تشهد جهود القارة الأفريقية الرامية إلى اعتماد أنظمة دفع محلية باستخدام العملات الوطنية تقدما ملموسا، بعد أن كانت لوقت طويل مجرّد طموحات.

ويأمل القادة الاقتصاديون أن يؤدي هذا التحوّل إلى تقليص تكاليف التبادل التجاري التي استنزفت موارد بلدان القارة بسبب الاعتماد على الدولار.

ورغم أن هذه الخطوة تأتي استجابة لحاجة اقتصادية، فإنها تُواجه مقاومة سياسية، لا سيما من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يرى في هيمنة الدولار حجر الزاوية في النفوذ التجاري العالمي للولايات المتحدة.

وتعكس هذه المساعي الأفريقية توجهات مماثلة في دول مثل الصين وروسيا تسعى لبناء أنظمة مالية بديلة عن تلك التي يهيمن عليها الغرب.

لكن القادة الأفارقة يؤكدون أن ما يحفّزهم ليس الدوافع الجيوسياسية، بل الكلفة الباهظة للتحويلات بالعملات الأجنبية.

يقول مايك أوغبالو، الرئيس التنفيذي لنظام الدفع والتسوية الأفريقي (PAPSS) "هدفنا لا يتمثل في إلغاء التعامل بالدولار، بل في تجاوز المشكلات الهيكلية التي تواجه اقتصاداتنا عند الاعتماد على العملات الأجنبية لتسوية المعاملات".

وتُظهر البيانات أن الاعتماد على المصارف المراسلة خارج القارة يضيف أعباء كبيرة على تكاليف التحويلات المالية، ما يجعل التجارة الأفريقية أكثر كلفة بنسبة 50% مقارنة بالمتوسط العالمي.

ويُقدّر أن استخدام أنظمة الدفع المحلية مثل PAPSS، الذي يتيح تسوية المدفوعات بالعملات الوطنية مباشرة بين الدول، قد يُخفض تكاليف التجارة البينية من 30% إلى 1% فقط، ويوفّر للقارة ما يصل إلى 5 مليارات دولار سنويا.

وانطلق النظام في عام 2022 بمشاركة 10 بنوك تجارية فقط، ويعمل الآن في 15 دولة منها كينيا وتونس وملاوي، ويضمّ أكثر من 150 بنكا في شبكته.

وبالتوازي، بدأت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي تقديم قروض للشركات الأفريقية بالعملات المحلية، بهدف تخفيف مخاطر تقلبات العملات الأجنبية.

وفي الوقت الذي تسعى فيه جنوب أفريقيا، بصفتها رئيسة مجموعة العشرين، إلى تعزيز أنظمة الدفع الإقليمية، لا تغيب الضغوط السياسية الأميركية عن المشهد.

فقد لوّح الرئيس ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الدول التي تسعى لتقليص اعتمادها على الدولار، وذلك في أعقاب مقترحات طرحتها دول مجموعة "بريكس" بشأن إنشاء عملة مشتركة بديلة.

إعلان

ورغم أن التحرك الأفريقي يستند إلى اعتبارات اقتصادية داخلية، فإن مراقبين يرون أن من الصعب فصله عن السياقات الجيوسياسية العالمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

هل توسّع واشنطن حظر التأشيرات ليشمل ثلثي دول أفريقيا؟

أفادت تقارير إعلامية أميركية، استنادا إلى وثائق رسمية مسرّبة، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس توسيع قائمة الدول الخاضعة لقيود السفر لتشمل 36 بلدا إضافيا، منها 26 دولة أفريقية، في سياق تشديده المستمر على سياسات الهجرة.

وبضمّ هذه الدول إلى القائمة الأصلية التي تشمل 10 بلدان أخرى، يصبح قرابة ثلثي بلدان القارة الأفريقية -36 من أصل 54- مهددة بالحظر الكلي أو الجزئي من دخول الولايات المتحدة في حال دخول القرار حيز التنفيذ، مما يجعل القارة الأكثر تأثرا بهذه السياسات حول العالم.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (الفرنسية) تحذير رسمي ومهلة زمنية

وفقًا لمذكرة رسمية صادرة بتاريخ 14 يونيو/حزيران الجاري، وجّه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تعليمات إلى سفارات بلاده في الدول المعنية بمنح حكوماتها مهلة 60 يوما للاستجابة لمعايير وضعتها الخارجية الأميركية، مع ضرورة تقديم خطط أولية بحلول 18 من الشهر ذاته. وحتى الآن، لم تُعرف طبيعة ردود تلك الحكومات.

تتضمن القائمة الجديدة دولا أفريقية مثل أنغولا وبنين والكاميرون والكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا وغانا ونيجيريا والسنغال وزيمبابوي وغيرها، إضافة إلى بلدان من آسيا والشرق الأوسط ومنطقة الكاريبي.

وتشير المذكرة إلى أن الدول التي لا تلتزم بالمعايير قد تُدرج رسميا ضمن قائمة الحظر بحلول أغسطس/آب المقبل.

وقد شملت القائمة الأساسية سابقا سبع دول أفريقية تخضع لحظر شامل، منها الصومال وليبيا وتشاد وإريتريا، في حين خضعت ثلاثة بلدان أخرى لقيود جزئية من بينها سيراليون وبوروندي وتوغو.

وصول أول دفعة من اللاجئين من بيض جنوب أفريقيا إلى أميركا بدعوى اضطهادهم عكس بقية شعوب القارة (الفرنسية) مبررات متعددة للقرار

تعزو الوثائق الأميركية هذا التوجه إلى دوافع تتعلق بمخاوف أمنية من بينها "رعاية الإرهاب" أو مشاركة أفراد من هذه الدول في أنشطة داخل الولايات المتحدة، إلى جانب قصور في أنظمة إصدار الوثائق وضعف السجلات الجنائية ومنح الجنسية لأجانب لا يقيمون داخل أراضيها.

إعلان

كما نُقل عن مسؤولين أميركيين القلق من ارتفاع معدلات مخالفي التأشيرات، وتردد بعض الحكومات في استقبال مواطنيها المُرحّلين.

وتتيح الإدارة الأميركية للدول المتأثرة فرصة لتجنب الحظر من خلال إبرام اتفاقيات إعادة استقبال المرحّلين، أو التوقيع على تفاهمات باعتبارها "دولًا ثالثة آمنة" تستقبل طالبي اللجوء، كما حدث مع الكونغو الديمقراطية سابقا.

قلق في أوساط المهاجرين

بحسب معهد سياسات الهجرة الأميركي، يُقدّر عدد المهاجرين من أصول أفريقية في الولايات المتحدة بنحو مليوني شخص، بينهم نسبة كبيرة من حملة الجنسية الأميركية، ويمثّلون الشريحة الأسرع نموا من حيث العدد.

وتحذر مديرة الاتصال في المعهد ميشيل ميتلستادت من أن التوسيع المحتمل للحظر قد يُجمّد أوضاع آلاف المهاجرين، ويحول دون سفرهم أو لمّ شمل أسرهم.

مواقف أفريقية متباينة

في الوقت الذي حذّرت فيه نيجيريا من مراجعة علاقاتها الاقتصادية مع واشنطن في حال تطبيق الحظر، عبّرت دول أخرى مثل سيراليون والصومال عن استعدادها للتعاون لمعالجة المخاوف الأميركية ضمن شراكة طويلة الأمد.

وفي موقف مماثل، دعا الاتحاد الأفريقي الإدارة الأميركية، عبر بيان رسمي صدر في الخامس من يونيو/حزيران الجاري، إلى اعتماد مقاربة تشاورية أكثر انفتاحا.

تأثيرات محتملة على العلاقات

يرى محللون أن هذا التوجه قد يهدد فرص التعاون بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية، لا سيما في ظل تنافس القوى الكبرى على الموارد الحيوية. واعتبر سرانغ شودوري، مدير برنامج الجنوب العالمي في معهد كوينسي، أن "هذه السياسات تشيّد جدرانًا تعيق التفاهم"، في وقت تحتاج فيه واشنطن إلى تعزيز روابطها في القارة.

ومع ترقّب إعلان القرار رسميا خلال أغسطس/آب المقبل، تزداد مخاوف المراقبين من تصعيد دبلوماسي محتمل بين الجانبين، في توقيت حساس يسبق الانتخابات التشريعية الأميركية المقبلة.

مقالات مشابهة

  • سعر الدولار اليوم الاثنين 23-6-2025 أمام الجنيه المصري في ختام التعاملات
  • مصر مقرًا للمركز التنسيقي لمكافحة الأمراض في إفريقيا
  • سعر الريال مقابل الدولار والعملات الأجنبية اليوم الإثنين 27 -12-1446
  • الدولار يواصل الارتفاع.. أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه اليوم في مصر
  • هل توسّع واشنطن حظر التأشيرات ليشمل ثلثي دول أفريقيا؟
  • الجنيه السوداني يستقر مؤقتا وسط سوق العملات الأجنبية
  • سعر الدولار اليوم السبت خلال التعاملات المسائية
  • سعر الريال مقابل الدولار والعملات الأجنبية اليوم السبت 25-12-1446
  • جهود أفريقية لإقامة مدفوعات بالعملات المحلية تصطدم بهيمنة الدولار وضغوط ترامب