يواجه بنك اليابان تحديات كبيرة في مسعاه لتطبيع السياسة النقدية، في وقت يشهد فيه الاقتصاد تباطؤاً ملحوظاً، بينما تضيف الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة ضغوطاً إضافية على الاقتصاد الياباني المعتمد على التصدير.

وزير التموين يؤكد انتظام صرف الخبز المدعم للمواطنين بجميع محافظات بصورة طبيعيةأسعار الخضروات والفاكهة في الأسواق اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025

وقد زادت الأجور الحقيقية المتراجعة من تعقيد مهمة البنك.

فقد أظهرت بيانات وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية أن الأجور الحقيقية انخفضت بنسبة 2.9% خلال مايو أيار مقارنةً بالعام السابق، في أسرع وتيرة تراجع منذ 20 شهراً، مقابل انخفاض معدل بـ2% في أبريل نيسان بعد تعديله، ما يمثل الشهر الخامس على التوالي من الانكماش.

وتؤكد هذه البيانات أن التضخم يلتهم القوة الشرائية للأسر اليابانية، رغم الزيادات الكبيرة في الأجور الاسمية هذا العام.

وكانت النقابات العمالية اليابانية قد نجحت خلال مفاوضات الربيع السنوية في تحقيق أكبر زيادة في الأجور منذ عام 1991، حيث أعلنت «رنجو» –اتحاد النقابات العمالية الياباني– الأسبوع الماضي أن أعضاءها حصلوا على زيادة إجمالية في الأجور بنسبة 5.25% للسنة المالية التي بدأت في أبريل نيسان.

لكن التضخم لا يزال أعلى من هدف بنك اليابان البالغ 2% منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث سجّل آخر معدل له نحو 3.5%، ما يبدد الأثر الفعلي لزيادات الأجور.

وتُظهر بيانات الحكومة أن الأجور الاسمية ارتفعت شهرياً منذ ديسمبر كانون الأول 2021، غير أن الأجور الحقيقية تراجعت على أساس سنوي في أكثر من 30 شهراً من أصل 41 شهراً مضت.

وكان بنك اليابان قد أكد مراراً أن رفع معدلات الفائدة يتطلب تحقيق «حلقة حميدة» ترتفع فيها الأجور بالتوازي مع التضخم لدعم النمو، لكن التباطؤ الاقتصادي الراهن يُقيد قدرة البنك على المضي في تشديد السياسة النقدية.

وكان الاقتصاد الياباني قد انكمش خلال الربع الأول من العام للمرة الأولى منذ عام، متراجعاً بنسبة 0.2% على أساس ربعي، بفعل تراجع الصادرات، ما شكّل ضربة جديدة لاقتصاد يعتمد بشكل أساسي على التجارة الخارجية.

خيارات صعبة أمام بنك اليابان

يثير المسار المستقبلي للسياسة النقدية في اليابان جدلاً واسعاً بين المحللين، إذ ينقسم الرأي حول ما إذا كان ينبغي على بنك اليابان رفع معدلات الفائدة للحد من التضخم، أم مواصلة تثبيتها من أجل دعم النمو الاقتصادي في ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية الأميركية.

وقال هيروفومي سوزوكي، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية في «سوميتومو ميتسوي بنك»، لقناة «CNBC»، إن التراجع في الأجور الحقيقية خلال مايو أيار يُعد إلى حدّ كبير مؤقتاً، لكنه أشار إلى أن نمو الأجور الحقيقية لا يزال ضعيفاً بشكل عام، ما قد يُضعف وتيرة التوسع الاقتصادي مع تراجع الاستهلاك.

وأضاف أن هذا التباطؤ في نمو الأجور الحقيقية يشير إلى أن ما يسمى بـ«الدورة الحميدة» التي يعتمد عليها بنك اليابان —والتي تفترض أن ارتفاع الأجور يُغذي التضخم ويعزز النمو— ليست بالقوة المتوقعة، ما قد يُعد عاملاً يدفع البنك لتأجيل رفع الفائدة.

وعلى الجانب الآخر، يرى يسبر كول، المدير الخبير لدى مجموعة «مونكس» للخدمات المالية في طوكيو، أن تسارع التضخم بوتيرة تفوق نمو الأجور سيعزز التزام محافظ بنك اليابان كازو أويدا برفع معدل الفائدة الرئيسي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة قد تعزز فوراً القدرة الشرائية للمواطن العادي من خلال تقوية الين.

وأوضح كول أن ثلث مؤشر أسعار المستهلك في اليابان مرتبط مباشرة بأسعار الواردات، وبالتالي فإن ارتفاع قيمة الين من شأنه أن يخفف من تضخم الواردات.

من جانبه، قال فيشنو فاراتان، المدير العام في «ميزوهو سيكيوريتيز»، إن «أفضل استراتيجية محتملة لبنك اليابان حالياً قد تكون عدم القيام بأي شيء». وأوضح أن البنك قد يفضل التريث، مع الحفاظ على ميل تشديد السياسة النقدية على المدى الأبعد، إلى أن تتضح تداعيات التهديدات الجمركية، في إشارة إلى نية الولايات المتحدة فرض رسوم بنسبة 25% على الواردات اليابانية اعتباراً من الأول من أغسطس آب.

وأشار فاراتان إلى أن البنك «من الأفضل له أن يتنحّى جانباً بدلاً من التدخل»، نظراً لمحدودية قدرته على تنفيذ زيادات إضافية في معدلات الفائدة دون التسبب في كبح الطلب المحلي.

وكان محافظ بنك اليابان كازو أويدا قد أعرب الشهر الماضي عن ثقته بأن الاقتصاد الياباني قادر على تحمّل الضغوط الناجمة عن الرسوم الأميركية، مؤكداً أن دورة ارتفاع الأجور والأسعار لن تتعرض للانقطاع.


 

طباعة شارك بنك اليابان السياسة النقدية الرسوم الجمركية الأميركية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بنك اليابان السياسة النقدية الرسوم الجمركية الأميركية الأجور الحقیقیة السیاسة النقدیة بنک الیابان فی الأجور إلى أن

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي يجتمع وسط ارتفاع التضخم وتأخير مراجعة صندوق النقد

يعقد صناع السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، اجتماع تحديد أسعار الفائدة الرابع هذا العام يوم الخميس الموافق 10 يوليو، مع ترجيح أن يُبقي البنك أسعار الفائدة الرئيسية ثابتة، بعدما انخفضت بنسبة 3.25% خلال آخر اجتماعين ماضيين.

يسجل سعر العائد على الإيداع والمعلن في البنك المركزي حالياً نسبة 24%، فيما يزيد سعر عائد الإقراض لنسبة 25%، وسط معدل تضخم ارتفع في مايو الماضي إلى 16.8% مقابل تضخم بنسبة 13.9% في أبريل 2025.

ويري هاني جنينة، رئيس وحدة البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن البنك المركزي سيُبقي أسعار الفائدة ثابتة عند اجتماعه في 10 يوليو 2025، لاستيعاب الأثر المؤقت لتدابير ضبط أوضاع المالية العامة المتعلقة بترشيد دعم الكهرباء والوقود والغاز الطبيعي.

وأوضح جنينة أنه في حال حافظ البنك المركزي على أسعار الفائدة ثابتة دون تعديل الخميس المقبل، سيبقي مستثمرو المحافظ الأجنبية على استثماراتهم طويلة الأجل في أصول الجنيه المصري، نظرًا لوجود فرق كبير في أسعار الفائدة مقابل أصول الدولار الأمريكي، وارتفاع تدفقات الحساب الجاري، والثقة في الانتهاء النهائي من مراجعتي برنامجي صندوق النقد الدولي الخامس والسادس بحلول شهري سبتمبر أو أكتوبر 2025.

توقع سعر الدولار أمام الجنيه

وذكر رئيس وحدة البحوث بشركة الأهلي فاروس، في تقرير حديث اطلعت عليه «الأسبوع»، «نتوقع أن يتراوح سعر صرف الدولار مقابل الجنيه حول 47 - 48 جنيها قبل نهاية العام.»، وذلك مقابل سعر دولار عند 49.27 جنيه في تعاملات اليوم.

وأفاد «من المرجح أن يظل ارتفاع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي موضوعًا رئيسيًا خلال شهر يوليو 2025، نظرًا لتدفقات رأس المال الكبيرة إلى أذون الخزانة قصيرة الأجل.»

تحويلات المصريين

تشهد تحويلات المصريين العاملين في الخارج، والموجهة عبر القطاع المصرفي، انتعاشًا حادًا بعد إعادة توحيد سعر الصرف في مارس 2024، وخلال الأشهر العشرة من يوليو 2024 إلى أبريل 2025، قفزت تحويلات العاملين الخاصين بنسبة 77.1% على أساس سنوي لتصل إلى 29.4 مليار دولار أمريكي، ويتوقع جنينة أن تحويلات المصريين في طريقها للوصول إلى حوالي 35 مليار دولار أمريكي في السنة المالية الماضية 2024/2025.

تشير الأدلة المتناقلة إلى أن توظيف المواطنين المصريين في دول مجلس التعاون الخليجي لا يزال قويًا بعد انخفاض قيمة الجنيه المصري، وذلك بفضل تنافسية التكلفة والجودة.

وتابع، يُعزز الانتعاش المستمر في تدفقات الحساب الجاري الأساسية، وخاصةً صادرات السلع، وإيرادات السياحة، وتحويلات العاملين، الوصول إلى الأسواق حتى مع تأخر مراجعة برنامج صندوق النقد الدولي.

انخفاض علاوة مخاطر عدم السداد

وفي 2 يوليو 2025، انخفض هامش مبادلات مخاطر الائتمان (CDS) المصرية لخمس سنوات إلى ما دون 500 نقطة أساس ليحوم حول 490 نقطة أساس، مماثلاً لما حدث في وقت اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في مارس 2022 حيث ظل الفارق يحوم باستمرار فوق 500 نقطة أساس، وبلغ ذروته عند ما يقرب من 20% في أكتوبر 2023.

برنامج تمويل صندوق النقد الدولي مع مصر

أرجى صندوق النقد الدولي الموافقة على المراجعة الخامسة لبرنامج قرض مصر إلى سبتمبر المقبل بدلاً من شهر يوليو الجاري، وذلك لضم المراجعتين الخامسة والسادسة معاً بقيمة 1.2 مليار دولار لكلا منهما.

كان من شأن موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على المراجعة الخامسة لمصر أن يفرج عن شريحة مالية بقيمة 1.2 مليار دولار، ليرفع حجم المدفوعات التراكمية منذ بدء البرنامج إلى 4.4 مليار دولار من إجمالي حجم البرنامج البالغ 8 مليارات دولار أمريكي.

تأخير صرف الشريحة الخامسة

ويري هاني جنينة أن التأخير في جمع 3.575 مليار دولار عبر بيع الأصول وجذب 3.750 مليار دولار أمريكي من الاستثمار الأجنبي المباشر بالإضافة إلى مشروع رأس الحكمة بحلول يونيو 2025، دفع كلا الطرفين إلى دمج المراجعتين الخامسة والسادسة للبرنامج في سبتمبر 2025.

وأكد أن هذا القرار من صندوق النقد بشأن برنامج مصر من غير المرجح أن يشكل مخاطر على الانتعاش، وذلك لأسباب أهمها، إنه تأخير وليس تعليقًا أو إلغاءً صريحًا، حيث نفذت مصر بالفعل عددًا من إجراءات الإصلاح الجذري خلال الربع الثاني من عام 2025، بما في ذلك رفع أسعار البنزين والديزل في 11 أبريل 2025، وأسعار الغاز الطبيعي للمنازل اعتبارًا من يونيو 2025، ومعدل ضريبة القيمة المضافة المطبقة على المقاولين من 5% إلى 14%، وأسعار الكهرباء للمصانع بمقدار 0.1 جنيه/كيلو وات ساعة.

وأشار إلى التوقع بزيادة وشيكة في أسعار الكهرباء للمنازل وأسعار الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي بدءًا من يوليو 2025 لتحقيق أهداف الفائض الأولي/الناتج المحلي الإجمالي.

ونوه إلى أنه لا توجد أي مؤشرات على تراجع مصر عن التزاماتها بالرغم من المخاطر الجيوسياسية غير المسبوقة والحرب التجارية العالمية التي بدأتها الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً«إتش سي» تتوقع الإبقاء على أسعار الفائدة بالبنك المركزي دون تغيير

قبل اجتماع البنك المركزي.. الدولار يواصل الانخفاض أمام الجنيه

المركزي المصري: 10.38 مليار دولار تدفقات قصيرة الأجل تترقبها الاحتياطيات الرسمية

قبل اجتماع الفائدة بالمركزي.. أسعار العائد على شهادات الادخار في 4 بنوك

اجتماع مهم لـ البنك المركزي المصري لتحديد أسعار الفائدة

مقالات مشابهة

  • هل يخفض البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماعه المقبل؟.. خبير يوضح «فيديو»
  • «بحوث مباشر» تكشف عن أسباب توقع تثبيت سعر الفائدة في اجتماع المركزي
  • خبير اقتصادي يكشف توقعات سعر الفائدة في اجتماع البنك المركزي الخميس المقبل
  • مصرف الاحتياط الفيدرالي الأسترالي يُبقي سعر الفائدة عند 3.85%
  • تراجع أسعار النفط مع تقييم المستثمرين وتطورات الرسوم الأمريكية وزيادة إنتاج «أوبك+»
  • التثبيت يكسو توقعات اجتماع البنك المركزي المصري يوم الخميس
  • الذهب يتراجع مع انحسار المخاوف التجارية عقب تمديد مهلة الرسوم الجمركية الأمريكية
  • تراجع في سعر الدولار اليوم أمام الجنيه المصري.. وتوقعات بتثبيت أسعار الفائدة رغم ارتفاع التضخم
  • البنك المركزي يجتمع وسط ارتفاع التضخم وتأخير مراجعة صندوق النقد