ليبيا لن تنهض بميزانيات محشوّة بالأكاذيب
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
بينما تتدهور الأوضاع الاقتصادية في ليبيا يومًا بعد يوم، ويعيش المواطن ضيقًا خانقًا بسبب ارتفاع الدولار، وغياب السيولة، وغلاء الأسعار، خرج مجلس النواب عبر لجنته المالية بمقترح ميزانية لعام 2025 تفوق 160 مليار دينار ليبي، في مشهد لا يعبّر إلا عن انفصال كامل عن الواقع، واستمرار في العبث بمقدّرات الدولة.
الوثائق التي نشرتها صحيفة صدى الاقتصادية لم تكن مجرد أرقام، بل كانت بمثابة شهادة صادمة على حالة الانهيار المالي والإداري والأخلاقي التي تُدار بها الدولة الليبية.
بنود صادمة ومكرّسة للفساد
بند المرتبات: 64.3 مليار دينار، أي أكثر من 40% من الميزانية تذهب لأجور جهاز إداري ميت سريريًا، يُغذّي البطالة المقنّعة ويبتلع الدولة بلا مقابل إنتاجي. الدعم: 54.6 مليار دينار، تُضخ دون إصلاح، وتتحول عمليًا إلى دعم غير مباشر للفساد، والتهريب، والسوق السوداء. النفقات التسييرية: 13.9 مليار دينار، تُصرف على مكاتب وسفريات وامتيازات إدارية لا تنعكس بأي شكل على المواطن أو الخدمات. التنمية: 27.5 مليار دينار، على الورق فقط، إذ لا وجود لمشاريع تنموية حقيقية، ولا لخطط وطنية تُنفذ، بل مجرد بنود لتمرير الصفقات والمقاولات الوهمية.ميزانيات المؤسسات: امتيازات لمجالس بلا إنتاج
المؤسسة والمبلغ المخصص:
مجلس النواب والجهات التابعة له 1.9 مليار دينار المجلس الأعلى للدولة 28 مليون دينار المجلس الرئاسي 50.5 مليون دينار ديوان المحاسبة 20 مليون دينار هيئة الرقابة الإدارية 95 مليون دينار مجلس التخطيط الوطني 11.5 مليون دينار لجنة صياغة الدستور 12 مليون دينارهذه الأرقام تعكس حالة التضخم السياسي والإداري لمؤسسات تستهلك المليارات، دون أن تُنتج أي حلول للأزمات، بل إنها أحد أبرز أسبابها.
الدولار يشتعل… والميزانية تصب البنزين على النار
في الوقت الذي يقترب فيه الدولار من 8 دينارات في السوق الموازي، تأتي هذه الميزانية لتُغرق السوق بطباعة عملة جديدة دون تغطية، مما سيُسرّع:
ارتفاع التضخم. انهيار القوة الشرائية. ازدياد معاناة المواطن في قوته ودوائه وتعليمه.جريمة بحق الدولة والمواطن
لا يمكن النظر إلى هذه الميزانية إلا باعتبارها جريمة اقتصادية موصوفة تُرتكب بحق ليبيا، وتُجهز على ما تبقى من اقتصادها، وسط صمت مخيف من النخب، وخنوع من القوى السياسية.
إن تمرير هذه الميزانية يمثل:
انحيازًا للسلطة ضد الشعب. تكريسًا لفشل الحوكمة. إصرارًا على مواصلة الفساد المُمأسس.كفى عبثًا… كفى نهبًا
لقد آن الأوان لوقف هذا النزيف. على الليبيين أن يرفضوا هذه الميزانية الكارثية، ويعلنوا بصوت واحد:
“لسنا عبيدًا لديون لا نعرف لمن تُصرف، ولا شركاء في فساد لا يُحاسَب أحد عليه.”
إننا نُحمّل المسؤولية كاملة لمجلس النواب، بوصفه الجهة التي تقترح وتُقر الميزانيات، في ظل انقسام سياسي، وحكومتين، وانعدام الشفافية.
ليبيا لن تنهض بميزانيات محشوّة بالأكاذيب، بل بخطط اقتصادية واقعية، ومحاسبة شفافة، وأولويات واضحة، والميزانية المقترحة لعام 2025 ليست سوى مسودة لانهيار الدولة وجعل الشعب الليبي يعيش في ما قبل القرون الوسطى.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: هذه المیزانیة ملیار دینار ملیون دینار
إقرأ أيضاً:
أزمة صامتة في بروكسل.. نصف الاتحاد الأوروبي يعارض خطة دمج التمويل في الميزانية المقبلة
في خضم أجواء سياسية متوترة تسبق طرح المفوضية الأوروبية لمقترح الميزانية طويلة الأجل لما بعد عام 2027، طالبت 14 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي باعتماد "سياسة تماسك قائمة بذاتها"، تضمن تعزيز التنافسية وتقليص الفجوة بين المناطق الأوروبية. اعلان
وكشفت وثيقة اطلعت عليها "يورو نيوز"، أن الدول الموقعة – ومن بينها إيطاليا، إسبانيا، بولندا، ورومانيا – أعربت عن رفضها لخطط المفوضية الرامية إلى مركزة إدارة وتوزيع أموال الاتحاد الأوروبي، مطالبةً بإطار مالي يخصص تمويلًا مباشرًا للمناطق، ويأخذ في الاعتبار تفاوت مستويات التنمية الإقليمية.
وقالت الدول الموقعة: "لا يمكن ضمان تحقيق الوحدة والتنافسية والتقارب في الاتحاد الأوروبي على المدى الطويل إلا من خلال ميزانية قوية ومنهجية توزيع تمويل مناطقية، إضافة إلى تشريع مستقل مخصص لسياسة التماسك".
Relatedترامب يمدد مهلة فرض الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي حتى تموز المقبلالاتحاد الأوروبي يهدد بتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل بسبب الوضع الإنساني في غزةأزمة الإسكان في الاتحاد الأوروبي: الشباب يدفعون الثمنويأتي هذا الموقف الجماعي عقب تسريبات تحدثت عن نية المفوضية إنشاء وعاء تمويلي موحد لكل دولة، يغطي أكثر من 530 برنامجًا، على أن يُربط تمويله بتحقيق أهداف سياسية محددة. وتخشى الدول الموقعة أن يؤدي هذا التوجه إلى تهميش المناطق لصالح الحكومات المركزية ومؤسسات الاتحاد في بروكسل.
ومن المقرر أن تقدم رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، مقترح الميزانية المقبلة للفترة 2028-2034 في 16 يوليو الجاري، وسط اعتراضات تتسع داخل البرلمان الأوروبي وبين الدول الأعضاء.
وأعربت مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين (S&D) – ثاني أكبر تكتل في البرلمان الأوروبي – عن رفضها القاطع لنموذج "الخطة الوطنية الواحدة"، الذي تعتزم المفوضية اعتماده، معتبرةً أنه يهدد بتقويض البعد الاجتماعي والجهوي للاتحاد.
وجاء في رسالة بعثها التكتل إلى فون دير لاين: "سنعارض بشدة مبدأ خطة واحدة لكل دولة، وربط التمويل بإصلاحات محددة... ونطالب بميزانية أكثر طموحًا، تتجاوز نسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي".
من جهتها، أكدت الحكومة البولندية أن سياسة التماسك يجب أن تبقى في صميم التمويل الأوروبي، رافضة أي خطوات نحو مزيد من المركزية. وشددت ورقة موقف بولندا، المؤرخة في 1 يوليو، على أن "القدرة التنافسية والتماسك وجهان لعملة واحدة"، مطالبة بالحفاظ على حصة سياسة التماسك والسياسة الزراعية المشتركة في الميزانية عند مستوياتها الحالية.
يُذكر أن هاتين السياستين تستحوذان حاليًا على أكثر من ثلثي ميزانية الاتحاد الأوروبي، وتشكلان ركيزة أساسية لدعم المناطق الأكثر فقرًا في القارة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة