من أن الولايات المتحدة تمرّ بـ"أيام مظلمة" في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، متهماً السلطة التنفيذية بـ"تفكيك الدستور"، ومحملاً الكونغرس والمحكمة العليا جزءًا من المسؤولية.

وفي كلمته أمام جمهور غالبيته من المحامين والقضاة المنحدرين من أصول أفريقية، قال بايدن: "إنهم يفعلون ذلك في كثير من الأحيان بمساعدة الكونغرس الذي يجلس على الهامش، وبتمكين من أعلى محكمة في البلاد. يا إلهي.. الأحكام التي أصدروها".

وجاء خطاب بايدن في شيكاغو، خلال حفل الجمعية الوطنية للمحامين السنوي، يوم الخميس.

وأضاف: "نحن، في رأيي، في لحظة فارقة من التاريخ الأمريكي، تنعكس في كل تراجع للحريات الأساسية، وكل محاولة وحشية من السلطة التنفيذية".

ورغم أن بايدن لم يذكر دونالد ترامب بالاسم، إلا أنه أشار إليه عدة مرات بعبارة "هذا الرجل"، قائلاً إن الأمريكيين بدأوا يدركون حجم الخطر الذي يمثله بقاؤه في سدة الحكم. وصرّح: "القضاة مهمون. والمحاكم مهمة. والدستور مهم. وأعتقد أن الكثير من الأمريكيين بدأوا يشعرون بالضغط الذي نتعرض له الآن مع هذا الرجل كرئيس.


واتّهم بايدن الإدارة الحالية بالسعي إلى "محو" إنجازات إدارته السابقة، قائلاً: "يريدون تقويض كل المكاسب التي حققناها، ومحو العدالة والمساواة وحتى الحقيقة". وانتقد كذلك شركات المحاماة التي "ترضخ للضغوط" وتتنازل عن مبادئها، إلى جانب وسائل الإعلام التي "تصطف مع المتنمرين"، على حد وصفه.

كما سخِر بايدن من حالة "الفرحة" التي أبدتها بعض الشخصيات السياسية حيال السياسات الصارمة في ملف الهجرة، مشيراً إلى أن نهج الإدارة في هذا الملف "عدواني وغير إنساني".

مقالات مشابهة

  • بايدن يهاجم إدارة ترامب: نعيش أياما مظلمة والدستور يتفكك
  • قصة وعبرة.. الزوجة الصالحة
  • ترامب يصف بوتين بـ«الرجل الصلب».. ويهدد بعقوبات جديدة ضد روسيا
  • هل صلاة الرجل مع زوجته في البيت تعتبر جماعة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • شابان يخنقان رجل مسن لسرقة هاتفه في محطة مترو.. فيديو
  • رجل يتعلق بمروحية طائرة أثناء حفل زفاف في كينيا .. فيديو
  • ما قصة الأرجنتيني الذي عوضته غوغل بسبب صورة؟ وكيف تفاعل مغردون؟
  • حبس زوج طعن زوجته داخل محكمة الأسرة بالدخيلة في الإسكندرية
  • مؤسس مبادرة «معا ضد القايمة»: أصلها يهودي وتعود لـ أكثر من 850 عامًا| فيديو
  • غوغل تتعرض للتغريم لانتهاك خصوصية أرجنتيني