موقع 24:
2025-07-12@05:38:08 GMT

برامج العاطلين والمهرجين

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

برامج العاطلين والمهرجين

"برامج الواقع" تشبه إلى حد ما عروض السيرك التي تقودها مجموعة من المهرجين والبطالين وكل همهم الظهور في دائرة الأضواء.

امتلأت الفضائيات العربية ببلاتوهات وبرامج تافهة، بلغت ذروة خوائها في العقدين الأخيرين، تزامناً مع ظهور المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وباتت الفضائح وتصفية الحسابات، والهجمات المغرضة والعدائية، والسب والشتم والثلب والثرثرات المغرضة، مادة دسمة تفتح شهية المنتجين، وتثير حماسة المشاهدين والراغبين في تحقيق الشهرة على حساب كرامتهم وانتهاك خصوصيات غيرهم ونشر "غسيلهم القذر".

المفارقة أن يطلق على هذه "الظاهرة التلفزيونية" الهزيلة مصطلح "برامج الواقع"، وتعرض على أنها برامج مسلية ومثيرة للضحك، وتحظى بشعبية كبيرة لدى الجماهير، على الرغم من أنها تسهم في تشجيع العنف والتعصب، وغالباً ما تعرض صراعات وتوترات بين المشاركين فيها، وتبادلاً للشتائم والاتهامات وخطابات الكراهية، ما يعزز ثقافة الانقسام الاجتماعي والسياسي والطبقي والعرقي والنوعي، سواء كان ذلك من قبل المشاركين أو حتى مقدمي البرنامج أنفسهم.

البعض من النقاد يزعم أن "برامج الواقع" لا تستحق هذه الضجة التي أثيرت حولها، وأنها مجرد أحد تجليات الواقع المعيش، ومرآة لثقافة المجتمعات الأكثر طبيعية وشمولية، ويقول آخرون إن المبالغة في انتقاء "لغة المشاركين" وتوجيه سلوكياتهم تفقد تلك البرامج صبغتها الواقعية.

من السهل جداً عند الحديث عن هذا النوع من البرامج التذرع بنسبة عدد المشاهدين كدليل على نجاحها، لكن إذا فهمنا السبب بطل العجب، فتلك البرامج تشبه إلى حد ما عروض السيرك التي تقودها مجموعة من المهرجين والبطالين وكل همهم الظهور في دائرة الأضواء، من دون أي مبالاة بالمعايير القيمية للثقافات والمجتمعات.

والأمر الأقل وضوحاً بالنسبة إلى برامج الواقع هو كيف يمكن أن تؤدي إلى تشويه الواقع لدينا، عندما تصبح مجرد فضاءات تمضي بلا سيطرة، وتعج بالأشخاص الكارهين والناقمين على بعضهم البعض وتشكل وجهات نظر أشمل، قد تؤثر على معتقدات أجيال بأكملها وعلاقاتهم الاجتماعية، وتؤدي إلى تغيير منظومات القيم والأخلاق.

في برنامج شهير يعرض حالياً على قناة تونسية خاصة، تعمدت مقدمة البرنامج إحضار نص طويل مكتوب باللغة الإنجليزية، لا لشيء سوى لتحرج إحدى المشاركات، وفرضت عليها قراءته أمام الجماهير، لتختبر إن كانت بالفعل تقيم في بريطانيا أم لا؟ ووضعتها في موقف لا تحسد عليه، ثم طالبتها بالإفصاح عن المبلغ المالي الذي صرفته لتبرز مفاتن أنوثتها.

هذه النوعية من الأسئلة "ماسطة لاسطة" (ماسخة ودون طعم) على حد تعبير التونسيين، ومزعجة بشكل لا يستهان به، ليس فقط لأنها تقتحم خصوصيات الناس، بل لأنها تعد مثالاً جيداً على الطريقة التي تتعاطى بواسطتها برامج الواقع مع طبيعة النقاشات الدائرة حول حياة الناس الشخصية ويومياتهم السطحية، وممارستها كنوع من العنصرية الخفية التي تدل عليها الخطابات والسلوكيات، وهناك فرق كبير بين "وجهة النظر المغايرة" وأن تحمل وجهة نظر متعصبة، مسيئة ومتخلفة ومتحاملة، من دون إيجاد حيز لمناقشة التجارب الحياتية القيمة والمختلفة وكسر حواجز الصور النمطية، وتغيير مسار النقاشات المتعلقة بالتمييز على أساس المظهر وشكل الجسم.

بإمكان برامج الواقع القيام بدور محوري في تفكيك وتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة والبالية، لكن مثل هذا الأمر صعب وطويل ومعقد ووزره كبير إذا لم تتخذ خطوات في الاتجاه الصحيح لتنقية الواقع من وهم برامج الواقع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

صدفة ولا نبوءة؟.. فيلم تامر حسني ريستارت بيتحقق على أرض الواقع

علق الفنان تامر حسني، على حريق سنترال رمسيس، وما نتج عنه من انقطاع الإنترنت والاتصالات.

وكتب تامر حسني عبر حسابه على انستجرام: "فيلم ريستارت بيتحقق مفيش نت مفيش مكالمات، مفيش بنوك، يعني كان عندي حق لما طالبت في الفيلم إن لازم إحنا كبلاد وكشعوب نعرف نتصرف لو النت قطع، ونبقى مأمنين نفسنا و أولادنا و أهالينا والناس التعبانين في المستشفيات، لأن الموضوع خطير فعلاً، لأن بجد حرفياً بقت حياتنا ومصالحنا متعلقة بشكل كلي على الإنترنت وربنا يستر على سنترال رمسيس وموظفينه وعماله وأهالي المنطقة المجاورة”.

جدير بالذكر أن "ريستارت" من بطولة تامر حسني، هنا الزاهد، محمد ثروت، باسم سمرة، عصام السقا، ميمي جمال، أحمد عزيز، وأحمد علي، ويشارك فيه عدد من ضيوف الشرف، أبرزهم: إلهام شاهين، محمد رجب، شيماء سيف، رانيا منصور، توانا الجوهري، ولاعب الزمالك السابق أحمد حسام ميدو والفيلم من تأليف أيمن بهجت قمر، وإخراج سارة وفيق.

طباعة شارك فيلم ريستارت تامر حسنى سنترال رمسيس

مقالات مشابهة

  • مختص: التحول من النفط لمصادر طاقة جديدة «حلم غربي» يتنافى مع الواقع
  • مدرسة سمد الشأن النموذجية لتعليم القرآن.. صرح يجمع بين التعليم والتربية المجتمعية
  • وكيل «تعليم كفر الشيخ» يشيد بجهود المشاركين في امتحانات الثانوية العامة
  • «مش قادرة أواجه الواقع».. ريهام حجاج بعد وفاة سامح عبد العزيز
  • الواقع الافتراضي يساعد مرضى الذهان على التعامل مع ما يريبهم
  • التجمع الديمقراطي: لاستعادة الشارع وانقاذ لبنان من هذا الواقع الخطير
  • لنُبعد غلواء السياسة قليلا كي نفرح أكثر ..
  • السيدة انتصار السيسي تجري اتصالًا بوالدة الضابط نور أحد المشاركين في إخماد حريق سنترال رمسيس
  • صدفة ولا نبوءة؟.. فيلم تامر حسني ريستارت بيتحقق على أرض الواقع
  • بالتعاون مع «هدف».. «التخصصات الصحية» تعلن بدء التقديم على 4 برامج تدريبية