فلسطينية من قطاع غزة عُرفت بكونها أول امرأة تمتهن مهنة صيد الأسماك في فلسطين، متحدية الأعراف السائدة في سبيل إعالة أسرتها وسط الظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية في القطاع المحاصر. وسرعان ما أصبحت وجها مألوفا بين الصيادين. أُطلق اسمها على السفينة رقم 36 ضمن "تحالف أسطول الحرية"، الذي يسعى إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عام 2007.

المولد والنشأة

وُلدت مادلين محمد محمود كلاب يوم 21 مايو/أيار 1994، في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، ونشأت في كنف أسرة مكوّنة من 4 أفراد، هي أكبرهم.

تنحدر عائلتها من قرية حمامة الواقعة في فلسطين التاريخية، والتي هجّرت إسرائيل سكانها قسرا عام 1948. ومنذ ذلك الحين، تنقّلت الأسرة بين عدد من مخيمات اللاجئين داخل قطاع غزة، حتى استقر بها الحال في مخيم الشاطئ.

في عام 1990 أُصيب والد مادلين بشلل ناتج عن مرض في المفاصل نتيجة عمله في البحر، مما اضطره إلى ترك مهنة الصيد التي كانت مصدر رزق العائلة، وقد استشهد لاحقا أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2023.

في عام 2018 تزوجت مادلين من صياد تعرّفت إليه أثناء عملها في البحر، ورُزقا 4 أطفال.

مادلين تزوجت عام 2018 من صياد تعرّفت إليه أثناء عملها في البحر ورُزقا 4 أطفال (الأناضول) الدراسة والتكوين العلمي

تلقت مادلين تعليمها في مدارس مدينة غزة، وأنهت المرحلة الثانوية في مدرسة بشير الريس للبنات. واصلت دراستها الجامعية وحصلت على دبلوم في تصميم الأزياء من اتحاد الكنائس في غزة.

لاحقا التحقت بدبلوم السكرتاريا التنفيذية في كلية بيت المقدس للعلوم التقنية، لكنها لم تتمكن من استكماله بسبب ظروفها المادية الصعبة.

فوق أمواج البحر

بدأت علاقة مادلين بالبحر منذ طفولتها، لكونه لا يبعد سوى أمتار عن منزلها في مخيم الشاطئ، فكانت تزوره بشكل شبه يومي.

واعتادت مساعدة والدها في نصب شباك الصيد وغزلها، وتعلّمت مبكرا ركوب القارب الصغير المعروف بـ"الحسكة" والتجديف، وسرعان ما تحوّل ذلك إلى مهنة تحت وطأة الحاجة. وبعد إصابة والدها بالشلل وغياب المعيل، اضطرت مادلين إلى خوض غمار الصيد في سن الثالثة عشرة.

تحمّلت مادلين المسؤولية مبكرا، وأصبحت العمود الفقري لعائلتها توفر لها قوت يومها ومستلزمات الحياة الأساسية، بمشاركة إخوتها الذين عملوا إلى جانبها. وتقول إنها تشعر بالفخر لكونها سندا لعائلتها في غياب أي مصدر دخل آخر.

كانت مادلين تُبحر يوميا حتى حدود الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على غزة، وتصيد الأسماك وتبيعها في الأسواق لتأمين لقمة العيش، إلا أن مراكب الاحتلال الحربية لم تتركها وشأنها؛ ففي عام 2016، اعترضت زوارق الاحتلال قاربها وصادرته، وسرقت منها شباك الصيد أكثر من مرة، في اعتداءات متكررة.

مادلين ولدت في مخيم الشاطئ لأسرة تنحدر من قرية حمامة الواقعة في فلسطين التاريخية (الأناضول)

وبعد حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقدت مادلين مصدر رزقها الوحيد، وأُجبرت وعائلتها على ترك منزلهم في مخيم الشاطئ، والنزوح إلى عدد من المناطق في غزة أولها مستشفى الشفاء الطبي ثم مدينة خان يونس فرفح ثم إلى دير البلح فمخيم النصيرات.

إعلان قوارب مدمرة

في 9 فبراير/شباط 2025، عادت مادلين إلى منزلها في مدينة غزة، بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من المدينة ضمن بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ولكن مع استئناف العدوان الإسرائيلي على القطاع في مارس/آذار 2025، استهدفت الزوارق الحربية الإسرائيلية قوارب مادلين وزوجها، ودمرت مستودعا كانا يستخدمانه لتخزين معدات وأدوات الصيد، وبذلك خسرت مورد رزقها من جديد.

تواجه مادلين جملة من التحديات المعقدة؛ أبرزها استهداف الاحتلال المتكرر للصيادين الفلسطينيين، ما اضطرها إلى التوقف عن النزول إلى البحر في فترات الحرب، ومن ثم فقدت مصدر دخلها الوحيد. يُضاف إلى ذلك النظرة المجتمعية السلبية التي تُحيط بالنساء العاملات في مهن تُعتبر حكرا على الرجال، ومنها الصيد البحري.

سفينة مادلين

أطلق اسم مادلين على السفينة الـ36 ضمن تحالف أسطول الحرية، الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007.

أبحرت السفينة مطلع يونيو/حزيران 2025 من ميناء كاتانيا الإيطالي باتجاه القطاع، وكانت تحمل على متنها 12 ناشطا من جنسيات متعددة، إضافة إلى مساعدات إنسانية تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية، قبل أن تستولي عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر التاسع من يونيو/حزيران بينما كانت في المياه الدولية في طريقها إلى غزة.

وعلمت مادلين عن السفينة من إحدى صديقاتها الناشطات في أيرلندا، التي أخبرتها بأن الهدف من الرحلة هو إيصال مساعدات إلى قطاع غزة، متحدية بذلك الحصار الإسرائيلي، وقد تأثر النشطاء بقصتها، وقرروا إطلاق اسمها على السفينة تكريما لصمودها ونضالها، كما تواصل معها ناشط كندي، وأخبرها أنهم يريدون إطلاق اسمها على مركب آخر منطلق إلى غزة لكسر الحصار الإسرائيلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحصار الإسرائیلی فی مخیم الشاطئ قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يقتحم بلدة فلسطينية جنوب شرق بيت لحم

أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الجمعة، على اقتحام بلدة تقوع، جنوب شرق بيت لحم.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن قوات الاحتلال اقتحمت تقوع، وتمركزت وسط البلدة، وأطلقت قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع، دون أن يبلغ عن إصابات.
ورحّب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يُلزم إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بضمان الوصول الإنساني الكامل إلى قطاع غزة واحترام مقار الأمم المتحدة.

اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

ترحيب فلسطيني بقرار أممي يلزم إسرائيل بتمكين الوصول الإنساني الكامل إلى غزة إيران تصادر ناقلة أجنبية محمّلة بستة ملايين لتر من الديزل..ما القصة؟

 مؤكدا أن التصويت الواسع يعكس موقفا دوليا ثابتا يدعم وكالة الأونروا ويجدد الاعتراف بولايتها ودورها الأساسي في حماية اللاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات لهم في ظل الظروف الاستثنائية.

وأشار فتوح إلى أن القرار يستند إلى الرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية بشأن مسؤوليات إسرائيل القانونية، محذرا من التصعيد الخطير في سياسات الاحتلال والتطهير العرقي وتدهور الوضع الإنساني. 

ودعا جميع الدول إلى مواصلة دعم الأونروا باعتبارها الجهة المخوّلة بتقديم الإغاثة والخدمات للاجئين، بما يضمن الاستجابة للأوضاع المتفاقمة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة في قطاع غزة الذي يواجه عدوانا مستمرا وتهجيرا قسريا.

وجدد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، الدعوة إلى رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وعدم تعطيل عمل الأونروا والمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.

وأوضح المتحدث أن مئات الآلاف من النازحين ما زالوا معرضين لمخاطر الأمطار والسيول في ظل غياب وسائل الإيواء الملائمة، مشيراً إلى أن الخيام والمنازل المتنقلة والعاملين الإنسانيين يُمنعون من دخول القطاع.

ودعا إلى تسهيل وصول المساعدات العاجلة وتوفير الحماية للمدنيين في ظل استمرار تدهور الوضع الإنساني.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن قطاع غزة يشهد تحسناً طفيفاً في توافر الرعاية الصحية، لكنه ما يزال يعاني من تدهور حاد ونقص كبير في الإمدادات والمعدات الطبية، فيما يفاقم فصل الشتاء مخاطر الأمراض والعدوى.

وأوضح ممثل المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة، الدكتور ريك بيبركورن، في مؤتمر صحفي من غزة، أن نحو 50% من مستشفيات القطاع تعمل جزئياً، بينما لا يستطيع نحو 37 ألف شخص في شمال غزة الوصول إلى المرافق الصحية.

وأشار بيبركورن إلى أن المستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة يقعان خارج "خط وقف إطلاق النار"، في حين يقع مستشفى الشهيد كمال عدوان داخله. وكشف أن المنظمة حاولت إنشاء مركز رعاية صحية داخل مستشفى كمال عدوان، لكنها مُنعت من بدء العمل، ما دفعها لتحديد موقع بديل في بيت لاهيا سيُباشر العمل فيه قريباً.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادرها داخل الدولة العبرية أن جيش الاحتلال يُخطط لعملية عسكرية ضد حزب الله قد تؤدي إلى التوصل لتسوية مع لبنان

مقالات مشابهة

  • إصابة طفلة فلسطينية برصاص جيش العدو الإسرائيلي جنوب قطاع غزة
  • مفاوضات في برلين وضرب سفينة تركية بأوكرانيا وأردوغان يحذّر
  • الاحتلال يُجبر عائلات فلسطينية على ترك منازلهم في نابلس
  • تحسُّن طفيف في طقس كفر الشيخ مع استمرار فرص الأمطار وانتظام الصيد
  • تحالف أسطول الحرية يعلن خططًا لتوسيع رحلات كسر حصار غزة عام 2026
  • تعرضت لهجوم جوي.. تضرر سفينة تركية بضربة روسية في البحر الأسود
  • صاروخ روسي يضرب سفينة تركية في أوديسا بالتزامن مع لقاء أردوغان وبوتين!
  • الاحتلال يقتحم بلدة فلسطينية جنوب شرق بيت لحم
  • لتحسن الأحوال الجوية.. استئناف أنشطة الصيد والملاحة في كفر الشيخ
  • أسطول الحرية يعلن أكبر توسّع في حملات كسر حصار غزة منذ تأسيسه