خطيب المسجد الحرام: على الداعي إلى الله أن يلتزم بالرفق واللين والحكمة
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: "في زمان كشفت الفتن فيه قناعها، وخلعت عذارها، لا يندّ عن فهم الأحوذي، ولا يشذّ عن وعي الألمعي، استشراف الحوادث وتفحص الأحداث، فالتأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي، وأمر إلهي، قال جل وعلا: “لقد كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”.
وتابع: وإن استهلال عام هجري جديد ليذكرنا بأحداث عظيمة جليلة، كان فيها نصر وتمكين، وعز للمرسلين والمؤمنين، تبعث في النفس التفاؤل والأمل، وحسن الظن بالله مع إتقان العمل، إنها قصة موسى -عليه السلام-، وهجرة المصطفى سيد الأنام -عليه أفضل صلاة وأزكى سلام-، ويوم عاشوراء ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه نبيه موسى -عليه السلام- من فرعون وملئه".
ولفت الشيخ السديس، النظر إلى أن الله -عز وجل- أوحى إلى موسى وهارون -عليهما السلام- ليذهبا إلى فرعون لدعوته إلى التوحيد والإيمان وهذا درس عظيم في الدعوة إلى الله تعالى، وهو أن يلتزم الداعي إلى الله الرفق واللين والحوار، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فخرج موسى ببني إسرائيل وتبِعهم فرعون وجنوده، فنظر بنو إسرائيل إلى فرعون قد ردِفهم، وقالوا: "إِنَّا لَمُدْرَكُونَ"، فكان الرَّدُّ الحازم من موسى -عليه السلام-: "كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"، وهذا درس آخر في اليقين وحسن الظن بالله.
كما أوصى بإحسان الظن بالله، والأخذ من تلك القصص والأحداث والأنباء الدروس والعبر والإثراء، وأنه على قَدْرِ اليقين الراسخ والإيمان الثابت لنبي الله موسى -عليه السلام- كانت الإجابة الفورية: "فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ"، فأغرق الله فرعون وقومه جميعًا، وكان ذلك في يوم عاشوراء، فكانت نعمة عظيمة على موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل، فصام موسى -عليه السلام- هذا اليوم شكرًا لله تعالى، وصامه بنو إسرائيل، وهكذا تحقق النصر المبين والعاقبة للمتقين.
وبين الشيخ السديس، أن في حدث الهجرة النبوية ما يُقرّر هذه السنة الشرعية والكونية: "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: "والله يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا"، فقال -عليه الصلاة والسلام- بلسان الواثق بنصر ربه: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا".. إنه اليقين بنصر رب العالمين، ولهذا كان من أهمية هذا الحدث العظيم أن أجمع المسلمون في عهد عمر -رضي الله عنه- على التأريخ به اعتزازًا بالهوية الدينية والتاريخية والوطنية، مما ينبغي اقتفاء أثره والاعتزاز به فنحن أمة لها تاريخ وحضارة ورسالة على مر الأيام وتعاقب الأعوام.
وأوضح أن منهج المسلم عند حلول الفتن الاتجاه إلى الله بالدعاء، وكثرة التوبة والاستغفار، وعدم الخوض فيما لا يعنيه، ورد الأمر إلى أهله، والإسلام يدعو إلى نبذ العنف وتحقيق الوئام والتفرغ للبناء والإعمار، والتنمية والإبهار والبعد عن الخراب والفساد والدمار، فما أحوج الشعوب إلى نبذ الحروب، وما أحوج البلاد والعباد إلى الأمن والسلام والرشاد، وفي قصة نبي الله موسى -عليه السلام- وهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنموذج عملي متكامل للنجاة من الفتن بالتمسك بشرع الله تعالى، وحسن الظن به، وجميل التوكل عليه.
وقال: "فموسى ومحمد -عليهما السلام- حتى في لحظة الانتصار، أدَّيا حقَّ الشُّكرِ لربِّ العالمين، فكانا يصومان هذا اليوم -يوم عاشوراء- شكرًا لله على عظيم نِعْمَتِهِ"، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قَدِمَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- المدينةَ فرأَى اليهودَ يصومونَ يومَ عاشوراءَ فقال لهم: ما هذا اليومَ الذي تَصومونهُ؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومٌ نَجَّى اللهُ فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى -عليه السلام-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنا أحق بموسى منكم، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصومه".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحرمين الشريفين المسجد الحرام خطبة الجمعة صلاة الجمعة عبد الرحمن السديس علیه السلام إلى الله ى الله
إقرأ أيضاً:
بث مباشر.. صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين
نقلت قناتا القرآن الكريم والسنة النبوية، شعائر صلاة الجمعة اليوم من الحرمين الشريفين المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.
صلاة الجمعةوأنهت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي استعداداتها لصلاة الجمعة، إذ كثفت جهودها التنظيمية والدينية والتوعوية في الحرمين الشريفين والروضة الشريفة، استعدادًا لاستقبال ضيوف الرحمن والقاصدين والزائرين.
وشملت التحضيرات، توزيع المصاحف والكتب الدينية والإهداءات النوعية، إلى جانب البرامج التوعوية والإرشادية التي تهدف إلى تيسير أداء العبادات على هدي النبي- صلى الله عليه وسلم-، وإثراء التجربة الروحانية للزائرين.
وفي جانب عالمي للرسالة، تواصل إدارة اللغات والترجمة ترجمة خطب الجمعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي والروضة الشريفة إلى 15 لغة، مع التوجه للتوسع إلى 30 لغة، بما يضمن وصول مضامين الخطب ورسالتها الإيمانية إلى المسلمين في مختلف أنحاء العالم.
كما عززت إدارة شؤون التوعية الميدانية مراكزها بالمحتوى الرقمي والورقي، ووزعت الكتيبات والمطويات المزودة بخاصية الترميز الإلكتروني بعدة لغات، لتصل رسائل التوجيه والإرشاد إلى ضيوف الرحمن بمختلف ثقافاتهم ولغاتهم.
وتؤكد هذه الاستعدادات، حرص الرئاسة على تقديم خدمات متكاملة تضمن الراحة والطمأنينة والأجواء الروحانية للمصلين والطائفين والمعتمرين وزوار الروضة الشريفة، وتجسد رسالتها في كون خدمة قاصدي الحرمين الشريفين شرفٌ ومسؤولية رفيعة.