الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
يخطر في بال المرء حين يتأمل مسألة "الرواية بين المحلية والعالمية" أن كل رواية تبدأ من محليتها؛ أي من محيطها وبيئتها، ومن ثقافة كاتبها وخبرته في الحياة والكتب. فالمحلية نقطة الانطلاق الأساسية التي تبدأ منها الروايات، ولكنها في الوقت نفسه لا تقف عندها، ولا ينبغي لها ذلك، بل يتوقع أن يكون لها أفقها العالمي والإنساني في إطار من الإيمان بالتجربة المشتركة للإنسان.
وإذا انطلقنا من أن الرواية العربية جنس أدبي حديث ارتفع شأنه في العقود الأخيرة، حتى أقر كثير من الكتاب والنقاد بأن "الرواية ديوان العرب الحديث" بدلا من الشعر الذي ظل ديوان العرب لقرون طويلة، ويتضمن هذا القول الاعتراف بقدرتها على تمثيل الحياة والواقع، وبناء عالم رمزي أو كنائي يوازي الواقع ويواجهه، ويسمح بإعادة النظر فيه؛ ذلك أنها جنس يتميز بالانفتاح والمرونة وقابلية التشكل، والجمع بين قدرات وإمكانات ثرية قد لا تتوفر لغيرها من الأجناس والأنواع.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟list 2 of 2الرِّوائي الجزائري "واسيني الأعرج": لا أفكر في جائزة نوبل لأنني مناصر للقضية الفلسطينيةend of list الرواية جنس أدبي عالمييصح أن نضيف إلى ما سبق حقيقة مفادها أن الرواية جنس أدبي عالمي، وصفه جورج لوكاش منذ نحو مائة عام بأنه "ملحمة العصر الحديث"، وأشاد باختين بإمكاناته وانفتاحه وبقدرته على التحول والتشكل، وشدد على اتساع الرواية الحديثة للتهجين وتعدد اللغات والأصوات.
فذلك كله يشير من زاوية ما إلى أن طبيعة الجنس الروائي هي خليط من المحلية والعالمية؛ فهو ليس جنسا مغلقا أو مقترنا بثقافة أو لغة دون أخرى، كما أن ما ينتج في معظم اللغات (وضمنها العربية) لا ينشأ من بيئة مغلقة أو محدودة، وإنما هو نتاج هذا التهجين بين مرجعيات وخيوط متنوعة، يلتقي فيها المكون المحلي بالمكونات والتطلعات الإنسانية والعالمية.
ولعل الروائي العربي والأردني يدرك أن الرواية، كي تتهيأ لمدى أوسع قد يصل إلى العالمية، لا بد لها من أن تتجاوز قيد المحلية في دلالتها ورسالتها؛ لتصل بعدها المحلي بدلالات أو معان ذات بعد عالمي وإنساني.
إعلانأي أن النقطة الأولى تتصل بمحمولات الرسالة وبقدرتها على تصعيد همومها المحلية وإدراجها في السياق العالمي، والنقطة الثانية تتبع الأولى وتتصل بمواكبة الرواية الأردنية أو غيرها لتطور الرواية العالمية في أساليبها وقدراتها الفنية وطرائقها وحيلها، مما يتطلب من الكاتب نوعا من الثقافة العالمية، والمتابعة لما ينتج، ليس على سبيل "اتباع الموضة"، وإنما الإصغاء العميق لما يصيب العالم من تطور وتحول.
ونحسب أن المكون العالمي مكون أساس في ثقافة الكاتب الأردني، وذو تأثير لا يخفى في كتابته، انطلاقا من عالمية الجنس الروائي ذاته، ومن تأسيس الكتابة الروائية على خلفيات عالمية مختلطة تكون ركنا مهما في منطلقات الكتابة الروائية ومنابع التأثير والتفاعل فيها.
التعبير عن المحلية بروح كونيةوربما نتفق مع آدم كيرش، الناقد والصحفي الأمريكي، مؤلف كتاب "الرواية العالمية" الذي ترجمته لطفية الدليمي، في نظرته للرواية العالمية التي يقوم فيها الأدب بدور التركيز على الموضوعات والأساليب العالمية.
وينصح كيرش الكتاب لا بالتخلي عن المحلية، وإنما بالتخطيط لكتابة التجربة المحلية بروح كونية/عالمية، وهي نصيحة مهمة لا خلاف عليها، وكثير من الإنتاج العالمي المميز يؤيدها، إذ يقوم على تحويل المكونات المحلية وصهرها في إطار من الآفاق العالمية.
الأمر الآخر المهم في نظرنا هو التفكير في إيصال الرواية إلى القارئ، بدءا من القارئ القريب "المحلي"، ثم القارئ العربي، فالقارئ العالمي. قد نقول هذا الكلام بيسر، ولكن عندما نفكر في إمكانيات تنفيذه لا تخفى صعوبته؛ ففي العالم مئات اللغات، فأي قارئ نقصد؟ ومن يتوجه إليه الكاتب الذي يفكر في القارئ العالمي أو يتطلع إلى مراعاة مطالبه وتوقعاته؟
فإذا كان بالإمكان الوصول إلى القارئ العربي باختيار ناشر ملائم قادر -على الأقل- على المشاركة في معارض الكتب العربية، فإن الوصول إلى القارئ العالمي صعب من وجوه عدة؛ فهو قارئ مختلف، بل توجد في حقيقة الأمر طبقات من القراء المختلفين الذين لا تسهل مخاطبتهم، ولا بد من بذل مجهود في ذلك للتعرف إلى توجهات القراء وإمكانات التواصل معهم.
إلى جانب ذلك، هناك مشكلة اللغة التي تتطلب أحد أمرين: إما أن يكتب المؤلف بلغة أجنبية حية، وإما أن يبحث عن فرص الترجمة التي بمقدورها أن تسهم في نقل الكتاب إلى جمهور أوسع، رغم ما يرصده المتخصصون من أوجه قصورها، خصوصا في ترجمة المادة الأدبية.
الترجمة.. فخ القارئ الاستشراقيينقلنا حديث الترجمة إلى مشكلات متشعبة تتصل في جانب منها بمعايير الترجمة، وبضرب من بقايا الاستشراق الذي يطلب من الشرق قصصا بعينها قد لا تمثل حقيقة الشرق ولا واقعه بمقدار ما تغذي الصورة النمطية التي رسمها الغرب للشرق. وللأسف، فبعض كتابنا العرب وقعوا في وهم الترجمة، وغدوا قنوات لتغذية المخيال الغربي أكثر من إيصال حقيقة واقعنا وتطلعاتنا.
ولكن أمر الترجمة لا ينحصر في هذه الزاوية أو الوضعية؛ فمقابل هؤلاء، هناك كتاب مؤمنون بقضايا العرب والعالم الإسلامي، وحريصون على تناولها بطريقة مغايرة للتوقع أو للمنظور الغربي الذي يستند -في كثير من الأحيان- إلى معضلة المركزية الغربية، وإلى أن يكون فرعا من فروع الهيمنة وميول الاستشراق وضروب الاستعمار الجديد.
إعلانوحين ننظر في واقع الرواية الأردنية نجد فيها قدرا واضحا من التطور كما ونوعا، ونجد في كثير من نماذجها ما يمثل الواقع العربي والأردني بطرق فنية وسردية متقدمة. نجد في أكثر نماذجها الجيدة جدلا مع الواقع ونقدا له ينطلق من تطلعاتنا، ويراد منه الإسهام فيما نرنو إليه من التقدم والعدالة وتجاوز المعيقات الحضارية، سواء أكانت أسبابها داخلية أم خارجية.
وإذا ربطنا بين محليتها وتطلعها العالمي، فإننا محتاجون إلى تناول بعض المؤشرات الدالة، من أهمها: صدور روايات لكتاب أردنيين بلغات أجنبية، ومدى حضور الرواية الأردنية في إطار نشاط الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية واسعة الانتشار. فمثل هذه المؤشرات ربما تضعنا في إطار ملموس وواقعي من الاهتمام بالبعد العالمي.
روايات أردنية بلغات أجنبيةالروايات المكتوبة بلغات أجنبية لمؤلفين أردنيين معظمها باللغة الإنجليزية، فليس لدينا ظاهرة "فرانكفونية" وليس لدينا رواية أردنية بالفرنسية مثلا كما هو الحال في الجزائر أو المغرب أو لبنان أو غيرها من الأقطار العربية التي تتقدم فيها الفرنسية على الإنجليزية، لأسباب لها علاقة بترِكة الاستعمار ومناطق الهيمنة السابقة.
وأما الكتاب الأردنيون الذين لهم تجارب في الكتابة بلغات أجنبية فلعل أبرزهم:
ريادة تاريخية "عقيل أبو الشعر" (1890)عقيل أبو الشعر كاتب أردني الأصل من قرية الحصن قرب إربد شمال الأردن، نشأت في السنين الأخيرة "حركة" اكتشاف لآثاره الأدبية قادتها قريبته أو ابنة عائلته د.هند أبو الشعر الكاتبة والمؤرخة المعروفة، وقد أفضى البحث إلى الكشف عن عدة أعمال روائية مبكرة في مسيرة الرواية العربية كلها، واحدة منها بالعربية بعنوان (الفتاة الأرمنية في قصر يلدز) 1912.
وقد أتقن هذا المؤلف عدة لغات وانتقل إلى بلدان متعددة وعاش في جمهورية الدومنيكان في أميركا الجنوبية، على ما آل إليه أمر كثير من المهاجرين العرب المسيحيين ممن كونوا ظاهرة أدب المهجر، وقيل إن الرجل وصل إلى وظيفة وزير في تلك البلاد حسب بعض المصادر.
ويهمنا هنا أنه كتب بعض رواياته بالفرنسية والإسبانية، وقد ترجمت بعضها مؤخرا إلى العربية.
أهم هذه الروايات:
"القدس عربية – نهلة غصن الزيتون"، وكتبت بالإسبانية عام 1921 وترجمها إلى العربية عدنان كاظم ونشرتها وزارة الثقافة الأردنية عام 2012. وكذلك رواية أخرى بعنوان: "إرادة الله"، المكتوبة بالإسبانية عام 1917، وترجمها عدنان كاظم وظهرت في طبعة عربية عن وزارة الثقافة عام 2013. أما رواية "الانتقام" فنشرت بالفرنسية عام 1935، وترجمها وائل الربضي ونشرتها وزارة الثقافة عام 2013.وبالرغم من هذه الريادة التاريخية فإن هناك عوامل تحدّ منها وتعترض طريقها؛ فهذه الأعمال المبكرة لم يعرفها القارئ الأردني أو العربي قبل اكتشافها المتأخر وترجمتها في طبعات محلية، ولذلك فإنها لم تنهض بدور واضح في مسيرة الرواية الأردنية والعربية، كما أنها روايات مغمورة في سياق الرواية الأجنبية المكتوبة بالفرنسية أو الإسبانية في أوائل القرن العشرين.
وقد شهدت تلك المرحلة تطورا واسعا في نهضة الرواية، وظهرت فيها الأسماء العالمية المؤثرة حتى اليوم، وليس للرجل اسم مذكور في تاريخ الرواية بهذا المعنى، ولذلك تظل ريادة عقيل أبو الشعر محددة بالريادة التاريخية، نظرا لسبقه في كتابة الرواية، دون أن نبالغ في بناء ريادته بأثر رجعي، فالريادة تقتضي الفاعلية والتأثير وليس السبق التاريخي وحده.
رائدة الكتابة الحداثية بالإنجليزية "فادية الفقير" (1956)تعد الكاتبة فادية الفقير البريطانية-الأردنية رائدة الرواية الأردنية المكتوبة بالإنجليزية، وقد ترجمت رواياتها إلى كثير من لغات العالم، وترجم بعضها إلى العربية.
إعلانأشهر رواياتها:
(اسمي سلمى) التي نشرت عام 2007 بالإنجليزية، وظهرت ترجمتها عن دار الساقي 2009 بترجمة عابد إسماعيل. كما ترجمت روايتها (أعمدة الملح) ونشرتها دار ألكا (ترجمة فرج عبد السلام).ونقرأ في سيرتها المفصلة -بحسب موقعها الإلكتروني- أنها كاتبة وروائية أردنية – بريطانية وأكاديمية مستقلة تهتم بقضايا حقوق الإنسان. ولدت في عمان لوالد أردني من قبيلة العجارمة أما والدتها فشركسية. حصلت على البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من الجامعة الأردنية في عام 1983 ثم سافرت إِلى بريطانيا لمتابعة دراستها العليا.
وفي عام 1985 حصلت على الماجستير في الكتابة الإبداعية من جامعة لانكستر ثم عادت الى الأردن وعملت لفترة قصيرة كمنسقة إعلامية في وزارة التعليم العالي ومؤسسة آل البيت. وفي عام 1986 عادت إلى بريطانيا لإتمام دراستها العليا وحصلت على أول دكتوراه في بريطانيا في الكتابة الإبداعية والنقدية من جامعة إيست أنجليا تحت اشراف الكاتب والناقد المعروف مالكولم برادبري عام 1989.
وفي عام 2009 منحتها كلية سانت إيدن في جامعة درم الزمالة في الكتابة الإبداعية. نشرت أعمالها في تسعة عشرة دولة وترجمت الى خمسة عشر لغة. نشرت دار بنغوين روايتها الأولى "نسانيت" عام 1987 أما روايتها الثانية "أعمدة الملح" فنشرتها دار كورتيت عام 1987 وترجمت إلى خمس لغات.
صدرت روايتها الثالثة "إسمي سلمى" عام 2007 عن ترانزورلد التابعة لمجموعة دار راندم وترجمت إلى أثنا عشر لغة. وحازت الترجمة الدنمركية لكل من "أعمدة الملح" و"اسمي سلمى" على المرتبة الثانية لجائزة "ألوا" التي يمنحها مركز آداب اٍفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وجزر المحيط الهادي.
مقدمة روايتها الرابعة "في مطبخ منتصف الليل" نشرت في دورية وبر الأمريكية وحصلت على جائزة نائلة سيشاشاري لعام 2009.
نشرت دار كويركس روايتها الخامسة "شجر الصفصاف لا يبكي" عام 2014.
كانت المحررة الرئيسة لسلسلة الكاتبات العربيات التي نشرتها دار جارنت وحازت هذه السلسلة على جائزة "النساء العاملات في دور النشر البريطانية" عام 1997″.
ويمكن القول إن الكتابة باللغة الإنجليزية وفي سياق أجنبي لم يبعد فادية الفقير عن هموم مجتمعها وقضاياه، فمعظم رواياتها ذات صلة بالتحولات الاجتماعية والسياسية، وبوضعية المرأة بشكل خاص كما عاينتها وخبرتها في موطنها، أي أن محتوى روايتها لا يبعد عما يشغل كثير من الكتاب الذين يكتبون بالعربية.
وربما يعود هذا إلى طبيعة تجربتها الشخصية، وهجرتها إلى بريطانيا وهي ناضجة في سن الشباب، وصِلتها التي لم تنقطع ببلدها وأسرتها ومحيطها حتى اليوم. ولذلك فتجربتها من لون مختلف عن تجربة عقيل أبو الشعر الذي أغرب في منظوره وقضايا رواياته، وكتبها في المجمل بمنظور مجتمع هجرته، وليس وعي موطنه الأول.
وقد ساعدت ترجمة روايات فادية الفقير على تلقي أعمالها بالعربية، إلى جانب مساهماتها في حركة الأدب العربي ومشاركتها في كثير من الفعاليات مما قرّب تجربتها من القارئ العربي سواء اتصل بأعمالها باللغة الإنجليزية أو عبر ترجماتها العربية.
يمكن الإشارة إلى كاتبات معروفات ينتمين إلى ظاهرة الكتاب الأمريكيين ذوي الأصول العربية، وبوجه خاص نشير إلى كاتبتين معروفتين هما: ديانا أبو جابر وليلى حلبي، المعروفتين جيدا ضمن هذه الظاهرة التي تمثل تلوينا ملحوظا في الكتابة بالإنجليزية.
وإنتاج هاتين الكاتبتين لم يترجم في حدود علمنا إلى العربية حتى الآن. إلى جانب أن صلتهما بالهموم الأردنية والمحلية أقل وضوحا مما لاحظناه لدى فادية الفقير، بل يمكن القول إنهما تكتبان من زاوية أخرى أبعد، تتصل بالمجتمع الأمريكي وبما يتصل به من ظواهر، بما فيها هموم المهاجرين داخل ذلك المجتمع.
إنهما جزء من ظاهرة الكتاب متعددي الأصول في سياق الثقافة والكتابة الأمريكية الراهنة، ومع ذلك فمن المهم ترجمة أعمالهما التي نقلت إلى لغات عديدة ولم تحظ بالترجمة إلى العربية.
رواية أردنية بالروسية: "كفى الزعبي"كتبت الروائية المعروفة كفى الزعبي (1965) إحدى رواياتها باللغة الروسية التي تتقنها ونشرت في بطرسبرغ كرواية روسية (عد إلى البيت يا خليل)، كما نشرت روايتها (ليلى والثلج ولودميلا) باللغة الروسية عام 2010، بعد طبعتها العربية المنشورة عام 2007.
إعلانوهناك ترجمات لكتاب آخرين في سنوات أقدم (قبل 1990) في مرحلة الاتحاد السوفياتي خصوصا ما نشر ضمن نشاطات اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا الذي يعد إحدى المنظمات الثقافية ذات التوجه اليساري المرتبط بالاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية آنذاك.
يعد مؤشر الترجمة إلى اللغات الأجنبية العالمية مؤشرا ذا بال في سياق الحديث عن عالمية الرواية، وبالرغم من نظرتنا إلى اللغة العربية وتقدير مكانتها العالية كلغة أدبية ومعرفية عالمية ولها تاريخها وتطورها، فإن ما يكتب بها اليوم يظل في دائرة محدودة مهما اتسع عدد قرائها، ومع نقدنا لهيمنة اللغة الإنجليزية وكذلك الفرنسية بشكل خاص على المشهد العالمي ونجاح الإنجليزية محمولة بأدوات استعمارية وسياسية لتغدو لغة العالم ولغة العولمة فلا مناص من الاعتراف بأن ذلك يحتم أن تكون في مقدمة اللغات التي تتيح لجمهور واسع الاطلاع على الرواية العربية وغير العربية.
ويمكن الإشارة إلى جهود الأديب الراحل عيسى الناعوري (1918-1985) الذي يعد من رواد الترجمة باللغة الإيطالية، ولكن يبدو أنه اهتم بالترجمة من الإيطالية إلى العربية أكثر مما عني بترجمة الأدب الأردني والعربي إليها، وللناعوري رواية مبكّرة هي بيت وراء الحدود (1959) نشرت بالإسبانية عام 1973، قد تكون من أوائل الأعمال الأردنية المترجمة. كما يمكن الإشارة إلى جهود حسني فريز الذي نشر قصصا مختارة وروايات بالإنجليزية.
أما الروايات المترجمة إلى الإنجليزية وغيرها في العقود والمراحل الأخيرة وفي وقتنا الراهن فأقرب أن تكون روايات قليلة حتى الآن، قياسا باتساع الإنتاج الروائي وثراء الظاهرة الروائية، يمكن الإشارة إلى أمثلة دالة من تلك الروايات:
ويبدو لنا أن أعمال إبراهيم نصر الله (1954) هي الأوفر حظا في نيل الاهتمام ومن إقبال المترجمين ودور النشر المهتمة بالرواية العربية. وقد حظيت بمترجمين معروفين وبالنشر في دور نشر معروفة ومهمة.
ونذكّر بمشروع بروتا الذي بادرت إلى تأسيسه الأديبة الراحلة سلمى الخضراء الجيوسي (1925-2023)، وكان ذلك المشروع جسرا ثقافيا مرموقا بالرغم من الصعوبات التي واجهها، ونجح في نقل مختارات ونماذج من الأدب العربي المعاصر إلى الإنجليزية، وهو المشروع الذي تبنى ترجمة رواية إبراهيم نصر الله براري الحمى عام 1993 وكان ذلك خطوة مهمة في التعريف بتجربته وفي استقطاب ترجمات أخرى مرموقة لهذه الرواية المهمة، ولروايات أخرى للكاتب.
وقد حظيت روايات نصر الله بمترجمين ومترجمات مرموقين وبدور نشر متميزة في كثير من اللغات، كالترجمات التي نهضت بها نانسي روبرتس إلى الإنجليزية لكثير من روايات نصر الله مثل: زمن الخيول البيضاء، وأعراس آمنة، وقناديل ملك الجليل، وغيرها.
حظيت بعض روايات الروائية الراحلة ليلى الأطرش (1948-2021) بالترجمة إلى الإنجليزية ولغات أخرى، ومنها رواية امرأة الفصول الخمسة فقد ترجمت ونشرت عام 2001 واضطلع بترجمتها نورا حلواني وكريستوفر تينجلي.
كما أسهمت بعض الجوائز العربية في توجيه الاهتمام إلى روايات أردنية حصدت جوائز مهمة، فحظيت رواية دفاتر الوراق لجلال برجس بترجمة أنجزها بول ستاركي أحد كبار المترجمين والمتخصصين المعاصرين في الأدب العربي، إلى جانب ترجمات أخرى إلى لغات غير الإنجليزية.
كما ترجم جوناثان رايت المترجم والصحفي البريطاني رواية (حيث لا تسقط الأمطار) لأمجد ناصر (1955-2019)، ونشرت الترجمة دار بلومزبري/دار حمد بن خليفة/ قطر) عام 2015. وترجمت باولا حيدر رواية جمال ناجي (1954-2018) المعنونة بـ (موسم الحوريات) إلى الإنجليزية، ونشرتها دار جامعة حمد بن خليفة/قطر عام 2018.
ويمكن الإشارة إلى تجربة الروائية الأردنية-السورية شهلا العجيلي ويبدو أن معظم رواياتها قد ترجمت في السنين الأخيرة:
سماء قريبة من بيتنا (A Sky So Close to Us) ترجمة ميشيل هارتمان، Interlink Books ،2021). والطبعة الألمانية ترجمة، Christine Battermann عام 2022. صيف مع العدو (Summer with the Enemy) ترجمة ميشيل هارتمان، Interlink Books ،2021. كما ترجمت مجموعتها القصصية سرير بنت الملك وصدرت عن مركز دراسات الشرق الأوسط بأوستن، ترجمة سواد حسين، 2021.وترجمت نسرين أختر خاوري عددا من الروايات الأردنية ضمن مبادرة دعمتها وزارة الثقافة الأردنية ونتج عنها ترجمة أربع روايات هي: أنت منذ اليوم لتيسير السبول، والقرمية لسميحة خريس، وخبز وشاي لأحمد الطراونة، والقط الذي علمني الطيران لهاشم غرايبة. وصدرت الترجمات عن دار نشر جامعة متشغان في الولايات المتحدة الأمريكية.
وهناك محاولات لترجمات "محلية" أي أن المترجم محلي والنشر كذلك، وهذه الترجمات لا نرى لها تأثيرا ملحوظا، ولكنها تعبر عن الرغبة في الوصول للقارئ الأجنبي.
ومن أمثلتها: ترجمة (ايليان عبدالجليل) إلى الإنجليزية رواية (أحياء في البحر الميت) لمؤنس الرزاز بعنوان "Alive in the dead sea" ، منشورات وزارة الثقافة عام 1997.
أخيرا ننبه إلى بعض الأمور المهمة، أولها حاجة الترجمة إلى مشاريع مؤسسية ومبادرات موسعة دائمة، وتحتاج إلى صلات واتفاقات مع مترجمين مرموقين ومع دور نشر عالمية ومرموقة، ويصعب أن ينهض بها الكاتب وحده، ولعل أمرها محتاج إلى بلورة مبادرة تتعاون فيها رابطة الكتاب الأردنيين مع وزارة الثقافة ومؤسسة شومان ونحوها من المؤسسات الوطنية القادرة على رسم خطة رشيدة لمثل هذا العمل الحيوي.
والملاحظة المهمة أن لا يشكل السعي إلى الترجمة والتطلع إليها هاجسا للكاتب وللروائي، فمثل هذا الهاجس سيدخله في دوامة مقلقة، ربما تؤدي به إلى التكيف مع متطلبات الكثير من مؤسسات الترجمة وقنواتها ونعني تلك التي تتبنى الترجمة لتوجهات سياسية أكثر منها أدبية، ولديها تصورها النمطي العدائي لعالمنا، ولا تفتش إلا عما يؤيد ذلك التصور ويغذّيه، ولعلكم تعرفون للأسف أمثلة على ذلك من كتاب يتسابق الغرب على ترجمتهم ويشجع نشر أعمالهم باللغات الأجنبية لأنها تسيء إلى العرب وتقدمهم في إطار الصورة النمطية للتصور الغربي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الروایة الأردنیة الروایة العربیة اللغات الأجنبیة إلى الإنجلیزیة وزارة الثقافة الترجمة إلى إلى العربیة فی الکتابة فی کثیر من إلى العرب إلى جانب فی سیاق فی إطار فی عام
إقرأ أيضاً:
جيش الاحتلال يعزز وجوده على الحدود الأردنية بثلاثة أضعاف
صراحة نيوز -كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، عن قيام جيش الاحتلال برفع عدد قواته المنتشرة عند الحدود مع الأردن إلى ثلاثة أضعاف، دون الإفصاح عن تفاصيل طبيعة هذه التعزيزات أو دوافعها المباشرة.
ويأتي هذا الإجراء المفاجئ في سياق تصعيد عسكري متزايد تشهده المنطقة، مع تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل وعدة أطراف إقليمية، ما يثير مخاوف من اتساع رقعة المواجهات وتدهور الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط.