المغرب الكبير أولًا.. لا حل لنزاع الصحراء إلا برؤية مغاربية خالصة
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
منذ عقود، يشكّل نزاع الصحراء الغربية عائقًا كبيرًا أمام بناء اتحاد مغاربي حقيقي. لم يعد هذا الصراع مجرد خلاف سياسي أو إقليمي، بل تحوّل إلى مرآة تعكس بوضوح عجزنا، نحن أبناء المغرب الكبير، عن حلّ قضايانا بأنفسنا، بعيدًا عن التدخلات والوصايات الأجنبية.
لقد استنفدنا كل قنوات الوساطة: من الأمم المتحدة إلى الاتحاد الإفريقي، مرورًا بقوى غربية لا ترى في منطقتنا سوى فرص استغلال اقتصادي أو أوراق ضغط جيوسياسي.
وفي خضم هذا الواقع المعقّد، تتوالى مواقف دولية داعمة للمقترح المغربي، وعلى رأسها ما جاء في رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، حيث جدد ترامب تأكيده على أن الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء، وتدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل جاد وواقعي وذي مصداقية، يشكّل الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع.
ورغم ما يحمله هذا الموقف من ثقل دبلوماسي، فإن الأهم يبقى في وعينا الجماعي بأن الحل الحقيقي لا يمكن أن يأتي إلا من داخل البيت المغاربي، انطلاقًا من وحدة التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك. من موريتانيا والمغرب إلى تونس، ومن الجزائر إلى ليبيا، الجميع يكتوي بنار هذا النزاع بشكل مباشر أو غير مباشر. والتغاضي عنه لم يعد خيارًا، بل أصبح خطرًا دائمًا.
في هذا السياق، تكتسي دعوة الملك محمد السادس المتكررة للحوار مع الجزائر أهمية خاصة. فقد جدد العاهل المغربي، في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليو 2025، دعوته إلى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من التفاهم والتقارب، مؤكدًا أن "اليد ممدودة دائمًا"، ومشدّدًا على أن "الخلافات الظرفية لا ينبغي أن تعرقل طموحات الشعوب المغاربية".
وقد لقي هذا الخطاب ترحيبًا واسعًا في الأوساط المغاربية، لما حمله من دعوة صادقة لتجاوز القطيعة، والانتصار لمنطق الحكمة والمصالح المشتركة. كما توالت الدعوات الموجّهة للجزائر، وعلى رأسها الرئيس عبد المجيد تبون، للتجاوب الإيجابي مع المبادرة، والعمل على إعادة بناء الثقة في أفق مغاربي موحد يقوم على الحوار لا الاصطفاف، وعلى الشراكة لا النزاع.
صحيح أن الأنظمة تختلف، لكن الشعوب المغاربية لا تزال تدرك أنها أسرة واحدة. في الجزائر، تونس، الدار البيضاء، طرابلس ونواكشوط، لا يُنظر إلى الجار المغاربي كخصم، بل كأخ فرّقته السياسات وأوهام الحدود.
أؤمن، وبثقة تامة، أن الحل لا يمكن أن يكون إلا مغاربيًا خالصًا، نابعًا من إرادة الشعوب، ومدعومًا بقيادات تتحلّى بالشجاعة والحكمة. وأن الانغلاق والقطيعة لا يمكن أن يظلا قدرنا. وحده الحوار الصادق والمصالحة التاريخية يمكن أن يفتحا الطريق نحو مغرب كبير، موحّد، كريم لأبنائه، ومؤثر في محيطه.ما نحتاجه اليوم هو كسر هذا الجمود، وفتح المجال أمام مبادرات مدنية، ثقافية، إعلامية وشبابية، تعيد بناء الجسور، وتمهّد الطريق لحل سياسي واقعي، ينهي النزاع، ويصون كرامة الجميع، ويعيد الاستقرار إلى منطقتنا.
إن مستقبل شعوبنا لا يُرسم في تقارير مجلس الأمن، ولا في مزاج العواصم الغربية، بل في إرادة أبناء المنطقة. فهل نمتلك الشجاعة لاختيار المصالحة بدل الصراع، والتكامل بدل التنافر؟
الحل ليس في عواصم القرار الدولي، بل في قرارات العواصم المغاربية. وعندما نؤمن بأن وحدة المغرب الكبير ليست ترفًا سياسيًا بل ضرورة استراتيجية للتنمية والاستقرار، حينها فقط يمكننا طيّ صفحة النزاع، وفتح صفحات جديدة من التعاون والعمل المشترك.
الحل يبدأ بحوار مغاربي مسؤول، تُشارك فيه الأنظمة والنخب والمجتمعات، على قاعدة الاحترام المتبادل، والاعتراف بالاختلاف، والبحث عن تسوية سياسية لا غالب فيها ولا مغلوب.
كما يمر عبر تجديد الالتزام بإحياء الاتحاد المغاربي، ليس كشعار تاريخي مهجور، بل كمشروع واقعي، عملي، وممكن، يُعيد للمواطن المغاربي مكانته، ويمنحه أسباب الكرامة والازدهار.
أؤمن، وبثقة تامة، أن الحل لا يمكن أن يكون إلا مغاربيًا خالصًا، نابعًا من إرادة الشعوب، ومدعومًا بقيادات تتحلّى بالشجاعة والحكمة. وأن الانغلاق والقطيعة لا يمكن أن يظلا قدرنا. وحده الحوار الصادق والمصالحة التاريخية يمكن أن يفتحا الطريق نحو مغرب كبير، موحّد، كريم لأبنائه، ومؤثر في محيطه.
*رئيس المنتدى المغاربي للحوار
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المغرب علاقات الجزائر المغرب الجزائر علاقات رأي قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لا یمکن أن
إقرأ أيضاً:
حجب التيك توك ليس الحل.. كيف نحمي المجتمع من انفلات منصات التواصل؟
قال محمد الحارثي، خبير أمن المعلومات، إن حجب منصة "تيك توك" بالكامل في مصر ليس هو الحل الأمثل، بل إن تقنين المحتوى والبث المباشر على المنصة يُعد الخطوة الأهم لحماية المجتمع من الانفلات الأخلاقي والمحتوى غير اللائق.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية نهاد سمير، في برنامج "صباح البلد" المذاع على قناة "صدى البلد"، أن "تيك توك" تمثل خطرًا متزايدًا بسبب خاصية البث المباشر، التي تسمح لأي شخص بفتح بث مباشر وتلقي أرباح مالية مباشرة من المتابعين، من خلال ما يُعرف بـ"الرموز والهدايا الرقمية".
وشدد على ضرورة تقنين البث المباشر على المنصة، عبر فرض بيانات تعريفية إلزامية للمستخدمين، كما هو الحال في منصات عالمية مثل "فيسبوك" و"آبل"، مؤكدًا أن الدولة لديها القدرة على فرض تراخيص صارمة تمنع استغلال هذه المنصات في نشر محتوى غير لائق أو لتحقيق أرباح غير مشروعة.
وأوضح أن أحد أخطر الجوانب في النظام المالي للمنصة يتمثل في الرموز والهدايا الرقمية، التي تُحول إلى أموال حقيقية، دون وجود رقابة على مصادر هذه الأموال أو طبيعة استخدامها، ما يفتح الباب أمام احتمالات غسيل أموال أو استخدامات غير قانونية.