نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية مقالا للباحث وأستاذ العلوم السياسية روبرت بيب، حذر فيه من أن المذبحة الجارية في قطاع غزة ليست من صنع "مستبدين أو ديماغوجيين"، بل تحمل على نحو صادم طابع "الديمقراطية"، ما يجعل لحملة الاحتلال الإسرائيلي تداعيات عميقة على أمنه على المدى البعيد، وعلى صورة وقيمة الديمقراطية حول العالم.



وبين بيب أنه بعد نحو 700 يوم من الحرب، ارتفعت حصيلة الشهداء في غزة إلى مستويات غير مسبوقة، وسط قصف مكثف دمر معظم القطاع، وحصار خانق تسبب في جوع جماعي وموت آلاف المدنيين جوعًا. 

وأشار إلى أن الأرقام الرسمية التي تتحدث عن أكثر من 61 ألف شهيد و145 ألف جريح لا تعكس الحجم الحقيقي للخسائر، إذ لا تشمل آلاف الجثامين العالقة تحت الأنقاض، أو الوفيات الناتجة عن انهيار البنية التحتية ونقص الرعاية الصحية والمياه والغذاء.

واستشهد الكاتب بتحليل موسع نشرته مجلة لانسيت الطبية، قدر أن الحصيلة الرسمية تقلل من أعداد القتلى بنسبة تصل إلى 107%، موضحا أن الحملة الإسرائيلية ربما تسببت فعليا في مقتل ما بين 186 ألفا أو أكثر من سكان غزة، أي ما يعادل ما بين 5% و10% من سكان القطاع قبل الحرب، وهو ما وصفه بـ"المذبحة غير المسبوقة" التي تُعد أشد مثال على استخدام دولة ديمقراطية غربية لمعاقبة المدنيين كتكتيك حربي.

وأكد بيب أن الوقائع على الأرض من قنص الأطفال، إلى القصف المتعمد للبنية التحتية المدنية، والحصار والتجويع يدل على أن الحرب الإسرائيلية تستهدف عموم سكان غزة، لا حركة حماس فقط، وهو ما توصلت إليه أيضا منظمات حقوقية ومؤسسات دولية عديدة. ونقل عن يوروم كوهين، الرئيس السابق لجهاز "الشاباك"، قوله إن فكرة القضاء على حماس عسكريًا هي "وهم".

واستعرض الكاتب دراسته السابقة في كتابه القصف للفوز (1996)، التي تناولت 40 حملة عسكرية في القرن العشرين استهدفت المدنيين، مشيرا إلى أن القليل منها تخطّى حاجز قتل 1% من السكان المدنيين، وأن حرب غزة  من حيث نسبة الضحايا تفوق حتى أكثر حملات العقاب الجماعي دموية التي شنتها دول ديمقراطية، بما في ذلك القصف الأمريكي لألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية.

وأضاف بيب أن دمار غزة المادي مروع أيضا؛ إذ أظهرت تحليلات بالأقمار الصناعية أن 60% من المباني و90% من المنازل دمرت أو تضررت بشدة، فيما سويت جميع جامعات القطاع الـ12 بالأرض، إضافة إلى 80% من المدارس والمساجد، والعديد من الكنائس والمكتبات والمتاحف، ولم يعد أي مستشفى يعمل بكامل طاقته.

ورغم هذه الحملة التدميرية، يرى بيب أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقترب من تحقيق هدفه المعلن بالقضاء على حماس، التي لا تزال تحافظ على جاذبيتها السياسية، بل نجحت بحسب تقديرات أمريكية في تجنيد 15 ألف مقاتل جديد منذ بدء الحرب، أي أكثر من خسائرها البشرية. 


وأوضح أن استطلاعات الرأي تظهر أن حماس اليوم أكثر شعبية بين الفلسطينيين مما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، متقدمة على حركة فتح، مع تضاعف الدعم لها في الضفة الغربية، واستمرار تفوقها في غزة رغم المعاناة الإنسانية الهائلة.

وأشار الكاتب إلى أن خطط الاحتلال للسيطرة على 75% من مساحة غزة وحصر السكان في رقعة صغيرة لن تفصلهم عن حماس، بل ستدفع الحركة إلى التحرك معهم، تماما كما فشلت عمليات التهجير السابقة في القضاء عليها.

ولفت بيب إلى أن الدعم الدولي للاحتلال الإسرائيلي، منذ إعلان قيامها عام 1948، استند جزئيا إلى التعاطف مع اليهود باعتبارهم ضحايا المحرقة، لكن حرب غزة الحالية أحدثت تحولا عالميا في النظرة إليها، مع اتهامها بارتكاب جرائم حرب و"إبادة جماعية". 

وذكر أن دولا غربية بدأت بالفعل اتخاذ خطوات لمعاقبتها، بينها الاعتراف بدولة فلسطينية، وطرح إمكانية التدخل الإنساني وفرض عقوبات اقتصادية.

وختم الكاتب بالإشارة إلى أن هذه الإدانات لم تعد حكرا على اليسار السياسي، بل وصلت إلى شخصيات بارزة في اليمين الأمريكي، مثل النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين، التي وصفت علنا ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية"، في مؤشر على احتمال بروز تحالف تكتيكي بين أطراف متباعدة أيديولوجيا داخل الولايات المتحدة لتقليص الدعم المقدم للاحتلال الإسرائيلي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة الإسرائيلي إسرائيل غزة مجاعة ابادة فورين أفيرز صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن

إقرأ أيضاً:

إعلام إسرائيلي: الجيش يعلن تشخيص هوية الجثث الأربعة التي تسلمها من حماس

أفادت قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل عن إعلام إسرائيلي، أن الجيش يعلن تشخيص هوية الجثث الأربعة التي تسلمها من حماس.

غباشي: "نزع سلاح" حركة حماس كلمة مهينة خبير سياسي يكشف موقف حماس بعد انتهاء حرب غزة (فيديو) سمير عمر: سلام الخضوع لن يتم

قال الكاتب الصحفي والإعلامي سمير عمر، رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي إذا ما استمرّ على وتيرة الرغبة في الحصول على التطبيع دون دفع الثمن، وإذا ما استمرت السياسات الإسرائيلية في محاولة الحصول على كل شيء دون دفع أي ثمن، فلن تنجح الاتفاقيات الإبراهيمية.

وأضاف في لقاء مع الإعلامي أحمد أبو زيد، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ الذي جعل اتفاقيات السلام المصرية الإسرائيلية تصمد هي أن إسرائيل انسحبت من الأراضي التي أحتلت في عام 1967 وأن إسرائيل لم تجرؤ على تجاوز هذا الخط لاحقا.

وتابع، أنّ الذي ثبت هذه الحالة بين مصر وإسرائيل هو التزام إسرائيل بدفع الثمن، ورغم ذلك، وأن مصر هي أولى الدول التي أقامت علاقات طبيعية مع إسرائيل، فإن غالبية الشعب المصري لا تريد تطبيعا، وهناك حالة قبول رسمي لهذا الموقف الشعبي، وهناك حالة تفهم عميقة داخل أجهزة الدولة المصرية لهذا المزاج الشعبي الرافض للتطبيع مع إسرائيل لأنه يرى في كل يوم جرائم ترتكب ضد الشعب الفلسطيني وفي لبنان وسوريا والعراق وفي كل منطقة تطولها اليد الإسرائيلية.

التطبيع دون دفع ثمن لن يتم

وواصل: "سلام الخضوع لن يتم، والتطبيع دون دفع ثمن لن يتم، ومحاولة حشر العرب في زاوية إقامة علاقات مع إسرائيل دون أن يكون هناك التزام إسرائيلي بأن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم أتصور أنه لن يتم.. وطالما هناك احتلال فهناك مقاومة".

مقالات مشابهة

  • حماس: إسرائيل خرقت الاتفاق باستهداف المدنيين .. ونحن ملتزمون بكل تفاصيل الاتفاق
  • وزير الصناعة: مهلة 6 أشهر للمشروعات الصناعية التي أنجزت أكثر من 50% من الإنشاءات
  • إعلام إسرائيلي: الجيش يعلن تشخيص هوية الجثث الأربعة التي تسلمها من حماس
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • ترامب: مرحلة إعادة إعمار غزة تبدأ الآن
  • معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
  • مجدي الجلاد: أكثر من 70% من الوجوه التي شاهدناها في مجلس النواب السابق لن تكون موجودة في المجلس المقبل
  • أحمد موسى: لا سلام حقيقي دون إقامة الدولة الفلسطينية ونتنياهو يواجه مرحلة تكسير العظام
  • وزير الخارجية يثمن الجهود الأممية الداعمة لحماية المدنيين الفلسطينيين
  • حقيقة هدم برج إيفل عام 2026.. شائعة انطلقت من مقال ساخر