عربي21:
2025-10-12@21:58:46 GMT

هدنة جديدة وليست إيقافا للحرب

تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT

دلائل عديدة تشير إلى أن وقف إطلاق النار الحالي في غزة يمثل هدنة جديدة، مشابهة لما حدث في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 وكانون الثاني/ يناير 2025، حيث تحتاج إسرائيل إلى هدنة ترتب فيها أوضاعها العسكرية، بعد الإجهاد الذي لحق بجنود الاحتياط بسبب طول مدة الانخراط في الخدمة، وتراجع الروح المعنوية لدى بعض الجنود نتيجة الخسائر المتلاحقة بينهم نتيجة استمرار هجمات المقاومة، وتكرار حالات الانتحار، والسعي للحصول على كل الأسرى ورفات الموتى ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، وعلى المستوى الدولي لتحسين الصورة السلبية التي لحقت بإسرائيل بين سكان العديد من مدن دول العالم؛ من أستراليا وحتى كندا، والتي أقر بها كل من ترامب ونتنياهو.



وتاريخيا فقد استفادت إسرائيل من الهدنة الأولى في حرب 1948 والتي قررها مجلس الأمن الدولي حينذاك، من 11 حزيران/ يونيو إلى 8 تموز/ يوليو 1948، لإعادة تنظيم قواتها واستلام 40 طائرة تشيكية وأسلحة ضخمة، بينما أُغلق باب شراء السلاح وقتها في وجه العرب، مما مكنها مع اندلاع الحرب في التاسع من تموز/ يوليو وحتى السابع عشر منه، من احتلال مدينتي اللد والرملة خلال ثلاثة أيام، وضم أجزاء من وسط فلسطين ومن الشمال ومن القدس.

الرئيس الأمريكي دائم التقلب في مواقفه، والشواهد عديدة خلال الشهور التسعة المنقضية من فترة توليه الثانية، سواء فيما يخص الحرب الروسية الأوكرانية، أو الحرب التجارية مع الصين ودول أخرى عديدة، أو في الداخل الأمريكي أو مع الحرب الدائرة في غزة، والتي تكررت وعوده بقرب إيقافها مرات عديدة خلال تلك الفترة دون تحقق
وتكررت استفادة إسرائيل من الهدنة الثانية بقرار من مجلس الأمن في 18 تموز/ يوليو 1948، لتقوم بحصار منطقة الفالوجا التي كان فيها أربعة آلاف جندي مصري، ووسعت تواجدها في الجنوب على مراحل حتى وصلت إلى موقع أم الرشراش على خليج العقبة في العاشر من آذار / مارس 1949، وأنشأت عليه بعدها ميناء إيلات، لتكمل احتلالها لنسبة 77 في المائة من أرض فلسطين.

كما استخدمت الهدنة كوسيلة لتأجيل الصراع مع دول الجوار العربي لها، بعقد هدنة مع مصر في شباط/ فبراير 1949، ومع لبنان في آذار/ مارس 1949، ومع الأردن في نيسان/ أبريل 1949، ومع سوريا في تموز/ يوليو 1949، والتي لم تمنعها بعد ذلك من تكرار هجومها على تلك الدول الأربعة، والتي كانت بدايتها بمشاركتها في العدوان الثلاثي مع إنجلترا وفرنسا على مصر عام 1956، وعدوان عام 1967 الذي احتلت خلاله أراضي من مصر وسوريا والأردن ولبنان.

تقلب مواقف ترامب عامل مُهدد للاتفاق

بالطبع سيقول الكثيرون إن وقف إطلاق مختلف هذه المرة، حيث يحضر ترامب للمنطقة ليزور إسرائيل ويعقد مؤتمرا بشرم الشيخ بحضور 20 من قادة العالم، على رأسهم الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء بريطانيا وممثلون عن دول أوروبية وعربية وإسلامية، مما يزيد من فرص تثبيت وقف إطلاق النار، خاصة وأن تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة تتحدث عن إيقاف دائم للحرب وإعادة السلام للمنطقة من خلاله بعد ثلاثة آلاف عام!

وهو أمر لا يدعو للطمأنينة بقدر ما يدعو إلى التوجس والحذر، فالرئيس الأمريكي دائم التقلب في مواقفه، والشواهد عديدة خلال الشهور التسعة المنقضية من فترة توليه الثانية، سواء فيما يخص الحرب الروسية الأوكرانية، أو الحرب التجارية مع الصين ودول أخرى عديدة، أو في الداخل الأمريكي أو مع الحرب الدائرة في غزة، والتي تكررت وعوده بقرب إيقافها مرات عديدة خلال تلك الفترة دون تحقق، إلى جانب ازدرائه للعرب وللمسلمين وربما كراهيته لهم.

ولهذا، عندما أعلن خطته لوقف القتال لم يتباحث بشأن محتوياتها مع الطرف الفلسطيني مثلما فعل مع الجانب الإسرائيلي، كأمر طبيعي لأى وسيط يعرض حلا لأى صراع، ليدلل على استمرار انحيازه الصارخ والعملي للطرف الإسرائيلي، والمستمر في إمدادها بالسلاح والمال حتى تخطت تلك المساعدات الثلاثين مليارا من الدولارات، والتي زادت لأضعاف ذلك وفق دراسة لجامعة غربية مرموقة، كما أنه لم يلتزم بما تباحث عليه مع ممثلي دول عربية وإسلامية، ممن التقى بهم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير.

أوروبا الرسمية مُنصاعة للموقف الأمريكي

وربما يرى البعض أن حضور دول مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا مؤتمر شرم الشيخ لإنهاء الحرب تمثل ضمانة لهذا الإيقاف، وهذه مغالطة أخرى حيث لم تستطع تلك الدول ومعها الصين وروسيا وغيرها من أعضاء مجلس الأمن، وقف إطلاق النار عدة مرات في ظل الفيتو الأمريكي، كما أن رضوخ تلك الدول لزيادة إنفاقها العسكري بعد مطالبة ترامب لهم بذلك، يشير إلى سيرها في الفلك الأمريكي رغم المواقف المتشددة التي اتخذها ترامب تجاه أوكرانيا خلال حربها الحالية، ولعل قيامها مؤخرا بإعادة فرض العقوبات على إيران شاهد آخر على تنفيذها للأجندة الأمريكية.

أما قول آخرين بأن هناك وسطاء حضروا مفاوضات شرم الشيخ سيضمنون استمرار وقف إطلاق النار، فهذا أمر بعيد المنال، حيث لا تستطيع تلك الدول الثلاث: مصر وقطر وتركيا، الضغط على إسرائيل لتنفيذ ما التزمت في الاتفاق الأخير أو الضغط على الطرف الأمريكي لتنفيذ تعهداته، وهو ما حدث من قبل مع عدم التزام إسرائيل باتفاقي تشرين الثاني 2023 وكانون الثاني/ يناير 2025، اللذين شاركت مصر وقطر مع أمريكا في رعايته.

وعندما يقال إن هناك وسيطا جديدا يتمثل في تركيا، فإن التجارب السابقة للعلاقات بين تركيا وأمريكا تشير إلى تراجع الموقف التركي أمام الضغوط الأمريكية، ولعل منها موقف تركيا حينما أصرت على سجن قس أمريكي قبل سنوات، لكنها استجابت للضغوط الأمريكية وأفرجت عنه قبل قضاء المدة المقررة لسجنه.

وهكذا سيغطى المشهد الإعلامي الصاخب بما فيه من إبهار وإشادة خلال وقائع زيارة ترامب لكل من إسرائيل ومصر، والحديث عن السعي لتحقيق السلام من قبل الأطراف الحاضرة لمؤتمر الدولي بشرم الشيخ، على حقيقة صعوبة المرحلة الثانية من خطة ترامب والتي تقضى بإدارة دولية لقطاع غزة، وتسليم سلاح المقاومة وتدمير الأنفاق، وهي أمور تتصادم مع الحق الفلسطيني في مقاومة المحتل.

فهناك سخاء في إمداد الطرف القائم بالإبادة الجماعية منذ عامين بالسلاح والمال بل والجنود، رغم ما لديه من أسلحة متطورة وتفوق جوي وبحري وبري، وعلى الناحية الأخرى حرمان الطرف الآخر من امتلاك السلاح رغم بدائيته وقلته.

الوسطاء موافقون على نزع سلاح المقاومة!

وهنا نذكر بأن الدول العربية والأوروبية المتواطئة مع الأهداف الأمريكية والإسرائيلية، قد وافقت في أواخر تموز/ يوليو الماضي خلال إعلان نيويورك؛ على نزع سلاح المقاومة في غزة، ومن تلك الدول تركيا وقطر ومصر؛ الوسطاء في مفاوضات شرم الشيخ الأخيرة، بالإضافة إلى الأردن وإندونيسيا وكل من ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا واليابان والبرازيل والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

يمكن اعتبار مهرجان شرم الشيخ بمثابة مجال لاستعراض مزاعم ترامب لقدراته الدولية في إيقاف الحروب، وتكثيف الإعلام المصري إشادته بالجنرال باعتباره حامي السلام الذي أوقف الحرب
ومن هنا، نتوقع تكرار النموذج اللبناني باستمرار إسرائيل في قصف غزة بعد حصولها على محتجزيها، لاستمرار الضغط على سكان غزة حتى يندفعوا إلى الهجرة الطوعية، سواء من خلال معبر رفح الذي سيعاد فتحه أو من خلال الوسائل الأخرى التي ستتيحها لهم عبر باقي المنافذ بين غزة ودولة الاحتلال، وإتاحة المجال لشركات ترامب وصهره وويتكوف لتنفيذ مشروعاتها العقارية على ساحل غزة الذي ستستمر إسرائيل في احتلاله بعد انتهاء كافة مراحل الانسحاب.

فلن تقبل كل من أمريكا وإسرائيل أن تكون هناك جهة مهددة لأمن إسرائيل متمثلة في المقاومة في غزة، بعد أن استطاعت التوسع في الجنوب السوري بما يمنع أية تهديدات من خلاله، والتوسع في الجنوب اللبناني لنفس الغرض، بعد أن ضمنت معاهدة كامب ديفيد عدم تواجد قوات مصرية على الحدود معها، كما منع اتفاق وادي عربة وجود قوات أردنية على حدودها.

وهكذا يمكن اعتبار مهرجان شرم الشيخ بمثابة مجال لاستعراض مزاعم ترامب لقدراته الدولية في إيقاف الحروب، وتكثيف الإعلام المصري إشادته بالجنرال باعتباره حامي السلام الذي أوقف الحرب! وهو ما يمكن تكراره من قبل الإعلام التركي والقطري حول دور بلديهما، وبدرجات أخرى من قبل الدول الأوروبية والدول العربية والإسلامية التي تسعى لإيجاد مبرر للتطبيع مع إسرائيل.

وفي الممقابل، تظل قضايا إدخال الكميات المتفق عليها من المساعدات، ونوعية تلك المساعدات لتشمل معدات رفع الأنقاض والمساكن الجاهزة والأدوية والوقود، مرهونة بالمماطلة الإسرائيلية المعتادة والمؤازرة الأمريكية المعتادة للتجويع والإبادة الجماعية، والتجاهل العربي والإسلامي والأوروبي الرسمي لكل الانتهاكات الإنسانية التي تحدث في غزة.

x.com/mamdouh_alwaly

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل ترامب حرب إسرائيل غزة إتفاق حرب ترامب مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات اقتصاد مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار عدیدة خلال تلک الدول شرم الشیخ من خلال من قبل فی غزة

إقرأ أيضاً:

نصر عسكري وهزيمة سياسية.. نتنياهو ونهاية حرب غزة بمعايير إسرائيل

أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق بين إسرائيل وحماس موجة من ردود الفعل المتضاربة في الحلبة السياسية الإسرائيلية. إذ انقسم اليمين الصهيوني على نفسه بين مؤيد للاتفاق ومعارض له، في حين اندفع معارضو الائتلاف إلى إعلان تأييدهم غير المشروط للاتفاق.

وبدا واضحا من طبيعة ردود الفعل السياسية أن هناك من يؤيد الاتفاق انطلاقا من واقع أنه يعني نهاية الرؤية اليمينية المسيحانية بعد اصطدامها بالواقع مقابل من يعارضون الاتفاق أيضا رفضا لهذا المنطلق. وربما لهذا السبب نظر جميع أطراف الحلبة السياسية الإسرائيلية إلى الاتفاق على أنه لحظة تاريخية تؤسس لتوجه مغاير لما كان عليه الوضع قبل الاتفاق.

والأمر لا يتصل فقط بطبيعة الحرب والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين بعد أكثر من عامين على الأسر، وإنما كذلك بما يمكن أن يقود إليه الاتفاق من تغيير شامل في الرؤية السياسية. إذ ليس صدفة أنه تعاظمت مع تطور الحرب وامتدادها الزمني أفكار حاولت التعويض على صدمة 7 أكتوبر/تشرين الأول بتعزيز الاندفاع ليس فقط نحو ضم المزيد من أراضي الضفة والقطاع وتهجير سكانها، وإنما كذلك عرض تأييد فكرة أرض إسرائيل الكبرى من جانب رئيس الحكومة، المطلوب للجنائية الدولية، بنيامين نتنياهو.

وكان نتنياهو وشركاؤه في اليمين المتطرف، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وإسرائيل كاتس، قد طوروا مفهوم الحرب الدائمة مما جعل كل فرص التوصل لاتفاق تتحطم على صخرة رفضهم. ولذلك، وبصرف النظر عن توفر أسباب كثيرة لاندفاع إدارة ترامب التي قدمت دعما غير محدود للحكومة اليمينية في حربها، اضطر رئيسها للإعلان عن أنه بخطته لإنهاء الحرب ينقذ إسرائيل من غضب العالم.

العجرفة

وإذا كان لكلام ترامب من معنى، فإنه شخصيا بما نشر من تسجيلات لمكالمته الحاسمة مع نتنياهو كان يقصد أن إسرائيل ليس بوسعها الاستمرار في مواجهة العالم الذي سئم سلوكها المتعجرف. وفي مقابلة مع "فوكس نيوز" بعد إعلان الاتفاق، أشار ترامب إلى محادثة أجراها مع نتنياهو: "أخبرته أن إسرائيل لا تستطيع محاربة العالم أجمع. لقد توحد العالم أجمع".

إعلان

وبكلمات أخرى قال إنه، رغم تأييده لإسرائيل لا يستطيع مواصلة الدفاع عنها في مواجهة العالم بأسره. وهذا ما ينسجم إلى حد كبير مع ما يحاول عدد من المعلقين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين تأكيده في مقالاتهم وتصريحاتهم التي ترى أن إسرائيل قد تكون حققت إنجازات عسكرية مرموقة لكنها منيت بهزيمة سياسية واضحة.

ترامب لنتنياهو: إسرائيل لا تستطيع محاربة العالم أجمع (أسوشيتد برس)

عموما وبعد إعلان ترامب عن الاتفاق سارع نتنياهو لإعلان أن "هذا يوم عظيم لإسرائيل. سأعقد اجتماعا للحكومة غدا للموافقة على الاتفاق وإعادة جميع رهائننا الأعزاء إلى ديارهم. أشكر جنود الجيش الإسرائيلي الأبطال وجميع قوات الأمن الذين أوصلونا إلى هذا اليوم بشجاعتهم وتضحياتهم. أشكر الرئيس ترامب وفريقه من أعماق قلبي على التزامهم بهذه المهمة المقدسة لتحرير رهائننا. بعون الله، سنواصل معا تحقيق جميع أهدافنا وتعزيز السلام مع جيراننا".

ولكن اجتماع الحكومة تأخر عن موعده بأكثر من 4 ساعات جراء خلافات ظهرت ليس فقط بين نتنياهو ومعارضي الاتفاق من حزبي اليمين المتطرف سموتريتش وبن غفير، وإنما كذلك من داخل حزبه الليكود. وقد اضطر ترامب للاستعانة بالمبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر بقصد إقناع الوزراء بأن ما تم التوصل إليه هو أفضل الممكن وأنه يجنب إسرائيل خطرا أكبر. ومع ذلك استمر الخلاف مع حزبي الصهيونية الدينية وعوتسما يهوديت اللذين صوتا ضد الاتفاق، وعمدا إلى وضع "خطوط حمراء"، وصولا إلى التهديد بالانسحاب من الحكومة.

ويعلم نتنياهو أن تهديدات حزبي اليمين المتطرف ليست المشكلة بسبب أن هناك شبكة أمان للاتفاق من أحزاب المعارضة. ولكن المشكلة في الأصل هي مقدار قناعة نتنياهو شخصيا بالاتفاق ومدى إحساسه بأن هذا الاتفاق يضمن له البقاء في الحكم أم يسقطه. وهو يدرك أن الاتفاق، إذا لم يتم نسفه، فإنه سوف ينسف أغلب الأسس التي يقوم عليها الفكر اليميني الذي يمثله شخصيا والقائم على التوسع والضم.

ويشعر نتنياهو بأنه مضطر لتضخيم مزايا الاتفاق وحتى البدء بالحديث عن تطلع للسلام، لكنه في قرارة نفسه يعرف أن هذا ليس بالضرورة ما يؤمن به الآخرون. وقديما قال حكماء في إسرائيل إن مواقف اليمين هي التعبير الحقيقي عما في النفوس، لكن إنهاء الحرب يتطلب تنازلا عن هذه المواقف وهو ما يقدر عليه فقط الوسط واليسار وليس اليمين.

أمل وترقب

رحّبت المعارضة بالاتفاق، إذ أعلن زعيم المعارضة يائير لبيد: "في هذين العامين الصعبين، هذه لحظة نور عظيم في الظلام. عسى أن تعود ملائكة السلام سالمين". كما كتب رئيس حزب أزرق أبيض، بيني غانتس: "تستيقظ أمة بأكملها هذا الصباح على أمل وترقب، لعودة قريبة لإخواننا وأخواتنا، بعد عامين من المعاناة".

كما كتب رئيس حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، على شبكة إكس: "صباحٌ مفعمٌ بالأمل والفرح. نتطلع، مع شعب إسرائيل بأكمله، إلى عودة جميع المختطفين والمختطفات إلى ديارهم".

ومن المعارضة، كتب أيمن عودة، رئيس حزب حداش/العربية للتغيير، أنه "سعيد بتوصل الجانبين إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من الاتفاق لإنهاء الحرب"، مضيفا: "لم تثبت أي حرب أكثر من هذه الحرب أنه لا يوجد حل عسكري. من الآن فصاعدًا، يجب تحرير كلا الشعبين من نير الاحتلال، لأننا جميعا ولدنا أحرارا".

أيمن عودة مشاركا في تجمع لعرب ويهود يحتجون أمام السفارة الأميركية في تل أبيب على تجويع غزة (من حسابه على إكس)

أما في حكومة نتنياهو، فإن الوضع مختلف، إذ إن الترحيب بالاتفاق لا يخرج من صميم القلب وإنما يميل لأن يكون لفظيا. وحتى الآن المطروح على الحكومة هو الفصل الأول من الاتفاق المتعلق بالإفراج عن الأسرى في ظل بقاء الجيش الإسرائيلي في القطاع.

إعلان

وهذا يخفف أثر الاتفاق بسبب النتيجة المباشرة له. لكن التقديرات تتحدث عن صدمة ستحدث عند إقرار إنهاء الحرب، خصوصا إذا بقيت حماس في الصورة. وهذا ما هو معلن حاليا من جانب وزراء "عوتسما يهوديت" الذين هددوا بالاستقالة من الحكومة. وفي حين لم يُهدد الصهاينة المتدينون رسميا بالاستقالة، لكنهم يُوضحون أن جميع الخيارات مطروحة.

وثمة قناعة متزايدة بأن من غير المتوقع أن يؤدي الانسحاب من الحكومة إلى الإطاحة بها. الشيء الوحيد المُحتمل هو حل الكنيست مع تحديد موعد مُتفق عليه للانتخابات.

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل دخلت عام انتخابات، لذا فإن مسألة موعدها المُحدد هذا العام لا تُثير قلق نتنياهو. بطريقة أو بأخرى، على الأقل في الوقت الحالي، من غير المُتوقع أن ينسحب أي حزب من الحكومة. وسيسمح كل من الصهيونية المتدينة و"عوتسما يهوديت" بمرور المرحلة الأولى من الاتفاق -على الرغم من معارضتهما- ثم سيدرسان التطورات ويقرران مسار استمرار الحزبين في ظل حكومة نتنياهو.

وكان زعيم الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، قال: "هناك خوف كبير من عواقب إخلاء السجون وإطلاق سراح الجيل القادم من قادة الإرهاب الذين سيبذلون قصارى جهدهم لمواصلة سفك دماء اليهود هنا، لا سمح الله". وأضاف أنه لا ينوي التصويت لصالح الاتفاق. "لهذا السبب وحده، لا يمكننا الانضمام إلى هذه الاحتفالات قصيرة النظر والتصويت لصالح الاتفاق".

كما أن الوزيرة من حزبه، أوريت ستروك وبعد أن رحبت بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين معتبرة ذلك إنقاذا لهم استدركت قائلة إنه إلى جانب الفرح، هذا الاتفاق "يحمل في طياته عارا عظيما. عار على تطبيع إطلاق سراح الإرهابيين مقابل الرهائن، وعار مُسبق على جميع ضحايا هذا النهج الدموي: تضحيات دماء، وضحايا عمليات اختطاف لاحقة، عار على مجرد ذكر الدولة الفلسطينية في تلك الاتفاقية، بعد وقت قصير من قرار الكنيست بأغلبية ساحقة بأنها تُشكل خطرا وجوديا علينا".

كذبة شائعة

وكان التساؤل الأكبر في إسرائيل يدور حول سبب قبول نتنياهو بعرض كان يمكن أن يتحقق مع بداية الحرب في نظر البعض وفي أكتوبر/تشرين الأول العام الفائت في نظر آخرين. ولاحظ باروخ قرا في موقع "والا" الإخباري أن هناك سببين يقفان خلف ذلك.

وأكد أن هناك كذبة شائعة بأنه لم تعرض على نتنياهو مثل هذه الصفقة في الماضي. ويرى أن إسرائيل رفضت أصلا مبدأ الصفقات الشاملة وأن سموتريتش وبن غفير رأيا في عبارة إنهاء الحرب قضاء على حلم الاستيطان في غزة، في حين رأى نتنياهو أن ذلك يسقط حكومته. وتمسكت الحكومة بالنصر المطلق عنوانا لإفشال كل مبادرة.

ويرى قرا أن سببي تغيير موقف نتنياهو يتمثلان في أن الانتخابات المبكرة باتت خيارا قويا وهو ما يتجه إليه، وقرار المحكمة الجنائية الدولية حول الإبادة الجماعية الذي قاد إلى عزلة دولية لا فكاك منها.

إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش: نهاية الحرب يطوي ملف الاستيطان (رويترز)

ويرى نداف إيال في "يديعوت أحرونوت" أن "هوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم ليست جزءا عرضيا من الأخبار الرائعة والمبهجة. ليس من حقنا أن ندفن رؤوسنا في الرمال بعد 7 أكتوبر، وبعد خبر مقتل يحيى السنوار. أُطلق سراحهم في صفقة شاليط. ستنظر إسرائيل إلى وجه كل أسير يُطلق سراحه بهذه الطريقة وتسأل: هل هذا يحيى السنوار التالي؟ كيف ستُكسر حلقة القتل والخطف والقتل والعودة؟".

وتحت عنوان "نصر عسكري، خسارة سياسية" كتب آفي يسخاروف في يديعوت أحرونوت أن "الإنجازات العسكرية الكبيرة التي حققها الجيش الإسرائيلي في العامين الماضيين لم تترجم إلى إنجازات سياسية فحسب، بل أصبحت فشلا سياسيا فادحا، وهو ما يُضفي عليه وصف "الفشل" دلالات كبيرة. رغم الدمار الهائل في غزة، ورغم العدد المتزايد للقتلى الفلسطينيين (67 ألف قتيل)، ورغم تعرض الجناح العسكري لحماس لضربات موجعة وفقدانه كامل قيادته العليا، ترى حماس في "طوفان الأقصى" نصرا لا غير. مع أنه ليس نصرا في معارك قطاع غزة أو ضد جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، إلا أنه نصر على الصعيدين السياسي والدولي. تنتصر حماس لأن العمل العسكري العنيف يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية، وهي تحققها واحدة تلو الأخرى، بينما حوّلت دولة إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو استمرار الحرب إلى هدف سياسي، بل سياسي، وأهملت الأهداف السياسية للحرب".

بقاء حماس

أما بن كسبيت في "معاريف" فتحدث عن ضرورة المحاسبة: "سنجري الحسابات لاحقا. لقد أجرينا بعضها بالفعل. عندما يتضح، للأسف، أن الحرب انتهت وأن حماس لا تزال قائمة. عندما يتضح أن "حماس وافقت على تجميد السلاح"، وعندما يتضح أنه كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مماثل في وقت أبكر بكثير، سيتعين علينا تقديم حساب لأنفسنا وسنكون ملزمين بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. لكن أولا، دعونا نراهم يعودون إلى ديارهم. 20 إسرائيليا أصبحوا أفرادا من عائلاتنا جميعا".

إعلان

إسرائيل أبرمت الاتفاق غير أن تنفيذه يفتح بوابات واسعة نحو أفق مجهول تتحطم فيه أحزاب وأفكار وتسميات.

مقالات مشابهة

  • لوقف الحرب على غزة.. قائمة أسماء الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ غدا
  • "تصريحات مقلقة" قبيل اتفاق غزة.. ماذا قالت إسرائيل وحماس؟
  • وزير الحرب الأمريكي: تشكيل قوة مشتركة جديدة لسحق عصابات المخدرات في الكاريبي
  • المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط يعلن اكتمال المرحلة الأولى من الانسحاب الإسرائيلي
  • وزير خارجية إسرائيل: نعمل على ضمان تنفيذ خطة ترامب للسلام
  • نتنياهو: ترامب أثبت التزامه وصدقه تجاه إسرائيل
  • كيف ضمن ترامب لحماس منع إسرائيل من استئناف الحرب؟
  • نصر عسكري وهزيمة سياسية.. نتنياهو ونهاية حرب غزة بمعايير إسرائيل
  • كشف تفاصيل جديدة بشأن زيارة ترامب لإسرائيل