حذرت منظمات أممية من تفاقم غير مسبوق في مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في 13 دولة ومنطقة تُصنف كبؤر ساخنة للجوع، في تقرير مشترك صدر مؤخرًا عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، حمل عنوان "بؤر الجوع 2025"، وحدد خمس مناطق على الأقل تواجه خطر المجاعة الوشيكة، بينها أربع دول عربية، على رأسها قطاع غزة المحاصر.



ويشير التقرير إلى أن هذه المناطق تعاني من مزيج قاتل من النزاعات المسلحة، والأزمات الاقتصادية المتصاعدة، والظروف المناخية القاسية، محذرًا من أن هذه العوامل مجتمعة تدفع مجتمعات بأكملها إلى مستويات كارثية من الجوع، تستدعي استجابة إنسانية فورية وموجهة.

.@FAO-@WFP warn acute food insecurity is set to worsen in 13 #HungerHotspots, putting millions of lives at risk.

Without swift and scaled up humanitarian intervention, hunger will likely escalate, food access will dwindle, and instability is expected to spread.#FightFoodCrises — FAO in Emergencies (@FAOemergencies) June 16, 2025
غزة.. مجاعة صامتة تحت الحصار والنار
في قطاع غزة، يبدو أن الكارثة الإنسانية تتجه نحو ذروتها. فمع استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المدمرة منذ أكثر من 20 شهرًا، بات جميع سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة٬ يواجهون مستويات "الأزمة أو ما هو أسوأ" من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى حسب تصنيف IPC الأممي). 

ويُقدر أن نحو 470 ألف شخص يعيشون بالفعل في حالة "جوع كارثي" (المرحلة الخامسة)، ما يعني أنهم على حافة المجاعة.

ويحذر التقرير من أن انعدام الخطط الفعالة لإيصال المساعدات الغذائية وغير الغذائية، إلى جانب العمليات العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق، يفاقمان الوضع ويهددان بحدوث مجاعة شاملة بحلول نهاية أيلول/سبتمبر 2025.

"هيكل عظميّ"..
استشهاد المواطن أيوب صابر أبو الحصين (29 عاماً) من خانيونس، متأثراً بسوء التغذية الحاد نتيجة الحصار الخانق وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة. pic.twitter.com/M7pig0vBJB — أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) July 1, 2025
السودان.. أكثر من نصف السكان يواجهون الجوع
ويشكل السودان إحدى النقاط الأكثر تأزما، مع استمرار النزاع المسلح منذ نيسان/أبريل 2023 وتفاقم النزوح الجماعي. 

ويُتوقع أن يعاني أكثر من 24.6 مليون سوداني (أكثر من 50% من السكان) من انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم نحو 8 ملايين شخص في حالة "طوارئ" (المرحلة الرابعة)، وقرابة 637 ألفًا في حالة "كارثية" (المرحلة الخامسة). 

كما يتوقع التقرير أن يعاني أكثر من 770 ألف طفل من سوء تغذية حاد وخيم خلال العام الجاري.

ويأتي ذلك في وقت أُعلن فيه رسميًا عن وقوع المجاعة بالفعل في أجزاء من إقليم دارفور العام الماضي، فيما تُحذر الأمم المتحدة من تفشيها على نطاق أوسع إذا لم تُنفذ تدخلات إنسانية عاجلة.

سوريا.. آثار الحرب والاقتصاد المنهار
وبعد أكثر من 14 عاما من الحرب والصراع، تعاني سوريا من واحدة من أكبر أزمات الأمن الغذائي عالميا، نتيجة مزيج من العوامل المتشابكة، أبرزها النزوح، والقيود على الوصول الإنساني، والانهيار الاقتصادي، وتعطل الخدمات الأساسية، ونقص المدخلات الزراعية، إضافة إلى آثار العقوبات الغربية، رغم رفع بعضها جزئيا في أيار/مايو الماضي.

ويشير التقرير إلى أن موجات الجفاف المستمرة وضعف الإنتاج الزراعي يزيدان من تدهور الوضع، وسط تحذيرات من ارتفاع إضافي في معدلات انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

الصومال.. الأمطار الغائبة تقود إلى الجوع
في الصومال، تتراكم الأزمات المناخية والأمنية لتشكل تهديدا مستمرا للأمن الغذائي. فبعد موسم أمطار غير منتظم، تشير التوقعات إلى موسم زراعي ضعيف للمرة الثانية على التوالي، ما يهدد المحاصيل ويضاعف أعباء النزوح والصراعات الداخلية.

ويشير التقرير إلى أن الفيضانات المحلية، والارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، واستمرار العنف، كلها عوامل تدفع نحو تفاقم الوضع الإنساني، مع ازدياد عدد من يعانون من سوء التغذية الحاد والجوع الشديد.

جنوب السودان وهايتي ومالي.. مشهد قاتم
يرصد التقرير الأممي أوضاعا مقلقة في دول أخرى، على رأسها جنوب السودان، حيث يُتوقع أن يعاني نحو 7.7 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم 63 ألفا يعيشون في ظروف تشبه المجاعة، وسط فيضانات وغياب الاستقرار السياسي.

أما في هايتي، فقد أدى تصاعد عنف العصابات إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان، ويواجه أكثر من 8 آلاف و400 شخص حالة "جوع كارثي"، فيما تتجه مالي إلى وضع مشابه، مع توقع تعرض نحو 2600 شخص لخطر المجاعة نتيجة الصراع الداخلي وارتفاع أسعار الحبوب.

حروب وجفاف وأزمات اقتصادية
تبين البيانات الأممية أن أعمال العنف المسلح تظل السبب الرئيسي في تفاقم الأزمة في 12 من أصل 13 بؤرة جوع ساخنة. فالنزاعات المسلحة، وما تخلفه من نزوح جماعي، وتعطيل للإنتاج الزراعي، وقطع لطرق الإمداد، تظل المحرك الأساسي نحو المجاعة.

كما تساهم الصدمات الاقتصادية، بما في ذلك التضخم، وضعف العملة المحلية، وارتفاع أسعار الأغذية والأسمدة، في تعقيد المشهد، إضافة إلى تأثيرات المناخ القاسية مثل الجفاف والفيضانات وغياب المواسم الزراعية.

Conflict fuels hunger. It’s driving families to the edge of famine in Sudan, Gaza, Haiti, South Sudan & Mali––and 8 more hot spots––where @WFP is doing everything we can to get food in.

This new report is a call to act NOW with funding, solutions to end conflicts & access. — Cindy McCain (@WFPChief) June 16, 2025
وفي سياق إطلاق التقرير، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه العميق من تراجع المساعدات الدولية. وقال: "الجوع في القرن الحادي والعشرين غير مبرر. لا يمكننا التعامل مع الأمعاء الخاوية بفراغ الأيدي وإدارة الظهور".

من جانبها، وصفت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، التقرير بأنه "جرس إنذار خطير"، وأضافت: "نعلم تماما أين يتفاقم الجوع، ونعرف من هم الأكثر عرضة للخطر. لكن من دون تمويل كافٍ وقدرة على الوصول، لا يمكننا إنقاذ الأرواح".

يشير التقرير إلى أن المجاعة لا تُعلن رسميًا إلا إذا استوفى الوضع ثلاثة شروط: معاناة ما لا يقل عن 20% من السكان من نقص حاد في الغذاء، وإصابة 30% من الأطفال بسوء تغذية حاد، ووفاة شخصين يوميًا من بين كل 10 آلاف شخص بسبب الجوع أو الأمراض المرتبطة به.

ويأتي التقرير المشترك الصادر في 16 حزيران/يونيو الماضي٬ في وقت تعاني فيه المؤسسات الإنسانية من فجوات تمويلية خطيرة، وسط ازدياد التحديات الأمنية التي تعيق الوصول إلى المناطق المتضررة.

What is #famine? It's a global standard for defining the most devastating form of hunger.

But famine is never inevitable.

Swipe to learn more. — World Food Programme (@WFP) June 13, 2025

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الجوع غزة الحصار السودان الصومال السودان غزة الصومال حصار الجوع المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة انعدام الأمن الغذائی الحاد التقریر إلى أن أکثر من

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي يكشف تورط شركات عالمية كبرى بـجرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة

الجديد برس| متابعات| كشف تقرير أممي النقاب عن تورط شبكة من الشركات العالمية في دعم آلة الحرب الإسرائيلية التي تنفذ إبادة جماعية ممنهجة ضد أهالي غزة. التقرير الذي أعدته الخبيرة الحقوقية فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة، يمثل وثيقة إدانة تاريخية تكشف كيف تحولت الشركات متعددة الجنسيات إلى شركاء في الجريمة بدم بارد. التقرير المفصل الذي سيتم تقديمه لمجلس حقوق الإنسان يوثق بالتفصيل كيف تتحول أرباح الشركات العالمية إلى رصاص وقنابل تمطر بها البيوت والمستشفيات في غزة. فشركات الأسلحة العملاقة مثل “لوكهيد مارتن” و”ليوناردو” تزود الجيش الإسرائيلي بأحدث أنظمة القتل، بينما توفر شركات مثل “كاتربيلر” و”هيونداي” الجرافات التي تهدم البيوت على رؤوس ساكنيها. أما عمالقة التكنولوجيا مثل “جوجل” و”مايكروسوفت” و”أمازون” فقد تحولت تقنياتهم إلى أدوات قمع ومراقبة لتعزيز آلة الاحتلال. الخبيرة الأممية لم تترك مجالاً للشك عندما أكدت أن “استمرار الإبادة الجماعية في غزة أصبح ممكناً لأنه مشروع تجاري مربح”. هذه الكلمات تكشف القناع عن حقيقة مروعة: دماء الأطفال الفلسطينيين تتحول إلى أرباح في حسابات هذه الشركات التي لا تعرف سوى لغة المال. التقرير يوثق كيف تتحول التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي الذي توفره شركة “بالانتير” إلى أدوات لاستهداف المدنيين الأبرياء. في مواجهة هذه الحقائق المروعة، يقدم التقرير خارطة طريق واضحة للمجتمع الدولي: مقاطعة شاملة لهذه الشركات، وملاحقة قضائية لمدرائها، وفرض عقوبات دولية فورية. لكن التقرير يأتي في وقت تتصاعد فيه محاولات التعتيم، حيث سبق لإسرائيل والولايات المتحدة أن انسحبتا من مجلس حقوق الإنسان هروباً من المحاسبة. هذا الكشف الأممي يضع العالم أمام اختبار مصيري: إما الوقوف مع العدالة والإنسانية، أو الاستمرار في التواطؤ الصامت مع جرائم ترتكب بأدوات تنتجها شركات تدعي التحضر بينما تلوث أياديها بدماء أطفال غزة. فهل سيكون هذا التقرير صفعة الضمير التي توقظ العالم من سباته، أم سينضم إلى سجل الوثائق التي تدفن في أدراج الأمم المتحدة بينما تستمر المذابح؟ المصدر: عرب جورنال.

مقالات مشابهة

  • تقرير أممي يكشف شركات كبرى متورطة في الإبادة بغزة
  • تقرير أممي: أكثر من 60 شركة عالمية تدعم “حرب الإبادة” في غزة
  • تقرير أممي يفضح المستور.. 60 شركة عالمية متورطة في حرب غزة ودعم المستوطنات
  • الاتحاد الأوروبي يخصص 25 مليون يورو لمواجهة أزمة الأمن الغذائي باليمن
  • تقرير أممي يكشف تورط شركات عالمية كبرى بـجرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة
  • تقرير أممي يحذر: ''اليمن على شفا مجاعة تهدد حياة الملايين وهذه المناطق الأكثر تضرراً''
  • خطر المجاعة يهدد عشرات ملايين الأشخاص في غزة و4 دول عربية
  • ترحيب أممي بتسوية أوضاع 2400 من عديمي الجنسية في مالي
  • الأغذية العالمي: الجوع يهدد أكثر من 4 ملايين سوداني بدول الجوار