وزير الإعلام اليمني : التطورات الأخيرة أكدت عجز النظام الإيراني وسقوط وهم القوة الإقليمية
تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT
عدن (الجمهورية اليمنية) - أكد وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة كشفت بوضوح عن عجز النظام الإيراني، الذي استنزف مقدرات شعبه لصناعة "وهم القوة الإقليمية"، عن حماية منشآته الاستراتيجية ورموزه العسكرية، وفقا لـ(سبأ) الشرعية.
وأوضح معمر الإرياني في تصريح صحفي، أن إيران بدت عاجزة حتى عن حماية منشآتها النووية ومراكز أبحاثها، وأن أذرعها في المنطقة، بما فيها مليشيا الحوثي وحزب الله، لم تكن سوى واجهات هشة لمشروع يترنح في الداخل، ويخسر أوراقه واحدة تلو الأخرى.
وأضاف الإرياني "أن هذه التطورات تؤكد حقيقة حاول النظام الإيراني إخفاءها على مدار سنوات، وهي هشاشته الميدانية وانكشافه العسكري.. مشيرا إلى أن الضربات الدقيقة التي استهدفت منشآت حيوية وأسفرت عن مقتل قيادات من الصف الأول وعلماء نوويين، قد أظهرت عجز إيران عن حماية عمقها الاستراتيجي.
وقال الإرياني "ما جرى ليس مجرد خسائر تكتيكية، بل هو حصاد أربعة عقود من السياسات القمعية في الداخل، والعدائية تجاه محيطه العربي".. مشيرا إلى أن هذه المرحلة تمثل انهيارا كاملا لمنظومة الدعاية الإيرانية التي سعى النظام على مدار عقود لتسويقها، من "قوة الردع" و"الثأر الحتمي" إلى وهم "السيادة" و"الهيبة الإقليمية"، وفصلا جديدا من مراحل سقوط النظام الإيراني وأدواته الإجرامية في المنطقة".
ولفت الإرياني إلى أن ما جرى لم يكن مفاجئا، بل هو نتيجة طبيعية لمسار طويل من القمع والاستبداد والفساد، وتبديد الثروات في تمويل الميليشيات ونشر الفوضى والإرهاب، فضلاً عن المتاجرة بالقضية الفلسطينية التي لم تكن يوما سوى ذريعة لتبرير التدخلات في شؤون دول المنطقة وبناء الأذرع المسلحة.
وفي ختام تصريحه، أكد الإرياني أن ما جرى يمثل رسالة صارخة لكل من راهن على هذا النظام المارق الذي لا يملك من أدوات البقاء سوى الخراب، ولا من أوراق التأثير سوى الدم والدمار" بأن زمن الابتزاز السياسي والمزايدات الشعاراتية قد ولى، مشددا على أن "العالم بات على قناعة تامة بخطر هذا النظام، وأن أمن واستقرار المنطقة لا يمكن أن يتحققا في ظل وجوده وما تبقى من أذرعه في المنطقة".
المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: النظام الإیرانی
إقرأ أيضاً:
أنس.. الكلمة التي أرعبت الرصاصة
لمن يهمه الأمر الاحتلال يلوّح باجتياح غزة بجدية، والمدينة تنزف منذ اثنين وعشرين شهرًا تحت نيران البر والبحر والجو. شهداؤها بعشرات الآلاف، وجرحاها بمئات الآلاف، وإن لم يتوقف هذا الجنون فلن يبقى من غزة سوى الركام، وستغيب صورة وصوت أهلها، وستسجّلكم ذاكرة التاريخ كشهود صامتين على جريمة إبادة لم يفعل أحد شيئًا لوقفها.
أنس الشريف، تغريدة قبل ساعة من استشهاده.
حين كنت شابًّا غِرًّا، كنت أظن كما رسمته وسائل الإعلام الغربية أن الإرهاب سيارة مفخخة، أو طائرة مختطَفة، أو حزام ناسف، وأن الإرهابي لا يكون إلا ذا لحية كثّة وملامح متجهّمة. لكنني أدركت لاحقًا أن هذا النمط ليس إلا شكلاً بدائيًّا أمام إرهاب الدول الذي نشهده اليوم؛ كالمجزرة المستمرة في غزة على مرأى ومسمع العالم. فالإرهابي ذو اللحية الكثّة ليس سوى مبتدئ أمام أولئك الذين يرتدون البذلات الفاخرة، ويعقدون ربطات العنق اللامعة، ويبتسمون بثقة أمام عدسات الكاميرات.
وقد تأتي صورة الإرهاب أحيانًا أقل دمويّة، كما حدث قبل أيام في بريطانيا حين خرجت مظاهرة سلمية تندّد بالمجزرة، فاعتُقل 522 مشاركًا فيها، كان أكثر من نصفهم قد تجاوزوا الستين عامًا.
افتتح الكيان الصهيوني هجومه الجديد على غزة باغتيال الصحفي النشيط أنس الشريف وثلاثة من رفاقه، بعد لحظات فقط من تغطيتهم للهجوم الهمجي على القطاع، في نهج ممنهج لإسكات الأصوات الحرة وترهيب الصحفيين وثنيهم عن كشف فصول المجزرة الجديدة التي بدأت للتو.
ولم تُخفِ الدولة المجرمة أن الاغتيال كان مقصودا، زاعمةً أن أنس قائد خلية لحماس. فكل صحفي تغتاله، في روايتهم، حماس، وكل طفل جائع يُقتل عند مواقع توزيع المساعدات حماس، وكل مسجد أو كنيسة أو مستشفى يُقصف حماس، وكل مظاهرة حماس، وكل ناشط فلسطيني حماس، بل إن قول الحقيقة حماس، والأمم المتحدة حماس، والدول التي تدين المجزرة حماس.
لقد تحوّلت هذه الكذبة المبتذلة إلى أسطوانة ممجوجة لا يرددها إلا نتن ياهو وزبانيته، وزبائن جيفري إبستين مغتصبو الأطفال، والسياسيون الفاسدون الذين تحرّكهم أموال اللوبيات الصهيونية.
وإذا كان أنس، كما يزعم الكيان المجرم، رأس خلية إرهابية، فلماذا لم يُغتَل وحده؟ ولماذا استُهدِف معه ثلاثة صحفيين آخرين، وابن شقيقته الذي لم يكن يحمل سوى حلم أن يصبح صحفيًّا مثل أنس حين يكبر؟
بالطبع، لن تثور وسائل الإعلام الأجنبية ولا كبار صحفييها لاغتيال أنس
ورغم سيطرة الكيان على 80% من قطاع غزة، وإقامته مصائد الموت التي يسميها مراكز مساعدات، وإنكاره وجود مجاعة أو إبادة جماعية، وادعائه أن الصحفيين يكذبون، فإنه في الوقت نفسه يمنع دخول الصحفيين الأجانب إلى القطاع. وهذا وحده دليل قاطع على أن ما ينقله الصحفيون من هناك هو الحقيقة العارية.
بالطبع، لن تثور وسائل الإعلام الأجنبية ولا كبار صحفييها لاغتيال أنس؛ قد يصدرون إدانات ويبدون شيئًا من الغضب، لكنه غضب لا يرقى إلى اعتبار اغتياله جريمة تمسهم جميعًا. وهم لم يغضبوا من قبل على اغتيال أكثر من 245 صحفيًّا حصدتهم آلة الحرب خلال اثنين وعشرين شهرًا، أي بمعدل صحفي واحد كل ثلاثة أيام، وهو رقم لم يشهد التاريخ مثله.
قبل اغتياله، تعرّض أنس لحملة تشويه صهيونية منظمة، قادها المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، الذي نعته بالإرهابي لمجرد ظهوره على شاشة التلفاز جائعًا منهكًا، وكأن الجوع أصبح تهمة إرهاب! ولعمري، لم أرَ في حياتي إرهابيًّا جائعًا.
وقد شُكّلت لجنة للدفاع عنه، وحذّرت المنظمات الأممية المعنية بحماية الصحفيين من الخطر الذي يحدق بحياته، وسط عشرات التغريدات التي نشرها بنفسه. لكن تلك التحذيرات ضاعت في الفراغ، بل إن وسائل الإعلام الغربية شككت في الأمر وتبنّت الرواية الصهيونية. عندها كتب أنس وصيته، وحمل كفنه، ومضى في جهاده بالكلمة والصورة حتى اللحظة الأخيرة.
لحق أنس ورفاقه بركب مئات الصحفيين الذين فقدوا منازلهم وعائلاتهم أولًا في محاولة لترهيبهم، لكنهم أبوا أن يضعوا الكاميرا أرضًا أو أن يصمتوا أمام الجريمة. قبل عامين، لم يكن اسم أنس يتردّد في الأروقة ولا يظهر على الشاشات، لكنه تسلّم الراية من رفيقٍ مضى شهيدًا قبله، وسيتسلمها من بعده آخرون، يحملون أرواحهم بأيديهم ليواصلوا هذه المهمة المقدسة، وهم يدركون أن ثمنها غالبًا حياتهم، مؤمنين بأن الكلمة والصورة ستنتصران على الرصاصة والقنبلة يومًا ما.
الدستور الأردنية