في عمق الصحراء، وبين كثبانها التي تعانق السماء، كان "موسم العرمة" يحاكي زواره بصوت الطبيعة الصافي، ويفتح ذراعيه لعشاق التجربة البيئية الأصيلة، هناك حيث تسكن محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية ومحمية الملك خالد الملكية، لم تكن المواسم مجرد فعاليات سياحية، بل رحلة وطنية ملهمة، جمعت بين الحُسن البيئي، والرؤية الطموحة، والإنسان الشغوف.


فخلال أربعة مواسم متتالية لم تكن العرمة مجرد محطة سياحية، بل أصبحت وجهة وطنية تنبض بالحياة، تمكنت الهيئة من خلالها من جذب أكثر من مليون سائح بيئي، فبخُطًا هادئة بدأ "موسم العرمة" الأول مسجلًا نحو 52 ألف زائر، ثم تسارعت الوتيرة لتصل إلى نحو 230 ألف زائر في الموسم الثاني، وبالتزامن مع توسع منظومة الخدمات التي ارتفعت إلى 8 مقدمي خدمات سياحية، ومع تفاعل الجمهور المتزايد، ازداد الحضور في الموسم الثالث ليبلغ أكثر من 300 ألف زائر يشاركهم 12 من مقدمي الخدمات في تقديم تجربة بيئية متكاملة، ثم جاء الموسم الرابع ليُتوج المسيرة، مسجلًا أكثر من 400 ألف زائر، في مشهد يعكس تصاعدًا لافتًا لم يكن وليد صدفة، بل نتيجة لعمل مؤسسي دؤوب، ورؤية إستراتيجية بدأت من تطوير البنية التحتية، ومرت بتمكين منشآت القطاع الخاص والمجتمع المحلي، وانتهت بنموذج سياحي وطني يستحق الاحتفاء.

وحرصت الهيئة في "موسم العرمة" على تقديم تجربة سياحية متكاملة، من خلال تفعيل 13 نشاطًا بيئيًّا في محمية الإمام عبدالعزيز ومحمية الملك خالد الملكية، تضمنت: التخييم، والمشي الخلوي، وركوب الراحلة، والدراجات الهوائية، والتنزه، والسفاري، وتأمل النجوم، وإقامة الفعاليات، والمنتجات المحلية، وعربات الطعام والخدمات المتنقلة، وأنشطة الهواء الطلق، والإرشاد السياحي، كما جهزت 358 وحدة بيئية لتوفير بيئة إقامة مريحة وآمنة لزوار المحميتين.

وفي سبيل بناء قاعدة بشرية مؤهلة تقود هذا التحول، أولت الهيئة اهتمامًا خاصًّا بتأهيل الكوادر الوطنية، إذ عملت على تدريب أكثر من 70 مُتدربًا ومُتدربة من منسوبيها، ومن مقدمي الخدمات السياحية، وأفراد من المجتمع المحلي، من خلال برامج تدريبية متخصصة للحصول على رخصة الإرشاد السياحي البيئي، التي حصل عليها حتى الآن أكثر من 43 مُتدربًا ومُتدربة في مسار المحميتين؛ مما يؤهلهم للقيام بدورهم في تعزيز السياحة المستدامة ونقل المعرفة البيئية.

وفي سياق متصل نظمت الهيئة عددًا من الورش التدريبية لمقدمي الخدمات السياحية البيئية، ركزت فيها على مفاهيم السياحة البيئية، وأسس التنزه المسؤول، وطرق التعامل السليم مع الحياة الفطرية، إلى جانب تدريبهم على كيفية إدارة المخاطر الناتجة عن ممارسة الأنشطة البيئية، مؤكدة أن مقدم الخدمة هو الشريك الأساسي في نجاح أي تجربة سياحية.

يذكر أن موسم العرمة لم يكن مجرد فعالية سياحية بيئية، بل كان نموذجًا وطنيًّا متكاملًا للسياحة البيئية المستدامة، إذ نجحت هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية في تحويل الموسم إلى تجربة فريدة تجمع السياحة البيئية والترفيه والحفاظ على الطبيعة، بتخطيط يتناغم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تنويع الاقتصاد وتمكين المجتمعات، ليصبح العرمة أكثر من موقع جغرافي، إنها رسالة وطنية تُروى بلغة الطبيعة، وتُكتب مستقبلًا أخضرَ مستدام.

السياحة البيئيةمحمية الإمام عبدالعزيزقد يعجبك أيضاًNo stories found.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: السياحة البيئية محمية الإمام عبدالعزيز محمیة الإمام عبدالعزیز السیاحة البیئیة موسم العرمة ألف زائر أکثر من

إقرأ أيضاً:

إسفين في عجلة السياحة

 

 

 

خالد بن سعد الشنفري

مليون طالب ومُعلم انتظموا في المدارس الحكومية والخاصة في العام الدراسي 2024/2025 الذي يوشك على الانتهاء، مليون زائر وسائح لموسم خريف ظفار الفائت 2024 مُعظمهم سياحة داخلية مواطنين ومقيمين ونتوقع تجاوز هذا الرقم هذا الموسم 2025.

أرقامنا أصبحت مليونية والحمد لله، بعد أن كنَّا أقل من المليون قبل نهضتنا الحديثة التي بدأت في 1970. رقم يستدعي منَّا التوقف والتفكير في تغيير الكثير من المفاهيم والأنماط التقليدية السابقة التي تعودنا عليها خصوصا مع أحداث بهذا الحجم والأهمية.

هذا الرقم المليوني وبحسبة بسيطة إذا ضربناه في 4 وهو متوسط عدد أفراد الأسرة يصبح 4 ملايين مواطن ومقيم في السلطنة يرتبطون بصورة مباشرة أو غير مباشرة بهذا الموسم، وهذا الحدث السياحي الكبير، أحد أهم وأكبر المواسم والتظاهرات السياحية في السلطنة؛ بل على مستوى المنطقة بشهادة الجميع.

أين نحن إذن من أولويات تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040" التي اعتدت بالسياحة كأحد المصادر الأساسية للدخل الوطني، ولماذا لا نترجم ذلك على أرض الواقع كل في مجاله.

إنَّ قرار تحديد تاريخ بدء العام الدراسي القادم وعودة مليون طالب ومعلم للمدارس بتاريخ 25/8/2025 كما هو مقرر له من سنين، وارتباط ذلك كليا بـ4 ملايين مواطن ومقيم، يعني ببساطة الحكم بتوقف جميع أنشطة وفعاليات الموسم قسريًا قبل أن تنتهي حسب التاريخ المُحدد لها.

 سبتمبر يعتبر ذروة خريف ويفترض أن تستمر وتتواصل فيه فعاليات وأنشطة الموسم؛ بل إن الكثيرين يفضلون زيارة ظفار في هذا الموسم لكثافة الاخضرار وشموليته وتدفق جريان سواقي العيون بغزارة ونزول الشلالات ووضوح الرؤية فيه أحياناً والتمكن من الاستمتاع بالمناظر في الجبال والوديان والعيون وحتى السهول، علينا أن نتناغم مع الطبيعة الربانية وألا نضيق متسعًا.

وقرار تحديد يوم العودة إلى المدارس بتاريخ 25 أغسطس لا يوقف قسريا فقط استمرار أنشطة وفعاليات الموسم ليس بدءًا من هذا التاريخ؛ بل قبله بعشرة أيام على الأقل أو أكثر، وذلك في استعدادات الطلبة وانشغال أسرهم بترتيبات حدث جلل لكل أسرة من كل عام وهو العودة إلى المدارس؛ أي أننا ببساطة كأننا ندق إسفيناً في عجلة الخريف بهذا القرار ونقصم ظهر السياحة فيه تمامًا ونحرم الآلاف من أبنائنا من مختلف محافظات السلطنة؛ سواء كانوا باحثين عن عمل أو مشتغلين بتقديم الخدمات أو مشاركين في فعاليات هذا الموسم وأنشطته وفعالياته الفنية والثقافية والتجارية وكذلك الأسر المنتجة التي تعتمد في مصادر رزقها على هذا الموسم وكل من استثمر ولو بالاستدانة ليقيم مشروعه الخدمي المؤقت ويجدون في هذا الموسم ضالتهم ولو وقتيا.

علينا أن نتصالح مع الطبيعة الربانية ومواسمها وأن نراعي كل ذلك في قراراتنا المتعلقة بأحداث مهمة جوهرية في حياتنا وعلى مؤسساتنا الرسمية أن تتكامل في تحقيق الأهداف والخطط والاستراتيجيات وعلى رأسها في الوقت الراهن رؤية "عُمان 2040" كل في مجاله.

نُناشد مجددًا ونُكرر المناشدة مع كل الذين ناشدوا وطالبوا منذ سنين بتعديل تاريخ العودة إلى المدارس بحيث لا يكون قبل منتصف شهر سبتمبر من كل عام أو العشرة أيام الأولى منه على الأقل، وذلك أضعف الإيمان، ولا نرى في ذلك ضيرًا؛ بل نحسبه خيرًا على الجميع، على أن يتم تعويض هذه الفترة بإضافتها إلى نهاية العام الدراسي الذي يليه، إننا بهذا لن نجنب أبناءنا طلبة مدارس جبال ظفار الذين لا يتمكنون من الانتظام في مدارسهم، إلا بعد هذا التاريخ نتيجة الضباب والأمطار هناك، ويخسرون أيامًا دراسية دون تعويض عنها، وأيضا أبناء من طلبة المناطق شديدة الحرارة من المُعاناة في نفس الفترة من العام.

حفظ الله عُماننا الحبيبة تحت ظل قيادة سلطان تجديد نهضتها السلطان هيثم بن طارق المعظم-حفظه الله وأطال بعمره.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز: مليون زائر لــ “مواسم العرمة”
  • ضبط مواطن لارتكابه مخالفة رعي في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد
  • ضبط مواطن لارتكابه مخالفة رعي في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة لارتكابه مخالفة رعي في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية
  • نقلة نوعية في الخدمات.. افتتاح أعمال تطوير قسم العمليات بمستشفى الرمد بالمنيا
  • إب تستقبل أكثر من 279 ألف زائر خلال إجازة عيد الأضحى
  • أكثر من 279 ألف زائر للمواقع السياحية في إب خلال إجازة عيد الأضحى
  • المدير التنفيذي لـ "نسك": تطوير أكثر من 30 خدمة رقمية لتكون مرافقة للحجاج لحظة بلحظة
  • إسفين في عجلة السياحة