قبل 5 أشهر فقط، ومن خلال منشور واحد على وسائل التواصل الاجتماعي، عرّض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حياة نصف مليون شخص في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية للخطر، حين أعلن عن إغلاق وكالة التنمية الأميركية التي تعد أكبر جهة مانحة للمساعدات في البلاد.

ولكن قبل أيام فقط، في العاصمة الأميركية واشنطن، أعلنت الإدارة ذاتها عن نجاحها في إخراج الشعب الكونغولي من صراع دام استمر عقودا، وغالبا ما يُوصف بأنه الأكثر دموية منذ الحرب العالمية الثانية.

ففي هذا العام وحده، قُتل آلاف الأشخاص، ونزح مئات الآلاف.

وبينما رحّبت واشنطن بالاتفاق واعتبرته "إنجازا دبلوماسيا"، فإنه ميدانيا تحيط به شكوك كثيرة بين السكان والمراقبين بشأن مدى جدواه وتأثيره الحقيقي.

يقول مايكل أوديامبو، خبير السلام في منظمة إيرين، إن الاتفاق لم يغيّر الكثير في حياة الناس العاديين في شرق الكونغو، حيث خسر آلاف النازحين سبل الوصول إلى المياه بعد قرار واشنطن خفض الدعم، مشيرًا إلى أن السكان ينتظرون أفعالًا ملموسة.

ويضيف أوديامبو أن حالة القلق تسود أوساط القاطنين بمناطق تسيطر عليها مجموعات مسلحة مثل إم23، خصوصا أن بعضهم ينظر إلى الدور الأميركي باعتباره تدخلا لفرض "سلام بالقوة"، يُخشى أن ينتهي بتجدد العنف تحت ذرائع اقتصادية.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي رعى الاتفاق اعتبر نفسه جديرا بالإشادة لدوره في جمع الطرفين (الفرنسية) اتفاق تاريخي؟

وصف وزير الخارجية الرواندي، أوليفييه ندهونغيريهي، الاتفاق بأنه "نقطة تحول" في مسار العلاقات بين البلدين، في حين رأت نظيرته الكونغولية، تيريز كاييكوامبا فاغنر، أن الاتفاق لا يمكنه محو الألم الذي خلفته سنوات الحرب، لكنه قد يمنح الناس شيئا من الأمان والكرامة والأمل.

أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي رعى الاتفاق فقد اعتبر نفسه جديرا بالإشادة لدوره في جمع الطرفين، بل ذهب إلى حد القول إنه يستحق جائزة نوبل على هذا الإنجاز.

إعلان

ويقضي الاتفاق بانسحاب آلاف الجنود الروانديين من أراضي الكونغو خلال 3 أشهر، وتشكيل آلية تنسيق أمني مشترك خلال 30 يوما، إلى جانب إطلاق إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي في غضون 90 يوما.

كما يشمل بندا ينص على "تحييد" جماعة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي تضم عناصر متورطة في الإبادة الجماعية عام 1994.

وفي المقابل، تلتزم الكونغو بوقف دعمها المزعوم لهذه الجماعة، بينما تعهّدت رواندا بوقف دعمها لحركة إم23، رغم نفيها المتكرر لأي صلة بها.

مخاوف من تكرار التاريخ

ومن أبرز النقاط المثيرة للجدل استبعاد حركة إم23 من الاتفاق، رغم سيطرتها على أجزاء واسعة من شمال كيفو وجنوبها. ويرى مراقبون أن غيابها قد يحد من فرص تحقيق تهدئة شاملة.

ويرى أوديامبو أن بند نزع سلاح "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" قد يسبب تصدعات في الاتفاق بالمستقبل، بينما تعزز إم23 موقفها بالسيطرة على مدن إستراتيجية.

لكن يرى المعلق السياسي الرواندي غاتيتي نيرينغبو روهوموليزا، في تصريح لقناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية، أن "هذه الصفقة بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وليست متعلقة بحركة إم23، لأن الحركة قضية كونغولية ستُناقش في الدوحة"، مشيرا إلى أن الأولوية لكيغالي هي تحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، التي أسسها الهوتو ومرتبطة بمجازر التوتسي خلال حرب الإبادة في رواندا عام 1994.

من أبرز النقاط المثيرة للجدل استبعاد حركة إم23 من الاتفاق (أسوشيتد برس)

وتشمل بنود الاتفاق المدعوم قطريا تشكيل آلية أمنية مشتركة خلال شهر واحد، وإنشاء إطار للتكامل الاقتصادي خلال 90 يوما، إضافة إلى تسهيل تفكيك "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، مقابل انسحاب رواندي مشروط.

بالنسبة لرواندا، فإن إثبات قدرتها على احتواء إم23 -وهو ما يشكك به العديد من المراقبين- قد يعيد تسليط الضوء على علاقات طالما نُظر إليها بعين الريبة.

أما كينشاسا، فستواجه اختبارا صعبا في تنفيذ بنود الاتفاق، خاصة مع ضعف قدرات الجيش الكونغولي، مما قد يُغذّي الرواية القائلة بأن الدولة "عاجزة عن فرض سيادتها".

في المقابل، يرى محللون أن حكومة الرئيس فيليكس تشيسيكيدي قد تستفيد سياسيا من الانفتاح الدولي الجديد، وسط تراجع في الاحتجاجات الشعبية واعتراف ضمني بأن الخيار العسكري بات غير مرجّح.

سلام أم استغلال؟

لكن توقيت الاتفاق الذي تزامن مع استعداد الكونغو الديمقراطية لتوقيع صفقة تؤمّن المعادن مقابل الحماية الأميركية أثار تساؤلات بشأن ما إذا كان الأمن هو الهدف الحقيقي أم إن المصالح الاقتصادية هي المحرك الأساسي؛ إذ تأمل شركات أميركية في تسهيل الوصول إلى معادن حيوية كالذهب والكوبالت والليثيوم، وسط تنافس محتدم مع الصين في القارة الأفريقية.

ويعبّر منتقدون عن قلقهم من أن يكون الاتفاق "غطاء لاستغلال الموارد"، فقد أظهرت تقارير تخصيص كميات ضخمة من المعادن النادرة للشركات الأميركية.

وفي هذا الصدد، اعتبر الدكتور دينيس موكويغي، الحائز جائزة نوبل، أن الاتفاق "تنازل عن السيادة"، في حين ندد آخرون بتغييبه العدالة، محذرين من أن "السلام الحقيقي يبدأ بالمحاسبة".

إعلان

ويحذر مراقبون من أن إقصاء المجتمع المدني من مفاوضات الاتفاق يكرّس نمطا لطالما أخفق في إرساء سلام دائم.

وقال فافا تمبا، مؤسس منظمة "أنقذوا الكونغو"، إن الاتفاق يكرّس الإفلات من العقاب ويغيّب صوت الضحايا.

ورغم الترحيب الدولي، تبدو آمال الشارع الكونغولي محدودة، في انتظار ما إذا كان هذا الاتفاق بداية لتحول حقيقي، أم جولة جديدة من النزاع بثوب دبلوماسي مختلف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

هنأت رئيس الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة فهد الصباح

البلاد (جدة)
بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، برقية عزاء ومواساة، لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، في وفاة الشيخ فهد صباح الناصر المبارك الصباح- رحمه الله.
وقال الملك سلمان:” علمنا بنبأ وفاة الشيخ فهد صباح الناصر المبارك الصباح- رحمه الله- وإننا إذ نبعث لسموكم ولأسرة الفقيد بالغ التعازي، وصادق المواساة، لنسأل الله- سبحانه وتعالى- أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يحفظكم من كل سوء. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
كما بعث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، برقية عزاء ومواساة، لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، في وفاة الشيخ فهد صباح الناصر المبارك الصباح- رحمه الله.
وقال سمو ولي العهد:” تلقيت نبأ وفاة الشيخ فهد صباح الناصر المبارك الصباح- رحمه الله- وأبعث لسموكم ولأسرة الفقيد أحر التعازي، وأصدق المواساة، سائلًا المولى- العلي القدير- أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يحفظكم من كل سوء. إنه سميع مجيب“.
وبعث سمو ولي العهد برقية عزاء ومواساة مماثلة، لسمو الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، ولي العهد في دولة الكويت، في وفاة الشيخ فهد صباح الناصر المبارك الصباح- رحمه الله.
وقال سمو ولي العهد:” تلقينا نبأ وفاة الشيخ فهد صباح الناصر المبارك الصباح- رحمه الله- ونبعث لسموكم ولأسرة الفقيد أحر التعازي، وأصدق المواساة، سائلين المولى- العلي القدير- أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يحفظكم من كل سوء. إنه سميع مجيب “. من جهة ثانية، بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، برقية تهنئة، لفخامة الرئيس فيليكس أنطوان تشيسيكيدي تشيلومبو، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بمناسبة ذكرى استقلال بلاده.
وأعرب الملك سلمان، عن أصدق التهاني وأطيب التمنيات بالصحة والسعادة لفخامته، ولحكومة وشعب جمهورية الكونغو الديمقراطية الصديق اطراد التقدم والازدهار.
كما بعث سمو ولي العهد برقية تهنئة مماثلة، لفخامة الرئيس فيليكس أنطوان تشيسيكيدي تشيلومبو، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بمناسبة ذكرى استقلال بلاده. وعبر سمو ولي العهد، عن أطيب التهاني وأصدق التمنيات بموفور الصحة والسعادة لفخامته، ولحكومة وشعب جمهورية الكونغو الديمقراطية الصديق المزيد من التقدم والازدهار.

مقالات مشابهة

  • هل ينهي اتفاق الكونغو ورواندا صراع الـ30 عاما بالبحيرات الكبرى؟
  • هنأت رئيس الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة فهد الصباح
  • الكونغو الديموقراطية: السلام مع رواندا يمهد لعهد جديد من الاستقرار
  • متمردو الكونغو الديمقراطية يستولون على منجم في إقليم كيفو
  • ترامب يحتفي باتفاق السلام بين رواندا والكونغو ويعلن فرص تعدين جديدة
  • الكونغو الديمقراطية.. عمل تضامني لفائدة ضحايا الفيضانات بمبادرة من سفارة المغرب في كينشاسا
  • القيادة تهنئ رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده
  • خادم الحرمين الشريفين يهنئ رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده
  • ولي العهد يهنئ رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده