في سابقة قضائية لافتة، أمر قاضٍ في العاصمة الإسبانية مدريد بإغلاق عشر شقق سياحية داخل مبنى سكني واحد وسط المدينة، بعدما خلص إلى أن "الأنشطة غير القانونية وغير الصحية" التي كانت تُمارَس فيها ألحقت أضرارًا نفسية جسيمة بعائلة تقطن المبنى نفسه، وانتهكت حقها الأساسي في الخصوصية. اعلان

العائلة، التي تتكوّن من والدين وطفلين، وتقيم في مبنى يضم 60 شقة قرب ساحة "بلازا مايور"، أشارت إلى أنها عاشت في جحيم مستمر بسبب الضوضاء الصاخبة وسلوك الضيوف المتهور والمخمور، والذي بلغ حدّ التخريب، والتقيؤ، وحتى ممارسة الجنس في المساحات المشتركة للمبنى.

الحل عبر القضاء

رغم محاولات العائلة المتكررة لحل المشكلة عبر التواصل مع المجلس البلدي ومالكي الشقق السياحية، لم تتلقَ أي تجاوب يُذكر، فلجأت قبل عامين إلى محامٍ يدعى ميغيل أنخيل روبيو، الذي قال إن موكليه كانوا محاصرين بـ"شقة سياحية فوقهم، وأخرى تحتهم، وعدة شقق قرب غرف نومهم".

روبيو أوضح أن العائلة استدعت الشرطة، التي وثّقت الضجيج باستخدام جهاز خاص وفرضت غرامة على المالكين بلغت 16 ألف يورو، لكنها لم تُجدِ نفعًا، مضيفًا: "الشركات التي تملك هذه الشقق تجني ما يفوق 150 ألف يورو في عطلة نهاية أسبوع واحدة، لذا فإن غرامة مماثلة لا تُحدث فرقًا حقيقيًا. ولذلك، قررنا رفع دعوى قضائية انطلاقًا من أن الحقوق الأساسية للعائلة تُنتهك، وقد نجحنا".

سياح يصورون كنيسة "ساغرادا فاميليا" في برشلونة، 30 حزيران/ يونيو 2025.Emilio Morenatti/ APتفاصيل صادمة

القاضية التي أصدرت القرار أكدت أن الأذى النفسي الذي تعرضت له العائلة موثّق: ضوضاء مستمرة، وتحطيم للمرافق المشتركة، وتراكم الحقائب في الردهات، ووجود عربات مليئة بالمناشف ومواد التنظيف، ما أعاق حركة الجيران. واعتبرت أن هذه المظاهر لم تكن "حوادث معزولة"، بل جزءًا من واقع يومي خانق.

كما ذكرت القاضية أن البعض ارتكب أفعالًا مخلة بالآداب في المساحات المشتركة، بالإضافة إلى التقيؤ في الساحات الداخلية، وتخريب صناديق البريد والمصعد، ما أدى في نهاية المطاف إلى الاستعانة بحارس أمن لضبط الوضع.

وبعد أن اعتبرت المحكمة أن "الحق الأساسي في الخصوصية الشخصية والعائلية" قد انتُهك، قضت بإغلاق الشقق العشر ومنحت العائلة تعويضًا قدره نحو 39 ألف يورو (33,700 جنيه إسترليني).

وقد عبّر محامي العائلة عن ارتياح موكليه، مؤكدًا أنهم "سعداء جدًا بالحكم الذي أنهى معاناتهم وأجبر المالِكين على دفع التعويضات"، مضيفًا أنه تلقى منذ إعلان الحكم سيلًا من الاتصالات من أشخاص يعيشون ظروفًا مشابهة.

أزمة السكن مقابل السياحة

قضية هذه العائلة تسلّط الضوء مجددًا على أزمة السكن المتفاقمة في إسبانيا بفعل الطفرة السياحية، والتي أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الإيجارات، وتسببت باحتجاجات واسعة في مختلف أنحاء البلاد.

فقد ارتفعت الإيجارات بنسبة 80% خلال العقد الأخير، متجاوزة نمو الأجور. وبحسب تقرير حديث لبنك إسبانيا، فإن نحو نصف المستأجرين ينفقون 40% من دخلهم على الإيجار والخدمات، مقابل 27% في المتوسط الأوروبي.

Relatedإسبانيا تُصعّد المواجهة مع إير بي إن بي وتطالب الشركة بحذف 66 ألف إعلان سياحي مخالفإسبانيا تعتقل زوجيْن احتجزا أطفالهما 4 سنوات كاملة في ظروف مأساويةلم يروا الشمس لأربع سنوات... ما تفاصيل قصة الوالدين اللذين احتجزا أطفالهما الثلاثة في إسبانيا؟

وفيما تحاول السلطات احتواء هذه الأزمة، أعلن عمدة برشلونة جومي كولبوني العام الماضي أنه يعتزم إنهاء الإيجارات السياحية بحلول عام 2028 من خلال سحب تراخيص أكثر من 10,000 شقة.

كما أمرت الحكومة الإسبانية مؤخرًا منصة "Airbnb" بإزالة أكثر من 65 ألف إعلان غير قانوني، لكن دراسة لوزارة المستهلك وحقوق المواطنين كشفت أن أكثر من 15,200 شقة سياحية في مدريد لا تزال تعمل بدون التراخيص اللازمة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب غزة حركة حماس روسيا بنيامين نتنياهو إسرائيل دونالد ترامب غزة حركة حماس روسيا بنيامين نتنياهو فضيحة جنسية إسبانيا سياحة تخريب القانون مدريد إسرائيل دونالد ترامب غزة حركة حماس روسيا بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جمارك سوريا إسبانيا أزمة المهاجرين البرلمان الأوروبي

إقرأ أيضاً:

تقرير:97% من الشباب الإسباني عانوا من العنف الجنسي عبر الإنترنت حين كانوا دون ال18

كشفت دراسة لمنظمة "أنقذوا الأطفال" أن 97% من الشباب الإسبان تعرضوا لشكل من أشكال العنف الجنسي الرقمي قبل سن 18 عامًا. وتحذر المنظمة غير الحكومية من استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد صور زائفة للعري وتدعو إلى مزيد من الحماية القانونية والتعليم الرقمي. اعلان

يؤكد 20% من الشباب في إسبانيا أنهم وقعوا ضحايا لصور عارية مزيفة أنشِئت باستخدام الذكاء الاصطناعي، دون موافقتهم، حين كانوا لا يزالون قاصرين. جاء ذلك في دراسة حديثة لمنظمة إنقاذ الطفولة، كشفت أيضًا أن 97% من المشاركين في الاستطلاع تعرضوا لشكل من أشكال العنف الجنسي الرقمي قبل بلوغهم سن 18 عامًا.

ويستند التقرير، الذي تم إعداده بالتعاون مع الشراكة الأوروبية للانتقال الرقمي، إلى دراسة استقصائية شملت أكثر من 1000 شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عامًا بين مارس وأبريل من هذا العام. وتهدف المنظمة من خلال هذا البحث إلى تسليط الضوء على مدى العنف الجنسي عبر الإنترنت الذي يتعرض له الأطفال والمراهقون في إسبانيا، وكذلك الدور الناشئ للتكنولوجيا كأداة للإساءة.

Relatedلحماية المراهقين من المحتوى المسيء والتحرش الجنسي.. ميتا تقترح نظامًا للأمان الرقمي في أوروبادراسة لمنظمة العمل الدولية: 20% من الأشخاص عانوا شكلا من أشكال العنف والتحرش في العمل "المراهقة": كيف يتحول الشباب إلى التطرف عبر وسائل التواصل الاجتماعي

ووفقًا للتقرير، لم يقتصر تعرض الشباب على السلوكيات المسيئة فحسب، بل تواصل العديد منهم مع بالغين لأغراض جنسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أو ألعاب الفيديو، أو منصات البث. وكانت الفتيات تحديدًا أكثر عرضة لهذه المواقف. كما أفاد عدد كبير من المشاركين بأنهم تعرضوا لضغوط حتى يرسلوا صورا حميمة لهم، وبعضهم واجه التهديد أو الابتزاز للحصول على هذا النوع من المحتوى.

وتحذر منظمة إنقاذ الطفولة من أن أشكال العنف هذه لا تظهر دائماً أو لا يتم الإبلاغ عنها. وتوضح كاتالينا بيراتسو، مديرة التأثير والتنمية الإقليمية في المنظمة: "لا تمثل هذه الأرقام سوى غيض من فيض، إذ لا يتم الإبلاغ عن معظم الحالات بسبب عدم الإبلاغ عنها وصعوبة اكتشافها، خاصة في البيئة الرقمية".

نصف الشباب تقريباً لا يرون غضاضة في مشاركة الصور الحميمية

وأظهر التقرير أن قرابة نصف الشباب لا يرون أي خطر في مشاركة الصور الحميمية، ما يشير إلى تطبيع مقلق لهذا السلوك بين المراهقين.

وفي حادثة حديثة بمدينة أليكانتي، تلقت فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا تهديدًا بنشر صور مفبركة عبر الذكاء الاصطناعي إذا لم ترسل مقطعًا ذا طابع جنسي.

ووفقًا لأحد المربين في منظمة إنقاذ الطفولة، فإن الفتاة لم تكن قد شاركت أي محتوى حميمي من قبل، ورغم ذلك شعرت بالذنب وكأنها تتحمّل مسؤولية الموقف.

ويسلط البحث الضوء على تطبيع مقلق لسلوك مشاركة المحتوى الجنسي بين المراهقين، إذ يرى نحو نصف الشباب أن لا خطر في تبادل الصور الحميمة. ويفعل الكثيرون ذلك بدافع المودة، أو طلبًا للاهتمام، أو لتحقيق منفعة معينة، دون إدراك حقيقي لمخاطر التفاعل مع الغرباء أو نشر هذا النوع من المحتوى.

ويحذر بيرازو من أن هذه السلوكيات، حتى وإن تمت طوعًا، لا تخلو من مخاطر جسيمة. فبمجرد مشاركة صورة حميمة، يفقد صاحبها السيطرة على مصير تلك الصور، ما يفتح الباب أمام الاستغلال، سواء عبر إعادة نشرها دون إذن، أو استخدامها في الابتزاز، أو حتى التعرض للاعتداء الجنسي من قبل بالغين.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • العائلة المالكة.. دراما ملكية هندية تخطف الأنظار وتخيب التوقعات
  • الوزراء الإسباني: ممارسات إسرائيل ستبقى راسخة في الأذهان
  • تقرير:97% من الشباب الإسباني عانوا من العنف الجنسي عبر الإنترنت حين كانوا دون ال18
  • عائلة فلسطينية تلجأ للقضاء لإجبار بريطانيا على مساعدتها فى مغادرة غزة
  • فرقة الحشرات من “آدم ومشمش” في عرض موسيقي ممتع لكل أفراد العائلة!
  • شكوى لدى القضاء البلجيكي على أفراد من عائلة رئيس الكونغو الديمقراطية
  • قصور آل أبو سراح.. معلم تراثي يتحوّل إلى وجهة سياحية وثقافية نابضة بالحياة
  •  بدر الجنوب.. وجهة سياحية تنبض بالحياة والجمال   
  • محافظة بدر الجنوب.. وجهه سياحية تنبض بالحياة والجمال وتفتح أبواب الاستثمار
  • القضاء الإسباني يفتح تحقيقا ضد نتنياهو بشأن مهاجمة سفينة “مادلين”