تحل علينا اليوم الثلاثاء الموافق 17 يونيو ، ذكرى ميلاد نجم ساطع في فضاء التلاوة القرآنية، القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل، الذي لم يكن صوته مجرد نغم عابر، بل أداة ساحرة تقود القلوب إلى حُب القرآن، تستقطب السامعين من كل الفئات والثقافات، فارتبط اسمه بثلاثيةٍ فريدة: جمال الصوت، وعمق الأداء، وقدرة فائقة على مخاطبة الوجدان.


وُلِد لشيخ مصطفى إسماعيل في قرية ميت غزال بمحافظة الغربية في الـ 17 من يونيو عام 1905م، وحفظ القرآن في كُتَّاب الشيخ عبد الرحمن أبو العينين، ثم تتلمذ في المعهد الأحمدي الأزهري بطنطا، وهناك نبغت موهبته الفطرية، فنصحه أساتذته بالتفرغ للتلاوة، مُدركين تفرد أدائه.


وكانت لحظة التحول الفاصلة في الثالث والعشرين من فبراير 1945، عندما أخذَه الشيخ محمد الصيفي في احتفال المولد النبوي الشريف، ليقرأ ببث مباشر على الإذاعة المصرية، دون أن يكون مسجلًا فيها، ثقة في عبقريته، ليكون ذلك البث المباشر شهادة ميلاد لشهرته العريضة.


لم يكد صوته يصدح حتى بلغ القصر الملكي، فاستدعاه الملك فاروق ليكون قارئ القصر الخاص، وخصيصًا في ليالي القدر الرمضانية، حتى اشتُهر بـ"قارئ الملوك".. والأعجب أنه ظل صوتًا عابرًا للعصور، فحافظ على مكانته المتميزة كالمقرئ المفضل ليس فقط للملك، بل لكل الرؤساء الذين عاصروه، وكان أول قارئ يُقبل في الإذاعة دون اختبار، تقديرًا لموهبته الاستثنائية.


وامتلك الشيخ مصطفى إسماعيل خامةً صوتيةً نادرة "طبقة التينور"، التي تجمع بين القوة والنقاء، فمكَّنته من التحليق في طبقات الجواب بثباتٍ مدهش، وتجاوز إلى أبعادٍ أدائيةٍ مبهرة، فهو سيد الارتجال، له قدرة فذة على الارتجال من وحي الآيات وروح المناسبة، حتى شهد له موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بأنه المقرئ الوحيد الذي يصعب توقع نقلاته المقامية، معتبراً ذلك "عبقرية يتدفق منها الابتكار"، وكانت كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب من أشد المعجبين بتلاوته، وقال عنه الموسيقار عمار الشريعي: "لديه إعجاز في فنون الأداء، فيصنع ما لا نستطيعه نحن الموسيقيون، ولديه إمكانيات غير مكررة".


برع في "تطويع المقامات لخدمة المعنى القرآني"، حيث تتماهى تلاوته مع المعاني بدرجة عالية من الخشوع والإيمان، وهو من أبرز أساتذة فن الوقف والابتداء، مما أعطى تلاوته سلاسة ووضوحاً تنم عن فهم عميق لكتاب الله.


آمن الشيخ مصطفى إسماعيل بأن "القرآن أُنزل للناس"، فكان يشترط حضور الجمهور في استديوهات التسجيل لتنبعث الروحانية من تلاوته، وسافر بدعواتٍ إلى العديد من الدول العربية والإسلامية، وقرأ في أعرق مساجدها، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك، ليصبح رمزاً عالمياً لفن التلاوة المجوَّد.


وحصد أرفع الأوسمة مثل وسام الاستحقاق من مصر وسوريا، ووسام الأرز من لبنان، كما حصل على وسام من الرئيس جمال عبد الناصر في عيد العلم عام 1965.


يظل الشيخ مصطفى إسماعيل أحد أعظم قرّاء القرآن في تاريخ الأمة، بصوته الجميل وأدائه المؤثر الذي دخل القلوب ولامس الأرواح.. لم يكن مجرد مقرئ، بل مدرسة فريدة في التلاوة.. رغم رحيله في 26 ديسمبر عام 1978، ما زالت تلاواته تُتلى وتُبكِي وتُلهِم، وستبقى خالدة في ذاكرة محبي القرآن الكريم.
 

طباعة شارك نجم ساطع في فضاء التلاوة القرآنية القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل القصر الملكي ليالي القدر الرمضانية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل القصر الملكي الشیخ مصطفى إسماعیل

إقرأ أيضاً:

الشيخ الرواشدة ضمن فعاليات بانوراما رجالات جرش

#سواليف
محمد الأصغر محاسنة / جرش .

ضمن فعاليات #مهرجان_جرش للثقافة والفنون ٢٠٢٥ أقام منتدى جبل العتمات وضمن برنامج ” بانوراما رجالات جرش ” ندوة عن المرحوم الشيخ حسن الحجي الرواشدة حاضر بها الشيخ زكي رماضنة والدكتور ابراهيم العوران وقدم مفرداتها محمد الأصغر محاسنة. الندوة التي أقيمت على مسرح الصوت والضوء وسط حضور اعلامي لافت ومن المهتمين وأقارب المحتفى به تحدث في بداية الندوة الشيخ رماضنة عن ولادة الرواشدة عام ١٨٩٠ والذي يعتبر امتدادا لجيل قدم الكثير في منطقة المعراض غرب جرش . فوالده الشيخ فليح الرواشدة الذي عرف عنه الكرم ومحبة الناس والسؤال عن أحوالهم، وكان ينادي ” العيش ياجيعان ” وهو من الذين استقبلوا المغفور له الملك عبدالله الأول بن الحسين . وأضاف الرماضنة بأن الشيخ حسن الحجي تكون لديه حالة من الوعي كما ذكرنا نتيجة نشأته في بيت من العلم والوعي ، فرفض كل مناصب الدولة العثمانية ليبقى في خدمة القضاء العشائري لحل مشاكل المنطقة .
المتحدث الثاني في الندوة التربوي الدكتور إبراهيم العوران تحدث أيضا عن بعض مفاصل من حياته الاجتماعية الطيبة الذكر حيث درس الرواشدة في بلدة سوف على يد الشيخ شكري ولصغر سنه سكن عند خالته . والشيخ شكري هو من قام ببناء مسجد سوف سنة ١٩٣٣. ويضيف العوران ” في قراءته لسيرة الرواشدة نحن نتحدث عن جيل التأسيس، جيل البناء ، جيل المحبين والغيورين لوطنهم أمام المؤامرات والاتفاقات في وقت مفصلي هو أفول الدولة العثمانية وسايكس بيكو.رحم الله الشيخ حسن الحجي فقد كان صاحب سيرة عطره يشهد لها القريب والبعيد ، عاش حياة والبساطة كما عاشها والده فليح الرواشدة، كان محبا للشعر ويحفظ المثير منه وترك علما نافعا . عاش قرابة المائة عام حتى توفي عام ١٩٨٨ .

مقالات ذات صلة محمد نزار يشارك في مهرجان تورنتو بـ “Sink”: “قصة تطلبت منا الكثير” 2025/07/29

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاد «الدنجوان».. كيف كانت حياة رشدي أباظة وأكثر شيء أحزنه؟
  • الشيخ الرواشدة ضمن فعاليات بانوراما رجالات جرش
  • السياحة العربية تنعش الساحل السوري… وادي الملوك في الصدارة
  • محمد رياض لـ «الأسبوع»: لا أركز إلا فى حفل ختام مهرجان المسرح.. وموضوع محيي إسماعيل قفلته
  • أكسيوس تجذب الجمهور بأسلوب تحريري فريد
  • تعلن محكمة إب الابتدائية بأن الأخ/ إسماعيل محمد تقدم إليها بطلب انحصار وراثة
  • في ذكرى استشهاده.. نص رسالة الشهيد إسماعيل هنية لقائد الثورة
  • في ذكرى استشهاده.. “الثورة نت” يعيد نشر رسالة الشهيد إسماعيل هنية لقائد الثورة
  • أول تعليق لـ محمد رياض على انتقاد محيي إسماعيل لتكريمه في المهرجان القومي للمسرح
  • شريهان تحتفل بعيد ميلاد ابنتها تالية القرآن برسالة مؤثرة