في ذكرى رحيلها، نستعيد سيرة واحدة من أبرز رموز الأدب والمسرح والدفاع عن حقوق المرأة في مصر والعالم العربي، الكاتبة فتحية العسال، التي حولت معاناتها الشخصية إلى مصدر إبداع، وجعلت من قضايا المرأة والحرية حجر الأساس في كتاباتها ومواقفها، لم تكن فتحية مجرد كاتبة، بل كانت صوتًا نسويًا حرًا، عرفت السجن بسبب آرائها، وعرفت المجد بسبب صدقها.

النشأة والبدايات

 

ولدت فتحية العسال في 20 فبراير عام 1933 في القاهرة لأسرة متوسطة الحال، لكنها لم تحظَ بفرصة التعليم النظامي بسبب اعتراض والدها، غير أن ذلك لم يقف عائقًا أمامها، إذ علّمت نفسها القراءة والكتابة بإصرار، حتى اقتنع والدها لاحقًا بدعمها، لتبدأ من هنا أولى خطواتها في درب الثقافة والفكر.

الزواج المبكر والدعم العاطفي والثقافي

 

تزوجت العسال وهي في سن الرابعة عشرة من الكاتب والمفكر عبد الله الطوخي، الذي كان له دور كبير في تشكيل وعيها الثقافي، ورغم ما مرّت به علاقتهما من توترات أدت إلى الطلاق لفترة، إلا أن الحب جمع بينهما مجددًا بعد ثلاث سنوات، وأنجبا أربعة أبناء، أبرزهم الفنانة صفاء الطوخي.

صفاء الطوخي امتداد لمسيرة فنية وإنسانية

 

ابنة الكاتبة الكبيرة، صفاء الطوخي، ولدت في عام 1964، ودرست في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخصصت في التمثيل والإخراج.

 

بدأت مشوارها الفني في نهاية السبعينيات، وواصلت العمل في المسرح والدراما، حاملة معها إرث والدتها من الإيمان بالقضايا الاجتماعية والإنسانية.

بدايات الكتابة ومسيرة إبداع متواصلة

 

دخلت فتحية العسال عالم الكتابة في أواخر الخمسينيات، وكان أول أعمالها الأدبية في عام 1957. 

 

كتبت في مختلف الأشكال الإبداعية، لكنها تميزت في مجال الدراما التلفزيونية والمسرح، حيث قدمت أكثر من 57 عملًا تلفزيونيًا و10 مسرحيات.

 

من أشهر مسلسلاتها: حتى لا يختنق الحب، لحظة اختيار، شمس منتصف الليل، رمانة الميزان، بدر البدور، لحظة صدق، فيما نالت مسرحياتها مثل البين بين، سجن النسا، ليلة الحنة إعجاب النقاد والجمهور، خاصة أنها تناولت فيها قضايا الحرية والعدالة والهوية النسوية.

الاعتقال بسبب الفكر والموقف

 

عرفت فتحية العسال طريق السجن أكثر من مرة، فدفعت ثمن آرائها السياسية وانحيازها لقضايا الحرية. 

 

اعتُقلت للمرة الأولى في الخمسينيات، ثم مرة ثانية في عهد الرئيس السادات بسبب احتجاجها على مشاركة إسرائيل في معرض الكتاب، وهو ما ألهمها كتابة مسرحية سجن النسا، التي عبرت فيها عن مرارة الظلم خلف القضبان.

نشاطها السياسي والنقابي

 

لم تكتف العسال بالإبداع الأدبي، بل خاضت العمل العام بشجاعة، انضمت للحزب الشيوعي وكانت من أبرز وجوه الحركة النسوية في مصر. 

 

كما تولت رئاسة جمعية الكاتبات المصريات، وأسست مركز "الكاتبة" لدعم المرأة المبدعة، وظلت منخرطة في قضايا النضال الثقافي والاجتماعي حتى سنواتها الأخيرة.

السيرة الذاتية "حضن العمر"

 

في عام 2004، أصدرت العسال كتابها الشهير حضن العمر، وهو سيرة ذاتية مفعمة بالمشاعر والصدق، روت فيه ذكرياتها الشخصية، وتجاربها في النضال، والكتابة، والحياة كأم وزوجة ومفكرة ومناضلة. حاز الكتاب إعجاب واسع لأسلوبه الإنساني العميق.

الوفاة

 

رحلت الكاتبة الكبيرة فتحية العسال في 15 يونيو 2014، عن عمر ناهز 81 عامًا، بعد صراع مع المرض، تاركة إرثًا غنيًا من الأعمال الأدبية والمسرحية والدرامية، إضافة إلى مسيرة نضالية ألهمت أجيالًا من الكاتبات والمفكرات.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: حقوق المرأة الزواج المبكر صراع مع المرض صفاء الطوخي القضايا الاجتماعية قضايا المراة خلف القضبان مسيرة فنية معهد العالي للفنون المسرحية

إقرأ أيضاً:

"صيف الزلال".. تجربة متكاملة تتناغم مع الطابع الثقافي للدرعية

تستمر فعاليات "صيف الزلال"، في حي البجيري بمحافظة الدرعية، والتي تنظم أسبوعيًا يومي الخميس والجمعة، حتى 30 أغسطس المقبل، لتعزيز الأنشطة الترفيهية والثقافية، وتقديم تجارب نوعية تلائم مختلف الفئات العمرية.

وتستهدف الفعاليات توفير تجربة صيفية متكاملة تتناغم مع الطابع الثقافي للدرعية، إذ يشمل أنشطة متنوعة تقام في المساحات الداخلية والخارجية لموقع الفعالية، من بينها عروض موسيقية، وتجارب حية في فنون الخط العربي، ورسومات الحناء التقليدية والعصرية، إضافة إلى أنشطة تفاعلية للأطفال مثل تلوين الوجوه وتشكيل البالونات، مع تجديد مضمون الفعاليات أسبوعيًا لتعزيز عنصر التنوع وتحفيز الزوار على تكرار الزيارة.

ويقع المشروع في موقع حيوي بجوار حي الطريف المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وعلى مقربة من وادي حنيفة ومطل البجيري، ما يمنحه بعدًا ثقافيًا وطبيعيًا يُسهم في رفع جاذبيته. ويعد المشروع أحد أبرز المشاريع الحديثة في حي البجيري التاريخي.

ويقام على مساحة تتجاوز (53.541) مترًا مربعًا، ويضم 7 مبانٍ حديثة تحتضن مجموعة من المرافق والمطاعم والمقاهي الراقية، التي تقدم تجارب ترفيهية وتذوق متنوعة تلائم أنماط الحياة العصرية، وتعمل على مدار اليوم.

وتعد الدرعية من أبرز الوجهات السياحية والثقافية في المملكة، وتحتل مكانة محورية لما تزخر به من إرث تاريخي عريق، وما تشهده من مشروعات تطويرية متسارعة تعزز من مكانتها وجهة عالمية للسياحة الثقافية ونمط الحياة المتكامل.

الدرعيةصيف الزلالقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • أمانة العاصمة المقدسة: غرامة لاتقل عن 100 ريال عقوبة الكتابة على الجدران بالأماكن العامة
  • صفاء جلال تكشف عن تطورات حالتها الصحية| خاص
  • انطلاق صالون ماسبيرو الثقافي من استديو أحمد زويل الأسبوع القادم
  • عبدالله عبدالرحمن: بـ«فنجان قهوة» وثقت مسيرة التاريخ الثقافي في الإمارات
  • وزير الثقافة يكرم مسؤول القطاع الثقافي بذمار
  • نائب:قائمة السفراء الجديدة تؤكد على الفساد الحكومي والسياسي
  • فقدنا رائدة فن النسيج اليدوي.. القومي للمرأة ينعى النسّاجة فاطمة عوض
  • الجامعة المصرية الصينية تطلق 5 برامج رائدة بكلية الاقتصاد والتجارة الدولية
  • "صيف الزلال".. تجربة متكاملة تتناغم مع الطابع الثقافي للدرعية
  • ختام مسابقة الأندية للإبداع الثقافي بمحافظة ظفار