أكد الدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني أن الذكاء الاصطناعي أصبح ركيزة أساسية لتطوير المنظومة التعليمية المصرية، مشيرًا إلى أن إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم لم يعد رفاهية بل ضرورة وطنية لتحقيق التنمية المستدامة وبناء جيل قادر على الإبداع والمنافسة في عالم رقمي متسارع.

جاء ذلك خلال مشاركته في ورشة العمل الوطنية للتصديق على إطار كفاءات الذكاء الاصطناعي للمعلمين (AI CFT)، التي نظمتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة، بحضور عدد من الخبراء والمسؤولين من الوزارات والمؤسسات التعليمية والهيئات الدولية، في حدث يعكس التزام مصر الجاد بتبني التكنولوجيا في التعليم.

وأوضح وزير التربية والتعليم أن هذه الورشة تحمل دلالة رمزية خاصة، إذ تتزامن مع اليوم العالمي للمعلم، وهي مناسبة للاحتفاء بمعلمي مصر الذين وصفهم بأنهم مهندسو المعرفة وبناة القدرات الإنسانية، مؤكدًا أن الأمم لا تنهض إلا بسواعد معلميها الذين يزرعون بذور العلم والابتكار في عقول الأجيال.

وأشار عبد اللطيف إلى أن التحولات العالمية السريعة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تفرض على الأنظمة التعليمية أن تكون سباقة في التكيف مع المستقبل، بل أن تقوده بخطط واضحة تضمن استثمار هذه التقنيات لصالح الطلاب والمعلمين على حد سواء. وقال إن الوزارة تسعى لأن يكون التعليم المصري نموذجًا إقليميًا في دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم من خلال تطوير المحتوى، وتدريب المعلمين، وتوسيع نطاق البرامج الرقمية داخل المدارس.

وأضاف الوزير أن إطلاق مبادرة أسبوع التعلم الرقمي في باريس العام الماضي كان نقطة انطلاق مهمة لتطوير إطار وطني لكفاءات المعلمين في مجال الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن الوزارة ترجمت هذه المبادرة إلى خطة عمل واقعية بالشراكة مع مكتب اليونسكو بالقاهرة، عبر سلسلة من اللقاءات البحثية والتشاور مع الخبراء والممارسين في التعليم والتكنولوجيا.

وتوّجت هذه الجهود بإعداد إطار كفاءات الذكاء الاصطناعي للمعلمين في مصر، وهو نموذج وطني متكامل يهدف إلى تمكين المعلمين من اكتساب المهارات والمعرفة والفهم الأخلاقي للتعامل مع الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وفعالة. وأوضح الوزير أن هذا الإطار يستند إلى أربعة محاور رئيسية: التركيز على الإنسان أولًا قبل التكنولوجيا، والالتزام بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وإتقان تقنياته وتطبيقاته، والقدرة على تصميم أنظمة ذكية تخدم العملية التعليمية.

وأكد عبد اللطيف أن التعليم هو حجر الأساس لبناء مجتمع المعرفة، مشيرًا إلى أن التحول الرقمي يمثل محركًا رئيسيًا لتحقيق نقلة نوعية في جودة التعليم، موضحًا أن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي تولي اهتمامًا كبيرًا بتوظيف هذه التقنيات لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وهو ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع.

وأوضح الوزير أن وزارة التربية والتعليم أعدت مصفوفة شاملة من المعايير والمؤشرات الخاصة بالذكاء الاصطناعي تغطي المرحلتين الإعدادية والثانوية، بما يضمن تكامل المناهج وتدرجها بشكل يخدم بناء المهارات الرقمية لدى الطلاب. وأعلن أنه تم بدء تطبيق مناهج الذكاء الاصطناعي في العام الدراسي 2025/2026 ضمن التعليم الأساسي والصف الأول الثانوي، في خطوة تستهدف إعداد جيل رقمي يمتلك أدوات المستقبل.

وشدد الوزير على أن المعلم المصري يظل الركيزة الأساسية في أي إصلاح تعليمي، وأن هذا الإطار صُمم خصيصًا ليعكس الواقع المصري ويمنح المعلمين القدرة على توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم بطريقة أخلاقية ومبدعة، ما يفتح آفاقًا جديدة للتدريس ويساعد في معالجة تحديات مثل تفاوت فرص التعلم وتنوع أساليب التعليم.

 أكد عبد اللطيف أن الشراكة مع منظمة اليونسكو تمثل نموذجًا ملهمًا للتعاون الدولي في مجالات تنمية مهارات المعلمين وتعزيز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وإنتاج المحتوى الرقمي. وأوضح أن الورشة الحالية تشكل منصة حيوية لتبادل الخبرات وبناء رؤية وطنية شاملة لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم المصري.

كما توجه وزير التربية والتعليم بالشكر إلى الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على دعمه المستمر لهذا الجهد الوطني، وإلى مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة على شراكته المثمرة، مؤكدًا أن التعاون بين التعليم والاتصالات هو الطريق الأمثل لتحقيق التحول الرقمي الشامل في التعليم المصري.

واختتم عبد اللطيف كلمته بتوجيه التحية إلى معلمي مصر في يومهم العالمي، مؤكدًا أنهم صناع المستقبل وبناة نهضة الوطن، وأن الذكاء الاصطناعي سيظل أداة قوية بيد المعلم، لكنها لن تغني عن دوره الإنساني الخالد في بناء العقول وصناعة الأمل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی التعلیم التربیة والتعلیم التعلیم المصری عبد اللطیف

إقرأ أيضاً:

توسع أمازون في تسويق أدوات المراقبة والذكاء الاصطناعي للشرطة

في تقرير استقصائي مثير، كشفت مجلة فوربس الأمريكية عن تفاصيل جديدة حول جهود شركة أمازون المكثفة لتوسيع نفوذها في مجال خدمات المراقبة والذكاء الاصطناعي الموجهة لأجهزة إنفاذ القانون. 

التقرير يوضح أن الشركة لم تعد تكتفي بتقديم خدمات أمازون ويب سيرفيسز AWS كمزود سحابي عام، بل تسعى بشكل استراتيجي لتسويق منصاتها كأدوات أمنية متطورة للشرطة والجهات الحكومية حول العالم.

وبحسب الوثائق والمراسلات التي حصلت عليها فوربس، تعمل أمازون على بناء شبكة شراكات مع شركات متخصصة في مجالات المراقبة وتحليل البيانات وتطبيقات الأمن العام، بهدف تعزيز وجودها في سوق يُقدّر حجمه بأكثر من 11 مليار دولار لتكنولوجيا الشرطة.

 وتشمل هذه الشراكات شركات معروفة مثل Flock Safety المتخصصة في أنظمة تتبع المركبات وقارئات لوحات الترخيص، وشركة ZeroEyes المطورة لتقنيات كشف الأسلحة باستخدام الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى C3 AI وRevir Technologies اللتين تقدمان منصات لمراكز العمليات الأمنية وتحليل الجرائم في الوقت الفعلي، فضلًا عن شركات مثل Abel Police وMark43 التي توفر أنظمة ذكية للمساعدة في كتابة التقارير الشرطية تلقائيًا.

وبحسب التقرير، تُظهر رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين موظفي فريق "الأمن العام وإنفاذ القانون" في أمازون أن الشركة تسعى بشكل واضح إلى ترسيخ مكانتها في هذا القطاع المربح عبر تقديم حلول تقنية متكاملة تدعم عمليات الشرطة في الميدان والتحقيقات الجنائية. 

وتشير المراسلات إلى أن الهدف هو جعل خدمات AWS بمثابة البنية التحتية الرقمية الأساسية لتقنيات المراقبة والذكاء الاصطناعي الأمني في الولايات المتحدة وخارجها.

لكن هذه الاستراتيجية لم تمر دون إثارة جدل واسع. فقد أشعلت جهود المبيعات المكثفة التي تقوم بها أمازون موجة من الانتقادات الحادة من قبل منظمات حقوقية ومدافعين عن الخصوصية، الذين يرون أن دمج تقنيات المراقبة المتقدمة بالذكاء الاصطناعي في العمل الشرطي قد يؤدي إلى انتهاكات واسعة للحريات المدنية واستخدامات خاطئة للتقنيات الحساسة.

ويحذر خبراء في التكنولوجيا من أن الاعتماد المفرط على خوارزميات الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأفراد أو اتخاذ قرارات ميدانية قد يُنتج نتائج غير دقيقة أو متحيزة، خصوصًا في ظل غياب الضوابط التنظيمية الصارمة. 

كما أن العديد من إدارات الشرطة، بحسب التقرير، لم تُظهر التزامًا كاملاً بالقوانين المنظمة لاستخدام هذه الأنظمة، ما يثير مخاوف إضافية حول سوء استخدامها.

وفي تصريحات لمجلة فوربس، قال جاي ستانلي، كبير محللي السياسات في اتحاد الحريات المدنية الأمريكية (ACLU): "من المؤسف أن نرى إحدى أكبر الشركات في العالم تروج لتقنيات المراقبة التي يمكن أن تُستخدم بطرق استبدادية"، مضيفًا: "لم أكن أعلم أن أمازون أصبحت تلعب دور الوسيط لتقنيات الذكاء الاصطناعي الموجهة لإنفاذ القانون".

ويرى محللون أن تحركات أمازون الأخيرة تمثل محاولة واضحة للدخول بقوة في قطاع الأمن العام، الذي يشهد منافسة متزايدة بين شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وجوجل، اللتين تقدمان بالفعل خدمات سحابية متطورة لجهات حكومية وأمنية. 

غير أن دخول أمازون إلى هذا المجال يثير قلقًا خاصًا بسبب سجلها الواسع في جمع البيانات عبر أجهزتها الاستهلاكية مثل رينغ وكاميرات المراقبة المنزلية، وهو ما يمنحها وصولًا استثنائيًا إلى كميات هائلة من البيانات التي يمكن ربطها بشبكات المراقبة الحكومية.

وفي ظل هذا التوجه المتسارع، يُتوقع أن يزداد الجدل حول العلاقة بين شركات التكنولوجيا العملاقة والسلطات الأمنية، خصوصًا في غياب تشريعات واضحة تحدد حدود استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة وإنفاذ القانون.

 ومع اتساع نفوذ أمازون في هذا القطاع، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستظل التقنيات الذكية أداة لتعزيز الأمن فقط، أم أنها ستتحول إلى وسيلة جديدة لتقليص الخصوصية وتوسيع المراقبة في الحياة اليومية؟

مقالات مشابهة

  • وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي أداة للتعليم والمعلم يظل البوصلة التي توجه المستقبل
  • حزب البناء الوطني يحتفي بيوم المعلم ويكرّم نخبة من المربين
  • وزيرا الاتصالات والتعليم يطلقان إطار كفاءات الذكاء الاصطناعي للمعلمين
  • عبد اللطيف مشيدا بالتعاون مع اليونسكو: نموذج وطني يهدف إلى تمكين المعلمين بالمعارف والمهارات
  • وزير التعليم: بدأنا تدريس مناهج الذكاء الاصطناعي لخلق جيلٍ رقميٍّ مؤهلٍ للمستقبل
  • هواوي: الذكاء الاصطناعي سيرفع الناتج المحلي ومصر تتحرك في 6 محاور لبناء المستقبل
  • توسع أمازون في تسويق أدوات المراقبة والذكاء الاصطناعي للشرطة
  • مركز تريندز يعقد حلقة نقاشية حول الذكاء الاصطناعي والتعليم
  • حلقة نقاشية في “تريندز” حول الذكاء الاصطناعي والتعليم