بينما يستمر الجدل في الأوساط العسكرية والدبلوماسية بشأن فعالية الضربات الأمريكية الأخيرة ضد البرنامج النووي الإيراني، خرج مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، جون راتكليف، بتصريحات لافتة أكد فيها أن الضربات "ألحقت أضرارًا جسيمة" ببنية البرنامج النووي الإيراني، مستندًا إلى ما وصفه بـ"مجموعة من الأدلة الموثوقة".

ويأتي هذا التصريح في وقت تتباين فيه التقييمات الاستخباراتية داخل الولايات المتحدة بشأن الأثر الحقيقي للهجوم، وسط صراع علني بين أجهزة الأمن الأمريكية والإعلام.

أدلة موثوقة ودمار طويل الأمد

في بيان رسمي نشر على موقع وكالة الاستخبارات المركزية، الأربعاء، أعلن جون راتكليف أن "الوكالة حصلت على معلومات استخباراتية موثوقة تشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني قد تضرر بشدة"، مضيفًا أن أجهزة الاستخبارات تبذل جهودًا واسعة النطاق لتقييم آثار الضربات الأمريكية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، السبت الماضي.

ولم يكشف راتكليف تفاصيل فنية دقيقة عن حجم الأضرار، إلا أنه أكد أن المعلومات المتوفرة تفيد بأن "العديد من المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية قد دُمرت، وأن إعادة بنائها ستستغرق سنوات".

ولم يُعرف ما إذا كانت تصريحات راتكليف تمثل التقييم الرسمي للوكالة، أم أنها تعكس موقفًا أوليًا يستند إلى مؤشرات أولية لم يُكشف عنها علنًا.

تباين استخباراتي

تصريحات راتكليف جاءت بعد أقل من 24 ساعة على نشر شبكةCNN وعدد من وسائل الإعلام الأمريكية تقييمًا أوليًا ل‍وكالة استخبارات الدفاع (DIA)، أشارت فيه إلى أن الضربات الأمريكية لم تدمر المكونات الحيوية للبرنامج النووي الإيراني، وأن التأثير سيكون مؤقتًا، ويُحتمل أن يؤخر طموحات طهران لبضعة أشهر فحسب.

هذا التباين في التقديرات الاستخباراتية دفع البيت الأبيض إلى التدخل مباشرة، حيث رفض متحدث باسمه تقييم DIA، واعتبره "خاطئًا ولا يعكس الواقع الميداني"، مؤكدًا أن الضربات كانت دقيقة وفعالة، وتتوافق مع تأكيدات الرئيس دونالد ترامب بأن "قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي قد أُنهِيت".

نطنز وفوردو وأصفهان "دُمّرت"

وفي سياق مماثل، كتبت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، الأربعاء، أن "المعلومات الاستخباراتية الجديدة تؤكد ما ذكره الرئيس الأمريكي مرارًا وتكرارًا: لقد دُمّرَت المنشآت النووية الإيرانية"، في إشارة إلى المواقع الثلاثة المستهدفة: نطنز، فوردو، وأصفهان.

وأضافت غابارد أن "إيران، إذا اختارت إعادة بناء هذه المنشآت، فستضطر للبدء من الصفر، وهو ما سيستغرق سنوات على الأرجح"، دون تقديم أدلة تدعم هذه التصريحات.

ويُعد دعم غابارد العلني لموقف ترامب مؤشراً على اصطفاف سياسي - استخباراتي داخل الإدارة الحالية في مقابل تفسيرات أكثر تحفظًا من بعض الأجهزة الأخرى.

انقسام استخباراتي مألوف لكن حاسم

من غير المألوف أن تظهر خلافات علنية بين وكالات استخباراتية أمريكية حول قضية بهذه الحساسية، لكنها ليست غير مسبوقة. وغالبًا ما تختلف الوكالات في كيفية تفسير البيانات الأولية القادمة من الأقمار الصناعية، أو تحليلات المراقبة التقنية والبشرية، خصوصًا في مسارح عمليات مغلقة مثل إيران.

وتراقب عدة أجهزة استخباراتية، من ضمنها وحدات تابعة للبنتاغون مسؤولة عن تحليل صور الأقمار الصناعية، التأثير الفعلي للهجوم. ومن المتوقع أن تظهر تقارير أكثر تفصيلًا خلال الأيام أو الأسابيع القادمة لتحديد مدى التدمير، خصوصًا في البنية التحتية التقنية والفنية الحساسة للمفاعلات والمنشآت البحثية.

بين الرواية السياسية والتقييم الاستخباراتي

حتى اللحظة، لا تزال الرواية الرسمية الأمريكية تسير في اتجاه التأكيد على "النجاح الكامل" للضربات ضد البرنامج النووي الإيراني، مدعومة من رئيس الاستخبارات الوطنية ومدير CIA. لكن بقاء تقييمات أخرى متحفظة داخل أجهزة أمنية أخرى، يفتح الباب أمام نقاش داخلي صاخب حول حقيقة التأثير الاستراتيجي للهجوم، وما إذا كانت إيران قد تلقت "ضربة قاضية" فعلًا، أم أنها تحتاج فقط إلى بعض الوقت لاستعادة قدرتها النووية.

في الحالتين، تزداد تعقيدات المشهد الإيراني – الأمريكي، ويتجه العالم نحو مرحلة أكثر توترًا على صعيد أمن الشرق الأوسط، وسيبقى البرنامج النووي الإيراني في صدارة أولويات أجهزة الاستخبارات الدولية لفترة طويلة قادمة.

طباعة شارك إيران أمريكا الاستخبارات الأمريكية ترامب حرب إيران

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إيران أمريكا الاستخبارات الأمريكية ترامب حرب إيران البرنامج النووی الإیرانی

إقرأ أيضاً:

الصين تفرض رسومًا "خاصة" على السفن الأمريكية ردًا على واشنطن

قالت وزارة النقل الصينية إن السفن التي تملكها أو تشغلها شركات وأفراد أمريكيون أو تلك التي بُنيت في الولايات المتحدة أو التي ترفع العلم الأمريكي ستواجه رسوم موانئ إضافية على كل رحلة ابتداء من 14 أكتوبر.

 

وزارة النقل الصينية ( الصين )

 

وأضافت الوزارة اليوم الجمعة أن هذه الرسوم هي إجراء مضاد لرسوم الموانئ الأمريكية القادمة على السفن الصينية.

 

اعتبارا من 14 أكتوبر أيضا، سيتعين على السفن المبنية في الصين أو التي تديرها أو تملكها كيانات صينية دفع رسوم في أول ميناء تتوقف فيه بالولايات المتحدة، ووفقا لتقديرات المحللين، يمكن أن تصل الرسوم إلى مليون دولار للسفينة التي تحمل أكثر من 10 آلاف حاوية، ويمكن أن ترتفع سنويا حتى عام 2028 .

 

وستواجه السفن التي تملكها أو تشغلها كيانات صينية رسوما ثابتة قدرها 80 دولارا لكل حمولة صافية في كل رحلة إلى الولايات المتحدة.

 

والرسوم الأمريكية على السفن المرتبطة بالصين، التي جاءت بعد تحقيق أجراه الممثل التجاري الأمريكي، جزء من جهود أميركية أوسع لإحياء صناعة بناء السفن المحلية وتقليص النفوذ البحري والتجاري لبكين.

 

وقالت وزارة التجارة الصينية: "إنها إجراءات تمييزية بوضوح وتلحق ضررا بالغا بالمصالح المشروعة لصناعة الشحن الصينية، وتزعزع استقرار سلسلة الإمداد العالمية، وتقوض النظام الاقتصادي والتجاري الدولي بشكل خطير".

 

وعلى مدى العقدين الماضيين، قفزت الصين إلى المركز الأول في صناعة السفن إذ تتولى أكبر أحواضها بناء سفن تجارية وعسكرية على حد سواء.

 

وقد يكون للرسوم الصينية على السفن الأميركية ضرر أقل على الولايات المتحدة من الرسوم الأميركية التي ستُفرض على عدد كبير من السفن الصينية.

 

ووفقا لمحللين عسكريين ومن قطاع السفن ، شيدت الصين العام الماضي أكثر من 1000 سفينة تجارية، في حين قامت الولايات المتحدة ببناء أقل من 10 سفن.

 

ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ أثناء حضورهما منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي في كوريا الجنوبية في نهاية أكتوبر.

 

15 شركة صينية في قائمة القيود

 

وفي سياق متصل، قالت وزارة التجارة الصينية في بيان اليوم الجمعة إن بكين تعارض بشدة إدراج الولايات المتحدة شركات صينية على "قائمة الكيانات" المستهدفة بقيود، مضيفة أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الحقوق المشروعة لشركاتها.

 

وذكر البيان أن بكين تحث الولايات المتحدة على تصحيح "الإجراءات الخاطئة" التي قالت الوزارة إنها تضر بحقوق ومصالح الشركات.

 

وقالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الخميس إن واشنطن فرضت عقوبات على نحو 100 فرد وكيان وناقلة، تتضمن مصفاة ومحطة صينيتين مستقلتين، وذلك لمساعدتهم إيران في تجارة النفط والبتروكيماويات، بحسب الاسواق العربية.

 

كما قالت الولايات المتحدة يوم الأربعاء إنها أدرجت 15 شركة صينية في قائمتها الخاصة بالقيود على الصادرات بسبب تسهيلها شراء مكونات إلكترونية أمريكية موجودة في طائرات مسيرة يشغلها حلفاء لإيران منهم جماعة "الحوثي" اليمنية وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس).

 

بنسبة 100%.. ترامب: "سنفرض رسوماً إضافية على الصين" ترامب يتوعد الصين برسوم جمركية هائلة: لن نسمح لها باحتجاز العالم رهينة الصين تكثف إجراءاتها الجمركية على رقائق الذكاء الاصطناعي من إنفيديا الصين.. إجلاء جميع المتسلقين العالقين في جبل إيفرست الصين تكشف عن أكبر "بطارية مائية" في العالم بقدرة 3.6 ميجاوات الصين تكشف عن أكبر توربين رياح عائم في العالم رئيس تايوان: سيطرة الصين على تايوان ستهدد الولايات المتحدة أيضًا وزيرا خارجية الصين وكوريا الجنوبية يعربان عن استعداد البلدين لتعميق العلاقات الثنائية الصين: إمدادات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان ينتهك الاتفاقات المبرمة بين بكين وواشنطن

 

مقالات مشابهة

  • إيران تشكك في اتفاق غزة وتتهم واشنطن بالانحياز لـإسرائيل
  • مدغشقر.. انقسام داخل الجيش بعد إعلان فيلق عسكري نفسه قيادة عليا للقوات المسلحة
  • اعتراف أمريكي: مواجهة إيران كان المحرك الرئيسي وراء التعاون الأمني العربي-الإسرائيلي
  • رئيس مدغشقر يتحدث عن محاولة انقلاب وسط انقسام الجيش
  • وزير الخارجية الإيراني: لا ثقة بإسرائيل وأمريكا في التزامات غزة.. ولا محادثات تتجاوز الملف النووي
  • الخارجية الأمريكية: دعوة إيران وإسبانيا لحضور قمة شرم الشيخ حول غزة
  • الصين تفرض رسومًا "خاصة" على السفن الأمريكية ردًا على واشنطن
  • العواصم الأوربية الكبرى تريد إحياء المفاوضات النووية مع إيران
  • 3 دول تؤكد عزمها على إحياء المفاوضات النووية مع إيران
  • الترويكا الأوروبية تعلن عزمها إحياء المفاوضات النووية مع إيران