6 عقود من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية لشيتسانغ
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
تشو شيوان **
يُصادف هذا العام الذكرى الستين لتأسيس منطقة شيتسانغ ذاتية الحكم في الصين، وعلى مدار هذه العقود شهدت شيتسانغ تطورًا استثنائيًا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، محققةً تحولًا تاريخيًا من التخلف إلى التقدم، ومن الفقر إلى الازدهار، ومن العزلة إلى الانفتاح في هذا المقال أستعرض معكم أبرز الإنجازات التي حققتها شيتسانغ في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعلها تكون نموذجًا تنمويًا يمكن الاستفادة منه وإعادة تطبيقه.
النمو الاقتصادي يمكن اعتباره قفزة نوعية نحو التقدم حيث تميزت شيتسانغ بمعدلات نمو اقتصادي مذهلة خلال الستين عامًا الماضية، فبحلول عام 2024 بلغ إجمالي الناتج المحلي للمنطقة 385 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 155 ضعفًا مقارنة بعام 1965 (بأسعار ثابتة)، بمتوسط نمو سنوي بلغ 8.9%، وفي جانب آخر ارتفعت الإيرادات المالية المحلية إلى 3.8 مليار دولار، بزيادة قدرها 1258 ضعفًا عن عام 1965، وبمعدل نمو سنوي متوسطه 12.9%.
ومن المؤشرات اللافتة أن شيتسانغ استغرقت 50 عامًا لتحقيق أول 100 مليار يوان (نحو 13.9 مليار دولار) من الناتج المحلي الإجمالي، بينما احتاجت فقط 6 سنوات لبلوغ الـ 100 مليار يوان الثانية، مما يعكس تسارعًا كبيرًا في وتيرة النمو.
وتتمتع المنطقة اليوم بصناعات حديثة مزدهرة، مثل الطاقة النظيفة والسياحة والصناعات الثقافية، كما عززت بنيتها الصناعية وقدرتها على التنمية الذاتية. وقد تصدرت شيتسانغ لسنوات عديدة قائمة المناطق الصينية الأسرع نموًا في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، ولهذا أردت في هذا المقال إبراز هذه الإنجازات اكونها علامة مهمة وجزء لا يتجزأ من مسار التنمية الصينية المذهلة التي تحققت خلال السنوات الماضية.
لقد أسهمت البنية التحتية بدور مهم في مسار التنمية فكانت الطرق هي الطريق الواصل للمستقبل، فقد قضت شيتسانغ على عقود من العزلة والتخلف من خلال تطوير بنيتها التحتية بشكل جذري، فبحلول نهاية عام 2024، بلغ إجمالي أطوال الطرق المعبدة 124.9 ألف كيلومتر، ووصل طول السكك الحديدية العاملة إلى 1359 كيلومترًا، بينما تضم شبكتها الجوية 183 خطًا جويًا محليًا ودوليًا، ولهذا قلتها أن البنية التحتية كانت مسارًا تطويريًا للمستقبل.
وبخلاف الطرق فقد تم ربط جميع المحافظات بشبكات الكهرباء الرئيسية، وحُلّت مشكلة نقص مياه الشرب النظيفة في المناطق الريفية بشكل كامل، بالإضافة إلى ذلك، أصبحت كل القرى الإدارية مزودة بشبكات الألياف الضوئية واتصالات الجيل الرابع، مما وضع حدًا لعقبات النقل والاتصالات التي أعاقت التنمية في الماضي، واليوم تندمج شيتسانغ بسلاسة مع باقي المناطق الصينية عبر شبكات لوجستية وبشرية فعالة.
ويُشكِّل تحسين حياة المواطنين أحد أبرز مظاهر تقدم شيتسانغ، فقد حققت المنطقة انتصارًا كبيرًا في معركة القضاء على الفقر، حيث تم اجتثاث الفقر المدقع الذي استمر لآلاف السنين، لذلك التنمية كان هذفها تحسين مستوى المعيشة ليعم الازدهار الجميع، وهذا أفضل أنواع الازدهار وأكثره فائدة للشعوب.
وفي مجال التعليم، كانت شيتسانغ رائدة في تطبيق نظام التعليم المجاني لمدة 15 عامًا، من مرحلة رياض الأطفال حتى الثانوية، مما وفر للأطفال فرصًا أفضل لمستقبل مشرق، كما حظيت الثقافة التقليدية بحماية وتعزيز، مع تحسين الخدمات الثقافية العامة لإثراء الحياة الروحية للسكان وبالعلم والثقافة ازدهرت شيتسانغ وازدهر معها عقول سكانها وثقافتهم وعلمهم وتعليمهم.
وفي القطاع الصحي، تم تعزيز أنظمة الرعاية الصحية في الحضر والريف، مع تغطية الفحوصات الطبية للمزارعين والرعاة بالكامل، وارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 72.5 عامًا، بينما شهدت المدن توسعًا عمرانيًا سريعًا، مما رفع جودة الحياة بشكل ملحوظ، وكل هذه المقومات ساعد بشكل وبآخر في تحسين حياة الناس.
لقد جعلت شيتسانغ الحفاظ على البيئة أساسًا لتنميتها، حيث خصصت أكثر من 50% من مساحتها ضمن "الخط الأحمر" للحماية البيئية، وأنجزت مشاريع تشجير ضخمة غطت أكثر من 1.5 مليون هكتار، لترفع نسبة الغطاء النباتي إلى 12.31%، كما وفرت أكثر من 440 ألف وظيفة مرتبطة بالحفاظ على البيئة، بدعم حكومي سنوي تجاوز 200 مليون دولار، ومن خلال حماية مواردها الطبيعية، حقق سكان شيتسانغ نموًا اقتصاديًا مستدامًا يعتمد على البيئة. وتتمتع المنطقة بنقاء هواء يتجاوز 99.7% من الأيام، بينما تلبي مياه أنهارها وبحيراتها أعلى المعايير العالمية، مما يجعلها واحدة من أنظف المناطق على الكوكب.
اليوم.. يتمتع المجتمع في شيتسانغ باستقرار متنامٍ، حيث تصل نسبة رضا المواطنين من جميع الأعراق عن الأمان إلى أكثر من 99%. وفي إطار الوحدة الوطنية، تسير شيتسانغ بثبات نحو آفاق جديدة، وهذه الإنجازات ما كانت لتحقق لولا القيادة الحكيمة للحكومة الصينية ودعم جميع القوميات في البلاد، فضلًا عن جهود أبناء شيتسانغ المخلصين. وليس لدي أدنى شك في أن المنطقة ستواصل كتابة فصول جديدة من التقدم، لترسم مستقبلًا أكثر إشراقًا للجميع.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سفارة أم مركز تجسّس؟ جدل واسع في بريطانيا حول مشروع السوبر سفارة الصينية في لندن
يشهد مشروع بناء سفارة صينية ضخمة في قلب العاصمة البريطانية لندن تصاعدًا متزايدًا في الجدل السياسي والأمني، وسط تحذيرات من مخاطر محتملة تتعلق بالتجسس والنفوذ السياسي. ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه الحكومة البريطانية إلى تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الأمن القومي والحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية والاقتصاد اعلان
تتجه الأنظار إلى قلب العاصمة البريطانية، حيث تواجه خطط الصين لبناء ما سيكون أكبر سفارة لها في أوروبا، موجة انتقادات سياسية وأمنية واسعة.
فمع اقتراب موعد اتخاذ القرار النهائي بشأن المشروع، تطالب وزيرة الإسكان البريطانية، أنجيلا راينر، بكشف تفاصيل "مظلّلة" في مخطط البناء، وسط مخاوف متزايدة من التداعيات الأمنية والدبلوماسية.
مشروع ضخم في موقع حساسيقع الموقع المختار على مقربة من برج لندن، ويشكّل جزءًا من التاريخ البريطاني، إذ كان يضم في السابق دار سكّ العملة الملكية.
وقد اشترته بكين في عام 2018 مقابل 225 مليون جنيه إسترليني، بمساحة تصل إلى 20 ألف متر مربع (ما يعادل خمسة أفدنة). أوكلت الصين تصميم المشروع إلى المهندس البريطاني الشهير ديفيد تشيبرفيلد، ليكون مقرًا دبلوماسيًا ومركزًا ثقافيًا في آنٍ واحد.
لكن ما بدا للوهلة الأولى كمشروع معماري طموح، سرعان ما تحوّل إلى مصدر قلق داخلي وخارجي، بعد أن حذّر معارضون صينيون من أن السفارة قد تُستخدم كأداة لمراقبة الجاليات الصينية وقمع الأصوات المعارضة على الأراضي البريطانية.
من جهتهم، يُعبّر سكان المنطقة عن خشيتهم من أن يتحوّل المبنى إلى بؤرة احتجاجات دائمة ومصدر اضطراب أمني، بينما يرى سياسيون محافظون أن الموقع القريب من المؤسسات المالية وشبكات الاتصالات الحيوية يشكّل فرصة ذهبية لأنشطة استخباراتية.
Related لتخفيف التوترات بشأن الرسوم التجارية.. استئناف اليوم الثاني من المحادثات بين الولايات المتحدة والصينالصين وروسيا تجريان مناورات بحرية مشتركة في بحر اليابان تحفّظ أمني ورسميوزارة الداخلية والخارجية البريطانية أوصتا بإنشاء "حاجز أمني صلب" حول المبنى لحماية المارة والمنطقة المحيطة، فيما أكدت شرطة العاصمة أن الموقع سيستدعي تعزيزات أمنية دائمة بسبب التظاهرات المتوقعة.
ووصف النائب المحافظ إيان دانكن سميث المشروع بأنه "دعوة مفتوحة للتجسس"، محذراً من السماح ببنائه في قلب لندن المالي.
وكان مجلس بلدية "تاور هامليتس" قد رفض المشروع في عام 2022 لأسباب أمنية وسياحية، لكن الصين أعادت تقديم نفس الطلب بعد فوز حزب العمال بالانتخابات في 2024.
وبدلاً من ترك القرار للمستوى المحلي، قررت أنجيلا راينر "استدعاء" الملف وتحويله إلى الحكومة المركزية، نظراً لحساسيته.
وطالبت في رسالة رسمية السفارة الصينية بإزالة التعتيم عن بعض أجزاء المخطط، لا سيما تلك المتعلقة بغرف غير معروفة الوظيفة في قبو المبنى. كما طلبت تفاصيل إضافية بشأن كيفية تعامل السفارة مع التحديات الأمنية، ما قد يؤدي إلى تأجيل الموعد النهائي المقرر في 9 سبتمبر، في حال تطلب الأمر مشاورات عامة إضافية.
ورغم أن قرارات التخطيط يُفترض أن تُتخذ بناءً على معايير فنية وإجرائية بحتة، إلا أن الاعتبارات السياسية تلقي بظلالها على المشهد. فبينما يطالب البعض بوضع حدّ للنفوذ الصيني المتزايد والتصدي لمخاطر محتملة على الأمن القومي، ترى الحكومة البريطانية في تعزيز العلاقات مع بكين فرصة لإنعاش اقتصاد يعاني من تباطؤ واضح، ولجذب الاستثمارات الصينية في وقت حرج.
كيف ردت الصين؟في المقابل، تصرّ السفارة الصينية، التي تتخذ من شارع بورتلاند مقراً لها منذ القرن التاسع عشر، على أن مشروعها الجديد يهدف إلى "تعزيز التفاهم والصداقة" بين الشعبين.
وفي بيان بثّته عبر وسائل إعلام بريطانية، اعتبرت السفارة أن "قوى معادية للصين" تستخدم ذريعة المخاطر الأمنية للتأثير على قرار الحكومة، ووصفت ذلك بأنه "تحرك دنيء ومآله الفشل".
وفيما يبدو أنه رد دبلوماسي مباشر، قامت بكين بتجميد طلب بريطانيا المتعلق بإعادة بناء سفارتها في العاصمة الصينية، ما يضيف بُعدًا آخر إلى التوتر القائم.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة