ثورة داخل BBC بعد حظر فيلم أطباء غزة.. محاباة إسرائيل وعنصرية مع فلسطين
تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT
كشفت رسالة مفتوحة وجهها موظفون في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إلى مدرائهم؛ عن حالة الاستياء والغضب بين الموظفين إزاء سياسة الهيئة تجاه الشأن الفلسطيني، وذلك بعد إلغاء الهيئة بث فيلم عن أطباء غزة، مشيرين إلى أن شخصا واحدا مرتبطا بصحيفة جويش كرونيكل المؤيدة لإسرائيل يتحكم بقرارات الهيئة.
وأعلنت بي بي سي في 20 حزيران/ يونيو الماضي إلغاء بث الفيلم الوثائقي "غزة: أطباء تحت الهجوم" الذي يتناول هجمات الاحتلال الإسرائيلي على مستشفيات غزة وهو ما ينتهك القانون الدولي، بزعم وجود "مخاوف بشأن مبدأ الحياد".
وعلى إثر ذلك، أعلنت القناة الرابعة البريطانية أنها ستبث الفيلم يوم غد الأربعاء. وقالت القناة إنها تحققت مما أورده الفيلم ووجدت أن يتوافق مع معايير الأوفكوم (الهيئة المكلفة بالإشراف على البث التلفزيوني في بريطانيا).
والفيلم تم إعداده من قبل الصحفية راميتا نافالي، الحاصلة على جائزة إيمي مرتين، وكريم خان، المخرج الحاصل على جائزة إيمي مرتين أيضا، إلى جانب المحرر السابق في القناة الرابعة بن دي بير.
من جانبها، أفادت شركة "بيسمنت فيلمز" المنتجة للفيلم بأن الوثائقي حصل على تاريخ بث ست مرات على الأقل، وخضع لعملية تدقيق شاملة من قبل بي سي سي. واتهم مؤسس الشركة والمشرف على الفيلم، بن دي بير، في بيان، بي بي سي بعرقلة الصحافة وكتم الأصوات.
وبحسب صحيفة الديلي ميل، فإن أكثر من 300 صحفي في بي بي سي وخارجها وقعوا على الرسالة المفتوحة الموجهة للإدارة.
وبحسب ما جاء في نص الرسالة، فإنها "كُتبت من صحفيي بي بي سي، وتم توقيعها من مهنيين في صناعة الإعلام".
وتعبر الرسالة عن "المخاوف تجاه القرارات التحريرية غير الشفافة والرقابة في بي بي سي في تغطية (قضية) إسرائيل/ فلسطين".
وتضيف الرسالة: "نعتقد أن رفض بث الوثائقي "غزة: أطباء تحت النار" هو نقطة واحدة في سلسلة طويلة من القرارات المدفوعة بأجندة"، مضيفة أن القرار "يُظهر، مرة أخرى، أن بي بي سي لا تغطي بدون خوف أو محاباة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل".
وتؤكد الرسالة أن قرار عدم بث الفيلم قد اتخذ رغم أن محتوى الفيلم "يتوافق مع قواعد بي بي سي وسياستها التحريرية".
وتصف الرسالة قرار عدم بث الفيلم بأنه "قرار سياسي ولا يعكس العمل الصحفي في الفيلم"، مشيرة إلى بي بي سي "محكومة بالخوف من تصنيفها كناقدة للحكومة الإسرائيلية".
وأضافت الرسالة: "لا نطلب أن تنحاز بي بي سي لأي طرف، نحن نطلب أن يُسمح لنا بالقيام بعملنا في تقديم الحقائق بشفافية وفي سياقها الصحيح".
كما تحذر الرسالة التي كتبها موظفون في بي بي سي من أن "فشلنا سيؤثر على الجمهور. كمؤسسة نحن لا نقدم أي تحليل مهم حول تورط الحكومة البريطانية في الحرب على الفلسطينيين. لقد فشلنا في تناول مبيعات الأسلحة أو تبعاتها القانونية"، وهو الأمر الذي كشفه "المنافسون".
وأكدت الرسالة أن تغطية بي بي سي في هذا السياق ليست عرَضية، بل إن "كثيرا من هذه التغطية "توصف بالعنصرية المعادية للفلسطينيين".
وعبرت الرسالة عن مخاوفها نتيجة اعتماد بي بي سي على أحد الأشخاص الذين يرتبطون بصلة قوية بصحيفة جويش كرونيكل، "الوسيلة الإعلامية التي نشرت مرارا محتوى معاد للفلسطينيين وغالبا عنصري، لأن تكون له كلمة في القرارات التحريرية لبي بي سي تحت أي صفة، بما في ذلك القرار بعدم بث" الفيلم الأخير. وشددت الرسالة على أن "تضارب المصالح هذا؛ يسلط الضوء على المعايير المزدوجة" في بي بي سي.
وتشير الرسالة إلى روبي غيب، الذي يترأس لجنة المعايير التحريرية في بي بي سي إلى جانب عضوية مجلس الإدارة. وغيب قاد تحالفا لإنقاذ جريدة جويش كرونيكل اليهودية والمؤيدة لإسرائيل، من التصفية عام 2020، وكان غيب هو المدير الوحيد المسجل في الشركة المالكة للجريدة حتى آب/ أغسطس 2024.
وقالت الرسالة: "في بعض الحالات اتُهم موظفون بأن لهم أجندات بسبب نشرهم تقارير خبرية ناقدة للحكومة الإسرائيلية على حساباتهم في التواصل الاجتماعي، وفي المقابل، فإن غيب يبقى في موقع مؤثر مع قليل من الشفافية بشأن قراراته بالرغم من توجهاته الأيديولوجية المعروفة جيدا". وقالت إن دور غيب في المنصبين "لا يمكن الدفاع عنه".
وقالت الرسالة: منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أصبح واضحا بشكل متزايد لجمهورنا أن تغطية بي بي سي بشأن إسرائيل/ فلسطين لا ترقى لمعاييرنا التحريرية". وأوضحت أن بي بي سي "فشلت في نقل الواقع وسياق الحرب على الفلسطينيين" في غزة والضفة الغربية، رغم وجود تقارير من جهات عديدة ذات مصداقية مثل منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة.
وعبرت الرسالة عن النظرة لبي بي سي بأنها "تقوم بحملة علاقات عامة للحكومة الإسرائيلية والجيش. هذا يجب أن يكون مدعاة للشعور بالعار الكبير والقلق من قبل الجميع في بي بي سي".
ورغم "فشل" بي بي سي، إلا أن معدي الرسالة يرصدون تحولا كبيرا في توجهات الرأي العام في الأشهر الأخيرة، مشيرين إلى أنه مع "تصاعد الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين" أصبح الرأي العام والبرلمانيين في بريطانيا على بيّنة مما يجري.
وذكرت الرسالة أن "القرارات التحريرية لبي بي سي يبدو أنها تنفصل بشكل متزايد عن الواقع، لقد توصلنا لخلاصة بأن القرارات اتُخذت لتلائم الأجندة السياسية بدلا من خدمة حاجة الجمهور".
وأشارت إلى أن "تغطية بي بي سي تبدو كأنها تقلل من أهمية الدور الإسرائيلي وتعزز من التصور النمطي بأن "إسرائيل أولا"، وهو ما ينال من مصداقيتنا".
من جهتها، نقلت الديلي ميل على موقعها الالكتروني عن مصدر مطلع على الوضع في بي بي سي قوله: "الناس في المستوى الإشرافي وهم صحفيون متمرسون ويأخذون هذه القرارات بشكل يومي؛ يتم إلغاؤهم من قبل أشخاص يتظاهرون بأنهم صحفيون. هذا ثورة مفتوحة" في بي بي سي.
وقال المصدر: "المدراء أقروا الفيلم عدة مرات ثم تم تأجيله خمس مرات على الأقل، وأن الأمر ليس مرتبطا بتقرير جونستون" الذي يتعلق بالتحقيق في فيلم آخر سحبته بي بي سي عن أطفال غزة في شباط/ فبراير الماضي.
ويضيف المصدر: "لقد قالوا إنه (الفيلم) مهم، ويمثل العمل الصحفي الذي يهم المصلحة العامة (..) بعد هذا التأجيل المتكرر لأكثر من ستة أسابيع، اعتذروا وقالوا: آسفون، هذا بسبب تقرير جونستون".
ومن بين الموقعين على الرسالة، أكثر من 40 شخصا من "BBC Eye"، وهم ممن تابعوا إنتاج الفيلم.
ويرصد الفيلم تدمير أو استهداف جميع المستشفيات الرئيسة في غزة، والبالغ عددها 36 مستشفى. ويتضمن مقابلات مع أطباء من غزة للإدلاء بشهاداتهم، وتوثيقا للدمار في المستشفيات، إضافة إلى ما يتعرض له الأطباء والعاملون الصحيون من قتل وسجن وتعذيب.
من جهتها، أعلنت شبكة (Zeteo) التي أسسها الإعلامي مهدي حسن، أنها استحوذت على حقوق نشر الفيلم. وقالت الشبكة إنها ستتولى نشر الفيلم دوليا لمشتركيها عبر الإنترنت خارج بريطانيا، بعد تراجع بي بي سي عن عرضه.
وكان أكثر من 600 العاملين في صناعة الأفلام، بينهم حائزون على جائزة الأوسكار، قد وقعوا على عريضة في أيار/ مايو الماضي ينتقدون فيها قرار بي بي سي تأجيل عرض الفيلم، واتهموها بفرض الرقابة على الصوت الفلسطيني.
وكانت بي بي سي قد بدأت بالعمل على الفيلم قبل نحو عام، لكنها أوقفت العمل في إنتاجه في نيسان/ أبريل الماضي، بحجة التحقيق في الفيلم الآخر، قبل أن تقرر أخيرا عدم بثه.
وكانت بي بي سي قد سحبت في شباط/ فبراير الفيلم الوثائقي "غزة: كيف تنجو في منطقة الحرب"، الذي يتناول تأثير الحرب على الأطفال في غزة. فبعد بث الفيلم على قناة بي بي سي الثانية في17 شباط/ فبراير، أعلنت سحبه من منصة "آي بلاير" الخاصة بها.
وبررت الهيئة قرار سحب الفيلم بأنه "من أجل التحقيق والتأكد بعد الكشف عن أن الراوي الرئيس عبد الله البالغ من العمر 13 عاما، هو نجل وزير في حكومة حماس، أيمن اليازوري، وحفد أحد مؤسسي الحركة إبراهيم اليازوري.
ويروي الفيلم تجارب الأطفال تحت الإبادة الإسرائيلية، وماذا يفعلون لشغل أنفسهم، وهم يحاولون البقاء على قيد الحياة. وقد استغرق إعداد الفيلم تسعة أشهر، وأشرف عليه منتجان من لندن كانا يوجهان المصور على الأرض في غزة.
وذكر بيان بي بي سي حينها أنّ الوثائقي تقرر سحبه لأنه "غير مستوف لمعايير الحيادية المتبعة" في الهيئة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الفلسطيني غزة بي بي سي الإسرائيلي بريطانيا بريطانيا إسرائيل فلسطين غزة بي بي سي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی بی بی سی من قبل فی غزة
إقرأ أيضاً:
تباينات داخل إسرائيل وضغوط دولية متزايدة لإنهاء الحرب في غزة
تعيش الساحة الإسرائيلية حالة من التوتر والتباين السياسي والعسكري بشأن مستقبل الحرب في قطاع غزة، وسط تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية للدفع نحو وقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل للأسرى تضع حدًا للصراع المستمر منذ أكتوبر 2023.
كشفت مصادر عبرية عن وجود خلافات متنامية داخل الجيش الإسرائيلي بشأن جدوى الاستمرار في العمليات العسكرية في القطاع، في ظل عدم وضوح الأهداف المتبقية وتصاعد التكلفة البشرية والاقتصادية. وفيما يرى قادة عسكريون أن الحرب حققت "إنجازات استراتيجية"، يعتبر آخرون أن استمرارها قد يهدد حياة الأسرى الإسرائيليين ويعمق الأزمة.
أزمة تمويل الحربصحيفة "يديعوت أحرونوت" نقلت عن مسؤولين أمنيين أن الجيش يطالب بزيادة فورية للميزانية بقيمة 60 مليار شيكل لتمويل الحرب على إيران و"عملية عربات غدعون" في غزة. وتشمل المطالب شراء صواريخ "حيتس" وعتاد حربي واقٍ للجنود، لكن وزارة المالية تعارض هذه المطالب، ما أدى إلى تأخير في التمويل وعرقلة تجديد المخزونات.
إشارات أمريكية متزايدة لوقف الحربالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريح مقتضب عبر منصته "تروث سوشيال"، دعا إلى التوصل السريع إلى "صفقة غزة" تضمن وقف القتال وإعادة المحتجزين الإسرائيليين. وترافقت هذه الدعوة مع تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة دعا فيها إلى "التحلي بالشجاعة السياسية" من أجل إنهاء الحرب.
وفي سياق موازٍ، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن الإدارة الأمريكية تبذل جهودًا مشتركة مع تل أبيب لإفشال مشروع قرار في مجلس الأمن يهدف إلى وقف نشاط صندوق المساعدات الإنسانية لغزة (GHF)، وسط اتهامات روسية بحدوث تجاوزات في توزيع المساعدات.
تدهور إنساني غير مسبوق في غزةأفادت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي بلغ منذ 7 أكتوبر 2023 أكثر من 56،500 شهيد، إلى جانب نحو 134 ألف جريح. وخلال الـ24 ساعة الماضية فقط، سجلت المستشفيات 28 شهيدًا و223 إصابة، مع استمرار وجود ضحايا تحت الأنقاض يصعب الوصول إليهم بسبب القصف.
مواقف متضاربة بشأن صفقة الأسرىالقيادي في حركة "حماس" محمود مرداوي اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتلاعب بمشاعر عائلات الأسرى وفرض شروط تعجيزية تعيق التوصل إلى صفقة تبادل شاملة. وقال مرداوي إن نتنياهو يصر على إطلاق عدد محدود من الأسرى الإسرائيليين، ويتجاهل إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل يشمل الجميع.
في المقابل، شدد نتنياهو خلال زيارته إلى مقر جهاز "الشاباك" على أن الحرب أزالت "تهديدين وجوديين" عن إسرائيل، مشيدًا بالتقدم التكنولوجي والاستخباري، ومشيرًا إلى أن "فرصًا إقليمية كبرى" باتت مفتوحة أمام إسرائيل بعد ما وصفه بـ "النصر".
تحركات ميدانية وخطط مستقبليةأفادت القناة "كان" الإسرائيلية بأن الجيش بدأ بنشر "فرقة جلعاد" (96) على الحدود مع الأردن، في حين يستعد لاستكمال السيطرة على ما تبقى من قطاع غزة، حيث يسيطر حاليًا على نحو 65% من مساحته، وفق مصادر أمنية. ويجري الكابينت الأمني المصغر اجتماعات متكررة في مقر القيادة الجنوبية ببئر السبع لمراجعة خطط الحرب ومصير الصفقة.
تحركات دبلوماسية مكثفةفي إطار الجهود الإقليمية، أجرى وزير الخارجية المصري محادثة هاتفية مع المبعوث الأمريكي ويتكوف، شدد فيها على ضرورة وقف إطلاق النار، إدخال المساعدات، والإفراج عن الأسرى والرهائن. كما أكد على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة هي السبيل الوحيد لتفادي دوامة التصعيد المستمر في المنطقة.
من جانبها، شددت قطر على ضرورة فصل الجانب الإنساني عن العسكري في إدارة الأزمة، وانتقدت "التعنت الإسرائيلي" في منع دخول المساعدات، فيما أكدت استمرار الجهود الدولية للوصول إلى حل سياسي يشمل الملفين الفلسطيني والإيراني.
دعوات داخلية لإنهاء الحربوفي تعبير نادر، قال الوزير الإسرائيلي يعقوب مارغي: "الجميع يدرك أن الحرب يجب أن تنتهي، ويجب إعادة المختطفين والأموات"، وهو تصريح يعكس شعورًا داخليًا متزايدًا في إسرائيل بضرورة إنهاء النزاع وإنقاذ ما تبقى من الرهائن بأسرع وقت.