عين ليبيا:
2025-08-10@19:39:12 GMT

إشكالية التخصص والإبداع

تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT

كثيرا ما نسمع أن شخصا ما يتحدث أويكتب في غير تخصصه، ويعتبره البعض نقيصة ويعتبره البعض الآخر مبادرة، ومسألة التخصص لم تكون موجودة عند العلماء في العصور الوسطى وما قبلها، فكان الطبيب رجل الدين وفيلسوف والشاعر.

التخصص هو من نتاج الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر التي وفرت كثيرا من العلوم، أكبر مما يستطيع المرء استيعابه، ومحاولة الإضافة إليه، مشكلة اختيار التخصص كثيرا ما تكون لأسباب اجتماعية أو قانونية تخص الدولة، رغم ذلك الأشخاص الذين يطلبون النجاح في عملهم وأبحاثهم لهم فرص كبيرة للتفوق في مجال التخصص الذي يخدم العلم أكثر من خدمة المجتمع، ولذلك كثيرا ما يكون التخصص ضيق المجال قليل الفائدة للمجتمع لأنه لا رابط له بقضايا الوطن بقدر أنه مرتبط بقضايا العلم على مستوى العالم، فالرجل الذي يقدم ورقات علمية في تطوير التربينات الغازية أو تصميم أجسام ذات ديناميكا هوائية جيدة أو حتى تصنيع الخلايا الشمسية أو زرع قلب الحيوان في الإنسان يخدم العلم والدول الكبرى المصنعة لتلك الأجهزة، أما نحن في العالم الثالث فنحتاج إلى توطين تقنيات أكثر من بحوث أساسية.

بسبب هذه الظروف ينتج نوع آخر من المبادرين الذين يعتمدون على فهم العلوم وتمعنها وربطها بالواقع ومحاولة إيجاد الحلول للمختنقات النظرية والعملية التي يواجهها المجتمع بطريقة إبداعية يشترك فيها العلم والمهارة مع الشغف، وهؤلاء جلهم ليسوا من المتخصصين، وحيث أنهم تدفعهم النظرة الشمولية للأحداث والشغف في الإضافة فإنهم يبدعون فيما اختاروا من موضوعات، وهم جل العلماء في القرون الوسطى وما قبلها وكثيرون في العصر الحاضر: نذكر منهم مالك بن نبي وهو مهندس كهربائي أبدع في دراسة الحضارات، والعقاد فني لم يتحصل سوى على الشهادة الابتدائية وهو من أبدع في الدراسات الإسلامية، والشيخ طاهر الزاوي والأديب بعيو وفشيكة كتبوا في التاريخ، والألباني عمله تصليح الساعات أصبح من رجال الحديث، على المستوى الدولي نيوتن مكتشف الجاذبية هو موظف في سك النقود، وبل كان مخترعا للتلغراف وهو موسيقي ومخترع مكتشف المعادن وتطوير الطائرات.

والشاعر نزار قباني هو حقوقي في الأصل، أما عبد الرحمن منيف وهو روائي عراقي لأم سعودية، كان متخصصا في مجال النفط، والروائي حنا مينا لم يصل للصف السادس الابتدائي وعمل حمالا في ميناء اللاذقية، وغادة السمان دكتورة في اللغة الإنجليزية، وروائية وشاعرة كبيرة، وإبراهيم ناجي كان طبيبا، وعندما تسمع قصيدته (الأطلال) من أم كلثوم تشعر بروعة كلماته، والكثيرين غيرهم، في حين أن هناك ملايين من المتخصصين الذين يقضون حياتهم في تكرار رتيب لأعمال روتينية لا تغيير فيها، ولا إبداع يطور في آلياتها أو تقدم في أهدافها.

الإبداع حالة وجدانية وقودها الشغف لأجل المبادرة في العمل والفهم ثم الإنتاج لسد فراغ لم يستطيع المتخصص تغطيته، ولا شك أن المتخصص الشغوف يكون مبادرا مبدعا يُلبي حاجات المجتمع بأقل جهد، والمجتمع في حاجة إلى الصنفين أن يكونان مبدعين في زمن لا يفرق الكثيرين بين الإبداع والبدعة فيصفون بالتبديع.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

القلاع الحصينة وبيوت الطين العتيقة من شواهد الحضارة القديمة بمحافظة حبونا

تتميز منطقة نجران ومحافظاتها بإرثها الفريد المتنوع الذي يحمل عبق الماضي وذكرياته، وأصالة الحاضر وحداثته، مما جعله أيقونة تراثية ملهمة، ووجهة ثقافية دائمة ومفضلة لمحبي ومستكشفي التراث والمهتمين سواء من داخل المملكة أو خارجها من السيّاح الذي يتوافدون على المنطقة.

وتُعد القلاع الحصينة وبيوت الطين العتيقة بمحافظة حبونا خير شاهد على هذا المكنوز التراثي الذي تزخر به المنطقة، إذ شكلت في قمم الجبال، ومع مزارع النخيل صورة بانورامية مذهلة، حيث ترجم جمالها الفن والأصالة والتميز والإبداع الذي أتقنه الإنسان النجراني قديمًا في كيفية بنائها بطريقة هندسية مميزة، استخدم فيها ذكاءه وقدرته في صنع معالم ثابتة وبارزة، لم تتغير بفعل الزمن والتغيّرات الجغرافية.

وتضم محافظة حبونا عددًا من القرى الطينية، تختلف أشكالها وطريقة بنائها، يجمعها الفكر العمراني القديم، والإبداع والرؤية الفنية العميقة، التي أتقنها الآباء والأجداد فيما نشاهده الآن من الجمال والروعة في تشكيل البيوت الطينية، وتأتي قلعة "الخليف" التي تعتلي قمة أحد الجبال، من أبرز وأشهر البيوت الطينية بالمحافظة، حيث شُيّدت قبل ثلاثة قرون، ولا تزال معالمها التاريخية واضحة رغم تعاقب السنين عليها.

منطقة نجرانأخبار السعوديةقمم الجبالمزارع النخيلبيوت الطينالحضارة القديمةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • «موهبة» تبحث تعزيز التعاون مع وقف الملك عبدالله للموهبة والإبداع
  • مصدر حكومي يكشف عن الوزراء الذين أحيلوا للقضاء بتهمة الفساد
  • العلم يوضح كيفية هبوط القطط دائما على أقدامها
  • بالأرقام.. كم عدد السوريين الذين غادروا لبنان؟
  • رئيس الأوبرا : مهرجان القلعة الدولي يجسد رسالة نشر قيم الجمال والإبداع
  • القلاع الحصينة وبيوت الطين العتيقة من شواهد الحضارة القديمة بمحافظة حبونا
  • ماذا قال الذين صوروا غزة المنكوبة من داخل طائرات المساعدات؟
  • الشرطة العراقية تلاحق عجلتين تحملان العلم الأمريكي
  • 90 طالبًا على طريق التخصص.. ننشر أسماء الطلاب المقبولين بمدرسة مياه الشرب في البحيرة