في ظل الانهيار الاقتصادي المتسارع، وتوقف مرتبات الموظفين منذ سنوات، وغياب أي رعاية رسمية أو برامج دعم حكومية، تحوّلت المشاريع الصغيرة إلى طوق نجاة للآلاف من الأسر اليمنية الفقيرة والمحتاجة في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي. هذه المشاريع، التي غالبًا ما تموَّل بجهود ذاتية محدودة، باتت هدفًا مباشرًا لحملات تضييق وملاحقة منظمة تشنّها سلطات الأمر الواقع تحت ذرائع مختلفة، ما يعكس توجهًا ممنهجًا لضرب ما تبقى من مصادر دخل للفئات الأشد فقرًا.

ففي صنعاء، تصاعدت في الأسابيع الأخيرة وتيرة إغلاق المطاعم الشعبية الصغيرة الواقعة في شارع المطاعم جنوب المدينة. عمليات الإغلاق التي نُفّذت بالقوة، جاءت تحت غطاء "تنظيم وضبط التجاوزات"، لكن المستهدف الحقيقي -بحسب متضررين ونشطاء- هو الشباب الذين كافحوا لتأمين فرص عمل بديلة في ظل انقطاع الرواتب، وتفاقم نسب البطالة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ويقول أحد مالكي المطاعم الصغيرة الذين تم استهدافهم ضمن الحملة الأخيرة، إن فرقًا حوثية مسلحة داهمت مطعمه وأجبرته على الإغلاق، دون توجيه أي إنذار قانوني أو مراعاة للوضع الإنساني الذي يعيشه.

وأضاف: "كنت أعيل أسرتي من هذا المطعم الصغير الذي فتحته بعد سنوات من البطالة، لكنهم لم يتركونا نعيش. جاءوا بالسلاح، اتهمونا بتهم واهية، وطردوا الزبائن وأغلقوا المحل بالقوة. اليوم أنا في الشارع، لا عمل لدي، وأسرتي تنتظرني بطعام لا أستطيع توفيره. كيف يريدوننا أن نعيش؟! لا رواتب، لا وظائف، وحتى مشاريعنا الصغيرة تُغلق بقرارات تعسفية!"

ويعكس هذا الواقع المأساوي الوجه الآخر للسلطة الحوثية في صنعاء، حيث تتزايد أصوات الغضب الشعبي تجاه ما يُوصف بسياسات "القتل البطيء" لمصادر الدخل المحدودة، وفرض قيود أمنية متطرفة تتذرع بـ"الاختلاط" و"ضبط السلوكيات"، ما أدى إلى إغلاق العشرات من المطاعم والمقاهي الشبابية.

وفي هذا السياق، اتهم الناشط الاجتماعي، طارق المساوى سلطات صنعاء باتباع سياسة "تضييق ممنهج" على أصحاب المشاريع الصغيرة، لا سيما تلك التي يديرها شباب وفتيات في شارع المطاعم، والتي كانت تشكل متنفسًا حيويًا للناس ومصدر دخل لعشرات الأسر.

عشرات المطاعم التي افتتحها شباب بشق الأنفس، أُغلقت بسبب قرارات المنع والتشديد الأمني بذريعة ‘الاختلاط’. السلطات فرضت قيودًا متطرفة على الجلوس والتجمعات، وأصبح أفراد الحراسة يطردون الزبائن من أمام المحلات. كيف يُعقل أن نحارب الشباب في أرزاقهم؟!"

وأضاف المساوى أن السلطة فرضت شروطًا تعجيزية للحصول على التراخيص، وسط ارتفاع الإيجارات وتراجع الإقبال، ما أدى إلى إفلاس وإغلاق المطاعم وخسارة المستثمرين الصغار الذين لا يملكون ظهرًا يحميهم أو سلطة تدافع عنهم.

واختتم منشوره بتساؤل لاذع: "الناس تبحث عن لقمة العيش، في حين أن قرارات السلطات باتت تطاردهم حتى في أرزاقهم. من أين تفكرون؟!"

تأتي هذه الممارسات في وقت يشهد فيه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، وتكافح غالبية الأسر لتأمين وجبة يومية، بينما تواصل ميليشيا الحوثي فرض الجبايات ومصادرة الممتلكات دون أي اعتبارات إنسانية أو قانونية.

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

هدايا صغيرة وابتسامات كبيرة.. أسرار حياة رائدة أعمال بريطانية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --  ما الذي يتطلّبُه بناءُ علامة تجارية حديثة في مجال الجمال؟ اسأل شارمادين ريد، رائدة الأعمال البريطانية التي أسّست ما لا يقلّ عن أربع علامات ناجحة.

افتتحت ريد صالون WAH Nails في لندن العام 2009، وهو صالون ساهم بإدخال فنّ تزيين الأظافر إلى الاتجاه السائد. ثم أسّست منصة "بيوتي ستوك" التي تُتيح للاختصاصيين في مجال الجمال عرض أعمالهم وحجز المواعيد، قبل أن تتطوّر لاحقًا إلى "ذا ستوك وورلد"، وهي شبكة تهدف إلى ربط النساء الطموحات من خلال تطبيق خاص للأعضاء ومساحات عمل مشتركة وفعاليات مباشرة. وفي العام 2015، نالت وسام "مرتبة عضو الإمبراطورية البريطانية" تقديرًا لمساهمتها المؤثرة في قطاع الجمال.

بدأ شغف ريد بعالم الجمال منذ سن العاشرة حين كانت تشتري مجلات الجمال بانتظام، وتستذكر كيف كان المكياج المتوافر في الصيدليات يشكّل "جسرًا" بين عالمها في وولفرهامبتون، المدينة الإنجليزية التي وُلدت ونشأت فيها، وبين أضواء العاصمة لندن التي انتقلت إليها لاحقًا للدراسة الجامعية. كانت قطعة صغيرة مثل علبة بودرة خدود وردية كفيلة بأن تمنحها الشعور: "هذا هو المستحضر الرائج الذي يستخدمونه في لندن".

وترى ريد أن عالم الجمال قائم على هذا النوع من الروابط. تقول: "لطالما أحبّ البشر تزيين بعضهم وترك بصمات متبادلة، وأنا مهتمّة جدًا بهذا الجانب الأنثروبولوجي من الجمال".

وتقدّم في علامة العناية بالرفاهية 39BC، أحدث مشاريعها، زيوت استحمام معطّرة مستوحاة من الطقوس القديمة للحمّامات المصرية والرومانية.

مشروع رائدة الأعمال في مجال الجمال الأخير هو علامة للعناية بالرفاهية مستوحاة من الطقوس القديمة للحمّامات.Credit: Kiran Gidda

تكشف ريد أنّ الدافع وراء عملها كرائدة أعمال هو رغبتها ببناء روابط عاطفية مع عملائها، لأنها تحب تقديم تجارب للناس، مضيفةً أنّ "التجربة الجماعية" في عالم الجمال، التي تعزّز الروابط الاجتماعية وتمنح شعورًا بالانتماء، هي أكثر ما كان يجذبها دائمًا. وهذا أيضًا جزء مما يجعلها بارعة في تقديم الهدايا، التي تعتبرها مهارة ثمينة ولغة تعبير عن حبّها.

تضحك قائلة: "تخيّلي أن تنظّمي شيئًا مهمًا جدًا لشريكك، تهتمين بكل التفاصيل، ثم عندما يأتي دورهم ليبادلونك الأمر بأن يقدموا لك حبّة بطاطس"، لكنها تضيف أن العديد من أصدقائها يهتمون بها ويُظهرون عطفهم، وهم من النوع الذي يرسل لها سلّة مكوّنات طازجة من المزرعة لمجرّد أنها ذكرت أنها لم تتناول وجبة منزلية منذ أسابيع. 

وتقول: "لا تحتاج الهدايا دائمًا أن تكون عملية، يكفي أن تجعل الشخص يبتسم عندما يفتحها".

CNN: ما هي الأمور الثلاثة التي تسألين نفسك عنها قبل شراء هدية لشخص ما؟

ريد: هل ستُسعده؟ هل ستُحفّز عقله أو حسّ الفكاهة لديه؟ هل ستمنحه شعورًا بالبهجة؟ ثم، هل تُظهر معرفتك بالشخص؟ بالنسبة لي، هذا هو جوهر الصداقة الحقيقي.

CNN: ما هي أفضل هدية تلقيتِها على الإطلاق؟

ريد: اشترت لي إحدى صديقاتي كتابًا نادرًا لفيرجينيا وولف، قصة "كيو غاردنز" القصيرة، وكان عليه غلاف برسوم جميلة جدًا. أنا غالبًا ما أشتري كتبًا فقط بسبب أغلفتها. وبما أنني لا أمتلك ما يكفي من الكتب أبدًا، فإن شراء غلاف معيّن لي هو أفضل هدية يمكن أن أحصل عليها.

CNN: وما أسوأ هدية؟

ريد: ماذا لو الشخص الذي قدّمها لي يقرأ هذا؟ (تضحك) كانت مجسّم يد مصنوعًا من الراتنج والحبيبات اللامعة. بدا وكأن أحدهم اشتراه من معرض للسحر والشعوذة. كل ما فكّرت به هو: لماذا قد أرغب بهذا الشيء؟ ولأنني لا أحب هذه الأشياء، أدركت أنّهم لا يعرفونني إطلاقًا.

أفضل هدية تتذكر ريد أنها اشترتها لشخص آخر كانت من موقع يقدّم إقامات في مبانٍ فريدة معماريًا، مثل هذا المبنى في ديفون، إنجلترا، من تصميم بيتر زومثور.Credit: Jack Hobhouse/Living Architecture

CNN: ما الهدية التي شعرتِ بالفخر عند تقديمها؟

ريد: كنت أواعد رجلاً يحب المهندس المعماري السويسري بيتر زومثور، فاشتريت له ليلتين في مبنى من تصميمه عبر موقع "أونلاين" حيث يمكن استئجار منازل معمارية شهيرة. اشتريتها له لأنني كنت أعرف مدى حبه لهذا المعماري.

CNN: من أصعب شخص يمكن أن تشترِي له هدية في عائلتك أو دائرة أصدقائك؟ ولماذا؟

ريد: أجد صعوبة في شراء هدية لبعض صديقاتي اللواتي يمتلكن كل شيء. لذا أشتري لهنّ شيئًا يضيف إلى مجموعتهنّ. فلي صديقة تجمع مرايا قديمة وتمتلك حوالي 25 مرآة، هنا أشتري لها مرآة قديمة، حتى لو لم تكن الأفضل أو المفضّلة لديها، لكنني أضيف إلى مجموعتها.

CNN: ما هي أفضل هدية لا تكلّف شيئًا؟

ريد: أن تكون حاضرًا ومُصغيًا. أن تضع هاتفك جانبًا عندما يتحدث إليك أحد، هذه أفضل هدية وأكثرها ندرة.

CNN: هل لديك أي طقوس أو عادات خلال فترة الأعياد؟

ريد: أحب أن أقضي عيد ميلادي وحدي. دائمًا أقوم برحلة صغيرة منفردة، أقرأ كتابي، أحجز ثلاث جلسات سبا متتالية، وأقوم بشيء يربطني بأسلافي ليذكّرني بأنني كبرت عامًا وأقترب أكثر من الماضي.

CNN: إذا كنتِ تحتفلين مع أحبّائك حول مائدة، ما أهم عناصر هذا الاحتفال؟

ريد: الأهم وجود الأشخاص المناسبين حول الطاولة. في عيد الميلاد 2018 شعرت أنني بلا أصدقاء، فقمت بتنظيف قائمة أصدقائي على فيسبوك وتحديد من أريد دعوتهم، ثم رتّبت مواعيد عشاء معهم طوال السنة. حتى عندما كنت أطلب وجبة جاهزة، لم يكن ذلك مشكلة لأن الأشخاص حول الطاولة كانوا ممتعين، ويمكن خلق جو احتفالي حتى مع وجبة بسيطة.

بريطانياأعيادتجميلفنوننصائحنشر الجمعة، 12 ديسمبر / كانون الأول 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • البابا لاون في أحد افرحوا: شاركوا الفقراء الخبز والإنجيل .. وفرحنا الحقيقي هو المسيح
  • الحوثيون يواصلون محاكماتهم الصورية ضد موظفين دوليين بتهم مزعومة
  • باريس سان جيرمان يعود لقمة الدوري الفرنسي بعد الفوز على ميتز
  • إجتماع يناقش أسباب تعثر المشاريع في خطط محافظة صنعاء السابقة
  • الحرب القانونية للاحتلال.. تحقيق أوروبي يكشف ذراعا لتعطيل ملاحقة الجنود
  • المدعي العام للجنائية الدولية يكشف ضغوطا بريطانية لوقف ملاحقة نتنياهو
  • هدايا صغيرة وابتسامات كبيرة.. أسرار حياة رائدة أعمال بريطانية
  • روضة الحاج: يا بلادي أنا بالبابِ وفي كفي الأناشيدُ التي كنتِ تحبينَ
  • معتقلو فلسطين أكشن يواصلون إضرابهم عن الطعام في السجون البريطانية
  • حكم إخراج الزكاة في تسقيف البيوت.. مفتي الجمهورية يوضح