بقلم المتيم في حب البصرة :- حيدر عبدالجبار البطاط ..

أكتب إليكِ لا كمن يكتب رسالة حبٍ عابرة بل كمن يكتب وصيته الأخيرة على جدران قلبٍ مكسور.

أكتب إليكِ يا بصرتي يا مدينة العطر والنفط والدموع وقد صار ماؤكِ زُعافًا وهواؤكِ لُعاب سمٍّ لا يُطاق.

أكتب إليكِ وقد خطفوا نهريكِ ودنسوا نخيلكِ ووزعوا ثروتكِ في أسواق النهب والمناصب وتركوكِ مجروحة مقيدة تبكين بصمتٍ تحت ظلال الخراب.

هل تتذكرين يا بصرتي؟
كنا نغسل وجوهنا بنهركِ ونحلم تحت قمر الخليج ونركض خلف مواسم الخير.
أما الآن فالوجوه مغبرة والأحلام مخنوقة والمواسم سُرقت مع الأمل.

كيف أحتمل أن أراكِ منهكة يستوطنكِ الفقر كل ليلة ويدوسكِ التمييز الطبقي بلا رحمة؟
هم هناك المتخمون بالحرام يتصارخون على غنائمكِ كالغربان.
وأنتِ وأهلكِ الطيبون تنامون على وسائد من الحسرات وتستيقظون على أنين المظلومين.

بصرتي…
لا أملك لكِ إلا قلبي ولا أقدر على خلاصكِ إلا بكلماتي…
لكن أقسم أني ما حييت سأبقى عاشقكِ حارس وجعكِ وصوتكِ حين يصمت الجميع.

أعدكِ…
أن لا أكون متفرجًا على جراحكِ بل سهمًا في صدر من أهانكِ وقلمًا يكشف كل من باعكِ وصرخةً في وجه كل خائنٍ لوطنٍ كان اسمه: البصرة.

لكِ حبي… ودمعي… ووعدي.

ابنكِ العاشق
حيدر عبدالجبار البطاط

حيدر عبد الجبار البطاط

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

د. عبدالله الغذامي يكتب: شرائح القراءة

أنشد إسحاق الموصلي بيتين هما:
هل إلى نظرة إليك سبيل.. فيروى الصدى ويشفى الغليلُ
إن ما قل منك يكثر عندي.. وكثير ممن تحب القليلُ
فقال له الأصمعي: لمن تنشد، فقال لبعض الأعراب، فقال هذا والله هو الديباج الخسرواني، لكن إسحاق رد: بل هما لليلتهما، فقال الأصمعي: لا جرم، والله إن آثار الصنعة والتكلف بينٌ عليهما.
وهنا نرى حال التذوق وارتباطه بالسياق الثقافي، ففي زمن الأصمعي كانت تسود الرغبة في ثقافة التدوين والرواية وهذه مهنةٌ ثقافية جليلة صنعت لنا ذاكرة عظيمة في الشعر والحكايات، ولولا ذلك الجهد لضاعت ذاكرة العرب ولم نرث عن الماضي هذه الثروة العظيمة التي خلدها لنا المدونون، ومنهم الأصمعي، ولذا فقد طرب الأصمعي لذلك الخبر الشعري المذهل الذي نقله إسحاق الموصلي عن بعض الأعراب، ولكن حين تبين للأصمعي أن اللؤلؤة التي جلبها الصياد ليست حقيقيةً، ومن ثم تحولت لتصبح محاراً، وخاب ظنه بلؤلؤته التي لم تعد أعرابية كما ظن ابتداءً، وهنا تهشمت الذاكرة وذابت الدهشة، والدهشة في عمقها هي حال ذاكرة تبحث لها عن سياق تتموضع فيه كما نتحرك باتجاه رائحة القهوة أو رائحة خبز الأم (وهنا يحضر محمود درويش)، لكن لو اكتشفنا أن الرائحة مزورةٌ وليست أصيلةً فهنا تحدث الخيبة، وينقلب الحكم من إعجاب ودهشة إلى حس بليد لا يغني توق الروح لذاكرة بعيدة تم استحضارها فجاءة.
وهذا يشير إلى أن أنظمة الاستقبال، ومعها أنظمة الحكم على أي نص نستقبله، فأنت تستقبل النكتة بغير ما تستقبل مقولةً فلسفية، والذهن معهما يتصرف بناء على مفهوم (أفق التوقع)، وهو أحد مفاهيم نظرية الاستقبال، وكذلك ما نفعله، مجتمعياً، بين أن نتحدث مع سيدة كبيرة في السن أو شاب مراهق، وبمجرد حضور إحدى هاتين الشخصيتين يتغير الخطاب ومصطلحات الخطاب، وما هو متوقع منا في الحالين، فنحن نتنازل عن مقعدنا في الطيارة مثلاً من أجل السيدة الكبيرة بمثل ما نتوقع من مراهق شاب أن يتجنب مزاحمتنا في الركوب في حافلة السفر، وإن لم يفعل تذمرنا منه، وكذلك هي حالنا مع النصوص وأنظمة التوقع.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: هل تسكننا الأماكن أم نسكنها؟ د. عبدالله الغذامي يكتب: هل التجارب غريزة بشرية؟

مقالات مشابهة

  • عادل القليعي يكتب: أيها المزايدون على مصر .. عار عليكم
  • سلمى عبدالجبار تطمئن على استقرار الأوضاع الأمنية بولاية سنار
  • خام البصرة يسجل خسارة أسبوعية طفيفة
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: شرائح القراءة
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (رغم الداء والأعداء)
  • اتحاد نقابات الافران عرض مع حيدر خطة وزارة العمل لتحقيق الاستقرار في القطاع
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. تدبير الله بين يوسف الصدّيق وترامب
  • حين يكون الحليب أغلى من النفط
  • «إنفستوبيا العالمية» تطلق حوارات الاقتصاد الجديد في حيدر آباد وأندرا براديش