مستأجرو إسطنبول في ورطة.. إيجارات تنافس أوروبا! إليك التفاصيل بالأرقام
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
مع حلول فصل الصيف وبدء العطلات المدرسية، بدأ آلاف المواطنين في تركيا بالانتقال إلى مساكن جديدة، وسط ارتفاع لافت في أسعار الإيجار والسكن. وتشير البيانات الأخيرة إلى أن سوق الإيجارات يشهد واحدة من أكثر فتراته نشاطًا وغلاءً منذ سنوات.
متوسط الإيجار يصل إلى 20 ألف ليرةوفقًا لأحدث الإحصاءات، بلغ متوسط سعر المتر المربع للسكن في تركيا خلال الشهر الماضي 39,738 ليرة تركية، فيما بلغ متوسط الإيجار الشهري للمنازل 20,000 ليرة تركية.
أما في المدن الكبرى، فقد تجاوزت الأرقام هذا المتوسط بشكل واضح، إذ سجلت كل من إسطنبول وموغلا متوسط إيجار بلغ 30 ألف ليرة تركية، في حين بلغ المعدل في أنقرة وإزمير نحو 25 ألف ليرة تركية.تركيا بين الأعلى في أوروبا من حيث عدد المستأجرين
تُظهر بيانات يوروستات (Eurostat) أن تركيا تحتل المرتبة السادسة أوروبيًا من حيث نسبة السكان الذين يعيشون في بيوت مستأجرة، بنسبة 28.2%، في ارتفاع واضح عن نسبة 23% التي سُجلت قبل عقدين فقط.
في المقابل، انخفضت نسبة تملك المنازل في تركيا من 61% إلى 56% خلال الفترة ذاتها، مما يعكس تحولًا تدريجيًا في نمط الإسكان.
تصدرت سويسرا قائمة الدول الأوروبية من حيث نسبة السكان الذين يسكنون بالإيجار بـ 52.3%، تلتها ألمانيا (46.8%)، ثم الدنمارك (38.9%)، والسويد (34.6%)، ثم النمسا (30.7%)، بينما جاءت تركيا سادسة بنسبة 28.2%، متقدمة على دول مثل اليونان ومالطا.
اقرأ أيضاإلى أين يهرب سكان إسطنبول من لهيب الصيف؟ إليك أفضل الشواطئ!
الثلاثاء 22 يوليو 2025أما الدول التي سجّلت أدنى معدلات سكن بالإيجار في أوروبا فكانت على النحو التالي:
صربيا: 2.5%ليتوانيا: 2.9%الجبل الأسود: 3.3%سلوفاكيا: 4.1%المجر: 4.2%بولندا: 4.8%هولندا: 5.3%لاتفيا: 6.1%سلوفينيا: 6.8%إستونيا: 8.1%الغلاء يغير وجه سوق السكنيرى مراقبون أن ارتفاع أسعار العقارات وضعف القدرة الشرائية، خاصة في المدن الكبرى، يدفع المزيد من الأتراك إلى خيار الإيجار بدلًا من التملك. كما أن تراجع فرص الحصول على قروض ميسّرة لشراء المنازل، وارتفاع نسب الفائدة، يُعمّقان هذا الاتجاه.
المصدر: تركيا الآن
كلمات دلالية: تركيا إسطنبول العطلة تأجير العقارات تركيا الآن عقد الإيجار فصل الصيف لیرة ترکیة
إقرأ أيضاً:
ورطة إسلامي الإصلاح من الدّاخل المغاربةُ مع التّطبيع
شكّلت لحظة توقيع اتفاق التطبيع بين الدّولة المغربية والكيان الصهيوني (10 ديسمبر 2022م) محطة مهمة في مسار العلاقة بين "إسلاميي الإصلاح من الدّاخل" والسلطة؛ فكلّ المراقبين يجمعون على أنّ قرار التطبيع كان اختيارا استراتيجيا للدولة، صُنع في مستويات عليا لا تمتلك الحكومة تجاهها سلطة تقريرية. وهذا يوضّح أنّ الحكومة في المغرب ليست جزءا من صناعة هذا النّوع من الاختيارات. ومع ذلك، لم يكن جوهر الإشكال في طبيعة القرار ولا في خلفياته، بل في الكيفية التي اختارت بها الدولة تمريره سياسيا: إسنادُ التوقيع إلى رئيس حكومة ينتمي إلى التيار الإسلامي، هو سعد الدين العثماني، الذي راكم تاريخا طويلا من الخطاب الرافض للتطبيع.
هذا الاختيار لم يكن شكليا ولا عرضيا؛ فقد مثّل لحظة كاشفة لتعقيدات موقع "إسلاميي الإصلاح من الدّاخل" داخل النسق السياسي المغربي؛ فهؤلاء، منذ ولوجهم الحياة السياسية المؤسسية، ظلّوا يتأرجحون بين منطقين متناقضين: منطق المرجعية الأخلاقية الذي يضعهم في موقع الممانع لبعض اختيارات الدولة، ومنطق الاندماج في بنية السلطة بما تفرضه من براغماتية ومرونة تصل أحيانا حدّ التنازل عن "الثوابت الخطابية". وقد أظهر حدث التوقيع هذا التناقض بأوضح صورة، إذ بدا هؤلاء، في اللحظة الحاسمة، جزءا من البنية التي كثيرا ما انتقدوها، بل أدواتٍ لتنفيذ قرار يناقض خطابهم تجاه واحدة من أهم القضايا التي يشتغلون عليها؛ أقصد القضية الفلسطينية.
لقد قرأتْ شرائح واسعة من الرأي العام خطوة التوقيع باعتبارها رسالة سياسية تذكّر ـ من ينسى ـ أنّ القيادة الفعلية للسياسات الاستراتيجية لا تكون عبر صناديق الاقتراع، بل عبر مؤسسات أعلى لا تتغير بتغير الحكومات. ومن جهة أخرى، كانت الرسالة موجهة إلى الإسلاميين أنفسهم: إمكانية إدماجهم الكامل في منطق الدولة، ولكن دون أن تدخلهم إلى مطبخها، ومن جهتهم؛ قدرتُهم ـ حين تدعو الحاجة ـ على اتخاذ قرارات تتعارض جذريا مع مرجعيتهم، ومع الوجدان الذي يجمع قواعدهم الشعبية، والخطاب الشعبوي بعد ذلك كفيل بتهدئة الاحتجاجات وسطهم.
هؤلاء الإسلاميون، منذ وصولهم إلى الحكومة، بنوا جزءا كبيرا من شرعيتهم على خطاب “الإصلاح من الداخل”، وهو خطاب يفترض الحفاظ على جسور التواصل مع مؤسسات الدولة، وتجنّب أي مواجهة قد تُفقدهم الثقة التي على أساسها سُمح لهم بالمشاركة. ولهذا، يصبح الامتناع عن التوقيع قرارا يهدد البنية الكاملة لمشروعهم السياسي، لا مجرد موقف أخلاقي تجاه قضية محددة.وتكشف هذه الرسالة عن واحدة من أعقد الإشكاليات التي طبعت مسار هؤلاء الإسلاميين في المغرب: علاقتهم المرتبكة بالسلطة؛ فهُم، منذ صعودهم السياسي، وجدوا أنفسهم داخل معادلة دقيقة: القبول بقواعد اللعبة السياسية التي تضع السلطة الفعلية خارج نطاق الحكومة، مقابل الحصول على موقع مؤسساتي يضمن لهم حضورا سياسيا، وتأثيرا محدودا، ولكن مع الاعتراف نظريا وعمليا بأنّهم مجرّد "مُنفّذين" لمشاريع "القصر". هذه المعادلة وفّرت لهم نوعا من المشاركة لكنها جعلتهم أبعد النّاس عن المشاركة في اتخاذ القرار المتعلقة بالمفات الاستراتيجية، بل وحتى في ملفات لليست لها هذه الصبغة.
لذلك، فإنّ السؤال الذي طرحه الكثيرون: “هل كان بإمكان العثماني أن يمتنع عن توقيع الاتفاقية؟” لا يمكن فصله عن هذه البنية المعقّدة. فمن الناحية النظرية، كان بإمكان رئيس الحكومة أن يرفض التوقيع أو أن يقدّم استقالته، وبذلك كان سيتحوّل إلى رمز للممانعة، وربما إلى بطل أخلاقي في نظر جمهور واسع. غير أنّ هذا الخيار، في السياقات السلطوية المغربية، يكاد يكون مستحيلا؛ فهؤلاء الإسلاميون، منذ وصولهم إلى الحكومة، بنوا جزءا كبيرا من شرعيتهم على خطاب “الإصلاح من الداخل”، وهو خطاب يفترض الحفاظ على جسور التواصل مع مؤسسات الدولة، وتجنّب أي مواجهة قد تُفقدهم الثقة التي على أساسها سُمح لهم بالمشاركة. ولهذا، يصبح الامتناع عن التوقيع قرارا يهدد البنية الكاملة لمشروعهم السياسي، لا مجرد موقف أخلاقي تجاه قضية محددة.
إلى جانب ذلك، تبرز الخلفيات الفكرية والشخصية للعثماني كعامل حاسم؛ فالرجل يمثّل تيارا شديد الإصلاحية يميل إلى المهادنة والتوافق وترك كلّ ما من شأنه أن يقود إلى الصدام مع الفاعل الرئيسي في السياسة والاجتماع المغربيين. وهذا النمط من القيادة يفهمُ خيار الرفض رديفا للمغامرة، وليس امتدادا لطبيعته السياسية. ومن ثمّ، فإنّ القول بأنّ العثماني “كان يمكن أن يمتنع” يظل احتمالا نظريا لا ينسجم مع المسار الذي شكّل سلوكه السياسي، ولا مع طبيعة اللحظة التي كانت تتطلب انسجاما مع منطق الدولة أكثر مما تتطلب انسجاما مع الخطاب الحزبي.
لقد تحولت حادثة التوقيع، في النهاية، إلى مرآة كاشفة لعلاقة هؤلاء الإسلاميين بالسلطة: علاقة قائمة على المشاركة من دون قدرة، وعلى المسؤولية من دون صلاحيات، وعلى الإدماج المشروط الذي يجعل وجودهم داخل المؤسسات رهينًا بحدود لا يملكون تجاوزها. وهذا ما فتح الباب لنقاشات واسعة حول مستقبل الإسلاميين في الدولة، وحول مدى قدرتهم على الحفاظ على هويتهم السياسية وهم يتحركون داخل نسق لا يمنحهم سوى هامش محدود من المبادرة.
وهكذا، يتجدد الاستشكال: هل يمكن لجماعة سياسية ذات مرجعية أخلاقية أن تظل فاعلا في نظام يُلزمها بالتنازل عن جزء من هذه المرجعية كلما فرضت ذلك اعتبارات السلطة؟