يمن مونيتور/إفتخار عبده

أعلن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في اليمن، في الثامن عشر من أغسطس الجاري أنه يواجه أزمة تمويلية حادة لعملياته الإنسانية في اليمن، الأمر الذي سيحتم عليه اتخاذ بعض القرارات بشأن المزيد من تقليص المساعدات الغذائية التي يقدمها في جميع أنحاء البلاد اعتبار من نهاية سبتمبر.

وأفاد أن هذا التقليص سيؤثر على جميع البرامج الرئيسية التي يقوم البرنامج بتنفيذها على مستوى اليمن، وهي “برنامج المساعدات الغذائية العامة، وبرنامج التغذية، وبرنامج التغذية المدرسية، وأنشطة تعزيز القدرة على الصمود، والتي في مجملها تقدر بنحو 17.

7 مليونا تدخل على مدى النصف الأولى من عام 2023م”.

وبين أنه إذا لم يحصل البرنامج على تمويل جديد، فإنه يتوقع أنه سيتأثر قرابة (3) ملايين شخص في المناطق الواقعة شمال البلاد ونحو 1.4 مليون شخص في المناطق الواقعة جنوب البلاد.

وعلى غرار ذلك ناشدت الأمم المتحدة المانحين الدوليين إلى التحرك الفوري لسد الفجوة التمويلية الكبيرة في خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام الجاري والبالغة 70 % لتفادي حصول كارثة خاصة في ظل الاحتياجات المتزايدة لملايين السكان.

ويهدد انعدام الأمن الغذائي الحاد أكثر من سبعة عشر مليون شخص كما تعاني عشرون محافظة من أصل اثنتين وعشرين في اليمن من مرحلة “الطوارئ” أو “الأزمة” من مراحل انعدام الأمن الغذائي، ويواجه أكثر من ثلثي سكان اليمن خطر الجوع بحسب التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي أصدرته الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني لشهر مارس من العام الجاري.

قلق كبير وتخوف من توقف المساعدات يتوسط الكثير من المواطنين الذين كانوا يعتمدون في الكثير من أيامهم عليها، والتي بدورها كانت تخفف عنهم بعض الأعباء خصوصا مع اتساع رقعة الفقر والبطالة.

مواطنون يشكون من الوضع المعيشي المتدهور الذي يزداد سوء مع مرور الوقت، واصفين نقص المساعدات بالمعضلة الأكبر التي تصيبهم وأهلهم.

بهذا الشأن تقول أم محمد (40 عاما، ساكنة في ريف محافظة تعز، وأم لستة أبناء) “كنا نعيش بسلام قبل مجيء الحرب، فقد كان زوجي يعمل بالأجر اليومي باستمرار، لا يعود إلى القرية إلا بعد ثمانية أشهر، وكانت حالتنا مستورة وأفضل من مجرد مستورة”.

وأضافت ل “يمن مونيتور” جاءت الحرب فتوقفت الأعمال وعاد زوجي إلى القرية عاطلا عن العمل، وقد كان يحاول مرارا وتكرارا الخروج للمدينة للبحث عن عمل لكنه يعود بالقهر والوجع بعدما يخسر ما في جيبه دون فائدة “.

وأردفت” حينها كنا نعتمد على المساعدات الإنسانية بشكل كلي فقد كنا نحصل على 75 كيلو من الدقيق و10لترات من الزيت و2 كيلوات من السكر بالإضافة إلى البازلاء اليابسة وكيس صغير من الملح “.

وتابعت” مرت السنوات حتى أنه قبل عامين أصبحنا نحصل على نصف الحصة التي كنا نحصل عليها وإضافة إلى ذلك نحن لا نحصل عليها كل شهر وإنما كل شهرين وأحيانا يمر أكثر من شهرين ولا تأتي، وهذا ما زاد الوجع فينا كثيرا “.

وأشارت إلى أن” كثرة الأبناء في البيت وقلة المساعدات التي كنا نحصل عليها، وعدم حصول زوجي على عمل، هذا الأمر أثر علينا كثيرا حتى دخل زوجي في حالة نفسية سيئة لا يدري في الكثير من الأوقات من هو ولا من أهله؛ نتيجة ما تلقاه من عناء خلال هذه السنوات “.

وواصلت” بقيت وحدي أتخبط في الحياة في سبيل الحصول على رغيف خبز لأولادي حتى أنني اضطررت في الفترات الأخيرة أن أعمل في البيوت وأمد يدي لأطلب العون من الآخرين “.

في السياق ذاته يقول الناشط الاجتماعي زكريا المنصوب، إن” الشعب اليمني منذ بداية الحرب وهو يعيش أوضاعا سيئة تزداد مع مرور السنوات، من غلاء في المعيشة ونقص في الغذاء والدواء وكل الخدمات الأساسية ومقومات الحياة الرئيسية “.

وأضاف المنصوب ل” يمن مونيتور “منذ اندلاع الحرب الطاحنة في البلاد مطلع العام 2014

شهد المواطن اليمني الكثير من النكسات والنكبات المادية والمعنوية، لتتدخل المنظمات الدولية في مساعدته بما تسمى بالإغاثة- سلل غذائية تقدم بين فترة وأخرى- حتى أصبح الاعتماد عليها بشكل كلي من قبل المواطنين”.

وأشار المنصوب إلى أن “انعدام فرص العمل جعل المواطن يعتمد على المنظمات بشكل أساسي وهذا هو الخطأ الذي حول المواطن من شخص منتج إلى مستهلك فقط ولا نقول إن المواطنين كانوا في رغد العيش عندما كانت المنظمات تعمل على الساحة المحلية وإنما جاءت لتخفف عليهم قليلا من الأعباء”.

وبين “اليوم وصل المواطنون لمرحلة العجز مع انتشار رقعة البطالة وقلة المساعدات الإنسانية، وها هم اليوم يعيشون في قلق وحزن كبير جراء نقص المساعدات والأخبار الصادرة التي أنذرت بتوقف الكثير من أبواب هذه المساعدات”.

وأكد “في الحقيقة لم تكن المساعدات الإنسانية هي الحل للشعب اليمني من خلال المنظمات الدولية والأممية، بل إن الحل يكمن في انتهاء الحرب وفتح الطرقات ورفع الحصار عن المدن وتسليم رواتب الموظفين وتوحد اليمنيين وعودتهم إلى رشدهم وإيجاد فرص عمل للشباب”.

وواصل “إذا انتهت الحرب سيعيش المواطنون أحرارا لا ينتظرون ما تتفضل به عليهم بعض المنظمات، التي تحاول اليوم أن تقفل أبوابها في وجوههم بعدما جعلتهم يعتمدون عليها بشكل أساسي”.

بدوره يقول المواطن، هائلا الذبحاني (35عاما) إن: “المواد الإغاثية تقلصت نسبتها بشكل كبير عن الأعوام الماضية، وبات المستفيد من منظمة الغذاء العالمي يتسلم على مدى الشهرين” 40 كيلو من الدقيق “وأربعة لترات من الزيت المستخدم في طهو الطعام”.

ويضيف الذبحاني ل “يمن مونيتور” في السابق كنت أتسلم من الإغاثة 50 كيلو من الدقيق و10 لترات من الزيت بالإضافة إلى كيلو من السكر وثلاثة كيلوات من البازلاء أو الفاصوليا اليابسة “.

وتابع” لكن تقلصت هذه المساعدات الإغاثية منذ فترة وهذا ما أثر على حياة أسرتي المكونة من خمسة أفراد، خاصة مع عدم توفر الأعمال وانتشار البطالة “.

وأشار إلى أنه كان يعمل بالأجر اليومي بمهنة البناء ويتقاضى في اليوم الواحد 12 ألف ريال لكن عدم توفر الأعمال أرهق كاهله وجعله وأسرته في حالة مادية سيئة

وأكد بأن” العديد من السكان كانوا يعتمدن على المساعدات الإنسانية بشكل رئيسي لكنها انقطعت عنهم مدة أكثر من شهرين وهذا ما سبب بانتشار القلق والخوف من المستقبل المجهول “.

ومضى قائلا” كل ما نتمناه هو توفير لقمة العيش لأطفالنا، وأن تنتهي الحرب التي تمر بها البلاد لنعود نحن أرباب الأسر لأعمالنا ونعيش نحن وأسرنا حياة كريمة تليق بنا “.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الأغذية العالمي الحوثيين اليمن تعليق المساعدات المساعدات الإنسانیة یمن مونیتور الکثیر من فی الیمن أکثر من کیلو من

إقرأ أيضاً:

جراح الحروب أبو ستة: طواقم غزة الطبية تباد بشكل ممنهج وشعبنا لن يرحل

وأكد أبو ستة وهو طبيب فلسطيني بريطاني، في حلقة استثنائية من برنامج "المقابلة" على قناة الجزيرة، أنه لا يشعر بالنجاة رغم خروجه حيّا من مجزرة مستشفى المعمداني، معتبرا أن من ينجو من الموت في مثل هذه الأحداث يبقى أسيرا لتجربتها طوال حياته، ويحمل في داخله شعورا بالذنب وواجبا أخلاقيا بأن يكون صوتا للذين قضوا.

وأضاف أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة كشف عن رغبة صهيونية في تغيير البنية المجتمعية لمجتمعات المقاومة، سواء في فلسطين أو لبنان، عبر استهداف منهجي للعائلات وقتلها بأكملها، مؤكدا أن ما يميّز هذه الحرب هو التحول من استهداف أفراد إلى محو سلالات كاملة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4غسان أبو ستة.. "طبيب الحروب" الشاهد على مجزرة المعمداني بغزةlist 2 of 4فرنسا تمنع دخول الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة إلى أراضيهاlist 3 of 4غسان أبو ستة يتحدى الحظر ويلقي محاضرة بمجلس الشيوخ الفرنسيlist 4 of 4استباحة حرمات المستشفيات والمدارس واستهداف إسرائيلي للجامعاتend of list

وتحدث الطبيب الفلسطيني عن صراعه الدائم بين مهنة الطب بوصفها ممارسة للحياة، وبين واقع الحروب الذي يقحم الأطباء في قلب الموت، مستذكرا لحظة استعداده للموت داخل غرفة العمليات في مستشفى الشفاء خلال قصف عنيف، حين جلس في الزاوية لمراجعة مسيرة حياته.

وأوضح أن وعيه السياسي والمهني بدأ منذ طفولته، وتحديدا في سن الـ13 حين شاهد على التلفاز مشاهد اجتياح بيروت عام 1982 واستهداف الطواقم الطبية، وهو ما جعله يقرر أن يصبح طبيبا في خدمة مشروع شعبه، وهو القرار الذي التزم به منذ ذلك الحين.

إعلان تجارب سابقة

وذكر أبو ستة أنه شارك متطوعا في الضفة الغربية وقطاع غزة أثناء الانتفاضة الأولى، وتوجه لاحقا إلى العراق بعد حرب الخليج الأولى ضمن فريق طبي لدراسة آثار الحرب، قبل أن يعمل في جنوب لبنان خلال عدوان "عناقيد الغضب"، ثم في سوريا واليمن لاحقا.

وأشار إلى أن انتقاله إلى الجامعة الأميركية في بيروت عام 2011 أتاح له تأسيس مسار أكاديمي في طب النزاعات، حيث دمج بين الممارسة الميدانية والبحث العلمي، مما ساعده في توثيق العلاقة بين الحرب وصحة الإنسان من منظور طبي ومجتمعي أوسع.

وكشف أن قطاع غزة كان بمثابة حقل تجارب لأسلحة الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن استخدام الفسفور الأبيض بدأ يظهر بشكل متكرر منذ عام 2009، وأنه شخصيا عاين الإصابات المروعة الناتجة عنه، حيث يحترق الجلد ويتفاعل الفسفور مع الأكسجين ليعود للاشتعال داخل الجسد.

وأوضح أن الطواقم الطبية في غزة عملت ضمن إمكانيات شحيحة، مشيدا بجهود وزارة الصحة في غزة التي استطاعت تطوير كوادرها الطبية رغم الحصار، ونجحت في تدريب فرق الإسعاف لتقديم الإسعاف الأولي المتقدم وتثبيت الإصابات في ظروف شبه ميدانية.

وتوقف عند أصعب اللحظات التي عاشها خلال العدوان، حين اضطر إلى إجراء عمليات جراحية للأطفال دون تخدير بسبب نفاد الأدوية، مؤكدا أن مثل هذه التجارب تترك أثرا نفسيا بالغا على الطفل، وتغيّر عتبة الألم لديه بشكل دائم.

فقد الأحبة

وتحدث بحرقة عن استشهاد عدد من زملائه الأطباء، ومن بينهم الدكتور مدحت صيدم والدكتور همام اللوح والدكتور عدنان البرش، الذين فقدوا حياتهم إما تحت القصف أو بعد الاعتقال، واصفا ما جرى بأنه استهداف متعمد للكوادر الطبية لِشلّ القطاع الصحي.

وأوضح أن أكثر من 1200 من الطواقم الطبية استشهدوا، وتم تدمير 33 من أصل 36 مستشفى، ولم يتبقَ إلا 4 غرف عمليات لا تعمل بطاقتها الكاملة، معتبرا أن إعادة بناء هذا القطاع ستحتاج إلى ما لا يقل عن 10 سنوات ماديًا، وجيل كامل بشريًا.

إعلان

ولم يتردد أبو ستة في تقديم شهادته أمام المحكمة الجنائية الدولية، متحدثا عن قصف مستشفى المعمداني واستهداف الجرحى داخل المستشفيات بطائرات مسيّرة، وقد تم اعتماد هذه الشهادة ضمن مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة، رغم الضغوط السياسية الهائلة لعرقلة المحاسبة.

وانتقد أبو ستة صمت المؤسسات الغربية الطبية والحقوقية، رغم تحرك العديد من الأفراد في أوروبا وأميركا، مشيرا إلى أن القيم الليبرالية التي تأسست عليها الدولة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية يتم التضحية بها اليوم دفاعا عن مشروع الإبادة الإسرائيلي.

وحذر من أن قطاع غزة يواجه خطر التحول إلى منطقة غير قابلة للحياة، إذ إن الأطفال المصابين بالحرب يبلغ عددهم نحو 50 ألفا، وكل واحد منهم بحاجة إلى 8 إلى 12 عملية جراحية، مما يعني الحاجة إلى مئات آلاف العمليات بمجرد انتهاء الحرب.

تواطؤ الغرب

وأبدى استغرابه من تواطؤ النخب الحاكمة في الغرب مع هذه الجرائم، مقابل تعاطف شعبي كبير ظهر في الجامعات والشارع الغربي، مشيرا إلى أن أكثر من 3200 طالب أميركي اعتقلوا خلال مظاهرات دعم غزة، في حين تواصل الأنظمة الغربية قمع الأصوات المتضامنة.

وانتقد ضعف التفاعل في العالم العربي، لاسيما في الجامعات والمؤسسات التعليمية، مؤكدا أن هذه الحرب كشفت عزلة المجتمعات العربية عن القضية الفلسطينية، بل وغيابها عن التاريخ، وفق تعبيره، مقارنة بما يجري من حراك غربي متقدم.

وتحدث عن انتخابه رئيسا لجامعة غلاسكو بنسبة تأييد تجاوزت 80% من الطلاب، معتبرا أن ذلك يمثل رسالة رمزية مؤثرة، خصوصا أن بلفور نفسه كان رئيسا سابقا لنفس الجامعة، وها هو أحد ضحاياه يعود إلى المنصب ذاته، في دلالة تاريخية عميقة.

وعند سؤاله عن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، رأى أبو ستة أن ما جرى كان محاولة لقطع الطريق على تصفية القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن الوضع في غزة قبل العملية كان يشير إلى قبول دولي باستمرار الحصار وتهميش النكبة، مما عزز الشعور بضرورة التحرك.

إعلان

وختم بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن يرحل، وأن اللاجئ الذي تذوّق مرارة النكبة لن يقبل بإعادة إنتاجها، مضيفا أن من يعيشون في غزة يفضلون الموت الجسدي على الموت الاجتماعي المرتبط باللجوء، وأن هذه القناعة المتجذرة ستحول دون تمرير أي مشاريع ترحيل.

1/6/2025

مقالات مشابهة

  • سفن الكهرباء تعود للعراق بعد غياب 17 عاما.. ماذا نعرف عن “بواخر الطاقة” التي ستتعاقد عليها بغداد؟
  • اليونسيف: انهيار القطاع الصحى يهدد حياة الأطفال في غزة بشكل خطير
  • 52 مليون دولار دفعة جديدة تنعش آمال الإغاثة الإنسانية في اليمن
  • السودان بين تجاذبات السلطة وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية (تقرير)
  • الشركة التي تدير مؤسسة غزة الإنسانية تنهي تعاقدها وتنسحب من العملية
  • رؤية الحج الإنسانية التي تتسع للعالم أجمع
  • أبرز القرارات التي تم الاتفاق عليها في اجتماع اتحاد الكرة مع الرابطة وممثلي الأندية
  • تقرير TrendX يوثق تراجع التدخين في السعودية
  • جراح الحروب أبو ستة: طواقم غزة الطبية تباد بشكل ممنهج وشعبنا لن يرحل
  • ‎غروندبرغ يبحث مع وزير خارجية مصر الأوضاع في اليمن والبحر الأحمر