يرى الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي أن مصير الحرب مرهون بنزوات رئيس أميركي "متقلب المزاج" و "ثرثار"، فإذا قرر أن يقصف إيران فقد يتحقق انتصار، وإذا لم يقصفها تكون إسرائيل قد دخلت حربا عبثية أخرى وأشد خطورة من سابقاتها كلها.

ويعتقد أنه كان من الضروري تأمين مشاركة الولايات المتحدة في الحرب مسبقا كشرط لذهاب إسرائيل إلى الحرب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوبس: نتنياهو اختار دبلوماسية البازوكاlist 2 of 2باحث أميركي: قصف إسرائيل لإيران غير مجد ولن يدمر نوويّها أو يطيح بحكومتهاend of list

وكتب ليفي في مقاله بصحيفة هآرتس أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمارس، في هذه الأثناء، ألعابه "الصبيانية" لإذلال إيران ومطالبتها بالاستسلام الكامل، قاضياً بتصريحاته على أي فرصة متبقية للتوصل إلى اتفاق.

وإذا بقيت قاذفات القنابل الثقيلة في حظائرها، فإن الكاتب يحذر من حرب استنزاف ستطول، ومن المستحيل التنبؤ بنتائجها ومدتها. ويرى ليفي أن إسرائيل لا تقوى على تحمل حرب استنزاف طويلة، لا اجتماعيا ولا اقتصاديا ولا حتى عسكريا، أما إذا أقلعت تلك القاذفات فقد تُنهي الحرب لكنها قد تفضي إلى حرب أكبر بكثير.

ووفق المقال، ففي ضباب المعركة "تقف إسرائيل صفا واحدا دعما للحرب وقائدها، محتفية ومتباهية ومنبهرة، دون أي نقاش عام"، مضيفا أن كل ما أثير من حوارات لفترة وجيزة بين ضيوف البرامج التلفزيونية ومقدميها، كان يدور حول صاحب الفضل فيما حققه الجيش الإسرائيلي حتى الآن.

لكن الكاتب الإسرائيلي اليساري يتساءل: الفضل في ماذا؟ في الأداء الملهم للطيارين الذين يحلقون فوق طهران كما يحلقون فوق غزة أو فوق قاعدة هعتسريم الجوية؟

ليفي: إيران لن تستسلم، وذلك لن يحدث حتى بعد حملة الغطرسة الأميركية وأعتقد أن أفضل نتيجة ممكنة هي التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وحتى هذه لن تكون نهاية سعيدة

ويجيب بالإشارة إلى أن عميت سيغال المحلل السياسي في القناة 12 الإسرائيلية يرجع الفضل في ذلك إلى رئيس الوزراء -المطلوب للعدالة في المحكمة الجنائية الدولية– بينما يعزوه نير دفوري محلل الشؤون العسكرية في القناة نفسها، إلى المؤسسة العسكرية.

ويلفت ليفي الأنظار إلى ما يجري الآن في قطاع غزة فيقول إن العمليات لم تتوقف قط، بل إنها تتسارع لترقى إلى درجة الإبادة الجماعية، بعد أن أصبح اصطفاف السكان للحصول على طعام "طابورا للموت".

أفراد الطوارئ يقفون بجوار مبنى متضرر في موقع سقوط صاروخ أطلقته إيران على إسرائيل يوم 19 يونيو/حزيران 2025 (رويترز)

ويضيف أن الدمار في شوارع غزة صار عاديا، أما الشوارع في إسرائيل فهي تشبه شوارع مدينة خاركيف الأوكرانية بعد الهجوم الروسي الأخير، واصفا إسرائيل بأنها أسد مريض وليس أسدا صاعدا.

إعلان

وانتقد ليفي الدخول في حرب في وقت تعاني فيه إسرائيل من فساد وتنزف فيه غزة، وبينما جنودها وأسراها لا يزالون في القطاع المحاصر.

ليفي متهكما: إسرائيل خائفة ومنهكة، لكنها مبتهجة لأن طهران تحترق، بينما كانت المباني على بعد مئات الأمتار غرب منزلي تشتعل فيها النيران هي الأخرى

وهنا سخر من هذه المفارقة، قائلا إن "إسرائيل خائفة ومنهكة، لكنها مبتهجة لأن طهران تحترق، بينما كانت المباني على بعد مئات الأمتار غرب منزلي تشتعل فيها النيران" هي الأخرى.

"إلى أين نحن ذاهبون؟ أو بتعبير أدق إلى أين نُساق؟ كالشاة إلى الذبح نمضي، أو كالقطيع إلى نصر زائف نسير"، على حد تعبيره.

وخلص جدعون ليفي إلى أن إيران لن تستسلم، مؤكدا أن ذلك لن يحدث حتى بعد ما يسميها "حملة الغطرسة الأميركية"، معربا عن اعتقاده أن أفضل نتيجة ممكنة هي التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وحتى هذه لن تكون نهاية سعيدة، حسب رأيه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

جدعون ليس نبيًا..

 

 

في عالم تتساوى فيه القوة بالعُرف، وتُقايَد فيه الجرائم بالإفلات، لا يكون السلوك “الإسرائيلي” في غزة استثناءً، بل تجسيدًا حرفيًا للعقيدة الإمبريالية التي يُدير بها الغرب شؤون الكوكب. وبعد فشل “عربات جدعون”، لم تعد “إسرائيل” تحاول الانتصار، بل تبحث عن مخرجٍ مشرّف للهزيمة، تسوّقه للعالم بوصفه “تحوّلًا استراتيجيًا” أو “إعادة تموضع”.
لكن ما يجري في العمق، هو اعترافٌ صريح – وإن لم يُعلن – أن المشروع “الإسرائيلي” العسكري في غزة وصل إلى سقفه، وأن المقاومة نجحت في إعادة تعريف الصراع من “معركة بين جيش نظامي وجيش غير نظامي” إلى “صراع وجودي بين شعب محاصر وإمبراطورية مسلحة حتى الأسنان”.
البدائل الكارثية.. استراتيجية الإبادة المقنّعة
تحدثت هيئة البث “الإسرائيلية” مؤخرًا عن “بدائل أمنية” قيد الدراسة، منها ما وُصف صراحةً بـ”البديل المتطرف”: فرض حصار كامل على السكان ومنع دخول الطعام والماء، حتى عبر الإسقاط الجوي. هذا التصريح – الذي مرّ دون ضجيج غربي يُذكر – ليس سوى إعلان نوايا بإعادة تعريف الإبادة الجماعية بوصفها “تكتيكًا أمنيًا”.
والأدهى أن هذه الخطط تُقدّم على أنها “تمييز بين المدنيين والمسلحين”، وكأن تجويع الأطفال عمل إنساني يُقرّبنا من العدالة! في المنطق “الإسرائيلي” المدعوم من واشنطن، أصبح منع الغذاء وسيلة للتفاوض، والضغط على السكان أداة للحصول على “صفقة”، وتُترجم هذه السياسات بوقاحة إلى مصطلحات تكنوقراطية كـ”التحكم بالأمن”، و”إعادة الانتشار”.
لا شيء في هذا جديد. فقد رأينا ذلك في العراق بعد 1991، حيث مات أكثر من نصف مليون طفل تحت الحصار الأمريكي البريطاني، واعتُبر ذلك “ثمنًا مقبولًا”، وفقًا لتصريحات مادلين أولبرايت الشهيرة. واليوم، تسير “إسرائيل” في الطريق ذاته: تجويع السكان، تهجيرهم قسريًا جنوبًا، ثم مكافأتهم بـ”مساعدات” إن خرجوا من مناطق الحصار – وكأننا في معسكر اعتقال نازي، لا في مدينة مأهولة تُطالب بالحرية.
الهدف الحقيقي.. تهجير، لا أمن
وراء كل هذا الخطاب الأمني تكمن استراتيجية أعمق، وأكثر تجذرًا في العقل الاستعماري “الإسرائيلي”: إفراغ غزة. ليس فقط من حماس أو السلاح، بل من سكانها. فالخطة التي تتبلور – وفق تقارير القنوات “الإسرائيلية” – تسعى لفرض واقع يُجبر السكان على الانتقال جنوبًا، كي يتم “تطهير” المناطق من المقاومة. وبالطبع، لن يُسمح لهم بالعودة.
ما يُراد، عمليًا، هو تكرار نكبة 1948 بأسلوب أكثر تكنولوجيا وأقل مباشرة. التهجير لا يجري بالقوة فقط، بل عبر الحصار، المجاعة، والقتل اليومي الذي يُفقد السكان أي أمل في البقاء. ثم تأتي المساعدات الغربية، لا لرفع المعاناة، بل لضمان ألا ينفجر السكان في وجه المُهجِّر، بل يهاجروا بهدوء، ويتركوا الأرض “للاستخدام الأمني”.
صراع داخل المؤسسة الصهيونية.. من يُدير الهزيمة؟
تُظهر الوثائق المسرّبة من المجلس الوزاري المصغر في “إسرائيل” أن الجيش نفسه لم يعد يؤمن بأهداف الحرب. رئيس الأركان إيال زامير قال صراحة إن الأهداف “متضاربة”، وطالب بموقف سياسي واضح. هذا تصريح غير مسبوق، ويدلّ على شروخ حقيقية داخل المنظومة الصهيونية: بين من يُريد الحرب، ومن يخشى عواقبها.
وهو أمر طبيعي. فعندما تُدفع جيوش بأكملها لاحتلال أراضٍ صغيرة دون تحقيق نتائج، تبدأ الحسابات بالتغيّر. هل ستبقى “إسرائيل” في غزة عامًا؟ خمسة؟ عشرة؟ ماذا عن الخسائر البشرية؟ ماذا عن المقاومة التي تنمو كل يوم، في ظل عجز واضح عن القضاء عليها؟
ومن المثير للاهتمام أن نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، يُريد في المقابل أن يذهب أبعد. التلويح بضم أراضٍ من غزة، أو فرض حكم عسكري كامل، لا يُشير إلى “حسم” بقدر ما يُشير إلى رغبة في استباق أي حلّ سياسي، عبر فرض واقع جديد يُعقّد أي تسوية لاحقة.
الدعم الأمريكي.. إذن بالإبادة
لا يمكن فهم ما يجري دون النظر إلى السياق الدولي. الولايات المتحدة، بقيادة دونالد ترامب، لا تُقدّم فقط السلاح والدعم السياسي، بل تُعطي ما هو أخطر: الضوء الأخضر للقتل الجماعي.
التقارير الأمريكية، التي تسربت مؤخرًا، تُشير إلى دعم غير مشروط “لإسرائيل”، بما في ذلك تمرير عمليات برية جديدة، وعمليات تهجير، وحتى إعادة هيكلة غزة إدارياً. كل هذا، طبعًا، باسم “الأمن”، و”مكافحة الإرهاب”، وكأن مئات آلاف المدنيين في غزة لا يملكون الحق في الحياة لأنهم “يريدون الحرية والعيش في كامل أراضيهم المحتلة”.
وهكذا، تتحول المجازر اليومية إلى “عمليات تطهير أمني”، وتُصبح آليات الحصار وقطع المياه أدوات مشروعة في القانون الدولي المعدّل على مقاس “إسرائيل”.
الضفة الغربية كـ”نموذج فاشل”.. وهم السيطرة الكاملة
طرح وزير الدفاع “الإسرائيلي” يسرائيل كاتس ما أسماه “نموذج الضفة الغربية” كحلّ لغزة: أي بقاء “الجيش الإسرائيلي”، وفرض سيطرة أمنية مطلقة. لكن هذا الطرح يفضح – لا يُعالج – المأزق.
فالضفة، رغم كل الحواجز والاقتحامات والتنسيق الأمني، لا تزال مصدر صداع دائم “لإسرائيل”. وهي تُدار فقط بفضل وجود سلطة فلسطينية فاقدة للشرعية السياسية. فكيف لغزة، التي لم تقبل يومًا بالاحتلال، ولا توجد فيها سلطة متعاونة، أن تُدار بالنموذج ذاته؟
الجواب بسيط: لا يمكن. والسيطرة على غزة، كما قال ضباط وجنود إسرائيلين، ستكون “باهظة الكلفة”، خصوصًا في المناطق الوسطى التي لم تدخلها “إسرائيل” سابقًا. فهناك، تُجهّز المقاومة لحرب عصابات طويلة الأمد، تجعل الاحتلال مستحيلًا حتى لو أُعلن رسميًا.
نحو حرب استنزاف لا نهاية لها
ما نراه اليوم هو تحوّل في طبيعة الحرب: من محاولة نصر سريع، إلى حرب استنزاف طويلة، تُراهن فيها “إسرائيل” على الزمن، بينما تراهن المقاومة على الإرادة. “إسرائيل” تملك المدرعات، والطائرات، والدعم الأمريكي؛ لكن المقاومة تملك ما لا تستطيع “إسرائيل” فهمه أو هزيمته: الإيمان بالحق، والتجذر في الأرض، واستعداد لا محدود للتضحية.
ومن هذا التناقض، ينبثق المأزق التاريخي الذي يواجهه المشروع الصهيوني: فهو لا يستطيع أن يتعايش مع المقاومة، ولا يستطيع القضاء عليها. ومن ثم، يعيش في حلقة جهنمية: كلما صعّد، ازدادت المقاومة صلابة. وكلما انسحب، خسر معنويًا. وكلما فاوض، بدا ضعيفًا. وكلما قتل، كسب العزلة الدولية.
النتيجة.. مشروع بلا أفق، إلا العنف
فشل “عربات جدعون”، ثم الحديث عن بدائل “أكثر تطرفًا”، يُظهر أن المشروع “الإسرائيلي” فقد بوصلته. لم يعد يملك هدفًا سياسيًا حقيقيًا، بل بات محكومًا بمنطق القوة لأجل القوة. وهذه علامة واضحة على تحوّل المشروع الصهيوني من “حلم قومي” – كما يدّعون – إلى كابوس استعماري دائم، لا يملك إلا القتل وسيلةً للحياة.
وهنا يكمن الدرس الحقيقي: حين تفقد المشاريع الاستعمارية القدرة على التجدد السياسي، تتحوّل إلى أدوات قمع عمياء، تتحرك بالقصور الذاتي، وتُنتج فقط الموت.
لا سلام دون عدالة
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد صراع سياسي، بل معركة على طبيعة النظام العالمي ذاته. إما أن تكون هناك قيمة حقيقية لحقوق الإنسان، أو لا. إما أن يُحاسب القتلة، أو يستمروا في القتل. إما أن تتحرر الشعوب، أو تُقهر إلى الأبد.
وحتى ذلك الحين، ستظل “إسرائيل” تحاصر، تُجوع، وتقتل… لكنها لن تنتصر.
*كاتب صحفي فلسطيني

مقالات مشابهة

  • جدعون ليس نبيًا..
  • خبير عسكري: احتلال غزة فشل جديد ينتظر إسرائيل بعد عربات جدعون
  • تشيلسي يعلن خضوع ليفي كولويل لجراحة في الركبة
  • إيران تحذر دول الجوار من استغلال إسرائيل لأراضيها للإضرار بأمنها القومي
  • فشل” عربات جدعون” فجّر صراعاتهم.. ساسة إسرائيل وعسكريوها يتناحرون
  • حكايات في العمليات.. استئصال ورم ليفي لسيدة ثلاثينية مع الحفاظ على الرحم والمبيضين|تفاصيل
  • فشل عربات جدعون فجّر صراعاتهم..ساسة إسرائيل وعسكريوها يتناحرون
  • دعوات ليوم غضب ضد إسرائيل في اليونان .. جزرنا ليست ملاذاً للجنود القتلة
  • إيران تعدم مواطن قالت أنه سرب معلومات أدت الى اغتيال إسرائيل عالم نووي كبير
  • إيران تعدم شخصا مدانا بالتجسس لصالح إسرائيل